اقتصاد

الإضراب يشلّ اليونان ويختبر قدرتها على تنفيذ تدابير التقشف

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أدى الأضراب العام في اليونان ضد خطة التقشف الصارمة إلى أعمال عنف، قتل فيها ثلاثة أشخاص على الأقل الأربعاء، في وقت يشكّل فيه تحدياً بالنسبة إلى الحكومة لاختبار قدراتها على تدابير التقشف الصارمة مقابل خطة الإنقاذ التي وعدت بها أخيراً من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي.

إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: يُشكِّل الإضراب الوطني العام الذي عمّ اليونان اليوم الأربعاء، وتركها في حالة من الشلل، اختباراً مهماً لقدرة الحكومة على الإمساك بدفة القيادة في خططها الرامية إلى تطبيق سياسة تدابير التقشف الصارمة، في مقابل خطة الإنقاذ التي تقدر قيمتها بمليارات اليوروهات.

ويمثّل ذلك الإضراب يمثل اختباراً لرئيس الوزراء اليوناني، جورج باباندريو، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، في الوقت الذي يسعى فيه إلى إنعاش بلاده المحاصرة اقتصادياً. هذا وقد أُجبِرت أثينا، نتيجة للمشكلات المالية التي تمر بها البلاد على دفع ست نقاط مئوية أكثر من ألمانيا، لكي تقوم باقتراض الأموال، وهي المشكلات نفسها التي أثارت مخاوف من نشوب أزمات مماثلة في باقي الاقتصاديات الأوروبية الضعيفة.

ويرى بعض المحللين السياسيين أنه من غير المحتمل أن تتسبب الإضرابات في إضعاف عزم الحكومة في ما يتعلق بمضيها قدماً نحو تطبيق سياسة التخفيضات، خلال المرحلة الراهنة على أقل تقدير. وتنقل الصحيفة في هذا الجانب عن جورج سيفيرتزيس، المحلل لدى شركة "Evresis" للاستشارات في أثينا، قوله "في كل الاحتمالات، التظاهرة ضخمة للغاية، لكن دون أن تعني أي شيء سوى ذلك. ولن تكون هناك أخطار بأن يؤدي ذلك إلى حدوث تغيير في السياسات. وحتى المشاركون في التظاهرة لا يتوقعون أن يتم التراجع عن تنفيذ تدابير التقشف".

في غضون ذلك، حذّر آخرون من أن الحكومة قد تضطر إلى وقف تدابير التقشف المخطط لها، إذا ما زادت حدة التظاهرات مع مرور الوقت وأصبحت عنيفة. وفي تصريحات له تتماشى مع هذا المعنى، رأى وزير المالية الألماني، وولفغانغ شوبل، أن مثل هذا المنهاج سوف يوقف جهود المساعدة. وأضاف في مقابلة نشرت الثلاثاء في صحيفة راينش بوست الألمانية أنه "إذا ما حدثت أي انتهاكات، فسيتم إيقاف المدفوعات. وحينها قد تصبح أثينا على شفا الإعسار من جديد". وتسعى الحكومة اليونانية الآن جاهدة إلى تمرير تشريعات تعنى بتنفيذ رزمة من الإصلاحات.

