صناعة الخشب ومشتقاته في الجزائر: أفق واعد مرهون بالتحفيز
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يقول متعاملون وأخصائيون في صناعة الخشب لـ"إيلاف" إنّ واقع هذه الصناعة بالجزائر لا يزال دون المستوى المأمول، رغم الأفق الواعد الذي يظلّ مرهونا بالتحفيز في بلد يمتلك ثروة هائلة من مادة الخشب، ومع ذلك يجنح بإفراط إلى الاستيراد بدل دعم المنتوج المحلي.
الجزائر: تشير بيانات رسمية حديثة، إلى أنّ إجمالي القوى العاملة في صناعة الخشب بحدود 9408 عامل يتوزعون على عشرين مؤسسة ناشطة في الميدان، وينضاف إلى هؤلاء 3214 حرفيا يعملون عبر 22 ولاية ويختصون بمجالات فنية تقليدية وخدماتية متنوعة.
ويؤكد "علي دروال" المكلف بالتنظيم على مستوى الفيدرالية الجزائرية لعمال مواد البناء والخشب والفلين، أنّ قطاع الخشب شهد نزيفا حادا في الوعاء العام لمستخدميه خلال التسع سنوات الماضية، غداة ما أفرزه غلق أحد عشر شركة كانت تابعة لمجمع الخشب المملوك للحكومة، والاستغناء عن خدمات ما يزيد عن العشرين ألف عامل، إثر الذي انتاب خطة الخصخصة وامتناع الحكومة عن زيادة رواتب العمال إلى مستوى ما كان يطمحون إليه.
وبحسب كشوفات الديوان الجزائري للإحصائيات، فإنّ رقم أعمال صناعة الخشب يقدّر بـ12 مليار دينار سنويا (ما يعادل 12 مليون يورو)، بيد أنّ ضعفا كبيرا يطبع آلة الإنتاج المحلية، إذ لا يقو المنتجون على تجاوز سقف المائتي ألف طن سنويا وهو ما يمثل 15 بالمائة من إجمالي طلب السوق المحلية والمقدّر بـ1.5 مليون طن.
ويربط "سليمان جميعي"، "مراد حرنان"، " مهدي زدّام" وغيرهم من المنتجين، محدودية الإنتاج بغلاء المواد الأولية ومعاناتهم المستمرة من الضرائب التي تثقل كواهلهم، فضلا عن افتقادهم للتحفيز، وتفضيل السلطات إنفاق المليارات على الاستيراد بدل إنفاقها في تقوية جهاز الإنتاج، ويقول جميعي:"منتجاتنا بإمكانها سد العجز المحلي والمنافسة دوليا، لو توافرت الإمكانات والإرادة".
كما يقحم المنتجون عامل اتساع رقعة قطاع الانشاءات العامة في الجزائر، حيث يوجّه 70 بالمائة من المنتوج العام في أعمال البناء، ناهيك عن اتجاه مواطنيهم بشكل متزايد إلى استخدام الخشب في صناعة الأثاث وتوابعه، إضافة إلى إفراط الكثير منهم في توظيفه لأغراض حياتية متعددة.
من جهته، يسجّل المختص "فارس خطابي" أنّ واردات الجزائر من الخشب قفزت من ثلاثمائة مليون دولار سنويا في الفترة ما بين 2003 و2007، إلى 508 مليون دولار سنة 2008، قبل أن تتراجع نسبيا إلى 434 مليون دولار خلال العام 2009 لقاء استيراد 930 ألف طن من الخشب ومشتقاته، بعدما ظلت الجزائر إلى غاية العام 1991، تتموقع كثالث دولة مصّرة للخشب عالميا خلف إسبانيا والبرتغال.
هذه المعطيات، تدفع أ/خطّابي إلى التساؤل عن سر إصرار المسؤولين في بلاده على الارتهان بما تقترحه فرنسا، فنلندا، روسيا وبدرجة أقل السويد من أخشاب، رغم امتلاك الجزائر لرصيد هام من المادة الأولية وجودتها، وهو ما يؤيده الخبير "منير بوعتور" الذي يجزم أنّ المسألة تنطوي على مفارقة، فبدل ابتلاع واردات الخشب لنصف مليار دولار من أموال الخزانة العامة كل عام، من الأجدر تحويل الخشب الخام واستثمار أربعة ملايين هكتار من النسيج الغابي الذي يمكن فتحه أمام متعاملين محليين وأجانب من تحقيق إيرادات هامة.
في الجانب الحكومي، يبرز "إسماعيل ميمون" الوزير الجزائري للسياحة والصناعات التقليدية، تسطير السلطات لعدة برامج تهدف للارتفاع بمستوى صناعة الخشب، وهو ما برز من خلال تمكين آلاف الشباب من تشكيل مؤسسات صغيرة ومتوسطة مختصة بالخشب.
ويرى مختصو الشأن الاقتصادي في الجزائر، أنّه في بلد يعاني من بقاء نسبة البطالة عالية في أوساط الشباب، على حكومته التفكير في تمويل الأنشطة المتصلة بقطاع الخشب ومشتقاته الذي تظلّ جدواه الاقتصادية أكيدة، وذلك يمرّ بحسب الخبير "عبد الحق لعميري" بتوسيع ممارسة صناعة الخشب وإخراجها من أزمتها الحالية عبر انفتاح أكبر من القوى العاملة، وإنشاء 50 ألف مؤسسة مصغرة سنويا على الأقل، فيما يلفت الأستاذ "هيثم رباني" إلى أهمية التثمين التكنولوجي لعديد الأنواع من الخشب التي تكتنزها الجزائر، بينها الخشب الصلب الذي يمكن توظيفه في إنجاز أشياء مركبة، وما لذلك من أدوار يمكن أن تلعبه ضمن النشاط الاقتصادي العام.
وتفيد بيانات الوزارة الجزائرية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وجود ما لا يقلّ عن 13 ألف حرفي شاب ينتظرون فرصا لإنشاء مؤسساتهم الخاصة، كما أنّ آلاف الطلبات رفعها شبان لهم مؤهلات وبحوزتهم تصورات مجدية اقتصاديا تنتظر الضوء الأخضر من البنوك والإدارات المعنية.