اقتصاد

قطر تراقب فرص الاستثمار الأوروبية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الدوحة: تعاني منطقة اليورو من أزمة طاحنة، ويتوقع الخبراء أن تُستَخدَمَ أموال الشرق الأوسط لإنقاذ المصارف الأوروبية المتخبطة وحتى الحكومات. ولكن، في ظل غياب ضمانات لصمود منطقة اليورو ونجاتها من أزمتها، هل ستردّد المحافظ السيادية الخليجية في تقديم مساعدتها في هذا الوقت بالتحديد؟

يتحدث اثنان من أكبر المصارف اليونيانية عن اندماج محتمل. فقد يستحوذ بنك ألفا، ثاني أكبر مصرف في البلاد، على مصرف يوروبنك الذي فشل مؤخراً في اختبارات الإجهاد التي تقيس استعداد المؤسسات لأزمات مالية مستقبلية.

ستحظى الصفقة بدعم قطري يوازي 500 مليون يورو (707 مليون دولار) عن طريق شركة باراماونت القابضة للخدمات، إذ تملك هذه الشركة 4% من أسهم بنك ألفا وستحظى بحصة 17% من الصفقة. ستضخ قطر الرأسمال على شكل سندات قابلة للتحويل، وفي حال تم التصديق على صفقة الإندماج، سيبصر النور أكبر مصرف في جنوب أوروبا، وثاني وعشرين أكبر مصرف في القارة الأوروبية.

اعترف المحللون أن نبأ الصفقة كان بمثابة مفاجأة كبرى، إلا أنهم يرون أن الخبر يؤكد تحوّل قطر إلى أكبر وأهم مزوّد للغاز في أوروبا مستقبلاً. ومن خلال الدعم الذي تقدّمه قطر إلى القطاع المصرفي الأوروبي، تظهر هذه الدولة الخليجية الصغيرة تضامناً مع منطقة اليورو التي تعيش أصعب أيامها منذ تأسيسها عام 1999.

قطر تستفيد من الاستثمارات الاستراتيجية في أوروبا


تمثّل شركة باراماونت القابضة للخدمات قناةً من أصل قنوات عدّة أخرى تجسّد توجّهات العائلة المالكة القطرية وطموحاتها. وليست هذه تجربة قطر الأولى في أوروبا؛ ففي شهر أغسطس من العام الماضي، اكتسبت حصة قدرها 2% في شركة الكهرباء البرتغالية انيرجياس دي برتغال بقيمة إجمالية قدرها 160 مليون يورو. وفي سبتمبر الماضي، وقعت قطر مع اليونان اتفاقيات تخوّلها قيادة استثمارات محتملة بقيمة 5 مليار دولار في قطاعات اقتصادية يونانية مختلفة كالطاقة والعقارات وغيرها. وفي شهر مارس من هذا العام، اشترت قطر القابضة حصة 6% في "أيبردرولا" الإسبانية بقيمة 2.8 مليار دولار.

ليست قطر البلد الشرق أوسطي الغني الوحيد الذي اقتنص فرصاً قيّمة في خضمّ تعثر القطاع المصرفي الأوروبي. ففي نهاية المطاف، مصائب قوم عند قوم فوائد. فعدا عن أن المشاكل توفر فرصاً استراتيجية طويلة الأمد، إنها أيضاً تسمح للمستثمرين السياديين الأثرياء بصيد استثمارات قيمة بشروطة جذابة.

وقال غاري دوجان، الرئيس الأول للاستثمارات في الخدمات المصرفية الخاصة ببنك الامارات دبي الوطن: "ستبرز صناديق الثروات السيادية الخليجية بقوة. وإذا فكرتم بكميات الأموال التي تتمتع بالشفافية حول العالم، فهي تتركز بمعظمها في الشرق الأوسط". ويضيف: "إذا فكرتم بتجمعات الأموال الحرة حول العالم، فإن منطقة الشرق الأوسط هي عاصمتها. يمكن التحدث عن سنغافورة أو صناديق سيادية أخرى، لكن لا يمكن التفكير إلى المملكة المتحدة لجمع المال، ولا إلى الولايات المتحدة التي لا يوجد فيها أي صندوق يتمتع بالسيولة المالية".

ويتوقع دوجان الذي كتب مقالاً بعنوان "منطقة اليورو: الحلقة الأضعف" أن تكون الإقتصاديات الأوروبية المضطربة قد بدأت بتوجيه اهتماماتها إلى الأسواق الخليجية الثرية. ويقول أن هذه الاهتمامات بدأت بالظهور منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، عندما راحت الإقتصاديات الغربية المثقلة بالديون تواجه حوادث أنهت عهود قادة سياسيين وحكوماتهم".

ويضيف دوجان: "طوال الاثني عشر شهراً الماضية، أمّنت المنطقة إلى بعض الدول عدداً من برامج الدعم التي كانت نتائجها جيدة حيناً، وسيئة حيناً آخر. لقد أتى المستثمرون البرتغاليون منذ ستة أو تسعة أشهر لجمع المال وتأسيس أعمالهم. كما جالت الحكومة الإيرلندية حول العالم بحثاً عن بعض الدعم. ولا تتحدث هذه الدول باسم منطقة اليورو؛ إنها تتصرف بصورة فردية".

قلة فئات الأصول المتعثرة


لا يبدو الجميع مقتنعاً بتدخل دول الخليج في الإقتصادات الأوروبية. ويفيد راج مادها، محلل البنوك لدى بنك رسملة الإستثماري: "سيرتكب الشرق الأوسط خطأً فادحاً إن حاول إنقاذ اليونان باستخدام أموال سيادية، ولا أرى داعياً لذلك".

ويضيف: "على ألمانيا وأوروبا أن تقررا ما إذا كان يستوجب دعم اليونان من وجهة نظر إقتصادية. فمن غير المنطقي أن يأتي طرف ثالث ويقدم ثروته، حسنةً، لليونان دون أي سبب يذكر".

حتى أولئك الذين يعتقدون أن حكومات الخليج ستتطلع للإستثمار في الشرق الأوسط ليسوا واثقين كفاية ما إن كانت العقود التي بدأت تقدمها الدول والمؤسسات الأوروبية منذ أزمة 2008 تجذب صناديق الثروات السيادية الخليجية. ففي خضمّ الأزمة الإقتصادية الأولى، كانت الحكومات الخليجية قادرة على طلب عقارات مهمة بأسعار متهاوية. منذ ذلك الوقت، ومع استقرار الإقتصاد العالمي، بات البائعون الأوروبيون يقودون مفاصلات أصعب، وقد هوت المداخيل أيضاً.

ويصرح دوجان: "تحاول معظم الصناديق السيادية هنا أن تلعب دور المواطن المنتمي إلى الاقتصاد العالمي، مؤكدة أنها ستقدم المساعدة في الأوقات العصيبة. لكن، إذا قدّمت دعماً في الأشهر الستة الماضية، كما فعلت معظمها، سينتهي بها الأمر بخسائر كبرى. أتساءل ما سيكون موقفها الآن".

ويكمل: "خلال الأزمة السابقة، تمّت صفقات مميزة. ففي ذلك الحين، كان بالإمكان الحصول على عقود رائعة بخصومات كبرى. تم توقيع صفقات مميزة، وكانت قطر من أكبر الرابحين في هذا المجال، بعد أن حققت عوائد مهمة من عدة صفقات".

ويختتم دوجان: "لكنني أعتقد أن معظم الصفقات التي جرت خلال السنة الفائتة كانت أقرب إلى سعر السوق. لا أظن أن المستثمرين الخليجيين سيبدون الآن اهتماماً باستحواذات ذات أسعار منخفضة. ففي الوقت الحالي، يبدي الناس قلقاً من تحمّل الضغوط والخسائر بدلاً من الشراء في أوضاع مستدامة. ليست اليونان مستدامة في هذه الفترة. كذلك الأمر بالنسبة لإيطاليا. الناس يفكرون أكثر الآن. لنترقب ونرى إلى أين ستؤول الأمور".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف