الرحلات الإضافية تكشف ضعف تنظيم الخطوط السعودية

فاطمة العوفي من الرياض: لاتزال أزمة الطيران في السعودية تعيش يوماً بعد آخر العديد من المشاكل، فبعد هروب شركتي "ناس" و"سما" عن العديد من الوجهات الداخلية، واتهامهم المفتوح بمحاباة الخطوط السعودية، إلا أن الوضع خارجياً أصبح أسوأ مما هو عليه في الداخل، وأصبحت تتعالى الأصوات من "كاونترات" السعودية في الداخل، حتى محطاتها في أوروبا.

من مطار "هيثرو" اللندني الشهير، الذي تضبطه دقة التنظيم والمكان المفضل للطائرات العالمية التي تهبط إليه وتغادره مئات الرحلات يومياً، إلا أن أصوات الاحتجاج تتعالى، وكأنك تسير في داخل المطارات المحلية السعودية الداخلية التي تحفها الفوضى نظير عدم رضا المسافرين جراء تأخير الخطوط السعودية التي ما زالت غير قادرة على ضبط مواعيدها، مما خلق لها جيشاً من النقاد من كل أوجه وشرائح المجتمع السعودي، الذي لم يسلم أي منهم من ضربات "السعودية"، وهي الشركة الأولى والأقدم في المملكة.

يرى العديد من المراقبين أن "السعودية" التي تطمح الوصول إلى أن تكون شركة مساهمة خلال الفترة المقبلة، وإنجازها أيضاً لمسألة التخصيص في قطاع التموين لديها بعيدة تماماً عن المساءلة القانونية التي تضبط عملية السير بأي قطاع خدمي. فلم تعد مسألة إلغاء حجز مؤكد أو تأخير رحلة ما ساعات متعددة مثار قلق "للسعودية"، التي يقول عنها أحد الركاب المتأخرة رحلته والمتجهة إلى مدينة جدة من مطار الملك خالد في الرياض "انتظرت حوالي 8 ساعات، والموظفون يصرون على أن التأخير لن يتجاوز الساعتين"، معتبراً أنهم يضللون الأمر على المسافرين حتى لا يتم تعويضهم. إلا أن أحد موظفي السعودية في المطار أوضح أن ذلك هو عدم اتضاح الأمور، خصوصًا حالة الأحوال الجوية، معتبراً إياها سبب انعدام الدقة في هذه المسألة.

أصبحت الخطوط السعودية ملاذاً وحيداً اضطرارياً للركاب السعوديين داخلياً، بعد انسحاب الشركتين الصغيرتين "ناس" و"سما" من العديد من المحطات، وتقليصها لرحلاتها الداخلية، وتوجهها الدولي بسبب محاباة "السعودية"، خصوصاً في أسعار الوقود، حسب ما أوضحته الشركتان في بيانات عدة، مخاطبة فيها هيئة الطيران المدني، التي أوضحت أن الأمر عائد لعملاقة النفط "أرامكو" في تحديدها للسعر.

أما خارجياً فهي خيار أخير للمسافر السعودي، الذي بدأ يبحث عن الشركات الناقلة الأخرى التي يعتبرونها أكثر دقة واحتراماً في مواعيدها ولمسافريها الذين إن حالت الظروف للتأخير على الشركات الأخرى فيتم خلالها توفير البديل للراحة والاستجمام. ولعل السبب كما يقول أحد مسافري السعودية الذين التقتهم "إيلاف" هو أن المسافر السعودي أصبح يعرف جيداً، ويبحث عن المميزات التي سيحصل عليها حال سفره، والتعويضات حال عدم رضاه، لكون هذه الشركات تلتزم باتفاقيات منظمة الطيران "إياتا"، التي تكفل حق المسافر دائماً على حد وصفه.

وتعتبر مسألة الرحلات الإضافية مؤرقة أكثر للمسافرين الذين تعذر عليهم السفر بسبب عدم توافر المقاعد، وهي رحلات غير مدرجة ضمن الجدول التشغيلي لرحلات "السعودية"، حسب ما ذكر أحد مشرفي الحجز المركزي لـ"إيلاف" الذي أوضح أنهم كموظفي حجز لا يعلمون بهذه الرحلات إلا قبل إقلاعها بيومين على الأكثر، معتبراً أنها تعتمد بشكل كبير على عدد موظفي الانتظار في المطار والرحلة دون أية اعتبارات شخصية، كما يردد المسافرون، على حد قوله.

حجوزات الطيران قصمت ظهر السياحة الداخلية في السعودية، وليس أكبر دليل على ذلك من تصريح رئيسها الأمير سلطان بن سلمان، الذي ذكر أن الحجوزات سبب رئيس في عدم نجاح الموسم السياحي. وقال في حديث إعلامي لصحيفة عكاظ السعودية "من غير المعقول أن لا يجد مواطن مقعداً على رحلة جوية "الأمر الذي يبدد توقعات الهيئة العامة للسياحة والآثار في أن تسجل السياحة الداخلية نحو 13.2 مليار ريال خلال هذه السنة، بسبب النقل الجوي".

في حين تكتفي الخطوط السعودية بوعود تحسين الخدمة في كل سنة، مع عدم ملاحظة التحسين. وتضيف أنها تحمل الركاب أزمة حجوزات الطيران على الخطوط الداخلية وزيادة الشكاوى من عدم وجود مقاعد وتكدس المسافرين لفترات طويلة داخل المطارات.

ويمثل النقل الجوي عنصراً مهماً من عناصر السياحة في المملكة. فأهميتها تتجلى في تنمية الحركة السياحية الداخلية وتطوير عناصرها، غير أنها تواجه عوائق عديدة، مثل ارتفاع أسعار الوقود والتضخم، الذي ظهر أخيراً في مختلف القطاعات، وزيادة كلفة التشغيل في النقل الجوي والأزمة الاقتصادية، التي أثّرت على العديد من الشركات.