الطاقة النووية تتعرّض لتحديات كبيرة نتيجة حادث فوكوشيما
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أكد المشاركون في المؤتمر السنوي السابع عشر للطاقة في أبوظبي أن الطاقة النووية تتعرّض لتحديات كبيرة نتيجة حادث فوكوشيما. وأوضحوا أن الاستثمار في الطاقة المتجددة بلغ 211 مليار دولار في 2010، وأن 217 مفاعلاً نوويًا تحت الإنشاء في العالم، وأشارت توقعات إلى وقوع أزمة نفط حادة في 2015.
أكد خبراء مشاركون في المؤتمر السنوي السابع عشر للطاقة بعنوان: "أسواق الطاقة العالمية: متغيّرات في المشهد الاستراتيجي"، الذي انطلقت فعالياته أمس الثلاثاء في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي، أن الاعتبارات الاقتصادية والبيئية والأمنية قد أسهمت في زيادة الحاجة إلى تنويع مصادر الطاقة، إلا أن النفط لا يزال أحد مصادر الطاقة الأرخص تكلفة والأكثر رواجًا، وأنه مازال الشيء الأهم من الناحيتين الاستراتيجية والاقتصادية لمعظم دول العالم.
ولفت الخبراء إلى أن مستقبل الاعتماد على النفط من حيث اعتباره مصدراً رئيساً للطاقة العالمية يظل غامضًا في ظل تأثيراته السلبية في المناخ والأمن البيئي، وتراجع حجم المخزون الاستراتيجي في مواجهة الاستنزاف المستمر له، إلى جانب تراجع فرص اكتشاف حقول نفط وغاز جديدة والزيادة المستمرة في عدد السكان والتوسع في المشروعات العمرانية وارتفاع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأشاروا إلى أن الطلب العالمي على الطاقة سيزداد بمعدلات متسارعة على مدى العقدين المقبلين.
الطاقة النووية
وأشار السفير حمد علي الكعبي، الممثل الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، والممثل الخاص لشؤون التعاون النووي الدولي لدولة الإمارات؛ إلى أن قطاع الطاقة العالمي اليوم يواجه الكثير من التحديات والمتغيرات، لاسيما أن أحد قطاعات مصادر الطاقة العالمية، والمتمثل في الطاقة النووية، تعرّض لمزيد من التحديات نتيجة الحادث النووي في فوكوشيما في اليابان في شهر مارس من هذا العام 2011.
وقال إنه كرد فعل للحادث، اتخذت البلدان العديد من الإجراءات على صعيد قطاع الصناعة النووية، وركز كثير منها على اختبارات التحمل stress tests، وإعادة تقويم تدابير السلامة والأطر التنظيمية.
وأضاف الكعبي أنه بعد الحادث مباشرة برزت شكوك في تأثير الحادث على القطاع النووي على الصعيد العالمي، وبالتالي على استراتيجيات وتطلعات السوق العالمية للطاقة.
لكنه قال: "إذا نظرنا إلى الصورة العالمية للقطاع النووي بعد مرور أشهر على تلك الحادثة، نرى أن معظم البلدان لاتزال مستمرة بالاعتماد على الطاقة النووية، إضافة إلى استمرار عمليات بناء 65 مفاعلاً نووياً حول العالم. علاوة على ذلك، ووفقاً لآخر الإحصائيات، مازال هناك 152 مفاعلاً نووياً يخطط لبنائهم على الصعيد العالمي. وهكذا لم يلحظ تغيّر كبير في مخططات التوسع في استخدام الطاقة النووية.
أما عن التقدم في برنامج دولة الإمارات العربية المتحدة للطاقة النووية السلمية، فأشار الكعبي إلى أن الحكومة تبنت في عام 2008 سياسة واستراتيجيات واضحة لتطوير برنامج سلمي للطاقة النووية لتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء. وتستند هذه السياسة على نهج الشفافية والالتزام بأعلى معايير السلامة والأمن وعدم الانتشار.
