أوروبا تضع مستقبلها على المحك بسبب أزمة عملتها الموحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يجد الإتحاد الأوروبي نفسه بفعل أزمة اليورو أمام مفترق طرق ما بين تفكك بطيئ لبنيانه، أو فرصة إعادة بث الحيوية لمشروعه المتقادم.
بروكسل: حذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الاونة الاخيرة من ان "ترك اليورو ينهار هو المجازفة بانهيار اوروبا"، وبالنسبة للمشككين في المشروع الاوروبي فان ازمة اليورو المستمرة منذ سنتين تؤكد بطلان مشروع يعتبرونه فارغا. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ "نتحدث منذ قرون" عن اقامة اليورو "كما وكانه صرح تاريخي".
وفي كافة انحاء اوروبا تمتد معارضة المشروع الاوروبي وكذلك النزعة الى الانكفاء الوطني. ويثبت ذلك عبر تقدم الحركات الشعبوية في هولندا وفنلندا او اماكن اخرى، وحصل المناهضون للانضمام الى الاتحاد الاوروبي على دفعة من عدد كبير من نواب الحزب البريطاني المحافظ الذين اصبحوا يتجرأون على تحدي رئيس وزرائهم عبر المطالبة باستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.
وبعد اكثر من نصف قرن على انشائه في 1957، يبقى المشروع الاوروبي قبل كل شيء مسالة اقتصادية. والجهود لتحويل التجربة السياسية لم تحقق تقدما حتى الان حيث ان الدبلوماسية الاوروبية لا تزال شبه غائبة والدفاع المشترك اثبت عدم وجوده في الشأن الليبي. وفشل المشروع الاقتصادي الرائد الا وهو اليورو لن يكون نذيرا جيدا.
وحذر يانيس ايمانوليديس من مركز السياسة الاوروبية للابحاث في بروكسل من ان "بوادر التعب والضعف تظهر على الاتحاد الاوروبي ويبدو ان بعض القادة لم يدركوا ان الاندماج يمكن ان يفشل".
وقال "ما لم يكن قيد الحسبان سابقا اصبح ممكنا اليوم، اي خروج دولة من منطقة اليورو او انتهاء اليورو او حتى تفكك الاتحاد الاوروبي فهي لم تعد من المحرمات".
وفي المقابل فان ازمة الدين يمكن ان تعتبر عاملا مسرعا للاندماج الاوروبي.
وقد بدأت بالقيام بذلك عبر اعادة الجدل حول الاتحاد السياسي الى مقدمة النقاش بعدما تم تهميشها قبل عقد عند اطلاق الاتحاد النقدي.
وهنا ايضا تسقط المحرمات، واحدة تلو الاخرى. فالمانيا اصبحت تقبل اليوم التضامن المالي بين الدول فيما كانت تدعو سابقا الى ان يتولى كل طرف بنفسه مسالة الموازنة. وتكون ايدت بذلك الاقتراح الفرنسي باقامة حكومة اقتصادية مشتركة لمنطقة اليورو.
لكن مقابل دعمها، تعتزم ان تفرض قواعدها على باقي منطقة اليورو حيث سيكون عليها التعامل مع مجموعة من الدول الكبرى التي ترتاب منها، اي ايطاليا واسبانيا وفرنسا والتي تطالبها بضبط مسائل العجز في الميزانية والرقابة المركزية التي يمكن ان تصل الى حد الوصاية على مشاريع الموازنات الوطنية.
ويدعو البنك المركزي الاوروبي الذي يوجد مقره في فرانكفورت الى اقامة منصب وزير مالية اوروبي يمكن في بادىء الامر ان ياخذ شكل "مفوض" لليورو في بروكسل. لكن يبقى هناك سؤال هل ان الرأي العام في الدول مستعد لقبول فقدان السيادة؟.
وفرنسا المهددة بدورها بازمة الدين، تتابع الحركة بعدما كانت لفترة طويلة مترددة ازاء فكرة اقامة اوروبا فدرالية. وقد دعا وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه وريث التيار الديغولي في الاونة الاخيرة الى "فدرالية اوروبية".
وقال دبلوماسي اوروبي رفيع المستوى "حين نخرج من الازمة وننظر الى الطريق الذي قطعناه سنفاجأ كثيرا بمفعول رجعي بقدرة دول منطقة اليورو على التقدم نحو اندماج اكبر بكثير".