اقتصاد

النظام النقدي العالمي في مهب حرب العملات

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أكد خبراء في السياسات النقدية أن إصدار عملة خليجية موحدة هو خيار استراتيجي في عصر التكتلات الإقليمية، مشددين على ضرورة مراجعة سياسات الصرف الحالية المتبعة في دول الخليج،ومحذّرين منعواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي جراء سباق "حرب عملات".

دبي: أكدّ خبير السياسات النقدية في المملكة المتحدة رولاند ماكدونالد أنّ حرب العملات الدائرة حاليًا ينبغي ان تتحول إلى تكتلات نقدية كبرى، بحيث يتم التحول نحو نظام نقدي عالمي جديد رباعي القطبية، موضحًا أن أركانه ستكون من الدولار الأميركي واليوان الصيني والين الياباني واليورو الأوروبي، ومطالبًا صندوق النقد الدولي بتبنّي هذه العملية، ورسم السياسات النقدية العالمية بما يضمن حسن التعاون والتنسيق في أسعار الصرف بين اليابان والصين وأميركا والاتحاد الأوروبي.

واعتبر أن دور الولايات المتحدة السلبي وسياساتها التخفيفية الكمية أدت إلى تراجع قيمة الدولار وتدهوره، مما أشعل فتيل حرب العملات، متمنيًا على الصين أيضًا أن تتحمل مسؤولياتها على ساحة النقد العالمية، بعدما تحولت إلى ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن بكين ما زالت تقدم نفسها على أنها من الدول الناشئة، وتنتهج سياسة سعر صرف ثابتة، وهو ما لا يتلاءم مع دولة بحجم الصين.

وأشار ماكدونالد إلى أن وقف حرب العملات والتذبذبات الصارخة في سعر الصرف يكون عبر إطلاق نظام عالمي نقدي، منوهًا بأن دول الخليج يمكن أن تعتمد عليه لإطلاق عملتها الخليجية الموحدة.

كلام رولاند ماكدونالد، الذي يعمل حاليًا كأستاذ اقتصاد في جامعة غلاسكو في المملكة المتحدة، جاء في مجلس دبي الاقتصادي خلال إطلاق دراسته المعنونة "الاتحاد النقدي وقضايا سعر الصرف: دروس لدول مجلس التعاون الخليجي"، حيث استعرض دراسات متعددة قام بها متخصصون في السياسات النقدية وقضايا أسعار صرف العملات التي تواجه المجتمع الدولي بشكل عام ومنطقة الخليج بشكل خاص.

ولعل من أهم المواضيع المتعلقة بدول الخليج، موضوع الوحدة النقدية الخليجية وعلاقته بأسعار الصرف، حيث أصبح بندًا جوهريًّا في أجندة أعمال دول مجلس التعاون الخليجي، وتندرج الوحدة النقدية في إطار مشروع التكامل الاقتصادي الخليجي الذي تنشده دول المجلس لتعزيز صوتها الموحد في إدارة الحوار والعلاقات مع التجمعات الاقتصادية الإقليمية والعالمية والكتاب الجديد هو يتناول بعدًا استراتيجيًا لاقتصاد الإمارات، ودبي على وجه الخصوص.

حرب العملات و"البلورة الإقليمية"
من جهة أخرى، رأى هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي أن التطورات الاقتصادية على مستوى العالم تفرض على دول المنطقة مراجعة سياسات الصرف الحالية المتبعة في ظل اعتمادها بصورة كبيرة على صادراتها من الطاقة الهيدروكربونية والتي تقوّم بالدولار، حيث ترى الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي أن كل ما يحصل هو بمثابة تحدٍ أمام دول المنطقة.

مشيرًا إلى ظاهرة "البلورة الإقليمية"، والمتمثلة بالتجمعات الإقليمية العملاقة، وأهمها الاتحاد الأوروبي، الذي يعد أحد أهم عمليات التغيير الكبرى التي حصلت في القرن الماضي، إضافة إلى منطقة التجارة الحرة لشمال أميركا، ومنطقة التجارة الحرة الأوروبية، ورابطة دول جنوب شرق آسيا.

الهاملي لفت إلى أن حرب العملات سببها خلفية الخلاف الحاد الذي تصاعد في الآونة الأخيرة في اقتصادات العالم الكبرى. وقال إن هناك إجماعًا على أن دخول دول العالم في سباق حرب عملات سيترك آثارًا وخيمة على الاقتصاد العالمي من حيث زعزعة النظام المالي والتجاري، واحتمالية عودة الحمائية التجارية. وأشار إلى أن تقديرات الاونكتاد حول تراجع في حركة الاستثمارات الدولية خلال الربع الثاني من العام الحالي بلغت 25%.

هذا وقد شهدت الحوارات آراء متباينة حول قضية الارتباط بالدولار، حيث رأى البعض أن هناك وحدة نقدية في منطقة الخليج بسبب ارتباط عملات المنطقة بالدولار، وحتى الكويت، التي تخلت عن هذا الارتباط، ما زال الدولار يمثل حوالي 80% من سلة العملات التي يرتبط بها الدينار الكويتي. وأشاروا إلى الآثار السلبية لهذا الارتباطخصوصًا في ما يتعلق باختلاف الدورات الاقتصادية بين المنطقة والولايات المتحدة.

الجدير ذكره أن الإمارات أعلنت انسحابها من الوحدة النقدية الخليجية، كما كررت مرارًا على لسان مسؤوليها أن الدرهم سيبقى مرتبطًا بالدولار، فيما أشار الهاملي إلى أن دور المجلس الاقتصادي هو مجرد تقديم الاستشارة وطرح مختلف الآراء، وفي النهاية فإن "السياسة النقدية للإمارات هي قرار يرجع للقيادة السياسية في الدولة".

العملة الخليجية الموحدة خيار استراتيجي
في سياق متصل، أكد عبد الرزاق الفارس المستشار في الأمانة العامة لمجلس دبي الاقتصادي، أن خيار العملة الخليجية الموحدة يجب أن يظل خيارًا استراتيجيًا لدول المنطقة على المدى البعيد، على الرغم من وجود عقبات كثيرة، تواجه المشروع وعدم جهوزيّة المؤسسات في المنطقة لإدارة عملة موحدة، مشيرًا إلى أن دول الخليج اتبعت السيناريو نفسه الذي اتبعته دول الاتحاد الأوروبي من أجل الوصول إلى اليورو، لكن النموذج الأوروبي قد لا يكون صالحًا لدول المنطقة بسبب الاختلافات الاقتصادية الكبيرة بين المنطقتين.

وقال إن هناك قضيتين حول العملة الموحدة، الأولى مدى استفادة المنطقة من هذا المشروع، ونحن نرى أن المشروع جيد، حيث أدى إلى محاولات ناجحة لتوحيد البيئة الاقتصادية والمعايير التي تتبعها الدول الأعضاء. أما الثانية، فهي مدى استعداد المنطقة لمثل هذا المشروع، ونحن نرى أن المنطقة ليست مستعدة بعد، وعلينا أن نعيد النظر في المعايير التي تم إنشاء المشروع على أساسها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف