الإحتياط الذهبي في مصرف لبنان الأكبر عربياً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أبدت الأوساط الإقتصادية في بيروت إرتياحها إلى بيان مجلس الذهب العالمي عن إجمالي احتياط لبنان من الذهب، الذي بلغ في نهاية أيلول/ سبتمبر 2009 ما يعادل 28.1 % من الناتج المحلي لهذا البلد، ما يجعله الأول من بين 105 دول في العالم في هذا المجال.
بيروت: عكس تقرير مجلس الذهب العالمي عن إجمالي احتياط لبنان من الذهب قدرة الدولة على الإمساك بالاستقرار الاقتصادي والنقدي، وتخفيف الأخطار عن الدين العام، خصوصاً أن هذا الدين هو عبارة عن سندات خزينة بالدولار.
ويتوقف نقيب تجار الذهب في لبنان وليد معوض في هذا المجال عند إيجابيات عدة لهذا الاحتياط الذهبي، أبرزها تحسن تصنيف الدين السيادي اللبناني الطويل الأجل من درجة + س إلى - ب. فالاحتياط الذي يملكه لبنان تضاعف سعره ثلاث مرات، الأمر الذي يعزز وضع مصرف لبنان والمالية العامة للدولة. كما إن من شأنه تخفيف أخطار الدين العام، الذي يقارب 50 مليار دولار، وكذلك تخفيف خدمة هذا الدين، فضلاً عن أن الذهب المخزن اليوم في المصرف المركزي يشكّل ضماناً للعملة الوطنية، الليرة، وكل عملة لا تغطّى بالذهب لا قيمة لها.
وكان ثبات سعر صرف الليرة عاملاً مهماً لاستقرار الوضع النقدي، كما إنه شكّل عاملَ استقرار اجتماعياً، فسياسة مصرف لبنان الثابتة في مرحلتي الصعود والهبوط ساعدت في عملية الاستقرار النقدي والاجتماعي، وهذا يعود إلى عملية ربط العملة بالذهب.
وقد ساهمت الإجراءات التي اتخذتها السلطات النقدية في تعزيز الثقة بالليرة. فلبنان الذي يستدين من الخارج، بات يمكنه اليوم الاستدانة بفائدة أقل من 4 % على الدولار، بفضل هذا الاحتياط.
ويناهز احتياط الذهب عشرة ملايين أونصة، تم تكوينها في مرحلة الستينات من القرن الماضي، بمتوسط سعر يبلغ 30.14 دولاراً للأونصة الواحدة، بعدما قرر مجلس النواب عام 1981 منع التصرف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان أو لحسابه، مهما تكن طبيعة هذا التصرف وماهيته، سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، إلا بنص تشريعي، يصدر من مجلس النواب. وكان حاكم مصرف لبنان السابق إلياس سركيس، الذي أصبح رئيساً للجمهورية لاحقاً، هو الذي زاد الاحتياطي الذهبي إلى هذا الحد المرتفع، ولم يمس أو ينقص أونصة واحدة، رغم الحروب والاضطرابات الأمنية والسياسية التي عاشها لبنان منذ العام 1975.
وتضم مخازن مصرف لبنان المركزي في بيروت ثلثي احتياط الذهب. أما الثلث الباقي فهو مودع منذ ما قبل العام 1975 من دون فائدة لدى مجلس الاحتياط الفيدرالي، أي المصرف المركزي الأميركي، على غرار ما تفعل عشرات الدول الأخرى التي تودع جزءاً من احتياطها من الذهب لدى المصرف الأميركي.
ومع اعتبار الخبراء الماليين هذا الاحتياط أحد أهم العوامل النفسية التي تطمئن اللبنانيين، لم تعد حاكمية مصرف لبنان تملك منذ صدور القانون رقم 86/42 صلاحية بيع أو رهن أي أونصة من احتياط الذهب، إلا بموجب قانون مستقل يشترعه مجلس النواب. وقد صدر هذا القانون عقب الجدل السياسي عام 1986 حول إمكان رهن قسم من احتياط الذهب أو بيع قسم منه لتأمين موارد مالية للخزينة بالعملات الصعبة، لمواجهة إنهيار العملة اللبنانية في تلك الحقبة.
ويشير أستاذ قوانين الأعمال في الجامعة الأميركية الدكتور بول مرقص إلى أن القانون رقم 42 الصادر عام 1986 يحظر في صورة استثنائية، وخلافاً لأي نص آخر، التصرف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان، مهما كانت طبيعة هذا التصرف، إلا بموجب قانون، يقره مجلس النواب.
ويضيف "صحيح أن لبنان اشترى الذهب بمعدلات تقل بعشرات المرات عما هي الأسعار اليوم، والإشكالية القانونية المطروحة اليوم تكمن في أن البعض يقترح، وإن همساً، بيع الذهب في الفترة الراهنة بربح كبير، وثمة من يسأل عما إذا كان القانون أعاق هذا الاستثمار المربح والمجدي للمديونية اللبنانية؟".
ويؤيد مرقص ما ذهب إليه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من أن سبب تجاوز لبنان الأزمة المالية العالمية ينطلق من بنائه نموذجاً لمنع الرافعة المالية وإفلاس المصارف، مشيراً إلى أن لبنان يمتلك مخزوناً من الذهب هو الأكبر عربياً، ويجب ألا يباع هذا المخزون، لأنه يشكل ضماناً، خصوصاً أن لا موارد طبيعية لدى لبنان، وهو يتوقع تضخماً مع كل ضخّ للسيولة، وعودة الاقتصادات إلى طبيعتها. ويرى أن الذهب أفضل ضمان مقابل التضخم، كما إنه عنصر دعم نفسي للأسواق في لبنان، في ظل قانون الـ 86، الذي يحظر استعمال الذهب.
ويعتبر المعارضون لإعادة النظر بالقانون أن احتياط الذهب اللبناني بات من مقوّمات الأمن الاقتصادي، ولا يمكن إعطاء أي تفويض أو صلاحيات لأي إدارة للتصرف به، باعتباره ملكاً عاماً، شكّل على مدى السنوات الماضية، صمّام الأمان للعملة الوطنية اللبنانية.