تجارب الأدوية على البشر تنعش اقتصاد أوروبا عبر صفقات "موت"

يحول أوروبيون أجسامهم مختبرات لإنعاش اقتصاد، وتحريك ملايين الدولارات عبر اختبار الأدوية الجديدة على الأرواح.وذلك عبر أكثر من 1500 متطوع ينخرطون في تجارب على الأدوية تجريها الشركات الصيدلانية، حيث تصل مكافأة كل متطوع إلى 1200 يورو مقابل انعزاله طوال أربعة أيام.

طلال سلامة من برن (سويسرا): يوجد أكثر من 1500 متطوع في أوروبا، ينخرطون في تجارب على الأدوية تقوم الشركات الصيدلانية، في كل من فرنسا والنمسا وسويسرا وغيرها بالإعلان عنها على الصحف الورقية والالكترونية. وتصل مكافأة كل متطوع حتى 1200 يورو مقابل انعزاله، طوال أربعة أيام، في أحد مراكز البحث الطبي، التابعة لهذه الشركات، على أن يقوم بـ"بلع" أدوية، بوشرت التجارب عليها للاستعمال الطبي البشري. بالنسبة إلى المتطوعين المحتاجين لبعض النقود فإنها فترة استجمام ونقاهة صيدلانية مقابل الخضوع لفحوص مجانية، قد تؤدي إلى الموت، بيد أن الحاجة للمال هي الأقوى.

هكذا، يتحول الجسم إلى مختبر يرمي إلى إنعاش اقتصاد، خطر قليلاً، يهدف إلى تحريك ملايين الدولارات عبر اختبار الأدوية الجديدة على الأرواح. ما يجعل الجسد صفحة بيضاء يُكتب عليها أسماء أدوية الغد. وتعتبر سويسرا محور هذه التجارب. كما إن مردود هذه التجارب السويسرية على المتطوعين، ومعظمهم طلاب أو عاطلون عن العمل أو عائلات بكاملها واقعة في المصائب المالية، الذين يتوجهون إلى سويسرا، وعلى رأسهم الإيطاليون، الأعلى أوروبياً.

يتمحور اقتصاد التجارب الصيدلانية حول معرفة إذا ما كانت المرحلة الأولى من تصنيع دواء ما فاعلة أو لا على البشر. وفي الوقت الحاضر، نجد قاعدة بيانات انترنتية، عنوانها www.volterys.org، تعمل على الربط بين المتطوعين ومراكز الأبحاث الصيدلانية الأوروبية.

بين الأوروبيين، نجد أكثر من 40 ألف متطوع مستعد لاختبار الأدوية الجديدة على "جلده" مقابل المال، ومعظمهم فرنسيو الجنسية. أما في الولايات المتحدة الأميركية فيُعتقد أن ثمة أكثر من 4 ملايين رجل، من الأصحاء والمرضى، شاركوا، ولو مرة واحدة في حياتهم في تجارب مماثلة، يعتقد العديد من خبراء الصحةالسويسريين والأوروبيين، أنها قد تودي بحياة المتطوعين أو تُلحق بهم أَضراراً صحية جسيمة، طوال الحياة.

في سياق متصل، تشير جوفان ماريا زانوني، مديرة مكتب تراخيص الأدوية في كانتون تيتشينو، لصحيفة "إيلاف" إلى أن هذا "الكانتون" السويسري، المتحدث باللغة الإيطالية، يستقبل مركزاً تابعاً لكروس ريسيرش "Cross research" يجري سنوياً حوالى 25 دراسة على متطوعين أصحاء.

على صعيد المكافأة المالية اليومية، التي تُعطى نقداً لكل متطوع، فهي ترسو على 250 يورو. هذا وتلفت زانوني الانتباه إلى أن المتطوعين يشاركون في تجارب صيدلانية جديدة، بصورة دورية.

علاوة على ذلك، تنوه الخبيرة زانوني بأن المكافآت المالية في سويسرا خالية من الضرائب، على عكس ما يحصل في بعض الدول الأوروبية، كما بريطانيا. وبالنسبة إلى الفترة الفاصلة بين انتهاء المتطوع من اختبار دواء ما وعودته للمشاركة في تجربة أخرى، وهي معروفة باسم "wash out" فهي ثلاثة أشهر في سويسرا. في حين تتراوح في دول أوروبية أخرى فترة الاستراحة هذه من 4 إلى 6 أشهر. وفي ما يتعلق باقتصاد التجارب الصيدلانية في سويسرا، تقدر هذه الخبيرة حجمه الوطني الكلي بحوالى 2 بليون فرنك سويسري.