أزمة اليونان أولوية في اجتماع وزراء مالية أوروبا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رفضت اليونان اتخاذ تدابير اقتصادية إضافية قبيل انطلاق محادثات وزراء مالية الدول الـ16 الأعضاء في منطقة اليورو الذين يعقدون اجتماعهم الشهري في بروكسل مساء اليوم. علماً أن الوضع الاقتصادي في اليونان سيكون في صلب محادثات الوزراء
الأوروبيين.
بروكسل - وكالات: يدقّ الوضع الاقتصادي المتدهور في اليونان نواقيس الخطر حيال استقرار منطقة اليورو، الأمر الذي جعل مسؤولي الاتحاد الأوروبي يعربون عن خوفهم وقلقهم من أن تمتد هذه الأزمة إلى العديد من الدول في المنطقة التي تواجه بعض المشكلات الاقتصادية، مثل أسبانيا وإيطاليا والبرتغال.
اليونان ترفض إجراءات مالية إضافية
وكانت الحكومة اليونانية أعلنت اليوم رفضها اتخاذ أي إجراءات أو تدابير إضافية على الصعيدين المالي والاقتصادي، رغم مطالبة الاتحاد الأوروبي في هذا الاتجاه. وقال وزير الخزانة اليوناني جورج بابا قسطنطينو في تصريح للصحافيين، قبل انطلاق اجتماع لوزراء المال الأوروبيين في بروكسل، مكّرس لبحث الوضع المالي لليونان، إن بلاده تريد دعماً أوروبياً صريحاً، وتعتبر ذلك أفضل سبيل لمواجهة مضاربات الأسواق المالية.
وذكر الوزير اليوناني أن المفوضية الأوروبية وافقت على خطة الإنعاش التي التزمت بها حكومته، وقررت تقويم نتائجها الشهر المقبل، وأنه لا يرى ضرورة لاتخاذ تدابير جديدة. وأضاف أنه يجب احترام التزامات كل الأطراف، في إشارة إلى الضغوط التي تتعرض لها بلاده حالياً من قبل المسؤولين الأوروبيين. وقال إن أي إجراءات جديدة إضافية لن تمنع أسواق المال من الاستمرار في مضارباتها ضد اليونان. جاءت تصريحات الوزير اليوناني رداً على مطالبة مفوض شؤون النقد الأوروبي أولي رهين اليونان باتخاذ إجراءات إضافية للحد من المديونية العامة للدولة، وهي المسألة التي تمثل لبّ الإشكالية اليونانية حالياً.
كما يذكر أن العجز الذي شهدته الحكومة اليونانية في عام 2009 قدّر بـ 12.75 % من إجمالي الناتج المحلي، كما إن ديونها تجاوزت في نهاية العام نفسه الـ 113 % من إجمالي الناتج المحلي أيضاً، حيث تعد هذه الأرقام أعلى بكثير من النسب التي أقرّتها معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي تنص على أن تكون القيم المرجعية بنسبة 3 % و60 % فقط. كما إن الإنفاق العام فيها قد ساء إلى درجة أبعد مما كان متوقعاً، وذلك نتيجة للانكماش الاقتصادي، حتى إن البيانات التي قدمتها اليونان في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لم يتم التصديق عليها من قبل المكتب الإحصائي في الاتحاد الأوروبي "يوروستات".
وأعرب قادة الاتحاد الأوروبي خلال القمة الخاصة، التي عقدت في بروكسل، الخميس الماضي، عن تضامنهم السياسي مع اليونان من دون أن يتعهدوا تقديم أي مبالغ مالية، الأمر الذي أرجعوا سببه إلى كون "الحكومة اليونانية لم تطلب أي مساعدة مالية". كما دعوها إلى اتخاذ العديد من الإجراءات هذا العام، التي من شأنها أن تعالج ديونها الضخمة، البالغ قدرها 300 مليار يورو، وأن تقوم بتخفيض العجز الذي تشهده ميزانيتها بنسبة 4 %. إلا أن اليونان بحاجة إلى اقتراض مبلغ 53 مليار يورو هذا العام، وذلك للوفاء بديونها، ولتغطي العجز في ميزانيتها.
من جهته، انتقد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو رد فعل أبداه الاتحاد، حيث وصفه بـ"الخجول والبطيء"، معلناً عن اتخاذ بلاده عدداً من إجراءات التقشف، التي تتضمن تجميد أجور العاملين في القطاع العام، ورفع سنّ التقاعد، إضافة إلى رفع سعر الوقود، إلا أن المحللين شككوا في إمكانية نجاح مثل هذه الإجراءات.
ضغوطات مرتقبة لخفض عجز الموازنة
ومن المرتقب أن يمارس وزراء مالية دول منطقة اليورو المزيد من الضغوط على اليونان، لتنفذ التخفيضات المقررة في عجز الميزانية في
اجتماعهم اليوم الاثنين، لكن يبدو أنهم يتجنبون الوفاء بتعهدهم بتقديم الدعم لأثينا. وقالت مصادر إنه ليس من المتوقع أن يطالبوا اليونان بإجراءات مالية إضافية، بعد مراجعة وضعها في مارس/ آذار، غير أنهم قد يبحثون تلك الخطوة الإضافية، التي قد يطلب من اليونان اتخاذها، إذا لم تحرز أي تقدم.
وأبلغ زعماء أوروبا اليونان يوم الخميس أنه يتعيّن عليها خفض العجز بمقدار أربع نقاط مئوية هذا العام من 12.7 % من الناتج المحلي الإجمالي، وخفضه إلى ما دون مستوى 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، الذي يشترطه الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2012، وهي خطوات رأت اليونان أنها ستنفذها. وسيؤكد وزراء مالية دول منطقة اليورو، وعددها 16 دولة، في اجتماعهم اليوم الاثنين الرسالة نفسها.
وقال مصدر بارز في الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي "بالنسبة إلى عام 2010، تعهدت اليونان بالتزامات بالفعل. وأي التزامات جديدة ستكون في عامي 2011 و2012". ويأمل زعماء الاتحاد الأوروبي أن تكون الضغوط والجهود المنسقة من جانب اليونان كافية للتغلب على مشاكل العجز والديون في البلاد، لكنهم أبدوا استعدادهم لاتخاذ إجراءات "حاسمة ومنسقة" لحماية الاستقرار المالي في منطقة اليورو، إذا تطلب الأمر.
ويهدف ذلك إلى توجيه إشارة لأسواق السندات والصرف الأجنبي - حيث تعرضت العائدات اليونانية لضغوط مكثفة، وتراجع سعر اليورو - مفادها أنه لن يسمح لليونان بالتخلف عن سداد ديونها، وأن اليورو غير مهدد. لكنهم لم يحددوا ما الذي يمكن أن يفعلوه لدعم اليونان، إذا بلغ الأمر هذا الحد. وهذا الافتقار للتفاصيل هو ما دفع اليورو والعائدات اليونانية للانخفاض.
وأشار جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي الأوروبي، في بيان بعد قمة زعماء الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إلى التزام أثينا بالقيام بما يتطلبه الأمر، "بما في ذلك اتخاذ إجراءات إضافية" لضمان تنفيذ خفض عجز الميزانية. وفي حين يتفق وزراء مالية مجموعة اليورو على أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق اليونان في إعادة الانتظام لماليتها العامة واقتصادها، إلا أن تصميم اليونان يختبر من جانب النقابات العمالية، التي لا تريد أن تشهد خفض الإنفاق.
ومع ارتفاع معدل البطالة في اليونان واقتراب الاضطرابات الاجتماعية من الظهور على السطح، فإن التخفيضات الكبيرة في الميزانية وزيادة الضرائب قد تضع الحكومة الاشتراكية في صدام مع الشعب. وقال مصدر من منطقة اليورو مشارك في التحضير لاجتماع اليوم الاثنين إن "اليونان يجب أن تفعل ما يتعين عليها فعله. وإن قامت بذلك، لن تكون هناك حاجة لإجراءات بعينها". وبعد أن يبدأ وزراء المالية في مجموعة اليورو الـ 16 اجتماعهم اليوم، من المرتقب أن يجتمع وزراء مالية الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الثلاثاء.
موازنة اليونان ستخضع لرقابة
واستناداً إلى توصيات المفوضية الأوروبية، ستخضع موازنة اليونان لرقابة واسعة غير مسبوقة، للتحقق من أنها ستتخذ التدابير اللازمة لإعادة عجز الموازنة تحت نسبة 3% من إجمالي الناتج الداخلي في 2012، كما وعدت أثينا. وبحسب آخر الأرقام، فإن عجز اليونان بلغ 12.7% العام الماضي. وهذه الرقابة ستتم بالتعاون مع البنك المركزي الأوروبي، واستناداً إلى الخبرة الفنية لصندوق النقد الدولي، حسب ما أعلنت الأسبوع الماضي الحكومات الأوروبية.
وتستعد اليونان أيضاً إلى اتخاذ تدابير إضافية لتصحيح أوضاعها، وقد يطلب منها وزراء المالية إعلانها اعتباراً من الآن. وبحسب صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية الاثنين، طلب البنك المركزي الأوروبي من وزراء المالية الأوروبيين تشديد مطالبهم حيال اليونان، إلا أن معظمهم يعارضون ذلك. ونقلت الصحيفة عن وثيقة سيبحثها الوزراء أنه سيطلب من الحكومة اليونانية اتخاذ تدابير "إضافية" لترسيخ أوضاعها، خصوصاً "المزيد من الاقتطاعات في الموازنة" وزيادة ضريبة القيمة المضافة ورفع الضرائب على الطاقة والسلع الفاخرة.
وصرح مصدر أوروبي لوكالة فرانس برس "أن البنك المركزي الأوروبي يشدد على ذلك. وهناك دول أخرى تشدد على هذا الأمر أيضاً. ومن الواضح أن قسماً من المحادثات سيدور حول هذه النقطة. لكن علينا أن نرى كذلك رأي اليونان". وقالت وزيرة المالية الأسبانية إيلينا سالغادو، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، الاثنين في بروكسل "إنها مسألة ستطرح غداً على بساط البحث"، مشيرة إلى أنه "غداً سيتقرر اتخاذ أي إجراء".
وقد تبدي الحكومة اليونانية، التي أعلنت خطة اقتصادية واسعة، تحفظاً للإعلان عن تدابير جديدة، في حين أن أول تقرير مرحلي عن برنامجها سينشر في منتصف آذار/مارس. ومساء الاثنين، سيبحث وزراء مالية منطقة اليورو سبل تقديم مثل هذه المساعدة المالية في حال اقتضى الأمر. وقال مصدر أوروبي "لا أعتقد أنه لن يتم بحث هذه النقطة". وبحسب المصدر، فقد يصدر الوزراء إعلاناً في هذا الخصوص "إذا ما استعرضوا الوضع مساء اليوم أو غداً، واعتبروا أن بعث رسالة أمر ضروري"، لكن صدور مثل هذا الإعلان غير مؤكد بعد. وذكر مصدر دبلوماسي "علينا أن نبقي الأسواق في حالة غموض. إذا عرضنا خطة مفصلة جداً نعطيهم حافزاً لمعرفة كيف تسير هذه الآلية".
وكان رئيس مجموعة اليورو في الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر استبعد الخميس إمكانية تقديم قروض منسقة، وكذلك منح قروض مشتركة من قبل دول أوروبية عدة.
.