اقتصاد

تواضع خبرات الصحافيين الإقتصاديين في الصحف البحرينية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أكدت دراسة جامعية طبقت على عينة الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية في الصحف البحرينية تواضع خبراتهم المهنية.

إيلاف: أكدت دراسة جامعية طبقت على عينة الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية في الصحف البحرينية بطريقة الحصر الشامل تواضع الخبرات المهنية لدى الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية، وخرجت بوجود تبيان في التزام الصحافيين بالأخلاقيات والقواعد المهنية، إذ يقر 55% من المبحوثين بأن الالتزام التام بأخلاقيات المهنة "ليس التزاما راسخا"، داعمين الاتجاه الذي يذهب إلى أهمية فرض المعايير والقواعد المهنية في مدوّنة سلوك أو ميثاق خاص بالصحافيين الاقتصاديين، إذ أيد 64% من المبحوثين ذلك، فيما يرى 25% منهم أن تعميم ميثاق شرف عام يشمل جميع الصحافيين سترتقي معه الممارسات المهنية في الصحافة عموما.

مؤكدين أن الالتزام بتلك المعايير يسجل تبايناً ما بين صحيفة وأخرى، وهو ما يدعم صحة الفرضية التي طرحتها الباحثة فاطمة الحجري في أطروحة الماجستير التي حملت عنوان المعايير المهنية في الصحافة الاقتصادية (دراسة ميدانية) والتي افترضت وجود تباين في الالتزام بالمعايير، إذ تشير البيانات المجمعة إن الصحف المحلية تختلف فيما بينها في تكريس تلك المعايير، فمنها من اجتهد في تبنى مجموعة من القواعد المهنية وعممها على الصحافيين ليلتزموا بها كنهج ـ وهي صحف قليلة ولا تشكل القاعدة ـ مقابل صحف أخرى لم تعر تلك القواعد أهمية تذكر.

وأشارت الدراسة التي نوقشت أمس في الجامعة الأهلية لتنال على تقدير امتياز عال إلى تباين في مواقف المبحوثين اتجاه بعض الممارسات في الصحافة الاقتصادية اليومية، كتلك المتعلقة بالالتزام بأخلاقيات المهنة والقواعد المهنية. حيث تشير النتائج إلى أن الممارسات المقبولة والمرفوضة ترسم تبايناً لدى الصحافيين. إذ "يوافق كليا" و"إلى حدا ما" نحو نصف المبحوثين على سرقة الوثائق والمستندات التي تحمل في طياتها سبقا صحافيا، ومثلهم يقبلون الكذب كوسيلة للحصول على المعلومات، ولا يترددون كثيرا في نشر معلومات تمس الاقتصاد الوطني، ويغضون الطرف عن أخلاقيات المهنة عندما يكونون أمام سبق صحافي، ويقبلون الرحلات المجانية مقابل الكتابة عن الجهات التي قدمت تلك الرحلات، كما لا يجدون ضيراً في أن يبقى الصحافي على اتصال وثيق بمندوب الإعلانات في الصحيفة، ويقبل 46% منهم الهدايا بغض النظر عن ثمنها. وهو ما يتعارض في مجمله مع القواعد المهنية العالمية.

وفي المقابل يرفضون انتحال شخصية الغير للحصول على المعلومات، أو تسجيل المصدر من دون علمه، أو دفع المال مقابل الحصول على معلومات حصرية، أو توجيه الاتهامات بناءً على معلومات سمعوها من دون التحقق من صحتها، وهو ما يؤشر على إدراك الصحافيين لبعض الممارسات الخارجة عن المعايير المهنية وأخذهم موقفا سلبيا منها، غير أن ذلك وحده لا يكفي، إذ يجب تعميم المعايير والقواعد المهنية بحسب التوصيات التي خرجت بها الباحثة.

وقالت الحجري أن إجابات المبحوثين تؤكد اعتماد الصفحات والملاحق الاقتصادية على الأخبار الجاهزة المرسلة من أجهزة العلاقات العامة، على حساب الخبر الخاص، وتغليب القالب الخبري على القوالب التحريرية الأخرى كالتحقيق، والتقرير، والمقابلة، والمقال، ليتراجع الحس التحليلي في الصفحات الاقتصادية بحسب تأكيد 59% من إجمالي العينة؛ إذ يؤكد 52% من المبحوثين صحة الفرضية التي راحت تحقق في صحة قول أن الصحافيين يعتمدون إلى حد كبير على النصوص المرسلة من أجهزة العلاقات العامة، بالإضافة إلى الاعتماد على القالب الخبري على حساب القوالب الصحافية الأخرى.

يتضح من المعالجة الإحصائية أن المبحوثين يقرون بنقص الخبرة لدى الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية بواقع 64%، فيما يرجح 50% منهم أن المهنية تكون أعلى عند الصحافيين ذوي الخلفيات الأكاديمية الإعلامية أو الاقتصادية، من غيرهم من القادمين من خلفيات أكاديمية لا علاقة لها بالصحافة أو الاقتصاد. ويقر نحو نصف المبحوثين بأن الصحافيين ليسوا قادرين على تفسير وتحليل الأحداث الاقتصادية والربط بينها بشكل احترافي، وهو ما يؤكد صحة فرضية محدودية الحس التحليلي في الصفحات والملاحق الاقتصادية.

وفي هذا السياق، أكدت نتائج الدراسة أن 27% من الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية يشكون من عدم الإجادة التامة للغة الإنجليزية التي تشكل عصباً مهماًّ في العمل الصحافي الاقتصادي اليومي، فيما أكد 43% عدم قدرتهم على ترجمة النصوص الانجليزية إلى العربية. وبالمثل تتواضع القدرة على تحليل البيانات المالية بواقع 43%، وأيضا قراءة أداء أسواق الأوراق المالية بواقع 55%.

إلى ذلك، يرى 61% من المبحوثين أنهم غير حريصين على الإطلاع على المدارس الجديدة في الكتابة ولا يجتهدون في إضفاء الطابع الإنساني في الكتابة الاقتصادية ليجعلوا القصص الخبرية مشوقة للقارئ، على الرغم من إيمانهم بأن هذا الأسلوب يجعل المادة الاقتصادية الجامدة أكثر مقروئية.

يؤكد 80% من المبحوثين أن تكنولوجيا الاتصال الحديثة أسهمت في تتبع أخبار الاقتصاد - كالأسهم والعملات وحركة الاستثمار - على نحو أسهل من ذي قبل، مما تقلص معه حجم العمل الميداني في البحث عن المعلومات، وهو ما يؤكده 68% من العينة، الأمر الذي يدعم فرضية أن تطور الصحافة الاقتصادية في البحرين كان بسبب زيادة تدفق المعلومات والبيانات الاقتصادية والتطور الاتصالي والتكنولوجي، وليس بسبب تنامي المهارة الصحافية لدي المشتغلين في القطاع.

وتؤكد الحجري أن النتائج تشير إلى وجود العديد من المعوقات التي تعترض وجود صحافة اقتصادية محترفة، على رأسها تعمد الخلط بين المضمون التحريري والإعلاني تحقيقا لمصالح معينة وهو الأمر الذي أكده 73% من المبحوثين، بالإضافة إلى قبول الصحافيين للهدايا التي تقدمها الشركات بغية الحصول على مساحة مميزة في النشر، إذ أكد ذلك 68% من المبحوثين، وهو ما تؤثر على صدقية الخبر وأولوية نشره، إلى جانب غلبة أخبار رجال الأعمال وقطاع المال على الأخبار التي تهم المواطن العادي، إذ أكد ذلك نصف المبحوثين، وهو ما يجيب عن تساؤلات الدراسة عن المعوقات التي تحول دون تطور الصحافة الاقتصادية في البحرين.

وفي سياق المعوقات، يؤكد 41% من المبحوثين أن الصحافيين العاملين في الصحافة الاقتصادية يتعرضون للاستغلال من المؤسسات المالية والتجارية أكثر من الصحافيين العاملين في الأقسام الأخرى، يدعهم في ذلك 43% "إلى حدا ما". في وقت ينفون فيه وجود علاقة ارتباط بين ضعف الرواتب وقبول لهدايا، إذ يرجعون قبول الهدايا إلى عدم الالتزام بأخلاقيات المهنة، أكثر من ضعف الرواتب، فيما يؤكد 77% منهم أن الحملات الإعلانية قادرة على التأثير على سياسة الصحف، وأولويات نشرها للأخبار الآتية من جهة الجهات المعلنة.

وتشير النتائج إلى أن عدم تعاون المصادر يتقدم قائمة معوقات العمل الاحترافي بواقع 59%، يعقب ذلك شح المعلومات والبيانات المالية بواقع 55%، ثم غياب التدريب المستدام بنسبة 52%، يلي ذلك عدم القدرة على تفسير وتحليل الأحداث الاقتصادية، وعدم وضوح المعايير المهنية، وعدم وجود فلسفة واضحة للصحف، وتغليب النصوص الإخبارية الجاهزة على حساب المعلومة.

ويأتي في ذيل المعوقات تدخل رؤساء التحرير ورؤساء الأقسام وإملائهم للموضوعات المراد نشرها، وعدم نشرهم للأخبار التي لا تخدم توجهات الصحيفة، وغياب القدوة التي يمكن للصحافيين الاقتداء بها.

وفي بعد آخر، يؤكد 59 % من المبحوثين أن عدم إتقان اللغة الإنجليزية تتقدم معوقات تطور الصحافة الاقتصادية في البحرين يدعمهم في ذلك 39% "إلى حد ما"، فيما اعتبر 39% منهم أن الصحافة الاقتصادية لا تزال "نخبوية" ولا تخاطب القارئ العادي، يدعمهم في ذلك 55% "إلى حدا ما". ليؤكد 68% منهم الحاجة إلى رفع سقف الحرية للتمكن من تناول قضايا الفساد المالي والإداري في المؤسسات والشركات، وهو الأمر الذي أيده 41% و48% "إلى حدا ما". داعين إلى استحداث جائزة للتميز الصحافي الاقتصادي لما لها من تأثيرات يثري الواقع الصحافي، وتحفز الإبداع.

ويرى 30% من المبحوثين أن الصحافة الاقتصادية الحالية غير قادرة على نشر الثقافة الاقتصادية في المجتمع المحلي، يدعمهم في ذلك 48% "إلى حد ما"، وهو ما يعرقل نمو الاقتصاد المحلي بما يتناسب وتطلعات الرؤية الاقتصادية 2030، كما يرى 43% أن الصحافة الحالية لا تلبي احتياجات وتطلعات القارئ العادي، ولا يرى 41% أنها تنجح دائما في تتبع حركة الاستثمار والأموال بأسلوب سهل يقبل عليه القارئ غير المتخصص، كما يرى 59% منهم أنها تولي اهتماماً أكبر بالشأن المحلي على الشأن الدولي. ليجمع 86% من العينة على أهمية شروع الصحف في تحسين أداءها.

وفيما يخص المعايير المهنية، أكدت النتائج أن والمسؤولية والنزاهة تأتي في المقدمة بواقع 34%، تليها الصدقية والتزام الحقيقة بواقع 23%، ثم الحياد والموضوعية 20% ، ثم الدقة والاستقلالية وعدم قبول الهدايا التي تؤثر على حياد الصحافي، ثم الشمولية والحس الاستقصائي وعرض الرأي والرأي الآخر. ويأتي الامتناع عن تمرير رسائل إعلانية في متن الخبر، والفصل ما بين الخبر والرأي، ضمن قائمة المعايير المهمة أيضا، بالإضافة إلى حق الرد، وعدم الانتماء السياسي، بما يتعارض مع موضوعية الطرح، والقدرة على النقد المحايد.

وفي محور دراسة مواقف وآراء رؤساء التحرير والإداريين في هيئة التحرير حول واقع الصحافة الاقتصادية والعاملين فيها تشير النتائج إلى أن إنهم يواجهون صعوبة في العثور على صحافيين اقتصاديين متخصصين ومحترفين بحسب تأكيد 68% منهم، مما يدعوهم إلى التعاقد مع صحافيين من دول عربية، كما تشير النتائج إلى أنهم غير راضين تماماً عن مستوى أداء الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية في الوقت الراهن بواقع 46%، نتيجة قلة خبرتهم، معتبرين أن الصحافيين المحترفين هم "عملة نادرةrdquo; إذ يؤكد ذلك 77% منهم .

ويؤكد رؤساء التحرير وأعضاء هيئة التحرير في الصحف المحلية الصادرة باللغة العربية الحاجة إلى دورات متخصصة في الاقتصاد وأساسياته، والحاجة إلى التدريب على مهارات التفسير والتحليل وبناء التنبؤات، وأهمية إجادة اللغة الإنجليزية. كما يذهبون إلى أن الخبرة الصحافية العامة وحدها لا تكفي، ويفضلون الخبرة على المؤهل الدراسي عند اختيار الصحافيين الجدد.

وهو الأمر الذي قاد إلى خلاصة خرجت بمجموعة من التوصيات تؤكد الحاجة إلى بذل مزيد من الجهد لتطوير الصفحات والملاحق الاقتصادية في الصحف المحلية للقيام بدور أكبر يساعد القراء على فهم الحالة الاقتصادية، وإثراء خلفياتهم الاقتصادية. إذ أوصت الباحثة بضرورة تفعيل الدورات التدريبية المتخصصة بشكل مستدام في سبيل تعزيز دور الصحافة كسلطة رابعة والخروج من الدائرة الضيقة في تقديم الخبر اليومي المجرد من التحليل والانطلاق إلى التفسير والربط ورسم التوقعات المستقبلية.

كما أوصت بضرورة الارتقاء بالطرح المعتاد إلى الطرح المهني الملامس لحياة الناس؛ إذ تقول "مثلما أمّن الإصلاح السياسي الحقوق السياسية للعموم، فعلى الصحافة الاقتصادية تقع مهمة تعريف المواطنين بحقوقهم الاقتصادية، وتوعيتهم بالممارسات التي تهدد مصلحة المستهلك، مثل الغش والاحتكار وتدني معايير الجودة، وعدم الالتزام بالمواصفات والمقاييس الدولية (..) ومن المهم أيضا الشروع في تحسين أداء الصفحات والملاحق الاقتصادية عبر استنباط أساليب كتابية جديدة من خلال الإطلاع على التجارب الصحافية المتقدمة في الدول الأخرى".

وجاء في سياق التوصيات أهمية تفعيل سبل تعاون بين الصحف والجامعات المحلية لتأهيل الكوادر الوطنية بشكل يسهم في تطور القطاع الإعلامي، خصوصاً مع توجه أكثر من جامعة محلية إلى تدريس الإعلام ضمن برامجها الأكاديمية، وهذا ما يجب معه تدريس مواد معمقة تتعلق بالصحافة المتخصصة، بما فيها الصحافة الاقتصادية.

فيما أكدت الحجري أهمية تبني وثيقة أو مدونة محلية للمعايير المهنية تكون مرشد للصحافيين، لتعريف الجدد على ما هم مقبلون عليه، وتقوِّم ممارسات القدامى منهم وإنشاء مرصد صحفي يراقب التجاوزات التي تتم في الممارسات اليومية، وإصدار نشرات وتقارير تسهم في التقليل من تلك المخالفات.

يشار إلى ان خصائص العينة تشير إلى أن الفئة العمرية الواقع بين 30 و49 عاماً من الفئة الأكبر في الصحافيين العاملين في الأقسام الاقتصادية، 75% منهم من الذكور مقابل 25% من الإناث، أكثر من70% منهم هم من حملة شهادة البكالوريوس في الإعلام وتخصصات أخرى كالاقتصاد وتخصصات متصلة به، والنسبة الأكبر منهم مارس الصحافة كمهنة لسنوات تتراوح بين خمس وتسع سنوات، يتقاضى 32% منهم أجوراً تتراوح ما بين 400 و500 دينار، تليهم الفئة التي تتقاضى أجوراً تتراوح ما بين 800 و900 دينار بواقع 18%، وهم غالباً من الصحافيين المتقدمين ورؤساء الأقسام ونوابهم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف