المصارف الأوروبية تبحث عن المال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
في ظل التعثر بالقروض والسندات الحكومية، تضطر العديد من المصارف الأوروبية لجمع الأموال بهدف وضع "شبكة أمان نقدية" تقيها الخسائر في المستقبل.
لميس فرحات: بفعل الأزمة التي تمر بها المصارف في أوروبا ككل، بدأ هذه المصارف يخطوات وإجراءات لجمع أموال كإحتياطي أمان، للتقليل من خسائرها المستقبلية، ويقول المنظمون الأوروبيون أن أحد هذه المصارف "سانتاندير"، عملاق المصارف الاسبانية، في وضع حرج بسبب اضطراره لملء عجز مالي لا يقل عن 15 مليار يورو.
في هذا السياق، تساءلت صحيفة الـ "نيويورك تايمز" عن سبب تخطيط سانتاندير لدفع أرباح المساهمين لعام 2011 بقيمة لا تقل عن 2 مليار يورو نقداً، وهو يعاني من عجز هائل؟
هذا السؤال يدخل في صميم التحدي الاقتصادي الذي يواجه أوروبا في العام المقبل، فالمزيج من سياسات التقشف الحكومية وفرض ضمانات سلامة نقدية لحمياة رأس المال، يؤدي إلى تخفيض النفقات المصارف، في الوقت الذي يبدو أن أوروبا ستغرق في الركود بعد أقل من ثلاث سنوات من خروجها منه.
العديد من المصارف تتخذ إجراءات لن تؤدي سوى إلى تضخيم الأزمة. في محاولة للحفاظ على جاذبيتها كماركات عالمية، ومحاولة التعويض عن الضربات التي تعاني منها حصصها، تبقى العديد من المصارف الأوروبية الكبيرة مثل سانتاندير عازمة على الحفاظ على توزيعات الأرباح على المساهمين الأغنياء. . وفي الوقت نفسه تعمد المصارف إلى بيع الأصول والحد من الإقراض، واتخاذ غيرها من تدابير التقشف لتلبية مطالب المنظمين "لمزيد من رأس المال".
يقول خوسيه انطونيو الفاريز، المدير المالي لسانتاندير" "العائد الذي نملكه هو مؤشر على أرباحنا المتوقعة في المستقبل. إذا لم تتغير توقعاتنا، لن نحاول قطع العوائد".
وتشير الصحيفة إلى أن هذه المبادئ هي النقيض تماماً للطريقة التي تعمل بها المصارف في الولايات المتحدة التي خفضت الأرباح للحفاظ على السيولة النقدية خلال الأزمة المالية التي أعقبت انهيار بنك "ليمان براذرز" في العام 2008.
حتى الآن، لم تظهر الحكومات الأوروبية أي رغبة في أن تحذو حذو اميركا، ويقول النقاد أن التناقض مع التجربة الأميركية يبيّن مدى انقطاع المنظمين الأوروبيين عن الواقع.
وقال ريتشارد كو، كبير الاقتصاديين في معهد أبحاث نومورا في طوكيو والخبير في الركود المالي في: "لا أعتقد أن على الأوروبيين يدركون الآثار المترتبة على الأزمة المصرفية الشاملة. عندما تضطر جميع المصارف لزيادة رأس المال في الوقت نفسه، فإن النتيجة ستكون إضعاف المصارف واحتمال حصول ركود"، وأضاف: "التدخل الحكومي ينبغي أن يكون الملاذ الأول وليس الملاذ الأخير".
ليس هناك شك في أن المصارف الأوروبية تحتاج إلى دعم أكبر الآن. وبدا هذا واضحاً يوم الاربعاء اضحة، عندما تقدم 523 مصرفاً بقروض من البنك المركزي الأوروبي بقيمة قياسية بلغت 489 مليار يورو. مقارنة مع أقرانهم الأميركيين، الأوروبيون أكثر اعتماداً على الاقتراض من أجل تمويل قدرتهم الإقتراضية.
تجاوزت دفاتر القروض المصارف الأوروبية قيمة ودائعها بنسبة 1.2 مرات. أما في الولايات المتحدة، فإن متوسط القروض إلى الودائع هو 0.70. والنتيجة هي ان الامر سيستغرق على الارجح وقتا أطول للبنوك في أوروبا للخروج من قروضها وديونها.
تلبية للمعايير الأوروبية الجديدة، يتوقع المحللون أن المصارف في المنطقة يمكنها في نهاية المطاف بيع الموجودات وتقليص دفاتر القروض واغلاق الشركات التابعة في عملية تقليص المديونية التي قد تتجاوز 3000000000000 euro; في السنوات المقبلة. وإذا لم يكونوا قادرين على العثور على أفضل الطرق لاستعادة موازناتها - بما في ذلك الدعم المباشر من الحكومات الوطنية - العديد من المصارف قد ينتهي بها المطاف إلى الفشل، كما يحذر المحللون.
ويشير الخبراء إلى ان الاقتصادات الراكدة مثل اسبانيا وايطاليا قد تعاني وتواجه عراقيل عدة في محاولة النهوض من أزمتها، وفي نواح كثيرة، سانتاندير هو أفضل حالاً من معظم نظرائه الاوروبيين.
سانتاندير هو المصرف الأكثر تنوعاً جغرافياً من المصارف الأخرى في منطقة اليورو، وتلقى هذا العام ما يقرب من 70 في المئة من أرباحه من الاقتصادات التي لا تستخدم عملة اليورو، بما في ذلك البرازيل والأرجنتين وبريطانيا، وعلى نطاق أصغر، الولايات المتحدة حيث يملك البنك مصرف "سوفرين".
على النقيض من المصارف الأوروبية مثل "دكسيا" في بلجيكا و"كومرتس بنك" في ألمانيا، سانتاندير ليس في حاجة إلى الإنقاذ. فعلى الرغم من المشاكل في النظام المالي العالمي، يتوقع المحللون أن يكسب سانتاندير نحو 7 مليار يورو في الأرباح هذا العام، بانخفاض من 8.1 مليار يورو في 2010.
ما يقلق الخبراء هو تعامل سانتاندير مع الاقتصادات الاسبانية والبرتغالية المتداعية - التي تمثل 34 في المئة من محفظة القروض- و48 مليار يورو بشكل سندات للحكومة الاسبانية على دفاترها.
حتى الآن، لم توجه الهيئة المصرفية الأوروبية تعليماتها للبنوك الأوروبية للحد من أرباح رأس المال لتحقيق الأهداف، مما يوحي بأن على المصارف تضييق الخناق على المكافآت بدلا من ذلك.
بدلاً من ذلك، يتوقع المحللون مزيداً من التخندق، خصوصاً في الوقت الذي تزداد فيه الأوضاع الاقتصادية سوءاً.
وقال تيم بابتش من "فورتيلوس"، وهو صندوق تحوط في لندن يستثمر في الأصول المتعثرة في جميع أنحاء أوروبا "اننا لم نر حتى الآن حركة بيع شديدة، فالمصارف تعاني من صعوبات في جمع الأموال، وسوف تتحرك بشكل أسرع لخفض القروض وتفريغ الأصول المتخلفة".