اقتصاد

الطاقة النووية مفترق هام أمام المستقبل الاقتصادي للأردن

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تنظر هيئة الطاقة الذرية الأردنية إلى العام 2019 كموعد لتشغيل أول محطة للطاقة النووية قادرة على توليد حوالي 1000 ميغاواط من الكهرباء، حيث من المتوقع أن يبدأ العمل ببناء منشآتها في العام 2013. ويشكل المشروع مفترقا هاما بالنسبة لعدد من القضايا الوطنية الإستراتيجية المتعلقة بالاقتصاد والموارد الطبيعية والبشرية والطاقة والمياه.

عمان: تركت الارتفاعات الكبيرة في أسعار النفط أثرا سلبيا كبيرا على اقتصاد المملكة، بينما ترك النمو السكاني والاقتصادي أثره الكبير أيضا على حجم الطلب على الكهرباء. ففي العام 2007 استورد الأردن أكثر من 96% من احتياجاته من الطاقة بكلفة بلغت 3,2 مليار دولار. وفي العام 2008 ارتفعت الفاتورة النفطية إلى حوالي أربعة مليارات دولار وهو ما يشكل رقما هائلا بالنسبة لبلد محدود الموارد مثل الأردن، حيث يترجم إلى 24% من مجمل المستوردات و20% من مجمل الناتج المحلي الإجمالي.

وارتفع حجم الطلب على الكهرباء إلى 2100 ميغاواط في العام 2008، وهو ما يتوقع الخبراء ارتفاعه إلى أكثر من 4700 ميغاواط في العام 2020. وفي الوقت نفسه يتوقع أن يتضاعف الطلب على الطاقة الأولية من ما يعادل 7,6 مليون طن نفطي مكافئ (toe) حاليا إلى 15 مليون طن بحلول العام 2020.

يذكر أن قطاع توليد الطاقة الكهربائية يستهلك حوالي 500 ألف طن من زيت الوقود الثقيل سنويا، و90 ألف متر مكعب من السولار، و80 تريليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعي، وهي قيم تعادل في مجموعها 40% من استهلاك المملكة السنوي من كافة أشكال الطاقة.

وعمل الأردن منذ فترة على استكشاف خياراته لتوليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه على المدى البعيد، وبشكل يعمل على ضمان أمن إمدادات الطاقة وحماية اقتصاده من تقلبات أسواق النفط والغاز. وبالرغم من توجهه لتطوير مصادر متعددة للطاقة المتجددة (خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) التي لا يتوقع لها أن تنمو بأكثر من 3-6% في المستقبل القريب، إلا أن الاهتمام أصبح يتركز على الطاقة النووية كبديل هام لطاقة المستقبل في المملكة.

وكان الأثر الأكبر في تركيز الجهود نحو صياغة وتنفيذ برنامج الطاقة النووية. فقد أكد ملك الأردن عبدالله الثاني في أكثر من مناسبة أن موضوع الطاقة هو "من أهم التحديات التي يواجهها الأردن"، ودعا للتفكير في حلول جذرية بعيدة المدى وإلى أهمية توفير مصادر بديلة للطاقة وتطوير مصادر الطاقة المحلية التقليدية والمتجددة واستغلالها بشكل يقلل من الاعتماد على استيراد احتياجات المملكة من مصادر الطاقة المختلفة.

ويرى نقيب الجيولوجيين الأسبق محمد سالم السعيديين ضرورة ان تتقدم الحكومة بخطى واثقة وسريعة نحو السير في مشروع استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وخاصة في مجال توليد الكهرباء لكي نضمن مستقبل الأجيال للعيش في حياة حرة كريمة وتخفيف عبء فاتورة النفط.

وقال السعيديين أن الأردن يعتمد على الهيدروكربونات (النفط والغاز الطبيعي) لتوفير احتياجاته من الطاقة ، علماً بأن الاحتياط العالمي من هذه المواد يكفي لمدة 50 عاماً قادمة حسب معدلات الاستهلاك الحالية الأمر الذي يقود إلى التفكير بشكل جدي في مصادر طاقة بديلة وهناك توجه جدي من قبل حكومتنا لاستخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء كمصدر بديل للبترول والغاز الطبيعي.

وستكون للبرنامج أهمية إستراتيجية أخرى تترك أثرها على حياة كل أردني وذلك من خلال توفير طاقة كافية لتحلية المياه التي هي مصدر الحياة في بلد مثل الأردن الذي يعتبر واحدا من أفقر عشر دول مائيا في العالم بمعدل استهلاك فردي يبلغ حوالي 160 مترا مكعبا في العام مقارنة بالمعدل العالمي البالغ سبعة آلاف متر مكعب سنويا أو معدل استهلاك الفرد في الولايات المتحدة البالغ تسعة آلاف متر مكعب سنويا. ومع ارتفاع أعداد السكان يرتفع حجم العجز المائي البالغ أكثر من 500 مليون متر مكعب سنويا، حيث تشير التوقعات بأن يصل حجم الطلب على المياه في العام 2020 إلى 1,65 مليار متر مكعب،س وهو ما يفوق كل التوقعات من المصادر المتجددة وغير المتجددة. وسينعكس هذا النقص الحاد سلبيا على التطور الزراعي والاقتصادي، بالإضافة إلى المخاطر الكبيرة التي سيشكلها على حياة المواطنين ورفاهيتهم.

ويجمع المختصون والخبراء على أنه بالرغم من مختلف المحاولات لتطوير مصادر جديدة للمياه يبقى خيار التحلية الحل الرئيس القادر على تلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه العذبة بالرغم من ارتفاع تكلفته.وسيكون باستطاعة المفاعل النووي تزويد محطات التحلية والضخ بالطاقة الكهربائية الكبيرة اللازمة لتشغيلها والمقدرة بـ 750 ميغاواط وبسعر أرخص من حرق الوقود الأحفوري، وهو ما سيشكل دعما هاما لجهود البحث عن مصادر جديدة للمياه.

ماذا سيستفيد الأردن؟

ويؤكد الدكتور خالد طوقان رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية أنه وفقا للدراسات الأولية التي وضعتها هيئة الطاقة الذرية سيشكل مشروع محطة الطاقة النووية مفترقا هاما بالنسبة لعدد من القضايا الوطنية منها استغلال موارد اليورانيوم الوطنية كوقود للمفاعلات الأردنية وتصدير الفائض منها، وتخفيض حجم المستوردات النفطية وحجم فاتورتها، وتوفير الطاقة الكهربائية بأسعار اقتصادية منافسة وتوفير طاقة مجدية اقتصاديا لتحلية مياة البحر، إضافة إلى دعم جهود التقدم والتطور الصناعي وخلق فرص جديدة للتعليم والتدريب والعمل ورفع مستويات المعيشة.

ويشكل مشروع محطة الطاقة النووية مفترقا هاما بالنسبة لعدد من القضايا الوطنية الإستراتيجية المتعلقة بالاقتصاد والموارد الطبيعية والبشرية والطاقة والمياه. وسيكون باستطاعة المفاعلات النووية المنوي إنشاؤها تلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية للمنازل والمصانع وغيرها، بالإضافة إلى تزويد محطات التحلية والضخ بالطاقة الكهربائية الكبيرة اللازمة لتشغيلها وبسعر أرخص من حرق الوقود الأحفوري.

وعلى سبيل المثال، لا الحصر، سيكون لهذا المشروع فوائد عديدة مثل:

sect; استغلال موارد اليورانيوم الوطنية كوقود للمفاعلات النووية الأردنية وتصدير الفائض

sect; تخفيض حجم المستوردات النفطية وحجم فاتورتها

sect; توفير الطاقة الكهربائية بأسعار اقتصادية ومنافسة

sect; توفير مصادر طاقة مجدية اقتصاديا لتحلية مياه البحر وضخها

sect; المساهمة بخفض انبعاث الغازات ونسب التلوث البيئي

sect; دعم جهود التطور والتقدم الصناعي

sect; خلق فرص جديدة للتعليم والتدريب والعمل ورفع مستويات المعيشة.

