فرنسا وألمانيا تقنعان دول الاتحاد ركوب قطار الإصلاح دون بريطانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
قال الخبير الاقتصادي كميل الساري، في حديث لإيلاف، إن المعاهدة التي خلصت إليها دول الاتحاد الأوروبي،الجمعة،كانت ضرورية، ولم يكن بإمكان أي لون سياسي يحكم فرنسا في الظرف الحالي التصرف بطريقة أخرى،مؤكدا أنها ستعيد الثقة إلى الأسواق المالية.
باريس: يعتبر الخبير الاقتصادي كميل ساري أن معاهدة الاستقرار المالي التي خلصت إليها قمة بروكسل،الجمعة،"أتت لتعيد الثقة للبنوك والمؤسسات المالية على السواء،لأنه لا يمكن للاقتصاد الأوروبي أن يستعيد عافيته في ظل أسواق مالية تعيش على أعصابها، و البنوك لا تثق في المستقبل". ويشير ساري إلى الإنذارات التي وجّهتها وكالة التصنيف ستاندار أند بورز التي هددت بتخفيض قيمة أكبر اقتصاديات أوروبا،و في مقدمتها فرنسا،من "أأأ" إلى "أأ"،علما،يذكر محاورنا،أن هذا البلد إضافة إلى ألمانيا يعدان "الضامنين لاستقرار المنظومة النقدية و المالية الأوروبية".
و يرى الخبير الاقتصادي،في السياق ذاته ،أن "استهداف فرنسا من طرف وكالات التصنيف بهذا الشكل يعني ممارسة الضغط على باريس ومعها ألمانيا ما قد يزيد من تعصب الأسواق المالية وهو ما ينعكس سلبا على الاقتصاد الواقعي". وتعليقا على ردّ الفعل السلبي للمعارضة الاشتراكية بخصوص المعاهدة،يقول ساري، "إن المعارضة تقوم بدورها كمعارضة في ظرفية انتخابية، ولا يمكن لها أن تتحدث بخطاب آخر، لأن عكس ذلك يعني ضمنيا تقوية موقع ساركوزي الذي لا تضعه استطلاعات الرأي الخاصة بالرئاسيات في المقدمة نظرا لتراجع شعبيته".
وهذه المعاهدة توقعها هذا الخبير الاقتصادي من خلال تصريحات صحافية سابقة، بحسب قوله،"لأنها كانت ضرورية سواء كان اليمين أو اليسار في الحكم"،يؤكد ساري،إلا أنه "لا يمكن لأي كان أن يقول اليوم إن كانت جيدة أو غير جيدة،كما يصعب تحديد تفاصيلها باعتبار أنها ما زالت في فترة مفاوضات".
بريطانيا في طريقها إلى العزلة أوروبيا
كان من الصعب على الثنائي الفرنسي الألماني إقناع بريطانيا بخطوة الإصلاح للمنظومة الاقتصادية التي خططا لها، وهو ما شدد عليه،في تصريح سابق لإيلاف الخبير الاقتصادي أحمد الدحماني، الذي أكد أن حكومة دافيد كاميرون ستكون لها قراءة سياسية للمقترحات التي ستقدمها الدولتان. وقراءة من هذا النوع، بحسب هذا الأستاذ المحاضر في العلوم الاقتصادية،يوجهها كون بريطانيا،و بكل بساطة،لا تعنيها منطقة اليورو ما دامت غير عضو فيه، وإنما تحاول أن تضع العصا في العجلة للثنائي الفرنسي الألماني باعتبار أنهما انفردا بعملية ما سمي بإعادة بناء الاتحاد الأوروبي،وهو استثناء لا يمكن أن تقبل به بريطانيا.
المعاهدة المتوصل إليها،الجمعة، في قمة بروكسل والتي لم تنل موافقة دافيد كاميرون، ينظر إليها البعض أنها ستزيد من عزلة بريطانيا أوروبيا، بل ستدفعها نحو باب دول الإتحاد، لأن الأوروبيين لا سيما باريس و برلين يرفضان أن يقدما للمملكة، نزولا عند رغبتها،امتيازات خاصة بخصوص ضبط المعاملات المالية مقابل تقنينها في باقي البلدان الأوروبية.
ساركوزي في ندوة صحافية كان واضحا بهذا الشأن، حيث اعتبر أن أي مقاربة من هذا القبيل يعني تعريض الإجراءات المتخذة لنوع من التشكيك،و هو ما لا يغير الشيء الكثير في عمق الأشياء، وبالتالي لن يكون بإمكان هذه التدابير المساهمة في إعادة بناء الثقة في الاقتصاد الأوروبي. وهذا الوضع أدى إلى اقتصار المعاهدة على منطقة اليورو مع انفتاحها على باقي دول الاتحاد الأوروبي،التي قبلت بها،و سيتم التوقيع عليها بعد جملة من المفاوضات خلال شهر مارس من السنة المقبلة. والأساسي فيها هو ضبط التوازنات المالية للدول الموقعة عليها من خلال ما أطلق عليه "القاعدة الذهبية"، لتقليص الديون السيادية إلى مستويات معقولة، والذهاب في طريق تناغم الميكانزمات الاقتصادية لهذه البلدان في ما بينها و المرتبطة بالضرائب،سوق الشغل وغيرها.
وزيادة على وصول كل من فرنسا وألمانيا إلى حل توافقي بشأن دور البنك المركزي الأوروبي، الذي سيوسع من اختصاصاته لدعم الاقتصاد الأوروبي بقوة أكثر من السابق ولو بشكل لا يوازي تطلعات باريس التي كانت ترغب في تطوير أدائه على شاكلة ما يقوم به البنك الفيدرالي الأميركي في الولايات المتحدة الأميركية.