اقتصاد

تراجع التصنيفات الإئتمانية لاقتصادات منطقة اليورو يتصاعد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مخاوف من إقدام الوكالات على خفض تصنيف المزيد من الدول الأوروبية

قررت وكالات التصنيف الائتماني خفض آفاق النمو الاقتصادي لبلدان أوروبية عدة، لكن محللين إقتصاديين تساءلوا ما إن كان لهذا الخفض معنى، لا سيما أن هذه الوكالات معروفة بتأخّرها في إعلان تخميناتها، ومع ذلك تبقى بعض البلدان الأوروبية متوجّسة من إمكانية خفض تصنيفها.

إعداد عبد الاله مجيد:كان نبأ خفض آفاق النمو الاقتصادي شديد الوطأة على البلدان الأوروبية، التي تقلق بشأن مثل هذه التصنيفات.

ونقلت مجلة تايم عن مصادر إن وكالة ستاندرد آند بورز قد تخفض تصنيف فرنسا قبل نهاية العام.وكانت وكالة موديز خفضت تصنيف بلجيكا، وأدرجت وكالة فيتش كلاً من بلجيكا وإسبانيا وسلوفينيا وإيطاليا وإيرلندا وقبرص على قائمتها للبلدان التي يتعيّن مراقبتها، في مؤشر إلى أن الوكالة تعتقد أن خفض تصنيف هذه البلدان قد يكون ضروريًا في وقت قريب.وقالت فيتش إن حل أزمة منطقة اليورو "بعيد المنال تقنيًا وسياسيًا".

والمعروف أن وكالات التصنيف حذرة وبطيئة بطبيعتها حين تتردى نوعية الائتمان. يصحّ هذا بصفة خاصة حين ترتبط قرارات التصنيف ببعد سياسي، كما هي الحال مع المخاطر التي تواجه منطقة اليورو. وبالتالي فإن المآل ينتهي بوكالات التصنيف إلى تسييس يعرفه المستثمرون المتمرسون، بحسب مجلة تايم.

مع ذلك هناك أسباب كثيرة لرد الحكومات سلبيًا على خفض تصنيفها الائتماني.على سبيل المثال فإن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على وشك أن يبدأ حملة صعبة لإعادة انتخابه، وهو لا يريد مزيدًا من الدعاية السلبية.

وتتفاوت درجات التعاطي مع الجدارة الائتمانيةعلى مقياس واسع.فكلما يُخفض تصنيف أو توضع آفاق اقتصاد ما موضع تساؤل... يتحرك المؤشر قليلاً نحو منطقة الخطر على المقياس.يدفع هذا الأمر مشتري السندات إلى المطالبة بأسعار فائدة أعلى للتعويض عن حدوث زيادة طفيفة في احتمالات الخسارة.

بالنسبة إلى أي مقترض، شركة كانت أو بلدًا، فإنه كلما انخفضت درجة التصنيف الائتماني زادت احتمالات فرض سعر فائدة أعلى على القرض.لكن هذا أصبح حلقة شيطانية مفرغة لغالبية الدول المستدينة في منطقة اليورو.

وإذا زادت مديونية البلد على 100 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في سنة واحدة فإن زيادة، حتى لو كانت طفيفة، في سعر الفائدة تعني مليارات الدولارات من الكلفة الإضافية المترتبة على ارتفاع الفائدة عندما يحين أجل السندات المستحقة ويتعين بيع سندات جديدة.

وهذا هو الخطر الذي أصبح يواجه إيطاليا، التي ربما كانت ستتمكن من تحمل مديونيتها لو بقي سعر الفائدة منخفضًا.ولكن على إيطاليا أن تموّل ديونًا تزيد على 100 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وأسعار الفائدة أصبحت باهظة الكفلة ـ أحيانًا تزيد على 7 في المئة.باختصار فإن تردي التصنيف الائتماني يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف إضافية، تلحق بمرور الزمن مزيدًا من الضرر بتصنيف البلد وهكذا تتكرر العملية.

ويسبب الغموض الناجم من اهتزاز التصنيفات الائتمانية نوعًا آخر من المشاكل المالية.إذ يتعين على المصارف أن تقترض باستمرار من بعضها البعض ليوم أو يومين، لأن الموازنة بين القروض والنقود المتوافرة تتغير باستمرار.

لكن عندما تبدأ المصارف بالقلق من احتمالات الخسارة على سندات منطقة اليورو في مؤسسات أخرى فإنها قد ترفض إقراض المال خلال الليل.ويسفر هذا عما يسمّى تجميد المال ـ السوق.

وفي حالات الطوارئ تستطيع المصارف أن تقترض اليورو من البنك المركزي الأوروبي، إذا امتنع الآخرون عن إقراضها ليوم.ولكن الحصول على دولارات قصيرة الأجل قد يكون أصعب، ولا سيما أن مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) منح في السابق قروض طوارئ بالدولار إلى منطقة اليورو.

كما يحدث شكل غير مرئي من أشكال التردي المالي، لأن مستثمري القطاع الخاص يتخلصون على نحو مطرد من سندات يورو تنطوي على مخاطرة، ويتعيّن على الحكومات أن تستوعب الفائض من هذه السندات بشرائها.

وسواء كان المستثمرون أفرادًا يبحثون عن أماكن آمنة لإيداع أموالهم أو مصارف تحاول الالتزام بحدود مخاطرة أشد صرامة، فإن إقبال مشتري سندات اليورو المحتملين يتناقص أكثر فأكثر.

ولمنع أسعار الفائدة من الارتفاع بحدة تعيّن على البنك المركزي الأوروبي مرارًا أن يدخل السوق لشراء سندات.يضاف إلى ذلك أن تقريرًا في مجلة بزنزويك أخيرًا خلص إلى أن البنك المركزي الأوروبي ربما كان يدين للبنك الاتحادي الألماني بأكثر من نصف ترليون دولار، بسبب تراكم سندات قصيرة الأجل، طُرحت لتمويل التجارة في أوروبا.

ما يعنيه هذا كله أن تراجع التصنيف الائتماني لا يسجل أشياء حدثت فعلاً فحسب، بل هو جزء من قالب يزيد أزمة منطقة اليورو تفاقمًا.لهذا السبب سيخرج في نهاية المطاف من نطاق السيطرة إذا لم تتحرك الحكومات الأوروبية بسرعة كافية لاستباق المشاكل.

وكما قال معلقون فإن قمم زعماء منطقة اليورو لا تركل علبة مرمية على الطريق، بل تركل كرة ثلج تتدحرج أسفل تل.وستكبر كرة الثلج وتكبر، إلى أن تسبب انهيارًا ثلجيًا في نهاية المطاف، كما تحذر مجلة تايم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف