الجزائر تريد استثمارات أجنبية لكن بشروطها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الجزائر: وقف الاف الجزائريين في طوابير لعدة أيام رغم حرارة الجو في أغسطس اب من عام 2002 خارج متاجر شركة أوراسكوم تليكوم المصرية لشراء بطاقات المحمول المدفوعة مسبقا التي جعلت خدمة الهاتف المحمول متاحة للمواطن العادي في الجزائر لاول مرة.وفي فقزة سريعة الى الامام وتحديدا في نوفمبر كانون الثاني 2009 عادت الحشود مرة أخرى ولكن لالحاق الضرر ونهب متاجر ومكاتب الشركة المصرية تحت جنح الظلام ووفقا لاقوال شهود تم نهب بطاقات محمول تقدر قيمتها بالاف الدولارات.وتحولت الوحدة الجزائرية لاوراسكوم تليكوم من قصة نجاح يشيد بها المسؤولون الجزائريون الى وضع شديد الصعوبة حاليا في ظل مطالبات ضريبة وضغوط من المسؤولين مما جعل أوراسكوم تليكوم تستعد لبيع وحدتها للحكومة الجزائرية والرحيل عن البلاد.وهبطت أسهم أوراسكوم تليكوم-وهي واحدة من أكبر ثلاث شركات في البورصة المصرية من حيث القيمة السوقية-بنحو الربع منذ 28 أبريل نيسان الماضي حينما اعترضت الجزائر على خطة أوراسكوم لبيع وحدتها الجزائرية جازي لشركة خاصة.
لكن تأثيرات ما حدث مع أوراسكوم تليكوم امتدت لابعد من شركة واحدة.وتعكس تجربة شركة الاتصالات المصرية تشددا تجاه الاستثمارات الاجنبية في الجزائر مما يمكن أن يؤثر على مستثمرين اخرين من بينهم شركات مثل ارسيلور ميتال ولافارج وموانئ دبي العالمية المتخصصة في ادارة الموانئ.وأظهرت مشكلات أوراسكوم تليكوم في الجزائر أيضا أنه رغم حقبة العولمة فان بعض الدول الناشئة وخاصة تلك التي تجني ايرادات وفيرة من النفط والغاز تريد أموال المستثمرين الاجانب لكن وفقا لشروطها فقط.وقال عبد الحميد سي عفيف عضو المكتب السياسي في حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم لرويترز "تتمثل الرسالة في أننا أقوياء ولدينا القدرة على التفاوض مع شركائنا من موقع القوة."ترفض الجزائر أن تكون مجرد سوق يبيع فيه الاخرون منتجاتهم."
فقد دفعت أوراسكوم تليكوم 737 مليون دولار في يوليو تموز من عام 2001 مقابل رخصة تشغيل شبكة لخدمات الهاتف المحمول. وسرعان ما أصبحت وحدتها جازي أكبر مشغل لخدمات المحمول في الجزائر من حيث عدد المشتركين وأكبر مصدر منفرد للايرادات للشركة الام.وبدأت الامور تسوء منذ بداية 2008 حينما باعت أوراسكوم للانشاء والصناعة-التي يديرها أحد أفراد الاسرة نفسها التي تسيطر على أوراسكوم تليكوم- مصانعها لانتاج الاسمنت في الجزائر لشركة لافارج الفرنسية التي كانت تعمل في الجزائر أثناء فترة الاحتلال الفرنسي.وكان ذلك أمر غير مقبول بالنسبة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي شارك مع الكثيرين من جيله في حرب الاستقلال عن فرنسا.وقال عمرو الالفي المحلل لدى سي.اي كابيتال في القاهرة "حدث الامر بشكل مفاجئ. استيقظوا في اليوم التالي ليجدوا الفرنسيين يديرون أحد مصانعهم الرئيسية لانتاج الاسمنت."
وتعكس قصة خروج أوراسكوم تليكوم أيضا شعور الحكومة الجزائرية بالاحباط تجاه الاستثمار الاجنبي.لكن يرى محللون أن جذور المشكلة ترجع الى اقتناع متزايد لدى النخبة الحاكمة بأن الاستثمارات الاجنبية لا تفيد الجزائر.ويرجع ذلك جزئيا الى التوجهات الاشتراكية للرئيس بوتفليقة وكبار المسؤولين الذين شكلوا حركة التحرير في سنوات الستينات من القرن الماضي. ويعتبر بوتفليقة-73 عاما- الزعيم الكوبي فيدل كاسترو صديقا شخصيا.وقال تقرير لمجموعة يورواسيا الاستشارية "مع دخوله في خريف العمر فانه يرجع الى هذه السياسات."لكن ربما هناك عامل اخر وراء سياسات الجزائر تجاه الاستثمارات الاجنبية يتمثل في حجم احتياطياتها النقدية.فعندما منحت أوراسكوم تليكوم رخصة تشغيل الخدمة في 2002 كان سعر النفط حينئذ نحو 25 دولارا للبرميل وكان لدى الجزائر 23 مليار دولار من احتياطيات النقد الاجنبي أي 41 في المئة من ناتجها المحلي الاجمالي لذا كانت في حاجة الى أموال المستثمرين.
وفي نوفمبر الماضي حينما بدأت تمارس ضغوطا على أوراسكوم تليكوم بمطالبات ضريبية كبيرة كان سعر النفط عند نحو 72 دولارا للبرميل وكان لديها احتياطيات أجنبية تزيد عن 150 مليار دولار أعلى قليلا من قيمة ناتجها المحلي الاجمالي.وقال الاسدير ماكلاي من مجموعة أكتيس للاستثمار المباشر "انهم ينظرون الى جميع الاحتياطيات التي يتلقونها من النفط والغاز ويقولون لماذا نستخدم أموالا أجنبية مرتفعة التكلفة..."وقال ان شركته حاولت تمويل مشروع جزائري للطاقة الكهربائية لكنها انسحبت عندما ظلت الحكومة تغير في الشروط.وأضاف "ليس لديهم بالقطع اهتمام بالاموال الاجنبية."
ويمكن أن يشكل هذا الموقف متاعب لمستثمرين أجانب اخرين.وهددت النقابات في مصنع ارسيلور ميتال للصلب في الجزائر بالاضراب اذا لم تتول الحكومة السيطرة على المصنع وقال وزراء انهم يريدون خفض حصة لافارج في السوق وتم اقصاء شركة حديد عز المصرية من صفقة لبناء مصنع للصلب. وليس هناك احتمالات لتغيير هذه السياسة قريبا. ويبدو أن الجزائر ستحوز أموالا وفيرة لبعض الوقت والرئيس لا يزال أمامه أربع سنوات أخرى في الحكم. وقالت يورواسيا "طالما بقى بوتفليقة رئيسا ...فمن المرجح أن تستمر السياسات الاشتراكية وربما تزداد حدة."