اقتصاد

استمرار غلاء العقارات في المغرب رغم جهود الدولة لخفض العجز

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الرباط: شهدت أسعار العقارات في المغرب في السنوات الأخيرة ارتفاعاً ضخماً، بسبب المضاربات العقارية وارتفاع الطلب ونقص المعروض.

وتفيد إحصاءات رسمية أن أسعار العقارات انخفضت بنسبة 2.2 % في عام 2009، بعدما ارتفعت 4.8 % في 2007، واستقرت دون تغير في 2008.

وبحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط، شهد القطاع العقاري تباطؤاً ملحوظاً في نهاية 2009، إذ سجلت القيمة المضافة للقطاع انخفاضاً بنسبة 0.1 % مقارنة مع الفترة نفسها من 2008، ومقابل زيادة بنسبة 1 % في الربع الثاني من 2009.

كما تباطأ نمو القروض العقارية إلى 14.5 % في نهاية الربع الثالث من 2009، وانخفضت مبيعات الأسمنت 0.8 %، وتراجع ناتج الصناعات المرتبطة بالبناء 5.5 %.

ووضع المغرب سياسة في مجال الإسكان لخفض العجز وتوفير المنازل للشرائح المتوسطة والمحدودة الدخل، وكذلك الفقيرة أو المعدمة، من خلال برنامج "مدن بدون صفيح"، في إشارة إلى المساكن العشوائية الفقيرة، التي تنتشر على أطراف المدن.

ويقول المسؤولون المغاربة إن القطاع العقاري لم يتأثّر بالأزمة العالمية، بسبب عدم ارتباط الاقتصاد المغربي بالنظام المالي العالمي، عدا شريحة الإسكان الراقي، الذي شهد تراجعاً، لتوقف الاستثمارات الأجنبية في هذا النوع في عدد من المدن السياحية، مثل مراكش وفاس وطنجة. لكن الإسكان الراقي لا يسهم سوى بـ5 % من الناتج الإجمالي للقطاع، بينما يمثل الإسكان الاجتماعي 60 %.

ويعزو المطورون العقاريون المغاربة من القطاع الخاص تراجع الإسكان الاجتماعي إلى انتهاء الامتيازات الضريبية الخاصة بهذا النوع من السكن مع مطلع عام 2008، مما أدى إلى تراجعه، بحيث لم توقع أي اتفاقية بين شركات التنمية العقارية والدولة.

وبدأت انفراجة بالنسبة إلى المطورين مع التصويت على قانون ميزانية 2010، الذي تضمن إجراءات جديدة في ما يخص الإسكان الاجتماعي، منها تعديل القيمة الشاملة للمنزل دون حساب الضرائب بالنسبة إلى المساكن التي مساحتها بين 50 و100 متر مربع، وخفض سقف الإنتاج إلى 500 وحدة من 1500 وحدة، وذلك إلى عام 2020، لمنح القطاع رؤية بعيدة المدى.

ويوضح يوسف بنمنصور رئيس الفدرالية الوطنية للمنعشين (المطورين) العقاريين أن "الإجراءات التي جاء بها قانون المالية لعام 2010 جاءت بعد حوار وتفاوض مسترسل مع الأوساط الحكومية، وهي إجراءات تشجع وتعطي انطلاقة جديدة لصنف السكن الاجتماعي".

وأشار في مقابلة مع رويترز إلى أن "السكن الاجتماعي يشكل 60 % من القطاع، مما يجعلني أقرّ بأن تطور أو انطلاقة السكن الاجتماعي ستعطي للقطاع في السنوات العشر المقبلة دفعة قوية وحيوية". وأضاف "هذا يبعث على التفاؤل بالنسبة إلى مستقبل القطاع، فعشر سنوات تحقق نوعاً من الاستقرار. وفي السابق كنا نخطط، ويأتي قانون مالية جديد يعصف بكل شيء".

لكن تفاؤل المطورين العقاريين لا يجد صداه عند عامة المواطنين، مثل طه المحمودي (39 عاماً)، وهو موظف متوسط الدخل في القطاع العام، لم يتمكن من اقتناء منزل يأويه وأسرته الصغيرة المكونة من زوجة وطفلة، وبما يلائم دخله المتوسط. ويقول "لا أدري كيف تصنف الدولة أمثالي من الطبقة الوسطى، مع أنني لا أستطيع اقتناء منزل مخصص للطبقة المتواضعة، إلا بالتقسيط المريح".

وأضاف "صحيح لا أستطيع اقتناء منزل مخصص لمحدودي الدخل إلا بالتقسيط المريح، لأنني لو اشتغلت لعشرين سنة أخرى، لن أتمكن من توفير ماله دفعة واحدة، بسبب غلاء المعيشة والتضخم". وقال "فكيف أستطيع اقتناء منزل مخصص للطبقة الوسطى يحترم خصوصية أسرتي، بما أن الدولة تصنف أجري مع أصحاب الأجور المتوسطة".

وكان إحصاء سابق للمندوبية السامية للتخطيط أفاد بأن 53 % من المغاربة ينتمون إلى الطبقة الوسطى، وأن 28 % منهم يفوق دخلهم 5300 درهم (635 دولاراً). وأثارت هذه الإحصائية جدلاً كبيراً في أوساط المحللين، الذين شككوا في هذا الرقم.

ويرجع عدد من المسؤولين استمرار ارتفاع أسعار العقارات إلى العجز، الذي يعرفه القطاع، حيث إن الطلب لايزال مرتفعاً جداً مقارنة مع العرض.

ويقول نبيل الكردودي رئيس شركة العمران العقارية فرع الرباط "يعرف المغرب نقصاً كبيراً في السكن يقدر بسبعمئة ألف وحدة في الوقت الذي هناك كل سنة 120 ألف طلب جديد لاقتناء السكن". وأضاف أن "العجز موجود، وهو متراكم منذ 35 أو 40 عاماً، لكن السياسة من 2003 إلى اليوم هي سياسة تكثيف الإنتاج، لكي نتغلب على ارتفاع الأسعار".

كما عزا الكردودي "ظاهرة "لونوار" إلى لمسألة العرض والطلب. وقال "ليس بالطريقة الجذرية سنقضي على لونوار. فهناك آليات أخرى، من بينها قانون المالية لعام 2010، حيث ارتفع سقف السكن الاقتصادي من 200 إلى 250 ألف درهم، والضريبة التي كان المنعش العقاري ينتظر ليسترجعها من مصلحة الضرائب، أصبح الموثق هو من يسلمها له، وبالتالي لم تعد العلاقة مباشرة بين المنعش والزبون".

ويشير بنمنصور إلى أن "هناك تطور، وليس أزمة سكن". لافتاً "إلى حدود العام 2008 التي عرفت تصاعداً في وتيرة الإنتاج حيث وصلنا الى 130 ألف وحدة سكنية، تراجع هذا الرقم إلى 90 ألفاً، بينما يجب أن نصل كل سنة بوتيرة تصاعدية إلى 150 ألفاً وما فوق، لنمتص العجز في عشرين عاماً".

وقال "أما إذا أردنا أن نمتص العجز في عشر سنوات، فيجب مضاعفة عدد الوحدات السكنية إلى 300 ألف وحدة في العام"، مقيماً مقارنة مع الجارة أسبانيا، التي تبني 700 ألف وحدة سكنية في العام.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف