تشديد الإجراءات يقلّص الاحتيال في قضايا التأمين في السعودية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا تزال شركات التأمين تعاني مطالبات الاحتيال، التي تكلفها كثيراً سنوياً، وفي الوقت عينه تحاول جاهدة عدم التوسّع في عمليات التقصّي أحياناً، حتى لا تخسر عملاءها، في ظل المنافسة الشديدة في سوق صناعة التأمين.
أمجد المنيف من الرياض: يؤكد لـ"إيلاف" عبدالله القبيلي - الذي يشغل مدير مركز المطالبات في إحدى شركات التأمين - أن نسبة الاحتيال في الحوادث المرورية قلّت في الآونة الأخيرة، وهو الأمر الذي أرجعته شركة "نجم" إلى تنامي خبرات المعاينين، حيث يقول: "بكل تأكيد نسبة الاحتيال في الحوادث المرورية في تناقص، وزيادة خبرة معايني الحوادث واكتسابهم للعديد من المهارات مع مرور الوقت ومباشرة العديد من الحوادث، جعلتهم قادرين على تمييز الحوادث الصحيحة من المُفبركة بكل دقة ومهنية عالية.
هذا الأمر لم يوافقه عليه ماجد المويشير مدير مطالبات السيارات في شركة تكافل الراجحي، الذي قال: "لا أعتقد ذلك، فمع انتشار شركات التأمين أصبحت المائدة متنوعة".
عاد القبيلي ليوضح أهم الآليات التي تنتهجها شركات التأمين، لتحدّ من ممارسات الاحتيال، التي رأى أنها تبدأ من خلال التدريب الجيد لمعالجي المطالبات "claims processor" وموظفي استقبال المطالبات "front disk employees"، حيث يقول: "يتم من خلال التدريب الجيد على كيفية مراجعة المطالبة وتوضيح الحالات الأكثر شيوعاً، التي يمكن أن تنشأ عنها حالات احتيال".
ويضيف "على سبيل المثال لا الحصر - في مجال تأمين السيارات - من هذه الآليات: المبالغة في تقدير قيمة الضرر بالمقارنة مع القيمة الفعلية، وقوع الخسارة في الأيام الأولى لوثيقة التأمين، الحوادث التي يكون فيها طرف واحد مع هروب الطرف الآخر، التقارير المزورة، الأضرار التي تُلحق بالخطر المؤمن عليه عمداً بغرض الاستفادة من التغطية قبل انتهائها، حوادث السرقة، حوادث الحريق، التاخير في تقديم المطالبة".
وتابع: "وكذلك التبادل المشترك للمعلومات بين شركات التأمين، والرفع للجهات المختصة بخصوص حالات الاحتيال. وأخيراً: إنشاء قاعدة بيانات، من خلالها يتم جمع كل البيانات والمعلومات الخاصة بمطالبات الاحتيال من حيث: أسماء الأشخاص المشتركين في الحادث وأرقام هوياتهم، ونوع ولوحة المركبة المشتركة في الحادث، والجهة المصدرة للحادث، ومعد تقرير الحادث، ومقارنة هذة البيانات مع بيانات الحوادث التي توجد فيها شبهة احتيال".
وهو الأمر التي لخّصه المويشير بالقضية التي تتطلب الحسّ الأمني لدى الموظف، حيث يقول: "أنجح الطرق، وبحسب اعتقادي، هو إنشاء وحدات خاصة بمراجعة المطالبات التي "يشتبه" فيها. ويتطلب لإنشاء مثل هذه الوحدات توظيف من يملك حسًا أمنيًا".
وحول دور مؤسسة النقد العربي السعودي في التعاطي مع هذه القضايا، قال مدير مطالبات السيارات في تكافل الراجحي: "أتمنى دورًا أكبر لساما في هذا المجال بالتحديد، قد نواجه صعوبات في الإبلاغ عن الاحتيال، أو حتى من تجاوب الجهات الرسمية معنا، ولكن أكاد أجزم أن الوضع سيختلف تمامًا إن تبنت ساما موضوع الاحتيال مع الجهات الرسمية، بعد أن تستلم كل الأدلة التي تدين مرتكب الاحتيال من شركات التأمين".
لكن القبيلي صبّ جام غضبه على ساما من حيث عدم اتخاذ إجراءات صارمة حيال القضايا المثبتة، إذ قال: "كما تعلم فساما تُعتبر الجهة المُنظمة والمشرفة على سوق التأمين في المملكة، وبالتالي فهي المسؤولة عن سنّ اللوائح والأنظمة الخاصة بنتظيم العمل، وعليه قامت ساما بإصدار لائحة مكافحة الاحتيال في شركات التأمين وشركات المهن الحرة في المملكة العربية السعودية، وتحتوي هذة اللائحة على العديد من النقاط من ضمنها: التعاريف والمعايير الخاصة بمكافحة الإحتيال والمؤشرات النموذجية للاحتيال الداخلي، وأيضًا المؤشرات النموذجية للاحتيال الممارس من قبل شركات المهن الحرة ومن قبل المؤمن لهم".
وأضاف "بشكل عام لا يوجد تعاطٍ (مباشر) من طرف مؤسسة النقد العربي السعودي في المطالبات، التي يتم إثباتها كاحتيال، حيث إن الطرف المتضرر/العميل، في حال تم إبلاغه بأن المطالبة التي تم تقديمها من طرفه قد إنطوت بشكل أو بآخر على الاحتيال، يقوم برفع مستندات المطالبة بشكوى إلى مؤسسة النقد العربي السعودي، والتي تقوم بدورها بمخاطبة شركة التأمين لمجرد الاستفسار عن الحالة، وطلب الإفادة من شركة التأمين، وبعد ذلك يقوم باحث قانوني بمراجعة رد شركة التامين وكتابة مرئياته، ورفعها إلى لجنة الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية، والتي تصدر قراراً بشأن المطالبة بعد حضور المدعي - مقدم المطالبة - والمدعى عليه - شركة التأمين".
وحول ما إذا كانت مطالبات الاحتيال ترتكز على خلفية إجرامية أم إنها حالات فردية، قال القبيلي: "في الحقيقة ليس بالضرورة أن يكون مقدم المطالبة - المُحتال - صاحب خلفية إجرامية، فغالبًا ما تكون حالات فردية من طرف أشخاص يرغبون في الحصول على مبالغ مالية بغضّ النظر عن شرعيتها".
ويضيف: "ولذلك فإن غالبية المطالبات، التي تنطوي على احتيال، لدى مواجهة مقدم المطالبة بالمستندات الثبوتية التي تُثبت بشكل قاطع عدم صحة الحادث، يقوم هذا الأخير بكتابة خطاب تنازل عن المطالبة، مبدياً أسفه واعتذاره على ما بدر منه".
لكن المويشير كان له رأي مختلف حول ذلك، حيث يقول: "هي خليط بين هذا وذاك، ولكن شخصيًا أرى أنه يجب القضاء على ما أسمّيه شخصياً "مافيا الحطام"، إذ انتشرت أخيرًا عصابات تشتري حطام المركبات، ومن ثم "تفتعل" حادثًا، وعلى إثره يتم تقديم مطالبة لشركة التأمين. أتمنى فقط أن يتم التعاون بيننا وبين الجهات الأمنية بشكل أكبر من السابق، فحماية اقتصاد الدولة من مهامنا جميعاً، ولا تقتصر على جهة بعينها".