خطة التقشف للبرلمان اليوناني لم تكبح تهاوي اليورو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يبدو أن المخاوف من انتقال عدوى الأزمة اليونانية وتداعياتها إلى دول أخرى في منطقة اليورو لم تعد مجرد هواجس، خصوصاً بعدما بلغ سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة مساء اليوم أدنى مستوياته منذ عام ونيف. فالتظاهرات الاحتجاجية المستمرة في أثينا منذ أمس الأربعاء، وما تخللها من أعمال عنف أودت بحياة ثلاثة، تقلق المستثمرين من تفشّي "أمراض" اليونان المالية وامتدادها أوروبياً.
أثينا: تدهور سعر صرف اليورو إلى ما دون عتبة 1.26 دولار الخميس للمرة الأولى منذ آذار (مارس) 2009، على خلفية مخاوف سوق القطع من صعوبات مالية تتضاعف بقوة في منطقة اليورو.
وتدهورت العملة الأوروبية الموحدة، التي كانت لا تزال الجمعة الماضي تعادل 1.33 دولار، إلى هذه العتبة الرمزية الجديدة قرابة الساعة 18:45 بتوقيت غرينيتش، فلامس سعر صرف اليورو 1.2513 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ الخامس من آذار/مارس 2009. ويأتي هذا التراجع الجديد في وقت بثت التلفزيونات الأميركية مشاهد للشرطة اليونانية تنهال بالضرب على متظاهرين أمام البرلمان في أثينا.
وفي غمرة هذه الحوادث، تسارعت وتيرة تدهور وول ستريت، حيث خسر مؤشر داو جونز أكثر من 9%. واختصر سمرجيت شنكر من مؤسسة "بي ان واي ميلون" الوضع بالقول إن "كل الأنظار تتجه نحو أوروبا". لافتاً إلى أن "المستثمرين قلقون فعلاً من خطر انتقال عدوى" الأزمة اليونانية إلى دول أخرى في منطقة اليورو.
البرلمان يقر خطة التقشّف
وفي وقت سابق اليوم الخميس، تبنّى البرلمان اليوناني الخميس خطة التقشف التي أقرّتها الحكومة الاشتراكية مقابل الحصول على مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لكن الأزمة المالية التي تزعزع أوروبا انتقلت إلى إيطاليا وتدهور سعر صرف اليورو إلى ما دون عتبة 1.27 دولار للمرة الأولى منذ آذار/مارس 2009.
وقد وافق 172 نائباً اشتراكياً ومن اليمين المتطرف على مشروع القانون من أصل 296 نائباً حضروا الجلسة. ويضم البرلمان ما مجموعه 300 نائب. وصوّت ضد المشروع 121 نائباً، ينتمون إلى المعارضة اليمينية والحزب الشيوعي واليسار المتطرف.
وقبل التصويت على خطة التقشف، قال رئيس الوزراء جورج باباندريو أمام النواب إن الديموقراطية في اليونان "موضع اختبار" وأن أعمال العنف ليست حلاً للأزمة اليونانية لأنها تسيء إلى صورة البلاد. وأضاف أن "مستقبل اليونان على المحك. ويخضع الاقتصاد والديموقراطية ولحمة المجتمع لاختبار"، موضحاً أن اليونان "ستعمل بكد، لكي تتحول مشكلة اليونان اليوم إلى معجزة اليونان غداً".
ودعت النقابات اليونانية الكبرى، النقابة المركزية للقطاع الخاص "جي اس اي اي" ونقابة القطاع العام "أديدي"، إلى تجمعات جديدة الخميس في الساعة 18:00 (15:00 ت غ) وخاصة أمام البرلمان. وبالفعل فقد تجمع أكثر من عشرة آلاف متظاهر بهدوء مساء الخميس في إحدى ساحات أثينا وأمام البرلمان اليوناني، وفق متحدث باسم الشرطة. وحشدت الجبهة النقابية الشيوعية من جهتها، نحو ستة آلاف متظاهر في ساحة أخرى في وسط أثينا، وفق ما قال المتحدث ثاناكيس كوكالاكيس.
وحمل المتظاهرون شريطاً أسود طويلاً حداداً على الموظفين الثلاثة الذين قتلوا الأربعاء، جراء إحراق مصرف في أثينا على هامش التظاهرات النقابية التي تخللتها أعمال عنف. وتنص تدابير الخطة على خفض الرواتب وزيادة الضرائب، وهي إجراءات ستلقي بثقلها على كاهل الشعب اليوناني. ولم يظهر أن المستثمرين اطمأنوا إلى تصريحات رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه، الذي استبعد أي خطر من انتقال عدوى الأزمة اليونانية، في ختام اجتماع في لشبونة.
وأبقى البنك المركزي الأوروبي على معدلات فوائده من دون تغيير عند 1%، أدنى معدل تاريخي، واعتبره تريشيه بأنه "ملائم".
وبعيد الإعلان، تراجع سعر صرف اليورو الخميس إلى ما دون 1.27 دولار للمرة الأولى منذ آذار/مارس 2009. وكانت وكالة التصنيف المالي "موديز" وجهت ضربة جديدة إلى صدقية أوروبا، معتبرة أن الأزمة المالية اليونانية تمثل خطراً كبيراً على المصارف في دول عدة، بينها البرتغال وأسبانيا وإيطاليا وأيرلندا أو بريطانيا. كما إن البورصات الأوروبية التي شهدت تراجعاً كبيراً طوال النهار، أقفلت على انخفاض.
لكن بورصة ميلانو هي التي دفعت الثمن الباهظ عندما غرقت بنسبة 4.26%، إثر شائعات تحدثت عن إمكان تدهور تصنيف الديون الإيطالية، بعدما أعادت الحكومة النظر في توقعاتها في مجال الديون، وأشارت إلى زيادتها إلى أكثر من 118% من إجمالي الناتج الداخلي. وبلغت آثار صدمة الأزمة اليونانية البورصات المالية الآسيوية، حيث فقدت طوكيو 3.27%، وشنغهاي 4.11 %، أي أدنى مستوى لها منذ ثمانية أشهر. وفي وول ستريت، خسر داو جونز 0.84% وناسداك 1.16% حوالي الساعة 16:00 ت غ.
من جهتها، دعت كل النقابات اليونانية جميع اليونانيين إلى إطفاء الأنوار لمدة عشر دقائق مساء اليوم الخميس تعبيراً عن "احتجاج رمزي". وأمام الاحتجاج الشعبي أكد وزير المالية جورج باباكوستانتينو مجدداً الخميس أن خطة التقشف التي تحصل اليونان مقابلها على مساعدة بقيمة 110 مليار يورو، هي "السبيل الوحيد لتجنب الإفلاس".
ويجتمع قادة دول منطقة اليورو الجمعة في بروكسل في قمة تعقد وسط ضغوط قوية، في حين يتعرض الاتحاد النقدي لهجوم من كل الجهات، في غمرة الأزمة اليونانية، مع توقع المتشائمين اختفاءه من دون إصلاح عميق. ويلتقي رؤساء دول وحكومات الدول الـ16 التي تتقاسم العملة الموحدة، اعتباراً من الساعة 19:00 (17:00 ت غ) في اجتماع استثنائي.
وأوضح وزير الدولة الأسباني للشؤون الاقتصادية دييغو لوبيز غاريدو، الذي ترئس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، أن "الهدف هو وضع الصيغة النهائية لاتفاق القروض لليونان، وهو أيضاً التفكير في الدروس التي يمكن استخلاصها وبحث مستقبل منطقة اليورو". وسيصادق البرلمان الألماني وعدد آخر من الدول على خطة إنقاذ غير مسبوقة لليونان بقيمة 110 مليارات يورو على مدى ثلاثة أعوام، يشارك فيها صندوق النقد الدولي.
ويريد مسؤولو الدول الـ16 التركيز على وسائل تعزيز السلوك المالي في المستقبل. وقد دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية أنغيلا ميركل الخميس إلى سلوك هذا الطريق. وتشدد ألمانيا خصوصاً على أن يكون بالإمكان حرمان الدول المتساهلة من بعض المساعدات الأوروبية ومن حقوق التصويت في الاتحاد الأوروبي، وأن يتم وضع آلية لإعلان إفلاس دول. إلا أن فرنسا لم تحسم موقفها علناً بعد من هذا الأمر.
وفي بولندا، أعلن نائب رئيس البنك المركزي البولندي فيتود كوزينسكي أن الأزمة اليونانية ستؤخّر انضمام بلاده إلى منطقة اليورو إلى موعد غير محدد.
صندوق النقد: تخلف اليونان عن تسديد ديونها غير وارد
إلى ذلك، أعلنت متحدثة باسم صندوق النقد الدولي الخميس أن تخلّف اليونان عن تسديد ديونها "ليس خياراً (وارداً)"، في وقت تشهد فيه أسواق المال بلبلة في أرجاء العالم كافة، خشية أن تكون خطة الدعم المالية (لليونان) غير كافية.
وقالت كارولاين أتكينسون مديرة العلاقات الخارجية في صندوق النقد الدولي في بيانها الصحافي الأسبوعي "إن تخلف (اليونان) عن التسديد لا يشكل خياراً، ولم يكن يوماً خياراً". وأضافت "أن السلطات اليونانية قالت ذلك، ورئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه كرره" الخميس. واعتبر تريشيه في مؤتمر صحافي أن تخلّف اليونان عن التسديد "غير وارد".