وقال الكعبي: "لدينا اليوم هيئة نووية مستقلة وذات قدرات متقدمة، وشركة مشغلة تتمثل في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، كما تم تشييد بنية تحتية نووية لدعم وتطوير البرنامج وفقاً لأفضل الممارسات الدولية. وتم أيضاً من خلال مؤسسة الإمارات للطاقة النووية (ENEC) اختيار الموقع المفضل لبناء محطة الطاقة النووية الأولى، وتم اختيار المقاول الرئيس لتصميم وبناء والتشغيل المشترك لمحطات الطاقة النووية في المستقبل".
وأضاف أن المفاعلات التي وقع عليها الاختيار تعتمد على تكنولوجيا مفاعلات الجيل الثالث، والتي تستفيد من مزايا السلامة المتقدمة، وتعتبر قادرة بشكل أكبر للتصدي للحوادث النووية.
وبيّن الكعبي أن من أهم الدروس الأولية المستفادة من حادث فوكوشيما، هو أهمية التواصل الفوري والشفاف مع الجمهور، وهو النهج الذي تتبعه دولة الإمارات في عملية تطوير برنامجها، لافتًا إلى أنه على الرغم من حادث فوكوشيما، فإن 86 في المائة من السكان في دولة الإمارات مازالوا يدعمون استخدام الطاقة النووية.
وأشار إلى أنه من خلال تقويم الاتجاهات العالمية للطاقة النووية بعد فوكوشيما، فمن الواضح تماماً أنه لن يكون هناك تغيير جذري في استخدام الطاقة النووية في العالم بشكل عام، ولكن سيكون هناك المزيد من التركيز على قضايا السلامة النووية، وستستمر الطاقة النووية في لعب دور بارز في قطاع الطاقة العالمي. كما ستواصل دولة الإمارات، من جهتها، تطوير برنامجها الطموح للطاقة النووية السلمية، وسوف "تكون السلامة النووية في صميم خططنا وأساس لنجاح واستدامة البرنامج على المدى الطويل".
آفاق الطاقة النووية
وبيّن الدكتور فلاديمير كجرامنيان مستشار المدير العام في معهد الفيزياء وهندسة الطاقة في شركة "روساتوم" الروسية للطاقة الذرية في روسيا الاتحادية أن قدرة الطاقة النووية المركبة في العالم سوف تنمو من 367 غيغاواط اعتبارًا من أواخر عام 2011 إلى 501 غيغاواط عام 2030، مع انخفاض بنسبة 8% فقط مقارنة بتوقعات عام 2010.
بينما تشير توقعات أخرى إلى أن النمو سيبلغ 746 غيغاواط عام 2030، مع انخفاض يقدر بحوالى 7% مقارنة بتوقعات عام 2010. وسيتركز معظم النمو في البلدان التي بدأت بالفعل تشغيل محطات الطاقة النووية.
وأشار كجرامنيان إلى أن الشرق الأقصى سيشهد أعلى درجات النمو المتوقع. أما المناطق الأخرى، التي لديها برامج طاقة نووية جوهرية ومأمولة، فهي أميركا الشمالية وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط وجنوب آسيا.
ولفت إلى أن الطاقة النووية ستشهد توسعاً في تلك المناطق على صعيد التوقعات المنخفضة والمرتفعة إلى مستويات أقل بشكل طفيف من توقعات عام 2010. بينما ستشهد أوروبا الغربية الفرق الأكبر بين التوقعات المنخفضة والمرتفعة.
وذكر كجرامنيان أن كارثة فوكوشيما النووية "قد تسببت في إثارة مخاوف عامة وعميقة في أنحاء العالم كافة، وزعزعت الثقة بالطاقة النووية". وقال "إنه منذ وقوع هذه الكارثة، أعلنت بلدان عدة إعادة النظر في برامجها النووية، بل اتخذ بعضها خطوات للتخلص تدريجياً من الطاقة النووية بالكامل، بينما العديد من البلدان الأخرى أعاد التأكيد على خططه التوسعية".
وبيّن أن استمرار نمو التوقعات يشير إلى أن العوامل التي ساهمت في زيادة الاهتمام بمجال الطاقة النووية قبل وقوع كارثة فوكوشيما لم تتغير، حيث تشمل هذه العوامل تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة، فضلاً عن المخاوف بشأن تغير المناخ وتقلب أسعار الوقود الأحفوري، إضافة إلى أمن إمدادات الطاقة.
تكاليف توليد الكهرباء بالطاقة النووية
وذكر البروفيسور جيمس تالنكو مدير مختبر فلوريدا للتقنيات المتقدمة للوقود النووي ومواد المفاعلات والأستاذ الفخري في الهندسة النووية والإشعاعية في جامعة فلوريدا في الولايات المتحدة الأميركية في ورقته عن "اقتصاديات الطاقة النووية" أن حساب تكاليف توليد الكهرباء بالطاقة النووية قد يكون تحدياً معقداً، لأن تكلفة الطاقة النووية تعتمد على عوامل محلية وإقليمية عدة، فهي تعتمد على تكلفة بناء محطة نووية واستخدامها والوقت اللازم لبنائها والمبالغ المطلوبة لتمويلها. وأضاف أن هذه العوامل التي قد تكون عرضة لتقلبات واسعة النطاق، ستحدد ما إذا كانت الطاقة النووية تتمتع بقدرة تنافسية من ناحية التكلفة أم لا.
وكشف تالنكو عن أن اقتصاديات الطاقة النووية تتكون إلى ما يقرب من 65% تشمل تكاليف بناء ووقت البناء وتمويل المحطة النووية، بينما تعزى نسبة 24% من التكاليف إلى التشغيل والصيانة، ونسبة 11% إلى تكلفة الوقود. وأوضح أن هناك أمرًا مهمًا يجب أخذه بالحسبان وهو "اقتصاديات الحجم"، حيث إن تكاليف مكونات بناء محطة نووية لا تزيد طردياً مع زيادة الحجم، بل إنها تظهر انخفاضاً ملحوظاً مع الزيادة التدريجية في إنتاج الطاقة.
وأضاف أن تكاليف الفائدة هي غاية في الأهمية تماماً مثل وقت البناء. فعلى سبيل المثال، صرحت شركة جورجيا للطاقة، التي تقوم ببناء محطتي طاقة نووية من طراز AP-1000 عام 2008، أن تكاليف بناء المحطتين ستبلغ 9.6 مليارات دولار، إذا ما تم تمويلها تدريجياً من أموال دافعي الضرائب، ولكنها ستبلغ 14 مليار دولار إذا لم يتم التمويل على هذا النحو. إضافة إلى ذلك، فإن التكلفة النهائية تعتمد على تقسيم السندات، وتمويل معدل العائد الداخلي، والنزاهة المالية لمصدر السندات.
وأوضح تالنكو أن الوضع التشغيلي للمفاعلات مهم في تحديد استخدام قدرات توليد الطاقة وكلفتها، والتي ترتبط بشكل مباشر بمقدار الطاقة التي يتم توليدها. فعلى سبيل المثال، تساهم الطاقة النووية في الولايات المتحدة بتوليد 20% من الطاقة الكهربائية، لذا فإن المحطات النووية الأميركية يتم تشغيلها بأقصى طاقتها، وبالتالي تكون المحصلة الإجمالية (توليد الطاقة) كبيرة. بينما في فرنسا، حيث تساهم الطاقة النووية بحوالى 80% من الطاقة الكهربائية، فإن المحطات النووية تعمل بأدنى مستوياتها، لذا فإنها تعمل فقط لحوالى 75% من الوقت.
وكشفأن القيود المفروضة على معدل العائد التشغيلي لطاقة المحطات النووية يمكن أن تشكل مساهمة سلبية أخرى في تكاليف توليد الطاقة النووية عبر الفاقد الإنتاجي للطاقة.
مصادر الطاقة البديلة
وقال علي عبيد اليبهوني محافظ الإمارات لدى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ومدير عام الشركة الوطنية لشحن الغاز المحدودة وشركة ناقلات أبوظبي الوطنية إن دولة الإمارات توسعت إلى ما هو أبعد من النفط لتصبح محوراً إقليمياً للطاقة، وذلك في كل مجالات الطاقة. وأعلن أنه سوف يتم تطوير مصادر الطاقة البديلة - بما في ذلك الطاقة المتجددة والنووية - من أجل تلبية احتياجاتها من الطاقة، وأن الهيدروكربونات سوف تبقى العمود الفقري للطاقة، "غير أنها ستقوم بتطويركل مصادر الطاقة".
وأشار اليبهوني إلى أن هناك حالة من الغموض تخيّم على الأمدين القصير والمتوسط، ولكن يمكننا أن نرى في المدى الطويل أن العالم النامي سوف يصبح محور الاقتصاد العالمي، وسوف يسهم ذلك في تغيير المشهد في سياسات الطاقة العالمية. فعلى سبيل المثال، "يجب أن نبحث عن زيادة كفاءة الطاقة للتقليل من انبعاثات الكربون من هذه الاقتصادات النامية.. كما يجب تغيير حالة الاعتماد على الوقود الأحفوري. وهذه الأنواع من الوقود هي في غاية الأهمية، بحيث إنه مهما تم تطوير بدائل فلن تسهم في الواقع في تقليل أهميتها".
أسعار النفط
وأضاف اليبهوني أن عملية التنبؤ بالمستقبل أمر غير مؤكد، ولكن الدول المنتجة للطاقة تواجه حالة من الغموض فاقت المعتاد. وأوضح أن هذا يجعل من غير المؤكد ما إذا كان ينبغي على المنتجين القيام بالاستثمار في تنمية موارد النفط والغاز. لكنه أكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة سوف تبقى ملتزمة بالاستثمار في سلسلة الهيدروكربون بكاملها.
ولفت اليبهوني إلى أن "أسعار النفط تلعب دوراً في تحديد الجدوى الاقتصادية لتنمية مواردنا"، موضحًا أنه قد حدثت صدمة في عام 2008 عندما بلغ سعر البرميل زهاء 150 دولاراً. وقد أسهمت المضاربة في النفط والسلع الأخرى في رفع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل طوال هذا العام.
وأفاد أن هذه الأسعار المرتفعة هي نتيجة لسوء الإدارة المالية وانعدام المسؤولية، وأن دولة الإمارات قد بعثت برسالة ثابتة، وهي "أننا سنكون مسؤولين، ليس في تسعيرنا للنفط فحسب، بل في تطوير مصادر طاقة بديلة أيضاً".
أسواق النفط
وكشف عدنان أمين مدير عام "الوكالة الدولية للطاقة المتجدّدة" (إيرينا) أن أسواق النفط شهدت تغيرات جوهرية على مدى السنوات القليلة الماضية، ربما بطريقة غير مستدامة. حيث أسهم تراجع مخزونات الوقود الأحفوري في جعل ضمان أمن الطاقة أمرا مستحيلا، في حين أن أنواع الوقود الأحفوري لدينا تنتج ما يزيد على 50% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وتسهم بدورها في تغير المناخ.
وقال إنه على الرغم من هذه المعطيات، فإن جزءًا كبيرًا من العالم لا يمكنه الحصول على الكهرباء، حيث يعتمد على حرق الخشب للحصول على الطاقة الأساسية. وهذا يستوجب التنمية المستمرة لمصادر الكهرباء من أجل تلبية احتياجات الناس الأساسية.
ونوّه أمين إلى أن لدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أعلى بصمات كربونية في العالم، وأنه على الرغم من توافر إمدادات كافية حاليًا من الوقود الأحفوري، فإن الاعتبارات الاستراتيجية على المدى الأطول، تعني أنه يجب التفكير في تطوير نظم بديلة للطاقة.
وهذا منطقي، ليس فقط بسبب الرغبة في الحد من انبعاثات الكربون، ولكن أيضاً لأن هذا أحد الأماكن القليلة في العالم التي تستطيع حقاً إجراء تجارب في هذا المجال. وتحديداً، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من الأماكن القليلة، التي ترى هذا الأمر مجدياً من الناحية المالية. ولذلك فمن غير المستغرب أن تقوم أبوظبي، ليس بتوفير المقر لإيرينا فحسب، بل بتأسيس شركات تقوم بتطوير الطاقة المتجددة وتشجيعها بصورة فعالة أيضاً. مضيفًا أنها سوف تصبح قريباً مصدّراً خالصاً للطاقة التي توفرها مصادر الطاقة المتجددة المستدامة.
وقال: "بينما يعدّ هذا بداية ممتازة؛ يجب إنشاء مجموعات من شركات الطاقة المتجددة فيكل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولأن مصادر الطاقة المتجددة ليست قابلة للحياة بعد وحدها؛ لذا فإن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة سيظل بحاجة إلى الدعم الحكومي، وليس إلى الإعانات الحكومية فحسب، بل وتحتاج تشريعات وتعاونًا دوليًا.
في هذا السياق، تم تأسيس إيرينا في أبوظبي. وهذا دليل على الإرادة السياسية الدولية لتعزيز مستقبل الطاقة النظيفة والمستدامة، وهو أحد آمالنا في التغلب على أصعب تحديات هذا القرن. وقد برزت هذه الإرادة؛ ونأمل في أن تسهم مثل هذه المؤتمرات في دفعنا قدماً نحو حل هذه المشكلات".
هناك أزمة نفط حادة متوقعة في عام 2015
وأوضح الدكتور ممدوح سلامة الخبير الاقتصادي النفطي الدولي، مستشار البنك الدولي لشؤون النفط والطاقة المملكة المتحدة أن أساسيات سوق النفط شهدت تغيرات جذرية منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، وأن الاصطفاف الحالي لهذه الأساسيات يؤدي إلى تضيق الخناق على سوق النفط. وأشار إلى أن هناك عاملين رئيسين آخرين يؤثران في سوق النفط العالمية: هما الصين وتراجع نفوذ منظمة أوبك.
ومضى سلامة يقول إن تحليل هذه الأساسيات يشير إلى أن ثمة أزمة نفط حادة تلوح في الأفق، ربما بحلول عام 2015 أو نحو ذلك، مع توقع ارتفاع أسعار النفط بما يتجاوز المستوى الذي بلغته في يوليو 2008.
وأضاف أنه في مواجهة أزمة النفط التي تلوح في الأفق، لن تلبث أوبك أن تصل إلى مفترق طرق، حيث يتعين عليها "أن تزيد الإمدادات بدرجة كبيرة لوقف الارتفاع الحاد المتوقع في أسعار النفط أو المخاطرة بأن تصبح منظمة غير مؤثرة في السوق. غير أن مواجهة أوبك سابقاً لارتفاع أسعار النفط عام 2008 لا يوحي بالثقة. فقد كانت المنظمة عاجزة تماماً عن وقف هجمة أسعار النفط؛ لأن دولها الأعضاء لم تكن تملك تقريباً أي قدرة إنتاجية فائضة. واليوم، لاتزال أوبك تملك قدرة فائضة ضئيلة، وبالتالي لن تستطيع التأثير في سوق النفط العالمية وأسعار النفط".
وأشار سلامة إلى أنه من الناحية النظرية، يفترض أن أوبك تعمل بشكل أكثر فاعلية عندما يهبط سعر النفط، لأن في وسعها استخدام سياسة خفض الإنتاج لدعم الأسعار. ولكن حتى هذه السياسة ستخفق في نهاية المطاف، لأن أوبك لديها سوابق بعدم التزام أعضائها بخفض حصص الانتاج.
وقال: "بما أنه من المتوقع أن تبقى أسعار النفط مرتفعة في المستقبل، فقد تصبح أوبك غير مجدية، ولا يعود ثمة حاجة إلى نظام الحصص الإنتاجية، الذي أثبت عدم جديته بين دول أوبك أنفسهم".
لذلك سوف يستمر الضغط على أسعار النفط دونما هوادة في السنوات المقبلة. ويبقى مدى ارتفاع الأسعار مجرد تخمين، ولكن السعر المتوقع الذي يراوح بين 150 و170 دولاراً للبرميل حتى عام 2015 قد لا يكون مستبعداً.
وأوضح أنه عندما بلغ سعر النفط 147 دولاراً للبرميل في يوليو عام 2008، أدى ذلك إلى أكبر أزمة اقتصادية شهدها العالم منذ ثلاثينيات القرن العشرين، "ويمكننا أن نتصور حجم الضرر الذي يمكن أن يسببه بلوغ مستوى سعر 150-170 دولاراً للبرميل للاقتصاد العالمي".
الربيع العربي
وقال الدكتور هرمان فرانسان المدير التنفيذي لمؤسسة "مجموعة انتليجنس للطاقة" في الولايات المتحدة الأميركية إنه بعد الهبوط القصير الأمد في أسعار النفط الذي أعقب "الركود الكبير" عام 2008، استعادت أسواق النفط انتعاشها، ودخلت الأسعار نطاق 90-120 دولاراً للبرميل الواحد. مضيفًا أن "الربيع العربي"، وما تلا ذلك من توقف في الإمدادات من ليبيا في أوائل عام 2011 قد أسهم، في ارتفاع الأسعار إلى نحو 120 دولاراً للبرميل.
وأوضح فرانسان أنه على الرغم من استمرار الصعوبات في السوق الفعلية، فقد أسهم الغموض والشكوك التي أحاطت بالوضع الاقتصادي العالمي، إلى جانب انتعاش إنتاج النفط الليبي والعراقي في خفض الأسعار نوعاً ما. ولفت إلى أنه بالرغم من التشاؤم بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية لعام 2012، فقد بقيت أسعار النفط قوية، جنباً إلى جنب مع السلع الأساسية الأخرى.
نمو الطاقة المتجددة
من جانبه، لفت الدكتور وهيب عيسى الناصر نائب رئيس جامعة البحرين للتخطيط والتطوير أستاذ الفيزياء التطبيقية في الجامعة في مملكة البحرين إلى أن الطاقة المتجددة قد واصلت نموها القوي خلال عام 2010، حيث قدمت ما يقدر بحوالى 16% من إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة، ويمثل ذلك حوالى نصف القدرة الكهربائية الجديدة التي تقدر بحوالى 194 غيغاواط، المضافة على مستوى العالم خلال العام.
وأشار إلى أن قدرة توليد الطاقة الشمسية قد ارتفعت بنسبة 73% عام 2010 (أي ما يقارب 43 غيغاواط)، كما ارتفعت قدرة توليد طاقة الرياح بنسبة 24.6% بزيادة قياسية بلغت 39.4 غيغاواط، لتصل القدرة الإجمالية المركبة إلى حوالى 193 غيغاواط.
هذا وقد زاد الإنتاج العالمي من الوقود الحيوي بواقع 14% ليبلغ 59 مليون طن مكافئ نفط، في حين نمت القدرة الحرارية الجوفية بنسبة 1.8% (190 ميغاواط) لتصل إلى 10.9 غيغاواط، بينما استقر إنتاج نفايات الكتلة الحيوية عند 65 غيغاواط عالمياً. وبلغ إنتاج الكهرباء من الطاقة الكهرومائية 775.6 مليون طن مكافئ نفط عام 2010، حيث بلغت القدرة الكهرومائية المركبة حوالى 100 غيغاواط.علاوة على ذلك، تقدم الطاقة الكهرومائية أكثر من 15% من إجمالي الكهرباء في العالم، وحوالى 5 % من طاقته التجارية.
ولفت الناصر إلى أن هناك 19 دولة قد قامت بتركيب أنظمة طاقة الأمواج، بينما قامت 13 دولة بتركيب نظام تيار المد والجزر. كما إنه منذ عام 2009، تم الحصول على أقل من 0.03% من إنتاج الكهرباء المتجددة من مصادر المدّ والجزر، وقد ترتفع نسبة توليد الكهرباء باستخدام طاقة المد والجزر بشكل أكبر في المستقبل.
وذكر الناصر أن الدراسات والاستطلاعات تظهر أن إنتاج الخلايا الفولطاضوئية الشمسية المتصلة بالشبكة قد ارتفع بنسبة 53% منذ عام 2000، بينما نما كل من طاقة الرياح بنسبة 32%، وسخانات المياه بالطاقة الشمسية بنسبة 21%، والطاقة الحرارية الجوفية بنسبة 4%، والطاقة الكهرومائية بنسبة 3%. بينما زاد إنتاج الإيثانول بنسبة 10%، والديزل الحيوي بنسبة 9%.
وأضاف الناصر أن التقارير تبين أيضاً أن إجمالي الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة قد بلغ 211 مليار دولار عام 2010، حيث ارتفع من 160 مليار دولار عام 2009 مستمراً في الزيادة السنوية المطردة التي شهدها منذ بداية رصد الاستثمار في هذا المجال عام 2004. موضحًا أنه باحتساب المبلغ المقدر بحوالى 15 مليار دولار، والذي تم استثماره في سخانات المياه التي تعمل بالطاقة الشمسية، إضافة إلى مبلغ 40-45 مليار دولار، الذي تم استثماره في مشاريع الطاقة الكهرومائية الكبيرة، يكون مجموع الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة قد بلغ حوالى 270 مليار دولار تقريباً.
تقنيات الطاقة المتجددة
من جهته ناقش بنيامين سوفاكول أستاذ مساعد زائر في معهد الطاقة والبيئة في كلية فيرمونت للحقوق في الولايات المتحدة الأميركية في ورقته الجدوى الاقتصادية نوعين من تقنيات الطاقة المتجددة وهي: أولاً، الأنظمة الكهربائية المتجددة على نطاق تجاري والمتصلة بشبكات، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وطاقة الكتلة الحيوية والغاز الحيوي وطاقة الحرارة الجوفية؛ وثانياً، أجهزة الطاقة المتجددة الصغيرة الحجم غير المتصلة بالشبكات، مثل نظم الطاقة الشمسية المنزلية والوحدات الكهرومائية الصغيرة ومواقد الطبخ المتطورة.
وأوضح أن أسواق الطاقة المتجددة تشهد نمواً سريعاً، فبين عامي 2004 و2010 تضاعف الاستثمار في الطاقة المتجددة أربع مرات ليصل إلى أكثر من 271 مليار دولار، بما في ذلك منشآت توليد الطاقة الكهرومائية الكبيرة وسخانات المياه بالطاقة الشمسية. لافتًا إلى أن الاستثمارات في الخلايا الفولطاضوئية الشمسية قد زادت بواقع 16 مرة، كما زادت الاستثمارات في طاقة الرياح بنسبة 250%، وبلغت الاستثمارات في مجال التدفئة الشمسية الضعف. أما بالنسبة إلى إنتاج الديزل الحيوي فقد زاد بحسب سوفاكول بواقع 6 مرات، بينما تضاعف إنتاج الإيثانول.
وأشار إلى أنه بين عامي 1999 و2004 نمت نظم توليد الكهرباء بطاقة الحرارة الجوفية بنسبة 16%، ونما استخدامها المباشر في التدفئة بنسبة 43%. وقد استمرت القدرة العالمية الناتجة من طاقة الرياح والخلايا الفولطاضوئية الشمسية والإيثانول والديزل الحيوي في النمو سريعاً.
معدل الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة في 2010 بلغ 211 مليار $
في سياق متصل، صدر أمس الثلاثاء تقرير الوضع العالمي 2011 لشبكة سياسات الطاقة المتجددة للقرن الواحد والعشرين، حيث تم تنفيذ هذا التقرير من قبل شبكة سياسات الطاقة المتجددة للقرن الحادي والعشرين في أبوظبي (REN21)وتم تقديمه بالتعاون مع شبكة من الباحثين العالميين. وأوضح التقرير أن قطاع الطاقة المتجددة يستمر في تقديم أداء جيد، على الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتردية.
وقال محمد العشري، رئيس شبكة (REN21): "إن الأداء العالمي لقطاع الطاقة المتجددة يعدّ الثابت الوحيد، الذي لم يتأثر بالمصاعب التييواجهها قطاع الطاقة حاليًا"، مضيفًا أن الكثير من الناس أصبحوا أكثر اعتمادًا على استياق الطاقة من مصادرها المتجددة، وذلك في ظل تنامي القدرات الاستيعابية لهذا القطاع.
كما أشار عدنان أمين، المدير العام لـ"ايرينا" إلى أن النمو في قطاع الطاقة المتجددة بالمستوى المنشود سوف يعتمد على السياسات الحكومية ،التي سوف تتوافر لها، لكنه أوضح أن هذا لم يمنع قطاع الطاقة المتجددة من أن يصبح قريبًا من مرحلة التنافسية أو أن يدخل حتى في بعض الأسواق.
وبيّن أمين أنه على المستوى المحلي، فإن السياسات الموجودة مسبقًا كان لها الأثر في تسيير أسواق الطاقة المتجددة، وقطاع استثماراتها وقطاعاتها الصناعية، مضيفًا أن الانتقال إلى مرحلة التطوير المستدام سوف يحتاج تغييرات أكبر في السياسات الموجودة حاليًا، وذلك للتغلب على المشاكل الموجودة حاليًا ومكامن الضعف فيها.
وقال إنه "في العام الماضي بلغ معدل الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة حوالى 211 مليار دولار، وهو ما يعدّ أعلى بمعدل الثلث مما تم استثماره عام 2009، وهو ما يقارب 160 مليار دولار، كما إنه يعد مبلغًا أعلى بنسبة خمس مرات مما تم استثماره في عام 2004".
ولفت أمين إلى أن هناك زيادة ملحوظة في المال المستثمر في شركات الطاقة المتجددة، ومشروعات الطاقة العضوية بما يقارب 143 مليارًا، وأن نشاط الدول النامية قد تتخطى الدول المتقدمة للمرة الأولى، وذلك حسبما ورد في تقرير أصدره GRSتحت مسمى UNEP Global Trends in Renewable Energy Investment 2011.
التعليقات
رسالة الامارات
خليفه لوتاه -مؤتمر الطاقة السنوي بأبوظبي: حالة من الغموض غير معتادة تواجه الدول المنتجة لها الطاقة النووية تتعرض لتحديات كبيرة نتيجة حادث فوكوشيما خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي والامارات في المستقبل .
رسالة الامارات
خليفه لوتاه -مؤتمر الطاقة السنوي بأبوظبي: حالة من الغموض غير معتادة تواجه الدول المنتجة لها الطاقة النووية تتعرض لتحديات كبيرة نتيجة حادث فوكوشيما خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي والامارات في المستقبل .