وستكون للمشروع فوائد أخرى في استخدامات خارج مجال الطاقة مثل التشخيص والعلاج الطبيين، والأبحاث العلمية والتطبيقية في مجالات متعددة أهمها الزراعة والصيدلة والصناعة والبيئة.

التحديات

حددت هيئة الطاقة الذرية الأردنية ستة تحديات رئيسية يجب التعامل معها ومواجهتها من أجل المضي قدما بتنفيذ برنامج الطاقة النووية، وهي استغلال خامات اليورانيوم والتمويل ودورة الوقود النووي وإدارة النفايات واختيار واستخدام التكنولوجيا الملائمة للمفاعل النووي وتطوير الموارد البشرية وجاهزية الدولة والبيئة السياسية.

وتعمل الهيئة على مواجهة التحديات التمويلية من خلال إجراءات تتضمن دراسة أشكال الشراكة بين الحكومة والقطاع الخام والاستعانة بمشغل نووي دولي له سجل مضمون في الأمان النووي والكفاءة التشغيلية كشريك استراتيجي. وهذا من شأنه تقليل الاعتماد على تمويل مباشر من خزينة الدولة وتجنب إرهاقها بأعباء إضافية. وكانت هيئة الطاقة الذرية قد بدأت سلسلة من الاجتماعات واللقاءات المتخصصة لبحث القضايا التمويلية كان أولها ورشة عمل أردنية-فرنسية-يابانية حول تمويل أول محطة للطاقة النووية في الأردن عقدت في شهر نيسان 2010 تتبعها ورش مماثلة مع الأطراف الأخرى التي تقدمت بعروض لبناء محطة الطاقة النووية.أما في ما يتعلق بالموارد البشرية، فقد باشرت الهيئة بالاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر العلمية المتخصصة من مهندسين وفنيين في مختلف مجالات الطاقة النووية وتطبيقاتها. كما عملت على الاستثمار في الدراسات وفي مختلف متطلبات البنى التحتية اللازمة لانطلاق هذا المشروع الوطني الطموح استعدادا لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.

إستراتيجية

وعمل الأردن على تطوير إستراتيجية خاصة بالطاقة النووية منذ العام 2001. وتركزت هذه الإستراتيجية في مراحلها المختلفة حول عدد من المعالم الأساسية التي تتضمن ضمان أمن إمدادات الطاقة واستغلال موارد اليورانيوم الوطنية وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وضمان الانتقال الأمثل للتكنولوجيا والمساهمة الوطنية الفاعلة في كل مراحلها وتوفير الطاقة لمشاريع تحلية المياه وتطوير الصناعات المتعلقة بقطاع الطاقة.

وتهدف هذه الإستراتيجية إلى توليد الطاقة الكهربائية من خلال المفاعلات النووية لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية ولتحلية المياه. كما تتناول الإستراتيجية دورة الوقود النووي وتخصيبه بنسبة متدنية تقل عن أربعة بالمائة تكون خاضعة لنظام الضمانات الدولي ومعالجة المخلفات النووية. وتعمل الإستراتيجية على تحقيق جاهزية الدولة من حيث الاستثمار في الدراسات وتدريب وتأهيل القوى البشرية الأردنية في مجال الطاقة النووية، بالإضافة إلى تحقيق مصادر تمويل ذاتية دون الاعتماد المباشر على خزينة الدولة أو إرهاقها بأعباء إضافية.

وتنظر هيئة الطاقة الذرية الأردنية إلى العام 2019 كموعد لتشغيل أول محطة للطاقة النووية قادرة على توليد حوالي 1000 ميغاواط من الكهرباء، حيث من المتوقع أن يبدأ العمل ببناء منشآتها في العام 2013.

ويتضمن البرنامج النووي الأردني بناء مفاعل بحثي بقدرة 5 ميغاواط في رحاب جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ليكون جزءا هاما من البنية التحتية للتكنولوجيا النووية ونقطة الارتكاز للمركز الأردني للعلوم والتكنولوجيا النووية. وسيستخدم المفاعل البحثي لتدريب جيل جديد من العلماء والمهندسين النوويين، ولتقديم الدعم لمختلف الخدمات الطبية والصحية والزراعية والصناعية.

الموارد النووية

وأشار طوقان إلى ان دراسات الجدوى الخاصة باستغلال اليورانيوم ستنجز بشكل نهائي العام الحالي ومن ثم يتم البحث عن الشريك الاستراتيجي لتنفيذ عمليات التعدين.

وتشير التقديرات إلى وجود حوالي 65 ألف طن من احتياطيات اليورانيوم في وسط المملكة، بالإضافة إلى كميات أخرى يجري تقديرها في مناطق أخرى مثل وادي البهية ووادي السهب الأبيض والرويشد والمفرق والمدورة ووادي عربة. ويتوقع أن يكون معدل إنتاج اليورانيوم من مناجم منطقة وسط المملكة حوالي 2000 طن سنويا، يتم استغلال جزء محدود منها كوقود في المفاعلات النووية الأردنية، ويستخدم جزء آخر كاحتياطي استراتيجي، بينما يتم تصدير الباقي كرافد اقتصادي هام للمملكة.

وسيكون لاستغلال هذه الموارد الطبيعية فوائد عدة تشمل تحقيق تنمية في قطاع التعدين يفتح مجالا كبيرا لتعدين المواد النووية ويؤسس لصناعة تعدينية متطورة ومتخصصة في مجال اكتشاف واستخراج المواد النووية وتسويقها عالميا. كما سيساهم في نشوء صناعات تعدينية متخصصة في مجال المواد النووية، إضافة إلى تسويقها وبيعها عالميا بما يشكل دعما حقيقيا للاقتصاد الوطني.

أما بالنسبة لتخصيب اليورانيوم، فسيتم استخدام المواد الخام المستخرجة من مناجم الأردن والتعاقد مع شركات عالمية متخصصة من خلال طرح عطاءات لتخصيبها في الخارج (بنسبة 4%) ومن ثم إعادتها إلى المملكة. ويذكر هنا أن القانون الدولي المنظم للأنشطة النووية يسمح للدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية القيام بتخصيب اليورانيوم ضمن النسبة المذكورة تحت إشراف ورقابة مباشرين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

محطة الطاقة النووية

ويعتبر اختيار المفاعل الملائم لمحطة الطاقة النووية جزءا هاما من البرنامج النووي. لهذا فإن الهيئة تنظر بالتحديد إلى الجيل الثالث من المفاعلات التي يتمتع بأحدث المخرجات التكنولوجية ويتميز بآخر ما توصلت إليه أساليب وتقنيات السلامة والأمان النووي.وبعد دراسة خمسة عروض قدمتها شركات فرنسية وروسية وكندية وكورية جنوبية حددت هيئة الطاقة الذرية الأردنية في الثاني عشر من أيار/مايو 2010 أفضل ثلاثة عروض تكنولوجية وهي:

sect; مفاعل (CANDU 6) EC6 المطور الذي تقدمت به شركة أيه إي سي إل AECL الكندية

sect; مفاعل (ATMEA 1) الذي تقدمت به شركة أريفا AREVA الفرنسية بقيادة تحالف مع شركة ميتسوبيشي MHI اليابانية

sect; مفاعل من طراز (AES-92 VVER-100) الذي تقدمت به شركة أتوم ستروي إكسبورت Atomstroyexport الروسية.

وجاء اختيار التكنولوجيات الثلاث في ختام مرحلة هامة من الدراسات والتقييم الشامل والتدقيق لاختيار التكنولوجيا الأكثر ملائمة لتشغيل محطة الأردن الأولى للطاقة النووية، حيث تأخذ الهيئة بعين الاعتبار عددا من المميزات والخصائص التي تتضمن الكلفة، والسلامة، والمقاييس العالمية، ودورة الوقود النووي، ومتطلبات التبريد، والقدرة على خدمة الصناعات المرتبطة، وغيرها من المعايير الفنية والتكنولوجية. وستعمل الهيئة على إجراء محادثات تنافسية وعمليات تحليل وتقييم لأدق التفاصيل الفنية والاقتصادية مع الشركات صاحبة العروض المفضلة، ويتوقع طوقان أن تستمر لحين انتقاء أفضل العروض من الناحية الفنية والتقنية والمالية والتمويلية في منتصف العام 2011. وتوقع طوقان طرح عروض إقامة المحطة النووية مطلع العام المقبل، لافتا إلى ان ثلاث شركات عالمية أبدت رغبتها مبدئيا بإقامة المحطة النووية الأردنية.وأكد ان التصميم سيجعل الأردن قادرا على انجاز المشروع بمنشأته النووية خلال فترة تتراوح بين 15 - 20 عاما.

الموقع المقترح

عملت لجنة وطنية متخصصة مؤلفة من مختلف مؤسسات الدولة والجهات ذات العلاقة على البحث عن موقع مناسب لمحطة الطاقة النووية في مختلف أنحاء المملكة حيث درست وحددت عددا منها بالتركيز على العناصر المرتبطة بالصحة العامة، والسلامة، والأمن، ومتطلبات التبريد.

وركزت الهيئة اهتمامها على دراسة موقعين أساسيين محتملين، أحدهما هو موقع "مبدئي" في جنوب المملكة يقع على بعد 25 كيلومترا جنوب شرق مدينة العقبة وحوالي 12 كيلومترا شرق الشاطئ الجنوبي، حيث لعب قربه من مصادر المياه دورا هاما في وضعه على قائمة المواقع المقترحة. أما الثاني فهو موقع مقترح في منطقة المجدل الواقعة جنوب غرب محافظة الزرقاء والقريب من محطة تنقية مياه خربة السمرا والتي توفر مصدرا هاما آخر للمياه.

وقد نقلت الهيئة اهتمامها للموقع الثاني لتوفير أكثر من 15% إضافية من كلفة بناء المحطة والتي كان سيتم تخصيصها لبناء البنية التحتية اللازمة لمقاومة الزلازل. وتقوم شركة Tractebel Engineering البلجيكية بإجراء الدراسات الميدانية والمسحية لموقع المحطة والتي تغطي خلال عامين مختلف العناصر المرتبطة بالبيئة والصحة العامة والأمن والأمان والسلامة النووية، بالإضافة إلى مسوحات معمقة لتقييم الوضع الجيولوجي، والفيزياء الجيولوجية، وصلابة التربة، ومتطلبات مياه التبريد، وتقييم المخاطر، وإمكانية الربط مع شبكات الطاقة الكهربائية، وتقييم الأثر على البيئة والصحة العامة، والمسببات الطبيعية والإنسانية، وغيرها. وسيتم بنهاية هذه الفترة تقديم تقريرين هامين لخصائص الموقع المقترح: الأول يتضمن الأثر البيئي، والثاني يتناول الأمان الأولي.

البيئة

يتحمل حرق الوقود الأحفوري في محطات توليد الطاقة الكهربائية مسؤولية انبعاث 25 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي سنويا، وهو ما يعادل 70 مليون طن يوميا أو 800 طن في الثانية. وتتسبب هذه الكميات الهائلة من الغازات بتعظيم آثار ظاهرة الاحتباس الحراري بشكل يرفع درجات الحرارة ويسبب مجموعة من المتغيرات المناخية المصحوبة بالجفاف ودرجات حرارة أعلى من المعدل.

تشير الإحصائيات الرسمية في الأردن إلى أن الكميات التقديرية لانبعاث غازات الدفيئة الناتجة عن استخدامات الطاقة في المملكة خلال العقد الماضي قد ارتفعت بنسبة 45% من حوالي 15,3 مليون طن في العام 1998 إلى حوالي 22,2 مليون طن في العام 2008. وتشير بيانات دائرة الإحصاءات العامة إلى تزايد انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون في الأردن من 14,9 مليون طن إلى 21,4 مليون طن في الفترة نفسها، وهو ما يعكس ارتفاع معدلات التلوث في المملكة، والحاجة الماسة إلى بدائل نظيفة لمصادر الطاقة.وتشكل البيئة محورا رئيسيا وهاما في اعتبارات إنشاء محطة الطاقة النووية، حيث سيتم دراسة أثرها البيئي المحتمل على كل مكونات المنطقة المحيطة بالموقع المقترح.

الموارد البشرية

يعتبر تطوير الموارد البشرية واحدا من التحديات الرئيسية التي أعطت هيئة الطاقة الذرية أولوية للتعامل معها كمتطلب أساسي لتطوير البرنامج النووي الأردني. وقد أولت الهيئة اهتماما كبيرا بتأهيل وتدريب وتطوير قدرات الموارد البشرية التي ستشكل العمود الفقري لنجاح البرنامج.

بدأت جهود الهيئة بدعم البرامج والمناهج التعليمية في الجامعات الأردنية حيث افتتحت جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية في العام 2006 قسما لتدريس تخصص الهندسة النووية يمنح درجة البكالوريوس للخريجين. كما وضعت الجامعة الأردنية وجامعة اليرموك وجامعة البلقاء التطبيقية برامج لدرجة الماجستير في الفيزياء النووية والفيزياء الطبية.

وقد بدأ العمل على بناء مفاعل بحثي بقدرة 5 ميغاواط في رحاب جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية ليكون جزءا هاما من البنية التحتية للتكنولوجيا النووية ونقطة الارتكاز للمركز الأردني للعلوم والتكنولوجيا النووية. وسيعمل هذا المفاعل على تأهيل وتدريب أجيال جديدة من العلماء والمهندسين والمختصين في مختلف مجالات الهندسة والتقنيات النووية في المملكة وعلى تقديم الدعم لمختلف الخدمات الطبية والصحية والزراعية والصناعية.

ويقوم ائتلاف كوري جنوبي مكون من معهد الطاقة الذرية الكوري (كيري) وشركة دايوو للهندسة والإنشاءات ببناء المفاعل والمنشآت التابعة له بشكل يمثل أعلى المستويات التكنولوجية في الأداء والأمان والسلامة.وسيكون بإمكان المفاعل البحثي إنتاج النظائر المشعة التي تحتاجها مختلف القطاعات الطبية والزراعية والصناعية، مما سيعزز موقع الأردن كمركز إقليمي للعلاج والطب وكمزود ريادي وهام للخبرات العلمية والفنية.

المجتمع المحلي

يهدف البرنامج النووي الأردني ومشروع محطة الطاقة النووية إلى ترك بصمة واضحة وأثر ايجابي على حياة المواطنين من خلال توفير طاقة كهربائية اقتصادية ونظيفة ومستدامة، وتلبية احتياجاتهم المتزايدة من مياه الشرب في بيئة شبه صحراوية.كما سيترك هذا المشروع الطموح بصماته على حياة الأردنيين بطرق أخرى. فمع بدء مراحله الأولى سيوفر مشروع بناء المفاعل النووي حوالي 5000 وظيفة بينما سيوفر تشغيل محطة الطاقة حوالي 1000 وظيفة دائمة، بالإضافة إلى آلاف فرص العمل التي ستنشأ بشكل غير مباشر نتيجة لعمل المحطة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف