اليورو سيواجه سنة محفوفة بالمخاطر في 2012
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
2012 عام الإختبار الحقيقي لليورو، الذي عصفت به الأزمات، ورغم كل المحاولات لإنقاذه، إلا أن مستقبله محفوف بالمخاطر.
بروكسل: ستكون 2012 سنة اختبار حقيقة بالنسبة إلى اليورو بعدما شهد أزمة خانقة خلال 2011، ويترتب عليه تخطي ريبة غير مسبوقة حياله، حتى يبقى في التداول، بعد عقد على اعتماده عملة أوروبية مشتركة، وبعدما عمد القادة الأوروبيون لفترة طويلة من الوقت إلى تجاهل المشكلة، باتوا الآن ينكبون على معالجة المسألة الشائكة المطروحة عليهم.
وحذر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في الأول من كانون الأول/ديسمبر في خطاب كان بمثابة إنذار في أوروبا أن أزمة الديون "قد تقضي على كل شيء"، متسائلاً "ماذا سيبقى من أوروبا في حال زوال اليورو وانهيار قلب أوروبا الاقتصادي؟".
وانطلقت أزمة الديون من اليونان قبل عامين مع الكشف بشكل مفاجئ عن مدى العجز العام، الذي ظل مكتومًا حتى ذلك الحين، غير أنها انتقلت بعدها إلى البرتغال وإيرلندا البلدين، اللذين يعتبران حتى الآن عند "أطراف" أوروبا، لكن العام 2011 شهد تسارعًا كبيرًا في انتشار العدوى.
وباتت الأزمة الآن تقترب من النواة الصلبة للعملة المشتركة، اذ يطالب المستثمرون كلاً من إيطاليا وإسبانيا بمعدلات فوائد لا يمكن للبلدين احتمالهما من أجل منحهما قروضًا، وبعدما كانت المانيا وفرنسا تظنان انهما بمنأى من الصعوبات المالية، بات البلدان الآن مهددين من وكالات التصنيف الائتماني.
والأزمة مستمرة منذ 2007 غير أنها تتخذ أشكالاً مختلفة، حيث انطلقت مالية من الولايات المتحدة، ثم أصبحت اقتصادية مع حصول انكماش، وانتشار الذعر بشأن المديونية، وتحولت اليوم سياسية واجتماعية.
وأطاحت الأزمة بما لا يقلّ عن ستة رؤساء حكومات في أوروبا، هم جورج باباندريو في اليونان وسيلفيو برلوسكوني في ايطاليا وخوسيه لويس ثاباتيرو في اسبانيا وبراين كوين في ايرلندا وجوزيه سوكراتيس في البرتغال وايفيتا راديكوفا في سلوفاكيا.
في المقابل ازداد التأييد للأحزاب الشعبوية، فيما ظهرت بوادر عداء لألمانيا في صفوف اليسار الفرنسي، وباتتكل الحكومات تهتز، فقد ازداد الحراك الاجتماعي في الشارع إزاء خطط التقشف المعممة. وحل تكنوقراط في إيطاليا واليونان محل السياسيين في مواقع السلطة تحت أنظار المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي.
وقال دبلوماسي أوروبي في بروكسل إن "هذا قد يتسبب مستقبلاً برد فعل في الرأي العام".
وستكون السنة المقبلة حاسمة لأن منطقة اليورو لا تملك ما يكفي من المتانة لمساعدة اسبانيا وايطاليا في آن. غير ان نقطة الحسم باتت قريبة، اذ يترتب على روما ان تجد على وجه السرعة حوالى 400 مليار يورو للعام 2012، منها 150 مليار اعتبارًا من الفصل الاول من السنة في شباط/فبراير واذار/مارس، فإما ان تنجح منطقة اليورو في مطلع 2012 في إقامة سد متين ومقنع يضمن لها تخفيفًا في نسب الفوائد على القروض، أو أن تتفكك منطقة اليورو مع خروج الدول الأكثر هشاشة منها.
وبدأ أنصار هذا الخيار الثاني الراديكالي يرفعون صوتهم للتعبير عن مواقفهم. ويرى المفوض الأوروبي السابق الهولندي فريتس بولكشتاين أن "تفكك (منطقة اليورو) امر محتوم" موضحًا أن الهوة باتت سحيقة بنظره بين أوروبا الشمالية، التي تؤمن بالانضباط في الميزانية، والدول "المتوسطية"، التي تطالب "بحلول سياسية للمشكلات الاقتصادية".
خارج منطقة اليورو، طلبت الهيئة البريطانية لمراقبة المصارف من الهيئات المالية وضع خطط تحسبًا لمواجهة "أسوأ" الاحتمالات، كما بدأ عدد من الشركات في الولايات المتحدة وآسيا يتهيأ لاحتمال زوال العملة المشتركة.
والواقع أن الرد الاوروبي منذ سنتين لم يكن مقنعًا، وقال الرئيس الفرنسي السابق للمفوضية الأوروبية جاك دولور إنه جاء "ضئيلاً جدًا ومتأخرًا جدًا"، وهذا الفشل هو في جزء منه فشل نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل، اللذين توليا قيادة الجهود لتسوية أزمة اليورو، غير أنهما غالبًا ما يختلفان على سبل تحقيق ذلك.
قد وقال وزير خارجية بولندا راديك سيكورسكي "انني على الأرجح اول رئيس وزراء بولندي في التاريخ يطالب بذلك، لكن في الواقع لا أخشى القوة الألمانية بقدر ما اخشى التقاعس الالماني".
ويتوقع القادة الاوروبيون في الوقت الحاضر "وثبة الى الامام" على طريق اندماج دولهم من أجل تصحيح الخلل، الذي لازم ولادة اليورو، وهو اعتماد عملة موحدة بدون تحقيق وحدة سياسية.
ومن أبرز التدابير، التي ستتخذ في هذا الصدد، تشديد الانضباط المالي، ومنح اوروبا امكانية اكبر لمراقبة الميزانيات الوطنية.
وتأمل فرنسا وغيرها من الدول في أن يمنح ذلك البنك المركزي الأوروبي هامش تحرك واسعًا من أجل تقديم مساعدة أكبر للدول الهشّة، وهي المؤسسة الوحيدة القادرة على معالجة الأزمة بفضل قوة امكاناتها المالية غير المحدودة نظريًا، لكن دبلوماسيًا قال إن "هذا مجرد رهان".