اقتصاد

تراجع حجم النفقات العمومية في قانون المالية 2012 بالجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أقر مجلس النواب الجزائري ميزانية العام 2012، حيث يشير قانون المالية لهذا العام إلى تراجع حجم النفقات بنسبة 10% عن العام الماضي.

الجزائر: يشير قانون المالية لسنة 2012 بالجزائر إلى تراجع حجم النفقات العمومية بنسبة عشرة بالمائة لتستقر عند حدود 7423 مليار دينار جزائري مقارنة مع ما تضمنه قانون المالية التكميلي لسنة 2011، و بالمقابل يشير المشروع إلى أن إيرادات الميزانية العامة للدولة ستشهد إرتفاعاً يصل إلى أكثر من 3455 مليار دينار جزائري أي سترتفع بنسبة تصل إلى حدود 8 بالمائة، و يقر مشروع القانون بعجز إجمالي يقدر بـ25.4 بالمائة مقارنة بالناتج الداخلي الخام مقابل معدل متوقع في 2011 بحوالي 34 بالمائة الناجم أساسا عن التقليص "الكبير" لنفقات الميزانية العامة وذلك في إطار المساعي الرامية إلى ترشيد النفقات بالرغم من الارتفاع المتوقع للإيرادات.

"إيلاف" رصدت مواقف نواب وخبراء أكدوا خلال مناقشتهم لمحتوى مشروع القانون على " ضرورة ترشيد النفقات العمومية و إيجاد بدائل أخرى للمحروقات التي تبقى المصدر الرئيس للإيرادات".

و في هذا الإطار رحب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني العياشي دعدوعة ب " تخصيص ما يقارب 13 بالمائة من الناتج الوطني الخام لدعم التحولات الاجتماعية من خلال دعم الماء و الكهرباء و السكن بالرغم من تداعيات الأزمة العالمية''و أكد دعدوعة أن " الاقتصاد الوطني بحاجة إلى إصلاح مصرفي ومالي من أجل ترشيد النفقات العمومية ، داعيا في الوقت نفسه إلى ضرورة وضع الآليات التي من شأنها "خلق الثروة خارج قطاع المحروقات".

وأضاف أن " رفع نفقات التسيير يعكس عزم الدولة على تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومرافقة تجسيد مشاريع البنى التحتية وبرامج الاستثمارات والاهتمام بالتنمية البشرية " مؤكدا أن " تدابير مشروع القانون من شانها تحفيز برنامج الاستثمارات العمومية 2010-2014 الذي رصدت له الدولة غلافا ماليا يعادل 286 مليار دولار".

وأكد أن " هذا النص الذي يندرج في إطار تطبيق المخطط الخماسي للاستثمار العمومي (2010-2014) من شأنه ''تنشيط الاستثمار وتفعيل الإنتاج الوطني وتجفيف منابع البطالة وإزالة الأكواخ وبيوت الصفائح''.

من جانبه اقترح محمد جميعي ممثل المجموعة البرلمانية للأحرار " عدم الإفراط في فتح حسابات الصناديق الخاصة التي لا ــ حسبه ــ يمكن التحكم فيها بسهولة وكذا ''إرفاق الميزانيات القطاعية ببيانات تفسير كامل للنتائج المزمع الوصول إليها'' لكنه بالمقابل عبر عن ارتياحه للتوازنات الاقتصادية الحالية للجزائر بالنظر إلى النمو الايجابي المسجل في السنوات الأخيرة والارتفاع المتواصل لاحتياطات الصرف ولموارد صندوق ضبط الإيرادات التي رافقتها استثمارات "ضخمة" في المنشآت القاعدية.

أما ميلود شرفي رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي أكد أن مضمون المشروع "ستكون له انعكاسات جد ايجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي"وستكون كفيلة حسبه "بتوفير معيشة عادية للمواطن" برغم أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني من أزمات عميقة.

وأضاف أن ميزانية التجهيز المقترحة لسنة 2011 والتي تضاعفت -حسبه- بعشر مرات من شأنها ''تحسين إطار معيشة المواطنين ''مشيدا بقرار الحكومة تفضيل المؤسسات الوطنية لدى منح الصفقات العمومية.

وثمن قرارات الحكومة رصد قرابة 500 مليار دج لدفع مستحقات الموظفين تبعا للنظام الجديد للعلاوات وأزيد من 100 مليار دج للتحويلات الاجتماعية من جهة وغياب أي زيادة في الجباية على المواطنين أو على المؤسسات الاقتصادية من جهة أخرى.

لكنه دعا الحكومة إلى ''المزيد في ترشيد النفقات العمومية من خلال مراقبة الاستثمار العمومي و الشفافية في صرف التحويلات الاجتماعية وإتباع سياسة أسعار رشيدة فضلا عن ''تعزيز محاربة الفساد والتجاوزات في تسيير الأموال العمومية''.

من جهته قال عبد القادر دريهم رئيس المجموعة البرلمانية للجبهة الوطنية الجزائرية أن مؤشرات مشروع قانون المالية تدل على ان "الاقتصاد الوطني لا يزال رهينة لإيرادات المحروقات" ورافع من اجل إعادة النظر في السياسة التنموية المتبعة حاليا وفتح المؤسسات العمومية المغلقة وإعطاء الأفضلية للإنتاج المحلي و اعتبر أن اللجوء إلى قوانين المالية التكميلية، مرده ''غياب التخطيط والتبذير الذي يؤدي إلى إعادة تقييم المشاريع'' معربا عن تخوف كتلته من أن ''يكون التشريع بالأوامر مجرد تأخير للبث في قضايا كبرى.
أما رئيس المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم فاعتبر أن مشروع قانون المالية جاء في ظرف اقتصادي دولي يتميز بأزمة مالية غير مسبوقة تتطلب -كما قال- ترشيد إنفاق المال العام وتدعيم الاستثمارات المنتجة واستقرار التشريعات المنظمة للاستثمار.

مؤكدا في الوقت نفسه أن محاربة كافة أشكال الفساد مرهونة ب ''تعزيز آليات الرقابة البرلمانية لأعمال الحكومة''، معتبرا أنه ''من غير المعقول أن تبقى هذه الآليات مجرد آليات بروتوكولية حيث لا يترتب على المساءلة الشفوية والكتابية حاليا أي إجراء عملي ملموس''. وحيا تقديم مشروع ضبط الميزانية أمام البرلمان مطالبا بتشكيل ''لجنة فرعية متخصصة لمراقبة طرق صرف الميزانية كآلية مكملة للرقابة البرلمانية''. وأكد أيضا على أهمية محاربة الاحتكار والمضاربة في التجارة مشيدا بأحكام مشروع قانون المالية في مجال مكافحة التهرب الجبائي والغش والرشوة. واقترح أخيرا ''فسح المجال أمام الصرافة الإسلامية'' التي أثبتت -حسبه- نجاعتها خلال الأزمة العالمية.

أما عثمان معزوز رئيس مجموعة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية اعتبر أن المخالفات والتناقضات والمعطيات الخاطئة للحكومة تشكل عائقا أمام تحليل دقيق للوضع''.

واتهم وزارة المالية بالإخلال بالتزاماتها من خلال امتناعها عن تقديم حصيلة قوانين المالية السابقة''مطالبا من جهة أخرى ب''أحقية المجلس معرفة حسابات شركة سوناطراك وفروعها'' باعتبارها الممول الأهم للنفقات العمومية. وذكر أن ''خسارة الربح في مداخيل المحروقات قدرت ما بين 1999 و 204 بـ302.4 مليار دولار منها 276 مليار دولار بالنسبة للبترول و 4ر26 مليار بالنسبة للغاز''، مضيفا أنه ''من حق المجلس معرفة كل ظروف نشاط سوناطراك في الداخل والخارج.

أما ممثل المجموعة البرلمانية لحزب العمال رمضان تعزيبت فقد دعا إلى ضرورة الاهتمام بالاستثمار في قطاع الصناعة منوها بالإجراء القاضي بتخصيص 25 بالمائة من الناتج الداخلي الخام للصناعة.وأكد أن تقليص فاتورة الاستيراد يمر عبر الحفاظ على المؤسسات العمومية وهو الإجراء الذي يسمح أيضا -كما قال- بالحفاظ على مئات الآلاف من مناصب الشغل.

ودعا إلى "مزيد من الشفافية" من خلال إصلاح المنظومة المالية والجبائية والجمركية وعصرنتها مبرزاً من جهة أخرى الطابع "الايجابي" للتدابير التشريعية الواردة في مشروع القانون لاسيما تخفيض الضرائب على الخبازين والتكفل بالمصاريف المرتبطة بالدعم لصالح الصيادين خلال التوقف البيولوجي.وانتقد المتحدث واقع الاستثمار ومحيط المؤسسة في الجزائر المتميز -حسبه- ب"العراقيل البيروقراطية التي تؤدي إلى ارتفاع نسبة وفاة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

أما الخبير الاقتصادي بشير مصيطفى فقد اعتبر أن استمرار الحكومة في سياسة ضخ السيولة و تكريس سياسة الإنفاق العمومية من خلال مشروع قانون المالية 2012 هو ما يعكس هشاشة الاقتصاد الخاص بالجزائر، و الدليل على ذلك يقول مصيطفى هو "رقم النفقات العمومية في مشروع القانون والذي لامس مستوى 7428 دينار جزائري؛ أي حدود 100 مليار دولار، وبزيادة 800 مليار دينار عن ميزانية عام 2011، وينتظر أن يستكمل الإنفاق العمومي بميزانية تكميلية شهر أوت القادم، خاصة أن ثلاثية كاملة ستخصص للجبهة الاجتماعية وملف الأجور نهاية سبتمبر الجاري. إنفاق بهذا الحجم يقارب الـ 60 بالمائة من حجم الناتج الداخلي الخام ويؤكد نفس المسار السابق في سياسة الدولة الاقتصادية؛ أي سياسة التدخل الحكومي المباشر والقوي".

ويضيف مصيطفى "وما يزيد في حجم التدخل المالي للدولة هو التزامات الحكومة باستمرار التحويلات الاجتماعية وتسقيف أسعار المواد واسعة الاستهلاك تحت ضغط القدرة الشرائية للعائلات بتخصيصات قدرها المشروع بـ 1300 مليار دينار؛ أي بـ 15 بالمائة من حجم الإنفاق العام، وهو رقم كبير ويحمل دلالات سياسية وأمنية ويؤدي الى عجز معتبر قد يتجاوز نصف الميزانية؛ أي يتجاوز 3700 مليار دينار أو 50 مليار دولار، وهو ما يفوق قدرة الناتج الداخلي الخام على التحمل وحجمه لا يزيد عن 160 مليار دولار، وفي ضوء ارتباطه مباشرة بالجباية النفطية الخاضعة هي الأخرى لتقلبات الأسواق وطابعها العشوائي".

و اعتبر مصيطفى أن "الأزمة المالية العالمية ستلقي بضلالها على الجزائر من خلال ارتباط ميزانية الدولة الجزائرية بالجباية النفطية بنسبة تصل إلى 65 بالمائة وباتجاهات أسواق الطاقة التقليدية و هو ما يجعلنا نتوقع الأسوأ في ضوء ما تشهده منطقة اليورو ويشهده الاقتصاد الأمريكي من تباطؤ. فأزمة الديون السيادية في الاقتصادات المذكورة ستبقي على مستوى النمو في حدود 0 إلى 0.5 بالمائة لسنوات قادمة، مما يضغط على الاستثمارات ويقلل من عرض المنتوجات في الأسواق وخاصة منتوجات مشتقات الطاقة والتجهيزات والمواد الغذائية ويغذي التضخم".

ومن جهة ثانية، يضيف قائلا " تباطؤ النمو في منطقة اليورو وفي اليابان وفي الولايات المتحدة واستمرار تراجع مؤشرات أهم البورصات العالمية بمعدلات وصلت في باريس الى 4 بالمائة عند الافتتاح الأسبوع الجاري سيقلل من الطلب على النفط لغرض الصناعة، وبالتالي ستؤول الأسعار إلى النزول تحت عتبة 90 دولارا".

ويؤكد في الوقت نفسه " حاليا هناك الطلب العالمي على وقود التدفئة بسبب فترة الشتاء التي بدأت تدفع بالعقود -لمدة 3 أشهر- إلى أعلى مما يفسر استقرار الأسعار فوق 110 دولار. ولكن مع بداية جانفي 2012 ستتراجع عقود النفط الموسمية لغرض التدفئة مما يسمح لآثار الأزمة المالية والصناعية بالبروز".

و يتوقع مصيطفى أن " تشهد أسعار النفط تراجعا نحو 85 دولارا مع بداية العام القادم متأثرة بتراجع مؤشرات البورصة وأرقام الوظائف في الدول الصناعية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف