انقسام بشأن "جدية" محاربة الفساد في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
تثور حالة من الانقسام بين مسؤولين وناشطين جزائريين بشأن "جدية" خطة محاربة الفساد هناك، غداة تفعيل السلطات لهيئة تطلبت إنفاق خمس سنوات كاملة من أجل إيجاد طاقم سباعي يتولى قيادتها. وتضاربت إفادات من تحدثوا لـ"إيلاف" بين فريق منوّه بخطوة ستقطع بحسبه دابر الفساد المتفاقم في البلاد، وآخر يقلل من شأن الإجراء ويراه شكليا ومحدود الفعالية.الجزائر: يشدّد "كريم جودي" وزير المال الجزائري، على أنّ هيئة مكافحة الفساد التي بدأت عملها رسميا في الأسبوع الأخير، ستدعم حرب الدولة على الفساد، ويفيد جودي أنّ الهيئة مسلحة بقوانين تتضمن أدوات قوية محصّنة ضدّ آفة الفساد من خلال آليات جديدة لتأمين المال العام ومكافحة الرشوة والغش الجبائي على درب حماية الاقتصاد المحلي وضمان امتيازات الخزانة العامة.وحول مدى جدوى الهيئة التي جرى بعثها ابتدائيا في مارس/آذار 2006، يرى المسؤول الأول عن قطاع المالية في الجزائر، إنّ الخطوة ستمنح فعالية أكبر في قمع جرائم الفساد والجرائم المرتبطة به كجرائم تبييض الأموال والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف، تماما مثل قانون مجلس المحاسبة الذي يتيح للدولة السهر على حماية رؤوس أموالها ومساهماتها وعلى ضمان الحكامة في المؤسسات التي هي ملك للدولة أو المؤسسات التي تملك فيها الدولة أغلب الأسهم.
ويرى "الطيب بلعيز" وزير العدل الجزائري، إنّ هيئة مكافحة الفساد مثلها مثل الديوان المركزي لقمع الفساد، ستمنح المزيد من الفعالية في قمع الرشوة وتوابعها، ومكافحتها بواسطة شرطة قضائية متخصصة تعمل وفق أحكام قانون الإجراءات الجزائية، بما يكرّس قواعد الشفافية والنزاهة والمنافسة الشريفة في مجال الصفقات العامة.وعن العلاقة بين الديوان المذكور والهيئة الوقاية من الفساد، ألّح بلعيز على أنّ إنشاء الديوان المركزي لقمع الفساد لن يلغي أدوار الهيئة، مضيفا إنّ الأخيرة لها مهامها ومسؤولياتها، بينما الديوان إياه سيعنى بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد والجرائم المرتبطة به.
ويشرح بلعيز أنّ المهام المخولة لهيئة مكافحة الفساد تربو عن العشرة، ولا تتعارض بل تتكامل مع مهام الهيئات الأخرى، ضمن إستراتيجية وطنية شاملة للوقاية من آفة تنامت بشكل مقلق خلال العشرية الأخيرة.
على طرف نقيض، يجزم "يوسف مجكقان" الناشط في الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد (هيئة غير حكومية)، بأنّ تجربة إنشاء أجهزة لمحاربة الفساد، هي تجربة فاشلة كونها لم تنجح في أغلب الدول، وشدّد مجكقان على أنّه كان من الأحرى إشراك منظمات المجتمع المدني في تشكيل هيئة محاربة الفساد بغرض تمكين الرأي العام من الإطلاع عن كثب على سيرورة الأشياء.ويبدي مجكقان قلقه إزاء احتمالات تفاقم ظاهرة الفساد، سيما بعد فضائح مجموعة سوناطراك البترولية ومشاريع الإنشاءات العامة، وما ينتاب عديد الصفقات هناك، في وقت لا يزال "جيلالي حجاج" رئيس جمعية مكافحة الفساد رهن الاحتجاز.
من جانبه، يشدّد "سفيان فتني" رئيس المنتدى الجزائري لمكافحة الفساد، على أنّه لا ينتظر أي شيء من هذه الهيئة لكونها وُلدت ميتة، معتبرا أنّ الذي أسسها أراد لها أن تكون كذلك.
وإذا كان مراقبون يتوقعون أن تعالج هيئة مكافحة الفساد ملفات ساخنة تشمل ما يُثار عن تجاوزات في قطاعات حكومية حساسة، فإنّ مجكقان وفتني يبديان تشاؤما بشأن طبيعة الملفات التي ستدرسها الهيئة، بهذا الصدد، يقدّر فتني أنّها لن تتعدّ تقديم إحصائيات تخص مخالفات بسيطة ارتكبها من يسميهم "الصغار" على مستوى البلديات والولايات والمؤسسات الصغيرة، مع محاولة تضخيم ذلك من طرف من ينعتهم بـ"المأجورين".
ويؤكد مسؤول منتدى مكافحة الفساد، على أنّ الأخير كان يود أن يتم تشكيل مؤسسة دستورية وطنية لديها صلاحيات واسعة في مجال تحريك الدعاوى القضائية ضد كبار المفسدين بينهم وزراء في الحكومة الحالية.وسبق لرئيس هيئة مكافحة الفساد "إبراهيم بوزبوجن" أن توعدّ بتوخي الصرامة ضدّ الفساد والمفسدين، وصرّح غداة تنصيبه أنّه لا ينبغي لمكافحة الرشوة أن تكون مصدر "شلل" لتنمية البلد، كما يجب أن تدمج ضرورة حماية أعوان الدولة من كل أشكال الوشاية والمناورات، ملفتا إلى أنّ مكافحة الرشوة لم تنتظر وضع هذه الهيئة للتصدي لهذه الآفة مضيفا أنها كانت دوما مهمة "عادية" و"منتظمة" لمختلف مؤسسات وهياكل الدولة. وقامت منظمة (شفافية دولية) ''ترانسبرنسي أنترناشيونال'' في ترتيبها الدوري، بتصنيف الجزائر في المرتبة الـ105، حيث حلت بمؤشر(3.0)، ويتراوح سلم المؤشر المعتمد بين (10) التي تعني نظيف جدا، و(0) التي تعني "فاسد جدا".
وذكر ممثلون عن إدارات الشرطة والجمارك، إنّ الخزانة العامة في الجزائر تكبدت في العام 2007 خسائر فادحة زادت عن 7 مليارات دينار جزائري - بحدود 95 مليون دولار- وذلك بسبب الجرائم الاقتصادية المتتالية التي كانت عدد من المصارف وعشرات المراكز البريدية مسرحا لها.وتفاقمت هذه الجرائم خلال السنوات العشر الأخيرة، غالبا ما كان أبطالها كوادر وموظفون وكذا من يُعرفون بـ"الوسطاء"، والمثير إنّ كثير من تلك الجرائم جرى اكتشافها بعد سنتين من حدوثها (..)، وهو ما يصفه متابعون بـ"الخطير"، وسط أحاديث لم تنته عن إصلاح مالي وتكثيف أنظمة الرقابة.
ولم تكن فضيحة بنك الخليفة والخسارة التي تكبدتها الخزانة العامة بـ1.7 مليار دولار، سوى مقدمة لتعرية حجم التجاوزات المسكوت عنها في هذا البلد، لاسيما في منظومة البنوك الخاصة التي تمخضت ولا تزال عن كثير من الفضائح، والفوضى التي تضرب قطاع البنوك، في وقت ظلت تتهاطل تقارير المفتشية العامة للمالية (هيئة حكومية) عن تنامٍ رهيب لمعدلات الرشوة، مثل ملف البنك التجاري والصناعي الجزائري الذي خلّف وراءه ثغرة بـ 11.6 مليار دينار بما يعادل (1.32 مليون يورو)، إضافة إلى الصندوق الجزائري الكويتي الذي خلّف ثغرة ضخمة بواقع 30 مليار دولار، ما دفع بمنظمة "شفافية دولية" للجزم بأنّ ظاهرة الرشوة باتت ممارسة مهيمنة في الجزائر.
التعليقات
للأسف
nabil -للأسف أن الاحتجاجات التي عرفتها مدن الجزائر في الاونة الاخيرة أخذت طابع ;احتجاجات السكر و الزيت;، بالرغم من أن المشكل الرئيسي لا يتعلق بذلك، فالجزائري اعتاد منذ زمن بعيد على تحمل هذه الزيادات، كنا نتوقع ان هذه الاحتجاجات ستأخذ منحى أخر يتعلق بالحريات الأساسية للمواطن و التي ستكفل له حتما حقوقه في العيش الكريم ، كنا نتوقع أن ينهض الجزائري من أجل المطالبة بحرية التعبير، و حقه في انتخاب مجالس شعبية و برلمان يمثله، ليدافع عن مصالحه التي لا تأخذ بالسلب و الحرق، بل بطرق ديموقراطية متمدنة. بحرية تكفل له قيام دولة القانون التي لا يظلم فيها أحد، دولة تعطي لكل ذي حق حقه، دولة خالية من آولائك الذين لاهم لهم إلا المصلحة الخاصة، كنت أتمنى أن تتطور هذه الاحداث لاسقاط نظام العسكر الذي لا يريد،بكل ما أوتي من قوة ، لابقاء الجزائريين يكافحون و ينتفضون فقط من أجل السكر و الزيت. لقد نجح هذا النظام في مسعاه، لكن فشلنا نحن المواطنون البسطاء في التحرك من أجل الهدف الاسمى، و تعلقنا فقط بما مس جيوبنا.أعرف أن هذا الرأي لن ينشر، و لكن تأكد أخي القارئ، ان هذه الرسالة من جزائري يحب بلاده، و يدافع عنها أينما حل في أرجاء المعمورة