أوروبا منقسمة حول وسائل تجاوز أزمة اليورو
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
اتفق القادة الأوروبيون خلال اليوم الأول لاجتماعهم في بروكسل على مبدأ اقرار ميثاق للمالية العامة ينص على التشدد في طلب تقيد دول منطقة اليورو بسقف العجز في الميزانيات. وتكمن المسألة في معرفة كيفية تحقيق القرار.
بروكسل: بدأ قادة الاتحاد الاوروبي مساء الخميس قمة حاسمة في بروكسل سعيا للتوصل الى حلول على المديين القصير والطويل لازمة الديون التي تهدد استمرار منطقة اليورو، في وقت اضعف المصرف المركزي الاوروبي الامال في تعزيز المساعدة التي يقدمها للدول المتعثرة.
وستستمر القمة الجمعة وستبحث خصوصا تغيير المعاهدات الذي تطالب به المانيا لتعزيز الالتزام بالمعايير المحددة لميزانية الدول واتخاذ تدابير فعالة على المدى القصير لدرء الازمة.
وتم تسجيل تقدم بسيط مساء اليوم الاول لاجتماع القادة الاوروبيين اذ حصل اتفاق على مبدأ اقرار ميثاق للمالية العامة ينص على التشدد في طلب تقيد دول منطقة اليورو بسقف العجز في الميزانيات.
وتكمن المسألة في معرفة ان كان هذا التعديل الذي تريده برلين سيتحقق من خلال تغيير في معاهدة الاتحاد الاوروبي او اتفاق بين حكومات دول منطقة اليورو وحدها، وهو خيار يبدو ان الكفة تميل لصالحه. ولا تزال المسألة قيد نقاش محموم.
وكان العديد من القادة الاوروبيين بدأوا الخميس في مرسيليا جنوب فرنسا ووسط اجواء من التوتر الشديد، مشاورات حول انقاذ منطقة اليورو المهددة بـ"الانفجار" وذلك تمهيدا للقمة البالغة الاهمية مساء في بروكسل.
وقبل القمة، قدرت السلطة المصرفية الاوروبية الخميس ب114,7 مليار يورو حاجات اعادة رسملة المصارف الاوروبية لمواجهة الازمة، بارتفاع قدره ثمانية مليارات عن توقعاتها السابقة.
وافاد بيان نشر في لندن ان المصارف الالمانية بحاجة الى 13,1 مليار يورو اي ضعف الرقم الموقت المعلن في نهاية تشرين الاول/اكتوبر والايطالية الى 15,4 مليارا (مقابل 14,77 مليارا) والفرنسية الى 7,3 مليارات (مقابل 8,84 مليارات). وتبقى المصارف اليونانية على رأس القائمة مع 30 مليار يورو. تليها المصارف الاسبانية مع 26,17 مليار يورو.
من جهته، اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الخميس في مرسيليا انه من الضروري ان تتوصل القمة الاوروبية الى اتفاق حول اصلاح الادارة الاقتصادية مؤكدا انه لن يكون لاوروبا "فرصة ثانية".
وقال ساركوزي امام مؤتمر الاحزاب الاوروبية اليمينية "علينا ان نقرر حالا. كلما تأخرنا في اتخاذ القرار كلما كان اكثر كلفة واقل فعالية (...) في حال لم نتوصل الجمعة الى اتفاق لن يكون لدينا فرصة ثانية".
وتابع "لم تكن اوروبا ضرورية كما هي اليوم ولم تكن في خطر كما هي اليوم. لم يسع ابدا هذا العدد من الدول للانضمام اليها، ولم يكن خطر تفكك اوروبا كبيرا كما هو اليوم".
وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان على القادة ان يعيدوا "المصداقية" للعملة الاوروبية الموحدة اليورو، وذلك خلال وصولها لحضور القمة المثقلة بالخلافات بشأن تغيير المعاهدة الاوروبية.
وقالت ميركل "بالنسبة لي من المهم ان يستعيد اليورو مصداقيته، وان يتم تغيير المعاهدات بشكل يدفعنا نحو اتحاد مستقر"، واشارت ميركل الى ان زعماء منطقة اليورو سيعقدون على الارجح محادثات منفصلة في وقت لاحق.
وضم الرئيس الاميركي باراك اوباما صوته الى الاصوات الداعية إلى ضرورة التعجيل بحل الازمة، معربا عن "قلقه البالغ" من تداعياتها، قبيل انطلاق القمة.
وقال اوباما في مؤتمر صحافي تمت الدعوة إليه قبيل القمة الاوروبية "بالطبع اشعر بقلق بالغ لما يجري في اوروبا"، مضيفا ان الاوروبيين "باتوا يدركون انه بات لزاما القيام بتحرك هام وجريء" للتعامل مع الازمة.
وكان اوباما قد اعرب مؤخرا عن قلقه ازاء الاثار السلبية للازمة الاقتصادية الاوروبية على النمو العالمي وعلى انتعاش الاقتصاد الاميركي.
واكدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون من جهتها الخميس ثقتها في قدرة القادة الاوروبيين على تسوية ازمة الديون، لكنها اكدت ضرورة ان يتفقوا على خطة في قمتهم الخميس والجمعة.
وقالت كلينتون في مؤتمر صحافي في مقر حلف شمال الاطلسي في بروكسل "نثق في اوروبا (...) لكننا نحتاج الى خطة يمكننا اتباعها لنعرف الطريق الى الخروج" من الازمة.
من جهته اعلن رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الخميس انه سيطلق عمليتي اقراض ل36 شهرا من اجل المصارف، بمعدلات فائدة ثابتة ومبالغ غير محدودة لتحسين حصولها على السيولة وضمان حسن سير الاقتصاد في منطقة اليورو.
وقررت المؤسسة النقدية التي تتخذ من فرانكفورت مقرا لها خفض معدل الفائدة الاساسي الخاص بها الى واحد بالمئة وستوسع مجموعة الضمانات المطلوبة مقابل هذه القروض ليتاح للمصارف التي تواجه اكبر صعوبة الحصول على تمويلات.
وكان رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو وجه نداء لقادة الدول والحكومات اكد فيه انه "يتعين علينا جميعا، كامل الاتحاد الاوروبي، بذل كل جهد لضمان عدم التراجع عن اليورو".
ويسود التوتر علاقات الاوروبيين بعد اشهر من ازمة الديون.
وقال وزير الشؤون الاوروبية الفرنسي جان ليونيتي قال صباح الخميس ان "الوضع خطير واليورو يمكن ان ينفجر واوروبا يمكن ان تتحلل".
وتشمل التسوية التي تم التوصل اليها بين الالمان والفرنسيين الاثنين عقوبات آلية لغير المنضبطين و "قواعد ذهبية" لعودة التوازن للماليات العامة في دستور كل بلد.
غير ان تغيير المعاهدة يعني اطلاق عملية تصديق في كافة بلدان الاتحاد الاوروبي غير مضمونة النتائج، الامر الذي لا يعجب الكثير من الدول.
وتفضل هذه الاخيرة خيارا اكثر مرونة اقترحه رئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبي وباروزو ينص على مجرد تعديل "للبروتوكول" الملحق بالمعاهدة.
وترفض برلين مقترحات لتعزيز صندوق الانقاذ الخاص بالدول الاشد مديونية في منطقة اليورو خصوصا من خلال السماح لها في آخر المطاف بالحصول على مساعدة البنك المركزي الاوروبي.
كما تعارض المانيا فكرة السندات المشتركة في الوقت الذي يطلب الكثير من شركائها عدم غلق الباب كحل اخير امام هذه الادوات للتعاون في التصدي للديون العامة.
ومن النقاط التي لا تزال غامضة ايضا موقف بريطانيا التي تلوح بمطالب مقابل لموافقتها على تغيير المعاهدة يتمثل في نقل صلاحيات بروكسل الى لندن.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون "كلما ضغطت منطقة اليورو بطلباتها فاننا سنرد من جانبنا بطلبات"، مضيفا "ما نريده بشكل خاص في مجال الخدمات المالية الذي تملك فيه بلادنا مصالح ضخمة، هو ان نملك المزيد من السلطات هنا في بريطانيا بهذا الشان".
وستعارض لوكسمبورغ الدولة الصغيرة التي تملك سوقا مالية هامة، هذا الطلب. وقال رئيس وزرائها جان كلود يونكر "لن اقبل في مجال الخدمات المالية ان تملك بريطانيا حقوقا وحريات لا يملكها الاخرون".
وبالتالي فان الكثير من المسؤولين الاوروبيين يطالبون بان تتوصل بلدان منطقة اليورو (17 بلدا) فقط في ما بينها الى اتفاق والتخلي عن اصلاح معاهدة الاتحاد الاوروبي (27 بلدا) ما قد يؤدي الى انقسام بين الاوروبيين.
واعتبر يونكر انه "اذا لم نتمكن ك27 من اقامة بناء متين فمن الافضل اقامته ب 17" مضيفا انه "ينبغي التوصل الى اتفاق" هذا الاسبوع في بروكسل.