اقتصاد

الدول النامية تقود النمو العالمي رغم أن المخاطر لا تزال قائمة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قال تقرير صادر عن البنك الدولي بشأن الآفاق الاقتصادية العالمية للعام 2011 أن الاقتصاد العالمي ينتقل الآن من مرحلة إنتعاش متراجعة إلى الوراء عقب حدوث الأزمة المالية إلى مرحلة نمو أبطأ لكنها ما تزال صلبة خلال العام الحالي وكذلك العام المقبل.

القاهرة: أوضح التقرير الذي صدر عن البنك الدولي بشأن الآفاق الإقتصادية العالمية للعام 2011 أن الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي تضاعف بنسبة قدرها 3.9 % خلال عام 2010، من المتوقع أن يتباطأ إلى 3.3 % في 2011. هذا وقد نجت معظم دول العالم النامي من الأزمة المالية بشكل جيد، وبنهاية عام 2010، تمكنت الكثير من اقتصادات الأسواق الناشئة من استرداد عافيتها، أو كانت قريبة من استئناف قوة النمو التي نجحت في تحقيقها قبل وقوع الأزمة.

وفي هذا الشأن، قالت جوستين يى فو لين، كبير الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي والنائب الأول للرئيس بالنسبة لاقتصاديات التنمية :" فيما يخص الاتجاه التصاعدي، نرى أن نمو الطلب المحلي القوي في البلدان النامية يقود الاقتصاد العالمي، لكن المشكلات التي يعانيها القطاع المالي بصفة مستمرة في بعض البلدان ذات الدخل المرتفع ما زالت تشكل تهديداً على النمو وتتطلب إجراءات سياسية عاجلة".

ومضى التقرير يشير إلى أن نمو البلدان النامية بنسبة قدرها 7 % خلال عام 2010، وبنسبة قدرها 6 % خلال عام 2011، كان متوقعاً، وهو ما يزيد عن ضعف المعدلات المتوقعة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المرتفع. وتبين أيضاً، وفقاً للتقرير، أن معظم الدول ذات الدخل المنخفض شهدت مكاسب على الصعيد التجاري في 2010، وبشكل إجمالي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لديهم بنسبة 5.3% عام 2010.

وهو ما تم تدعيمه بحدوث ارتفاع في أسعار السلع الأساسية وإلى حد أقل في التحويلات المالية والسياحة. ومن المتوقع أن يتم تعزيز آفاقهم المستقبلية بشكل أكبر، مع بلوغ النمو نسبة قدرها 6.5% خلال عامي 2011 و 2012، على الترتيب.

وفي كثير من اقتصادات البلدان النامية وذات الدخل المرتفع التي تقع في وسط آسيا وأوروبا، كان النمو متواضعاً بالنظر إلى حجم الانكماش الذي شهده العام 2008. ونتيجة لذلك، فإنه وبالرغم من مرور عامين على إتباع سياسة تحفيزية قوية على الصعيدين المالي والنقدي، إلا أن معدلات البطالة ظلت مرتفعة، وتم كبح النمو الكلي مرة أخرى عن طريق إجراءات إعادة الهيكلة الضرورية في مرحلة ما بعد الأزمة.

وأشارت تقديرات خاصة بالناتج المحتمل إلى أن معظم السعة الفائضة المتبقية في الاقتصاد العالمي يتركز بين البلدان النامية وذات الدخل المرتفع الواقعة في آسيا الوسطى وأوروبا. وتابع تقرير البنك الدولي بتأكيده على أن البلدان النامية تواجه ثلاثة مخاطر رئيسية على المدى القصير: توترات في الأسواق المالية الأوروبية، وتدفقات رأس المال الكبرى والمتقلبة، وكذلك حدوث زيادة في أسعار المواد الغذائية المرتفعة.

ومن الممكن أن تهدد الاضطرابات المالية كاملة النطاق، التي يُنظر إليها على أنها غير واردة، الانتعاش في الدول النامية وكذلك المتقدمة. وفي وقت تتواجد فيه كثير من الدول على المحك، يصمم المنظمون وواضعو السياسات الدولية على تجنب مثل هذه النتيجة.

وقد ارتفعت خلال العام 2010 تدفقات رأس المال إلى الدول النامية ( وخصوصاً إلى تسع دول ذات دخل متوسط )، وهو ما يرجع جزئياً إلى أن استمرار انخفاض أسعار الفائدة في بعض الدول ذات الدخل المرتفع قد دفع بالمستثمرين للبحث عن عائدات أعلى في الدول النامية.

كما أشار التقرير إلى أن صافي السندات الدولية وتدفقات السندات إلى الدول النامية قد شهد ارتفاعاً حاداً عام 2010، حيث ارتفعا بنسبة 42% و 30% على الترتيب، واستقبلت تسعة دول الجزء الأكبر من الزيادة في التدفقات.

كما ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلدان النامية بصورة أكثر تواضعاً، حيث ارتفعت بنسبة 16% عام 2010، لتصل إلى 410 مليار دولار بعد أن انخفضت بنسبة 40 % خلال عام 2009. وأرجع التقرير الجزء المهم من عملية الانتعاش إلى تزايد الاستثمارات بين دول الجنوب وبعضها البعض، لا سيما الناشئة في آسيا.

ويعتبر الاتجاه الخاص بإجمالي تدفقات رأس المال تطوراً إيجابياً، لكن إن لم تدار مثل هذه التدفقات بشكل جيد، فإنها من الممكن أن تزعزع استقرار التحركات في أسعار الصرف وأسعار السلع الأساسية وأسعار الأصول.

ولفت التقرير أيضاً إلى أن كثير من الدول التسعة التي استقبلت الجزء الأكبر من تدفقات رأس المال قد شهدت ارتفاعاً في أسعار الصرف الحقيقية الفعالة الخاصة بها بنسبة 20 % أو أكثر منذ كانون الثاني/ يناير عام 2009. وقد استعان عدد كبير من الدول بتدابير مالية وتنظيمية متنوعة للحد من التدفقات ورفع الضغط عن العملات، لكنها لم تعمل دائماً بالشكل المرجو.

ورأى التقرير كذلك أن تقلب أسعار السلع الأساسية، خصوصاً الأطعمة الغذائية، يمكن أن يُشكِّل الخطر الثالث الذي يهدد نمو البلدان النامية. كما أوضح التقرير أن مزيد من الأخبار المخيبة للآمال بشأن المحاصيل الزراعية، أو حدوث زيادة في أسعار الطاقة، أمر من الممكن أن يتسبب في تسجيل الأسعار الحقيقية للمواد الغذائية في البلدان النامية لارتفاع ملحوظ، وبالتالي حدوث خفض محتمل في الميزانيات الهزيلة للأسر الفقيرة في البلدان ذات الدخل المنخفض. ومع هذا، فإنه وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية الدولية خلال الآونة الأخيرة، قال التقرير إنه وبالأرقام الحقيقة، تعتبر تلك الزيادة أقل بكثير من حيث القيمة السوقية.

وأشار إلى أن الأسعار الحقيقية في الوقت الراهن لا تزال أقل نوعاً ما عن الأسعار التي بلغت ذروتها خلال عام 2008. وبالتالي، فإنه وبينما لا تعتبر الحالة الراهنة بالحدة التي كانت عليها في وقت سابق خلال أزمة الغذاء الوقود، فإن هناك حاجة إلى الرصد الدقيق واليقظة، خصوصاً وأنه لا يمكن استبعاد احتمالية حدوث مشكلة أكثر خطورة.

وعلى المدى البعيد، أكد التقرير على أن الدول بحاجة إلى أن تُحَوِّل تركيزها من إدارة الأزمة على المدى القصير إلى انتهاج تدابير تعني بمعالجة تحديات هيكلية أساسية يصعب حلها، من بينها:

- تنفيذ خطط ذات مصداقية من أجل استعادة الاستدامة المالية.
- تحويل التركيز من تدابير تحفيز الطلب ذات القاعدة العريضة إلى تدابير مالية من شأنها أن تُيسِّر إعادة توظيف العمال المسرحين.
- استكمال إعادة تنظيم القطاع المالي.
- إتباع سياسات تسمح لأسعار الصرف بأن تتكيف تدريجياً تمشياً مع الأساسيات.
- الحد من تقلب العملات الاحتياطية الرئيسية من أجل الحفاظ على الثقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف