أوضاع العاملين في أميركا على شفا حفرة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يتزامن يوم العمال في الولايات المتحدة الأميركية هذا العام مع مرور ثلاث سنوات ونصف سنة على الأزمة المالية العالمية، التي على أثرها زعزع الإقتصاد، وأفرزت الأزمة الإقتصادية الطاحنة في البلاد، مع ارتفاع في معدلات البطالة.
واشنطن: يمر يوم العمال العالمي في الأول من مايو على الموظفين والعاملين حول العالم في ظل أزمة اقتصادية طاحنة زادت من هموم الشباب في الحصول على العمل وخوف العاملين من فقدان وظائفهم.
على الرغم من أن أحداث مذابح عمال شيكاغو الشهيرة، الذين ذهبوا ضحية الإضراب، الذي أقيم في ذلك الوقت للمطالبة بتحسين ظروف العمل وزيادة الأجور وتحديد ساعات العمل اليومية والعطلة الأسبوعية، هي التي أدت إلى استحداث الأول من مايو يوماً للعمال وعطلة رسمية حول العالم.. إلا أن الأول من مايو/أيار ليس يوماً للعمال في الولايات المتحدة الأميركية، بل هو سبتمبر/أيلول.
ويتزامن يوم العمال في الولايات المتحدة الأميركية هذا العام مع مرور ثلاث سنوات ونصف سنة على الأزمة المالية العالمية، التي على أثرها زعزع الإقتصاد، وأفرزت الأزمة الإقتصادية الطاحنة في البلاد، مع ارتفاع في معدلات البطالة. وعلى الرغم من أن أصعب فترة أو ما تسمى بـ"الفترة السوداء" قد مرت، إلا أن أوضاع العاملين والموظفين في الولايات المتحدة لم تتحسن بعد، فلا تزال معالم الأزمة وآثارها محسوسة في أوضاع العاملين.
وطبقاً لإحصائيات مكتب العمل، فإن هنالك حوالى أكثر من 15 مليون شخص عاطل عن العمل في الولايات المتحدة، في ظل مرور ثلاث ونصف سنة على الأزمة، ولا يوجد ما يشير حتى الآن إلى انتهائها. وكان معدل البطالة قد ارتفع إلى حوالى 9.7 % في شهر مارس/آذار الماضي.
وأعلنت وزارة العمل الأميركية أمس السبت عن تقديم حوالى 1.234.762 دولاراً لمساعدة 200 عامل، كانوا قد فقدوا وظائفهم في مدينة كورين في ولاية يوتا. ويرى الدكتور محمد ربيع المهتم بالشأن الإقتصادي في الولايات المتحدة أن أوضاع العاملين في كل القطاعات تدهورت كثيراً في ظل الأزمة الإقتصادية. فقد تعافى العالم من الأزمة المالية، ولكنه خلف وراءه أزمة اقتصادية كبيرة، لا يعرف لها نهاية حتى الآن.
ويؤكد ربيع أن تقارير البنوك والشركات والمؤسسات كافة في الولايات المتحدة الأميركية، أشارت في الربع الأخير من العام 2009 والربع الأول من العام 2010، إلى تحسن مالي، وليس توسعاً في عمليات الإنتاج. وهذا التحسن جاء على حساب العاملين والموظفين الذين، إما فقدوا وظائفهم أو قلّت ساعات عملهم، وبالتالي قلت أجورهم. لافتاً إلى أن البنوك تصنع نقوداً من خلال مضاربات في الأسواق، التي تؤدي في ما بعد إلى أرباح، ولكن لا تضخ شيئا له قيمة، والمثال على ذلك قضية شركة بنك "غولدمان ساكس".
ويرى محمد ربيع أن البطالة ستبقى مرتفعة لسنوات عدة أخرى، لا يعرف مداها، على الرغم من عودة الإقتصاد للنمو، وأن الولايات المتحدة الأميركية مقبلة على بطالة دنيوية، في ظل الأزمة الإقتصادية. وتقاس أوضاع العاملين في الولايات المتحدة، ليس فقط بعدد العاطلين، وإنما بالمعونات المقدمة من الدولة للعاطلين عن العمل والباحثين عن وظائف وزيادة أجور العاملين وتحسن سوق العقارات، وكل المؤشرات تشير إلى تدهور واضح، فسوق العقارات لم يتحسن بعد بالصورة المطلوبة. وكثير من العاملين إما فقدوا وظائفهم أو متخوفون من فقدان وظائفهم.
فالإستهلاك في الولايات المتحدة الأميركية يمثل حوالى 70% من إقتصاد البلاد، والإنتاج 30%. والإستهلاك لا يخلق وظائف. أما الإنتاج فهو العامل الحقيقي في خلق وظائف.
وقال ربيع، مذكراً بأن العولمة ساهمت كثيراً في زيادة الأزمة الإقتصادية وظلم العامل في الولايات المتحدة، إن "العولمة سمحت بخروج وسفر وانتقال رؤوس الأموال من مكان إلى آخر. والآن في ظل الأزمة خرجت كثير من رؤوس الأموال إلى أماكن أخرى في العالم، تعطي الإنتاجية نفسها وبأسعار قليلة جداً. فالرأسمال، برأيه، ليس له وطن، أو دين، أو رسالة، ولا ولاء أو حتى قضية إلا قضية واحدة هو كسب المال. وهو ما ظلم العامل، الذي فقد وظيفته، وساءت أحواله، ومن الصعب أن تتحسن في القريب العاجل. فالفلسفة الأميركية تقوم على الشكل الذاتي والمصلحة الذاتية الفردية، وتعتبر أن المصلحة العامة هي مجموع المصالح الذاتية.
في المقابل، أعرب ربيع عن تخوفه من أن الأزمة الإقتصادية مستعصية، وستكون نتائجها وبالاً على العاملين، إذا لم تحاول الحكومة خلق وظائف وتحسن الأجور وتوفّر تأميناً صحياً، لأن الأزمة تحتاج حوالى 6 سنوات على الأقل للوصول إلى عمالة في حدود 6% أو 7 %. وعلى الولايات المتحدة، بحسب ربيع، محاولة التكيف وتقبل الوضع الذي ستصل فيه البطالة إلى 7% من السكان. وأضاف "لابد من خلق وتوفير 500 ألف وظيفة شهرياً".
وفي استطلاع ميداني، تبين أن شريحة كبيرة من الشباب المتخرجين حديثاً لم تحصل على الوظيفة المناسبة حتى الآن، وأن 60% من الشركات الصغيرة لا توفّر تأميناً ذا غطاء صحي للعاملين بدوام جزئي. كما أن كثيراً من العاملين كانوا قد فقدوا وظائفهم خلال العام الماضي، وحوالى 80% متخوفون من فقدان وظائفهم، وأن حوالى 85% من العاملين في الشركات والمؤسسات الحكومية الكبيرة والخاصة جمدت حوافزهم وعلاواتهم التشجيعية.
واندا هورن، التي تعمل موظفة في بنك إي بي سي في ولاية أوكلاهوما تشرح "أعمل ثماني ساعات يومية في البنك مع أجر متدن، لكي أعيل نفسي، كما إن البنك لا يوفر لي تأميناً صحياً جيداً، لكن ليس لدي بديل، فأنا متخوفة من فقدان وظيفتي".
أما ستيفاني براون، وتعمل في مكتب سمسار عقارات في ولاية أوكلاهوما، فهي تقبض في المكتب الذي تعمل فيه سكرتيرة راتباً جيداً، ولكن بدون تأمين صحي. وكانت فقدت وظيفتها العام الماضي. في حين يشير ستيفن ورد، وهو شاب متخرج حديثاً من جامعة أوكلاهوما في مدينة نورمان في ولاية أوكلاهوما، وعاطل عن العمل، إلى أنه "يبحث عن عمل منذ ستة أشهر، ولم يجد الوظيفة التي تناسبه حتى الآن، فسوق العمل بطيئة، والأجور معظمها متدنية، ومعظم الشركات الصغيرة لا توفر تأميناً صحياً، وهو يبحث عن وظيفة توفر كل ذلك".
بدوره، يوضح ريتشارد ديلي، وهو عامل في متاجر جي سي بيني الشهيرة في ولاية أوكلاهوما أن "الأجور هنا متدنية جداً. لذلك أنا أخذ كوبونات معونة، لكي تساعدني، وليس لدي تأمين صحي".