البنوك الدولية تهبّ لدعم خطة إنقاذ الاقتصاد اليوناني

يونكر يستبعد خطر لانتقال عدوى اليونان في منطقة اليورو

مخاوف تفشّي أزمة اليونان أوروبياً تضغط على اليورو والأسواق

ميركل وستراوس يحذران من انتشار أزمة اليونان أوروبياً

آفاق النمو تتحسن في منطقة اليورو باستثناء اليونان

ومن المتوقع، بحسب ما ذكرته الصحيفة، أن يؤثّر إضراب الأربعاء على كل الخدمات الحكومية في أنحاء البلاد كافة، بعد إغلاق الوزارات والإدارات العامة. وتشير إلى أن المستشفيات الحكومية والمرافق العامة تدير أعمالها بالطاقة الأساسية فقط من موظفيها، وأن أصحاب المتاجر انضموا إلى الإضراب في منتصف النهار بالتوقيت المحلي، في حين أحجم عن العمل اليوم كل من الصحافيين والعاملين في البنوك والمعلمين والعاملين في المحاكم والمحامين والأطباء. كما تم إلغاء كل رحلات الطيران من وإلى المطارات اليونانية، بسبب إضراب، قام به مراقبو الحركة الجوية، في حين عُلِّقت عمليات النقل في السكك الحديدية والعبَّارات على الصعيد الوطني.

ويشير سيفيرتزيس للصحيفة إلى أن "للمظاهرات جودة رمزية، كما إنها تُعبِّر عن الخوف الذي يراود الناس من التضحيات التي سيتعين عليهم تقديمها في المستقبل. وأن هناك بالتأكيد شعوراً بأن تلك التدابير غير منصفة، لكن هناك شعوراً آخر بأنها تدابير لا يمكن تجنبها أيضاً. والقضية تتلخص الآن في التنفيذ".

مقتل ثلاثة أشخاص في الإضراب
إلى ذلك، أدى الأضراب العام في اليونان ضد خطة التقشف الصارمة إلى أعمال عنف، قتل فيها ثلاثة أشخاص على الأقل الأربعاء، إثر حريق في مصرف، فيما واصل سعر صرف اليورو تراجعه على خلفية المخاوف من انتشار عدوى الأزمة اليونانية.

واندلعت أعمال العنف في إطار تظاهرة في أثينا جمعت حوالي 30 ألف شخص، بحسب الشرطة، وأكثر من ذلك بحسب المنظمين. ووضعت شرطة العاصمة اليونانية "في حالة تأهب قصوى" لمواجهة الحوادث الخطرة، التي بدأت حوالي الساعة 14:00 (11:00 ت غ). وقالت مصادر أمنية إن قوات الأمن تعتزم "اعتقال المسؤولين" عن الحريق، في حين ساد بعض "الهدوء" بعد ظهر الأربعاء.

وأمام البرلمان، دان رئيس الوزراء جورج باباندريو "الحادث الدامي الفظيع"، الذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص. معتبراً أن "هذا ما تؤدي إليه أعمال العنف غير المحدودة"، مدافعاً مرة أخرى عن "القرارات الصعبة والمسؤولة" التي اتخذت "لإنقاذ البلاد". وكان شبان هاجموا الشرطة ومتاجر ومصارف في وسط المدينة. وألقى عشرات الشبان زجاجات حارقة على مبنى ياوي مصرفاً وسط العاصمة اليونانية، متسببين في نشوب حريق، بينما كان في داخله عشرون شخصاً، فقتل ثلاثة منهم على الأقل، هم امرأتان ورجل، كما أعلنت الشرطة اليونانية لفرانس برس، في حين تمكن رجال الأطفاء من إخراج أربعة أشخاص في الوقت المناسب.

وأعلنت الشرطة أن النار اندلعت أيضاً في مبنيين إداريين وسط أثينا، لكن لم يتبين بعد ما إذا كان في داخلهما أشخاص. وقالت المتظاهرة هيلين، التي وضعت عصبة حمراء على رأسها، "ليس هذا إلا بداية حرب كبرى". في حين رأى جيم زاك المحاسب في الإدارة الرسمية أن الحكومة "لن تتراجع مع إضراب من يوم واحد".

وفي سالونيكي، رشق شباب بالحجارة محال تجارية ومصارف في وسط المدينة حسب الشرطة، وفرّقت قوات الأمن بعد ذلك مجموعات الشبان بإطلاق الغازات المسيلة للدموع. وأعرب رئيس الاتحاد الأوروبي عن تعازيه لليونان، مؤكداً أن "مشاعر تعاطف" الأوروبيين تتجه إلى "الخسائر البشرية في أثينا".

ودعت النقابات إلى التظاهر ضد سلسلة إجراءات التقشف القاسية، التي تشمل تخفيض الأجور وتعويضات التقاعد وزيادة الضرائب التي اعتمدتها الحكومة الاشتراكية برئاسة جورج باباندريو للحصول على 110 مليارات يورو من المساعدات من دول منطقة اليورو الـ16 وصندوق النقد الدولي لإنقاذ البلاد من الإفلاس المحدق بها نتيجة ديون عامة هائلة.

ويخضع الوضع اليوناني لمراقبة دقيقة، فيما عمد عدد من الدول، ولا سيما في منطقة اليورو، إلى التغاضي عن الدين العام منذ 2008 لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية. وبدأت الأسواق تستهدف أسبانيا، التي تعتبر الحلقة الأضعف التالية، حيث تراجعت الأسواق الأوروبية الثلاثاء، إثر شائعات عن طلب مدريد مساعدات من صندوق النقد الدولي. وهدأت المفوضية الأوروبية الأجواء، حيث أعلنت "خبراً ساراً"، متوقعة نسبة نمو في مجمل منطقة اليورو تبلغ 0.9% هذه السنة (مقابل 0.7% قبل المراجعة) بعد ركود تاريخي بلغ 4.1% السنة الماضية. غير أن هذا التفاؤل يستثني أثينا، التي ستسجل انتكاسة من 3%.

وعلّق المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين بالقول إن "تحسن احتمالات النمو هذه السنة يشكّل خبراً ساراً لأوروبا. وينبغي أن نسهر على أن لا تسيء المخاطر التي تلقي بثقلها على الاستقرار المالي، إلى هذا التطور". غير أنه أكد أن "لا حاجة لتقديم مساعدة مالية" إلى أسبانيا، مؤكداً أن المفوضية "لن" تطلب تفعيل خطة قروض لهذا البلد. ووعد رئيس وزراء الحكومة الاشتراكية الأسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو أن مدريد "ستحترم بالكامل" خطتها لتقليص العجز العام إلى نسبة 3% من إجمالي الناتج الداخلي العام 2013، مقابل 11.2% حالياً.

وأمام هذه الزوبعة المالية، دافعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن خطة مساعدة اليونان أمام النواب، بعدما ترددت مطولاً في إقرار مساعدة لليونان، معتبرة أن الأمر يتعلق "بمستقبل أوروبا ومستقبل ألمانيا في أوروبا"، ومؤكدة غياب أي بديل آخر لحماية اليورو. لكنها شددت على ضرورة تعزيز معاهدة استقرار الاتحاد الأوروبي الرامية إلى الحد من العجز العام وصياغة "آلية تلقائية للتسديد المنظم" تستخدمها دول منطقة اليورو.

وستطرح هذه الإصلاحات في القمة الاستثنائية لقادة دول منطقة اليورو في بروكسل لمناقشة الوضع الحالي. وأعربت المفوضية الأوروبية اعتباراً من الأربعاء عن تأييدها تعزيز معاهدة الاستقرار.

باباكونستانتينو يحثّ البرلمان على الإسراع باقرار قانون للتقشف
في المقابل، حثّ وزير المالية اليوناني جورج باباكونستانتينو البرلمان الأربعاء على الإسراع بإقرار مشروع قانون للتقشف بقيمة 30 مليار يورو (38.91 مليار دولار) تم الاتفاق عليه مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مقابل مساعدات بقيمة 110 مليارات يورو.

وقال باباكونستانتينو بينما بدأ المشرعون مناقشة مشروع القانون إنه "من الضروري إلى أقصى حد أن تتم الموافقة على القانون في البرلمان في الأيام المقبلة". من ناحية أخرى أعلنت نقابة عمال القطاع العام في اليونان "أديدي" أن أعضاءها سيضربون عن العمل مرة أخرى الأسبوع المقبل للاحتجاج على إجراءات التقشف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف