اقتصاد

إستغلال متواضع لموارد الغابات في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تمتلك الجزائر ثروة غابّة حيويّة، بيد أنّ استغلالها لا يزال متواضعًا على الرغم ممّا تمثّله المنظومة الغابية من رافد استثماري ومالي مهم، وهو ما أدى إلى محدودية صناعة الخشب وهزال إنتاج البلد من هذه المادة، إضافة إلى ما تسجله البلاد من معدلات قياسيّة للخسائر كل صيف بسبب الحرائق.

كامل الشيرازي من الجزائر: تحتوي غابات الجزائر على مجموعة مهمّة من المنتجات الفرعية التي تبقى مستغلة "بطريقة تقليدية" على الرغم من الجهود المبذولة من المجتمع المحلي قصد استخدام رشيد وعقلاني لهذه الموارد.

ويرسم الخبير "علي حريزي" مشهدًا سوداويًا لقطاع الغابات في بلاده، حيث يشدّد حريزي في تصريح لـ"إيلاف"، على أنّه غالبًا ما يتم تخزين كميات قليلة من هذا المنتوج للاستعمال العائلي وفي حالات نادرة يتم بيعه بالسوق، حتى وإن كانت عملية جنيه واستخراج زيوته تتطلب جهدًا بدنيًّا كبيرًا، وهو ما جعل هذا النشاط "غير فعّال" بنظر بعضهم، تبعًا للضعف الذي يطبع الواقع الميداني والمردود العام، مع أنّه كان من الأليق - يضيف محدثنا - أن تهتم الجهات المختصة بتسيير هذه الموارد المربحة من منظور اجتماعي واقتصادي، إذا ما جرى تحويل الثروة الغابية وتجسّد التثمين التكنولوجي للعديد من أنواع الأخشاب، بينها الخشب الصلب الذي يمكن توظيفه في إنجاز أشياء مركبة.

واستنادًا إلى "محمد طيار" أحد فاعلي قطاع الغابات في الجزائر، فإنّ خطة جرى إطلاقها على المدى القصير، وتروم أساسًا إلى ضمان تسيير مستديم للموارد الغابية خصوصًا استغلال أجزاء لينة من المجموعات النباتية البرية، على غرار الزيتون البري لاستخراج "زيوته" ذات القيمة العلاجية الكبيرة، والعالية القيمة في السوق، إضافة إلى استخدام العديد من المنتجات الغابية الأخرى مثل الآس والزعتر وإكليل الجبل، فضلاً عن نباتات أخرى يمكن أن تكون محل جذب استثماري لهذه الثروة.

ويلح المختص "علي مروش" أنّ الانفتاح بشكل أكبر على الثروة الغابية يمكن له ضمان انعكاسات إيجابية تسهم في تحسين ظروف معيشة السكان المحليين، على منوال ما تمّ في منطقة القالة (أقاصي شرق البلاد)، حيث استفادت تسع عشرة عائلة هناك من تجربة مطاحن تجريبية لجني الزيوت البرية واستخراجها، ويجزم مروش لـ"إيلاف" أنّ تعميم التجربة عبر كامل محافظات البلاد وتوسيعها لتشمل أيضًا النباتات الطبية ومستحضرات التجميل، سيولّد قاعدة لتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة تنهي احتباس وحدات تصنيع مغلقة منذ عدة سنوات بسبب نقص التمويل واليد العاملة المؤهلة.

وتفيد مراجع محلية لـ"إيلاف"، أنّ نبات الخلنج بغابات بلوط الفلين موجود بوفرة، على غرار تربعه على أزيد من 40 ألف هكتار بمنطقة الطارف الشرقية لوحدها، وبالنظر إلى الدورة الجيلية لنبات الخلنج، فإنّ المساحة التي يمكن استغلالها سنويًّا، تصل إلى عشرة آلاف هكتار.

ويُمكن توظيف كل من نبات الخلنج والنبتة الخشبية "الخزامة" في صناعة مستحضرات التجميل والمستحضرات الصيدلانية، فضلاً عن الأنابيب والأدوات الخزفية وكذا توظيفه في الحرف التقليدية وتوشية الديكور.

وأدى عدم استغلال الموارد الغابية إلى إبقاء الإنتاج الجزائري من مادة الخشب محدودًا، في وقت تنفق الخزانة العامة مخصصات تربو عن نصف مليار دولار من أجل استيراد 930 ألف طن من الخشب الخام ومشتقاته، على الرغم من أنّ إمكانات الجزائر تمكنها من استثمار أربعة ملايين هكتار من النسيج الغابي بما يسد حاجيات قطاع الإنشاءات العامة وحاجات الجزائريين المتزايدة من الخشب.

ولم تتمكن المصانع المحلية من تجاوز سقف المئتي ألف طن سنويا وهو لا يفي سوى بـ10 في المئة مما تتطلبه السوق المحلية، وهو ما ألقى بنقاط ظلّ حول سر محدودية وعاء الأخشاب، وارتهانها بما تقترحه أوروبا وكذا دول الجوار.

ويذهب مراقبون إلى أنّ سلسلة الحرائق التي شهدتها الجزائر منذ العام 2002، وبلغ عددها ما يفوق 2450 حريقًا بينها نحو 1204 حرائق العام الماضي بمعدل 14 حريقًا يوميًا، ما تسبب بشكل كبير في الحد من الاستغلال المناسب للثروة الخشبية في البلاد، علمًا أنّ الحرائق المذكورة تسببت في إتلاف ما لا يقل عن الثلاثة آلاف هكتار من الغابات، ويلفت "محمد الصغير نوال" مسؤول حماية الثروات النباتية والحيوانية بالمديرية العامة للغابات، إلى مراهنة الجزائر على استكمال برنامجها لتشجير الغابات، حيث تتطلع إلى إنجاز 1.2 مليون هكتار، جسدت منه 350 ألف هكتار إلى غاية أواخر العام الماضي، وتريد تشجير 67 ألف هكتار خلال السنة الجارية.

وشهدت الجزائر في السنوات العشر الأخيرة، تنامي ظاهرة الحرائق ما تسبب في التهام قرابة ربع مليون هكتار بمفعول 16 ألف حريق وهو كم قياسي لم تشهده الجزائر من قبل، وكان العام الماضي الأسوأ من نوعه حيث أحصي 1845 حريقًا بينها 35 حريقًا في يوم واحد أطلق عليه (الأربعاء الأسود)، وهو ما يعدّ الأكبر من نوعه مقارنة بالسنوات الست المنقضية.

والتهمت النيران 246977 هكتارًا في الجزائر خلال السنوات العشرة الأخيرة أي بمعدل 25 ألف هكتار تحصدها ألسنة النيران في السنة، ما أدى إلى تآكل شتى أنواع النباتات الغابية من أدغال وحلفة وأشواك، علمًا أنّ غابات الجزائر على منوال تلك الواقعة في منطقة المتوسط، تعد قابلة للالتهاب كما أنها تحتوي على الكثير من نباتات الحراج المساعدة على انتشار النيران، وكانت 23 محافظة جزائرية توصف بكونها محاضن للخشب، الأكثر تضررًا وهي: البليدة، بجاية، تيبازة، جيجل، عين الدفلى، تيزي وزو، بومرداس وسكيكدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف