اقتصاد

الأردن يتبنّى برنامجاً جديداً للإصلاح المالي والاجتماعي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تبنّت الحكومة الأردنية برنامج إصلاح وطني شامل، مالي واقتصادي واجتماعي، للسنوات الثلاث المقبلة، يهدف إلى تشجيع الاستثمار وتحفيزه، وحماية الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود إضافة إلى توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية عالية الكفاءة.

عمّان: كشف اليوم الخميس وزير المالية الأردني محمد أبو حمور عن تبنّي حكومته برنامجا وطنيا للإصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي ليغطي السنوات 2010 - 2013 لتحقيق جملة من الأهداف المحورية، في مقدمتها إعادة التوازن للمالية العامة، وتشجيع الاستثمار وتحفيزه، وحماية الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود من أبناء الوطن وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى، إضافة إلى توفير الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية عالية الكفاءة والنوعية للمواطنين.

وستعمل الحكومة على رفع الضريبة الخاصة على البنزين أوكتان 95 بنسبة 18%، وعلى البنزين أوكتان 90 بنسبة 12%، حيث أكد وزير المالية أن نسبة الزيادة الفعلية رغم ذلك لا تتعدى 6% للبنزين أوكتان 90، و8% للبنزين أوكتان 95. ويعود السبب وراء ذلك إلى أن معادلة التسعير المعمول بها منذ العام الماضي تتضمن هامش تحوط لمادة البنزين تجاه تقلبات الأسعار العالمية.

أما المعادلة التي ستطبق من الآن فصاعداً فستكون معادلة شفافة، وتعكس تقلبات أسعار النفط العالمية بشكل دقيق ودون أي هامش. وعلى الرغم من تعديل الضريبة الخاصة على البنزين المشار إليها في ما تقدم، فإن السعر المتوقع للبنزين أوكتان 90 و 95 سوف ينخفض بنسبة تزيد عن5%. أما باقي المشتقات النفطية فستنخفض بنسبة 10% عن مستواها في الشهر الماضي.

وقررت الحكومة الاستمرار في تثبيت سعر أسطوانة الغاز المدعومة، نظراً إلى أن تحرير سعرها يلحق أضراراً بمستوى معيشة المواطنين من الطبقات الفقيرة والوسطى، وتتحمل الحكومة نحو ثلاثة دنانير لكل أسطوانة غاز، وهذا الأمر سيرتب عليها تحمل دعم إضافي بمقدار 50 مليون دينار فوق الدعم المرصود في الموازنة العامة، البالغ 22 مليون دينار. كما إن الدعم الإضافي لمادة الخبز سيبلغ 30 مليون دينار فوق الدعم المقدر في الموازنة، البالغ 70 مليون دينار، ليبلغ إجمالي دعم مادة الخبز 100 مليون دينار لهذا العام.

كما أشار أبو حمور إلى أنه من الصعب جداً في ظل هذه الظروف إلغاء الإعفاء على السلع الأساسية الـ 13، الذي تقدر كلفته وفقاً لفرضيات الموازنة بحوالى 70 مليون دينار، وذلك نظراً إلى أن هذه السلع تمس حياة الشرائح الفقيرة من المواطنين بشكل مباشر، وعليه وجدت الحكومة ضرورة إبقاء الإعفاء على حاله، باستثناء سلعة البن، التي سيتم إلغاء الإعفاء عنها والسلع الأساسية هي الأجبان، والحمص، والعدس، والسكر، والأرز، والحنطة، والذرة الصفراء، ودقيق الذرة، وزيت النخيل، والشعيرية، والحليب، والشاي، والبن.

وأوضح أن "هذا البرنامج من شأنه ترسيخ عملية الإصلاح الشامل، كما وعدت الحكومة بذلك منذ اليوم الأول من تكليفها، حيث سيتم وضع خطط سنوية خلال السنوات 2011 - 2013، على غرار ما تم خلال عام 2010 لضمان تنفيذ هذا البرنامج، وبما يكفل تحقيق أهدافه، وفي الطليعة منها استدامة النمو لاقتصادنا الوطني وانعكاساته الإيجابية على مستوى معيشة المواطنين في سائر مناطق المملكة".

مرتكزات البرنامج
وزير المالية أشار في مؤتمر صحافي إلى أن هذا البرنامج يرتكز على مجموعة من المبادئ الأساسية، وهي الحرص على تحقيق التوزيع العادل للدخل، والتأكيد على التكافل والتماسك الاجتماعي وضمان الأمن والاستقرار للوطن والمواطنين وترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة وضمان النزاهة وتعزيز مبدأ المشاركة من كل الأطراف، بما يساعد على تعزيز التوافق الوطني وتحمل المسؤوليات من قبل الأطراف كافة.

وبيّن أن الأهداف الرئيسة للبرنامج تتلخص في ضمان تحقيق استدامة النمو الحقيقي للاقتصاد الوطني بمعدلات تفوق معدل الزيادة في السكان، في ظل بيئة أسعار مستقرة والحد من الاختلالات في هيكل اقتصادنا الوطني، وتعزيز أركان الاستقرار المالي والنقدي من خلال تخفيض عجز الموازنة العامة بشكل ملموس من 1.5 مليار دينار العام الماضي إلى نحو مليار دينار في عام 2010 لتنخفض نسبته إلى الناتج بنحو ثلاث نقاط مئوية من 9% إلى 6%، وكذلك الالتزام بعدم تجاوز صافي الدين العام للناتج نسبة 60 % لتظل ضمن الحدود الآمنة.

كما يهدف إلى تعزيز البيئة الاستثمارية المحلية من خلال توفير منظومة تشريعية متكاملة جاذبة ومحفزة للاستثمارات المحلية والخارجية. وأضاف د. أبو حمور أن البرنامج يهدف أيضاً "إلى تعزيز مبدأ الاعتماد على الذات في تمويل نفقاتنا العامة والعمل على ضمان توزيع امثل للموارد المالية المتاحة وفقاً للأولويات الوطنية، والعمل بشكل حثيث تجاه تهيئة البيئة المحلية لزيادة مساهمة القطاع الخاص في مختلف الأنشطة الاقتصادية في سائر محافظات المملكة".

ولفت إلى أن معدل النمو الحقيقي المتوقع في عام 2010 سيرتفع من 2.8% في عام 2009 إلى حوالى 4% في عام 2010، ثم إلى 5% في عام 2011 ليصل إلى 6% في عام 2013. أما عجز الموازنة العامة فسينخفض بثلاث نقاط مئوية كنسبة من الناتج هذا العام، ليصل إلى 6%، ثم ليهبط بعد ذلك بواقع نقطة مئوية واحدة سنوياً، لتصل نسبة العجز في عام 2013 إلى 3%.

وتابع قائلاً "حتى تتمكن الحكومة من الوفاء بالتزاماتها ووعودها التي قطعتها، وخاصة في ما يتعلق بتخفيض عجز الموازنة، فإن الأمر يتطلب المضي قدماً في اتخاذ كل الإجراءات، التي من شأنها بلوغ هذا الهدف، وفي مقدمتها ترشيد الإنفاق العام، وخاصة غير الضروري منه، مع الحرص على ألا يكون لأي من الإجراءات تأثيرات سلبية على الشرائح الفقيرة وذوي الدخل المحدود والخدمات المقدمة للمواطنين.

إجراءات غير كافية
وتدل نتائج أداء المالية العامة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام على نجاح الحكومة في تخفيض الإنفاق العام بحوالى 190 مليون دينار عن مستواه خلال الفترة المماثلة من عام 2009. وهذا يعتبر إنجازاً جيداً بكل المقاييس، لكن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا المجال أن إمكانيات تخفيض النفقات العامة تظل محدودة جداً، نظراً إلى أن معظم بنود النفقات الجارية تذهب لتغطية الرواتب والتقاعد وخدمة الدين العام والرعاية الصحية والاجتماعية، وهي نفقات صعبة التخفيض. لذلك فإن جهود الحكومة تجاه وقف الإنفاق على الأبنية الحكومية وتخفيض الإنفاق على سفر الوفود واستخدام السيارات وتخفيض عدد المؤسسات المستقلة ودمجها وترشيد نفقاتها تعتبر توجهات ضرورية لا غنى عنها للوصول إلى الأهداف المرجوة. لكن في كل الأحوال، فإن هذه الإجراءات على أهميتها تعتبر غير كافية لتخفيض العجز إلى المستويات المستهدفة.

تعرفه المياه
وبخصوص شكاوى المواطنين حول إصدار فواتير المياه بشكل ربع سنوي وما يترتب على ذلك من تحملهم أعباء أكبر نظراً إلى طول الفترة التي تغطيها الفاتورة، فقد بيّن أبو حمور أن الحكومة قد قررت إعادة هيكلة تعرفة المياه، بحيث تعكس التعرفة الجديدة الاستهلاك الشهري الحقيقي للمواطن، وتزيل التشوهات والاختلالات التي تحابي المستهلك المسرف على حساب صغار المستهلكين.

وعليه قررت الحكومة إصدار فواتير المياه بشكل شهري، وأن تعالج شكاوى المواطنين المتعلقة بقيمة فواتيرهم خلال 48 ساعة، وفرض رسم مقطوع بقيمة 250 دينارا سنوياً على أحواض السباحة الخاصة. مطمئناً إلى أن إعادة هيكلة التعرفة الجديدة لن تمس الغالبية من المواطنين، وإنما تستهدف الحد من إسراف المياه للشرائح الكبيرة من مستهلكي المياه.

الطبقة الفقيرة
في ما يتعلق بأبرز الإجراءات الهادفة إلى حماية الطبقة الفقيرة وتوسعة الطبقة الوسطى، علاوة على ما تم ذكره بشأن إبقاء الإعفاءات على السلع الأساسية وأسطوانة الغاز، منح المعلمون هذا العام علاوة بلغ مجموعها 25% من الراتب الأساسي وإعادة هيكلة رواتب منتسبي القوات المسلحة وتخفيض الفوائد على قروض سكن كريم لعيش كريم وإنشاء صندوق لدعم وتمويل الجمعيات الخيرية وإعفاء مؤسسات وشركات تمويل المشاريع الصغيرة من الضرائب والرسوم.

تشجيع الاستثمار
وفي مجال إجراءات تحفيز النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار، فقد قررت الحكومة ومنذ اليوم الأول لتشكيلها الالتزام بالشفافية ومصارحة المواطنين حول أوضاع المالية العامة للخزينة، مبينة أن العجز المتنامي في الموازنة العامة لا يعني أن حالة الاقتصاد مقلقة، بل على العكس فإن كل المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن هناك نمواً حقيقياً في الناتج المحلي الإجمالي. ولتحريك عملية الاقتصاد فقد أقرّت الحكومة قانوناً موقتاً ملحقاً بقانون الموازنة العامة لعام 2009، تم بموجبه تسديد كل المستحقات والبالغة 305 ملايين دينار إلى أصحابها من مواطنين مقابل استملاك أراضيهم أو متعهدين أنجزوا أعمالا يقومون على تنفيذها أو مطالبات مستودعات الأدوية والمستشفيات مقابل خدمات وسلع قدموها للتأمين الصحي.

ووضعت الحكومة أسس الشراكة بين القطاع العام والخاص لتشجيع المستثمرين الراغبين في الدخول في شراكات إستراتيجية مع الحكومة للقيام بتنفيذ مشاريع البنية التحتية والمشاريع الكبرى، التي تساعد على تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي، ما يعود بالفائدة على المواطنين في أنحاء المملكة كافة.

وقد ساهم قانون ضريبة الدخل الموقت، الذي خفض الضريبة على جميع فئات المكلفين، وخاصة الأفراد منهم، في زيادة القوة الشرائية لهذه الفئة الواسعة من المواطنين، التي تمثل بشكل أو بآخر زيادة في الرواتب.

كما قررت الحكومة في مجال تشجيع الاستثمار معالجة الاختناقات في بعض قطاعات النشاط الاقتصادي، بما يمكنها من تحقيق معدلات نمو عالية في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال تخفيض ضريبة الدخل على الشركات العاملة في مختلف القطاعات الاقتصادية بنسب متفاوتة والاستمرار بإعفاء الدخل المتأتي من عمليات التصدير. ويجري الآن إعداد نظام متكامل لإعفاء صادرات الخدمات من ضريبة الدخل، واستمرار العمل بتخفيض ضريبة المبيعات على الغرف الفندقية من 16% إلى 8%، وذلك لتنشيط السياحة حتى نهاية 2011.

هذا وتقوم الحكومة حالياً بدراسة وضع برنامج لتحفيز الصادرات الوطنية التي تستخدم نسباً مرتفعة من الأيدي العاملة الأردنية وتحقق قيمة مضافة عالية، وتلك التي تقوم بالتعاقد مع الشركات الصغيرة والمتوسطة لتنفيذ عقودها التصديرية. ويعتمد البرنامج على تقديم دعم إلى هذه الصناعات بنسب يتم تحديدها على ضوء الدراسات التفصيلية، وسيبدأ العمل بهذا البرنامج مع بداية العام المقبل، لإعطاء الفرصة لتصويب الأوضاع لدى المصدرين وتكليف وزير المالية ووزير الصناعة والتجارة بوضع تفاصيل هذا البرنامج.

كما قررت الحكومة تخفيض رسوم تسجيل الأراضي والعقار من 6% و4% إلى 3% و2% لعام 2010 وزيادة المساحة المعفاة من الشقق من 120م2 إلى 150م2.

وضمن هذا السياق التزمت الحكومة بتوفير أراضٍ حكومية لتنفيذ المشاريع الإنتاجية والسياحية والخدمية وبقيمة تساوي 10% من قيمة الاستثمار كحد أعلى، كما ستدرس الحكومة اعتبار كل أو جزء من القيمة العادلة للأراضي كمساهمة في رأسمال المشروع ويشترط في ذلك قيام المستثمر بتنفيذ المشروع قبل تسجيل الأراضي باسمه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف