اقتصاد

هل يتحول غاز البحر المتوسط لذريعة حرب جديدة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يحق للدولة الساحلية للتنقيب عن النفط والغاز في منطقتها الاقتصادية التي تمتد 200 ميل بحري (370 كيلومترا) وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

تكثر التحليلات في الآونة الأخيرة حول إحتمال تحول حقول الغاز الطبيعي المكتشفة في حوض البحر المتوسط إلى ذريعة للحرب بين دول المنطقة، وخصوصاً بين لبنان وإسرائيل. وقد حذر مسؤولون إسرائيليون من أن إسرائيل ستدافع "بكل ما يلزم من قوة" عن حقوقها في الحقول، بينما أكد جبران باسيل وزير الطاقة والمياه اللبناني في حكومة تصريف الأعمال "أننا سنحمي هذه الثروة، ولن نسمح لإسرائيل بأن تعتدي عليها".

بيروت: بدأ عدد من الخبراء يعلنون عن خشيتهم من أن يتحول التنقيب عن حقول من الغاز في البحر الأبيض المتوسط، إلى ذريعة لنزاع جديد بين لبنان وإسرائيل خصوصاً مع إعلان البلدين عن خطوات عملية في هذا المجال.

فقد أعلن وزير الطاقة والمياه اللبناني في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في مؤتمر صحافي الجمعة ان وزارته "وضعت جدولاً زمنياً لإطلاق عمليات المناقصة لتبدأ بالتنقيب عن الغاز والنفط في المياه" الإقليمية، مشيراً إلى أن الوزارة "في صدد أن تختار قبل منتصف شهر شباط- فبراير الإستشاري العالمي الذي ستتعاقد معه لمساعدتها في تحضير المراسيم التطبيقية والأعمال التحضيرية لإطلاق تراخيص التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية" المقرر مبدئياً في تشرين الثاني- نوفمبر من هذا العام.

وأوضح باسيل ان عشر شركات عالمية تقدمت في هذا المجال، معتبرا ذلك "دليلا إضافيا على الإقبال العالمي على موضوع النفط في لبنان". ولفت إلى أن "لبنان يمتلك، بحسب المعلومات التي لدينا، ثروة كبيرة من الغاز موزعة في البحر، وخصوصاً عند حدوده الجنوبية".

وأكد الوزير أن "اسرائيل منزعجة لأن لبنان إنتقل من الكلام إلى الفعل للمرة الأولى، لكننا نؤكد أننا سنحمي هذه الثروة، ولن نسمح لإسرائيل بأن تعتدي عليها". وكانت أعمال التنقيب التي جرت بواسطة شركة "نوبل اينرجي" الأميركية للطاقة توصلت لإكتشاف موقعين مهمين ومتلاصقين للغاز الطبيعي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط.

ويقع "تامار" وهو الحقل الأول مقابل مرفأ حيفا ويبعد عنه مسافة 90 كلم، ويتم حالياً التنقيب فيه عبر منصات عائمة أقامتها إسرائيل لهذا الغرض، وقد كشفت الدراسات التي أجرتها الشركة أنه يمكن أن يزود إسرائيل بحوالي 8 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي. وتعتبر إسرائيل بأنه بعد المباشرة في عمليات الضخ منه المقررة سنة 2012، سيؤمن لها الإكتفاء الذاتي من الغاز على مدى 35 عاماً. ن

أما "ليفياتان" Leviathan فهو الحقل الثاني الأضخم والذي أثار المطامع الإسرائلية فدفعها للتنقيب فيه في منطقة لا تبعد كثيراً عن الحدود الجنوبية للبنان مع أنه يقع خارج مياهها الإقليمية، وهذا الحقل يقع قبالة غالبية البلدان المشرفة على حوض المتوسط. وكشفت دراسات المسح الجيولوجي أن "ليفياتان"من أهم الحقول الغازية المكتشفة عبر العالم حتى اليوم، ويقدر مخزونه بما يساوي 450 مليار متر مكعب من الغاز. وتتحدث الأبحاث عن إحتمال وجود حقل نفطي في قعره، أو تحته يقدر بما يساوي 2,4 مليار برميل من النفط.

إسرائيل ستدافع "بما يلزم من قوة"

ما إن أعلنت شركة "نوبل اينرجي" نهاية العام الماضي أن حوض البحر المتوسط يضم حقلا يحتوي على نحو 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي. وقالت ان "حقل ليفياتان يمكن ان يجعل من إسرائيل دولة مصدرة للغاز". حتى سارع وزير البنى التحتية الإسرائيلي عوزي لاندو الذي تتعاون بلاده مع الشركة الأميركية الى التحذير من ان اسرائيل ستدافع "بكل ما يلزم من قوة" عن الحقل وحقول أخرى في الحوض.

كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية اليوم الأحد أن الدولة العبرية تحاول تسريع إجراءات تسمح لها بتنويع مصادر حصولها على الغاز الطبيعي بعد تفجير إستهدف أنبوب للغاز في مصر يزود الأردن مما اضطر السلطات المصرية الى خفض إمدادات أنبوبي الغاز اللذين ينقل أحدهما الغاز الى إسرائيل بحسب مسؤول مصري.

ولم يتضرر أنبوب الغاز الذي يمتد تحت البحر على طول مئة كيلومتر وينقل الغاز منذ 2007 من مدينة العريش في مصر الى ميناء عسقلان في اسرائيل جنوب تل ابيب. لكن إسرائيل أعلنت بعدها انها علقت مؤقتا كاجراء وقائي واردتها من الغاز المصري لأسباب أمنية. وتؤمن مصر لإسرائيل 40 بالمئة من إحتياجاتها من الغاز الطبيعي و15% من إحتياجاتها الاجمالية من كل إنواع الطاقة.

ويفترض ان تطلق وزارة البنى التحتية الاسرائيلية على الفور طلب إستدراج عروض لبناء منصة عائمة قبالة سواحل الخضيرة شمال إسرائيل يمكنها تسلم الغاز السائل وضخه في الشبكة الوطنية. ويتوقع ان ينتهي هذا المشروع قبل نهاية 2012 وتقدر قيمته بـحوالي 300 مليون دولار. ولم تنف ناطقة باسم الوزارة هذه المعلومات ولم تؤكدها.

وذكرت الاذاعة الاسرائيلية ان اسرائيل قد تلجأ في الأمد القريب إلى زيادة ضخ الغاز من حقل تيثيس بالقرب من عسقلان الذي يكاد يستنفد طاقاته أو حتى زيادة استخدامها للنفط والفحم. كما تابعت ان اسرائيل ستقوم خلال عقد باستغلال حقول غاز واعدة جدا تحت البحر اكتشفت قبالة سواحل البحر المتوسط.

الحرب في سبيل الغاز محتملة

ولا تخفي الكثير من الأوساط الإسرائيلية عن إحتمال نشوب حرب كبيرة في المنطقة بين لبنان وإسرائيل، حيث أن حالة العداء بينهما أدت على مر التاريخ إلى إعتداءات قامت بها إسرائيل على لبنان بذرائع مختلفة، وبالتالي سيكون الغاز هو السبب هذه المرة. وكان الوزير يوسي بيلد الذي يتولى ملف لبنان في الحكومة الإسرائيلية حذر من تحول احتدام الخلاف بين لبنان وإسرائيل إلى صراع حقيقي حول حقول الغاز المكتشفة. وقد طالب يومها إسرائيل التسريع في استخراج الغاز الطبيعي، وإلا "ستتدفق الأموال الطائلة الى لبنان وسيتحول قسم منها إلى العمليات الإرهابية ضد إسرائيل".

وكانت إسرائيل وقعت مع قبرص خلال الشهر الماضي إتفاقاً لتقاسم المياه الإقتصادية، يتيح لهما تقاسم موارد حقول الغاز. في المقابل وعلى الجانب اللبناني، يؤكد الخبير الجيولوجي والاستاذ الجامعي اللبناني علي حيدر ان "كمية الغاز الموجودة بين لبنان وإسرائيل كبيرة، لذا فإن الدافع الإقتصادي للخلاف، وحتى للحرب، متوفر".

ووفقاً لخرائط شركة "نوبل اينرجي" التي تمتلك حصة كبيرة في حقل ليفياثان، فجزء من الموقع المنشود يرقد عند الحدود بين لبنان وإسرائيل. لكن بحسب حيدر فإن "إسرائيل لا تعترف بالخرائط اللبنانية، ومن هذا المنطلق قمنا بدراسة خرائط جيولوجية إسرائيلية رسمية، وتبين من ذلك ان ربع إلى ثلث ليفياثان على الأقل يقع في الجانب اللبناني". لافتاً إلى أن الخلاف الرئيسي بين لبنان وإسرائيل هو حول كيفية ترسيم الحدود.

ويقول حيدر "نمد الخط الحدودي بشكل مائل وإسرائيل تمده بشكل مستقيم والفارق بضع درجات فقط. لكن أي إنحناء بسيط يخسر لبنان مليارات الدولارات، وإنحناء آخر يكسبه المليارات".

وبحسب حيدر، فإن إسرائيل تعتبر ان الخط الحدودي البحري قائم "صعوداً من رأس الناقورة، وتحديداً بشكل عامودي فوق خط وهمي يمتد من راس حيفا حتى صخرة الروشة وسط بيروت، كونهما أبعد نقطتين بحريتين عن البر في إسرائيل ولبنان، ما يمنح الدولة العبرية الأفضلية جنوبا".

استحالة ترسيم الحدود

لم يتم ترسيم للحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل كونهما حالة عداء، لكن لبنان أرسل العام الماضي خرائط إلى الأمم المتحدة ترسم حدوده البحرية كما يراها مطالبا بمنع "أي تعد إسرائيلي على المنطقة الإقتصادية اللبنانية" في البحر.

ويعرف القانون الدولي المنطقة الإقتصادية الخاصة بأنها منطقة بحرية ملاصقة للبحر الإقليمي تمارس فيها دولة الساحل صلاحيات محصورة بها دون غيرها من الدول، فيما يخص الموارد الطبيعية ويأتي الصيد في طليعتها، وقد نظمتها اتفاقية "مونتيغو باي" حيث أصبحت الحقوق تطول الموارد الطبيعية الأخرى كما يوضح أستاذ القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الدكتور علي زراقط في مؤلفه "الوسيط في القانون الدولي" ان "الدولة تمارس، كما هو الأمر بالنسبة الى إقليمها الأرضي، سيادتها على مياهها الداخلية وبحرها الإقليمي.

وقد كان مجال البحر الإقليمي للدولة محدداً، ولفترة طويلة بثلاثة أميال بحرية. هذه المسافة كانت تساوي في القرن التاسع عشر المدى الذي تصله طلقة المدفع آنذاك. وقد رفعت معاهدة "مونتيغو باي" (1982) في مادتها الثالثة، هذه المسافة الى 12 ميلاً بحرياً. وعلى الدولة الشاطئية ان تحترم "حق المرور البري" الذي يمكن ان تستفيد منه السفن الأجنبية".

كما تمارس الدولة على منطقتها الإقتصادية المحجوزة حقوقاً سيدة في المجال الاقتصادي، وقد تم تحديده بـ 200 ميل بحري. في هذه المنطقة، تتمتع الدولة الشاطئية في حق حصري باستغلال الموارد والثروات البيولوجية والسمكية وغير البيولوجية الموجودة في هذه المياه، وكذلك الجرف القاري الموجود في أسفلها.

لبنان ينشد دعم الأمم المتحدة

كما دعا وزير الخارجية علي الشامي هذا الأسبوع البعثة اللبنانية لدى الأمم المتحدة الى طلب عقد "لقاء عاجل" مع الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون لمطالبته بأن تساهم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) في ترسيم حدود لبنان البحرية.

وكان مجلس النواب اللبناني أقرّ في آب- أغسطس 2010 قانوناً للموارد النفطية يتيح التعامل مع الإحتياطات المحتملة للنفط والغاز في المياه الإقليمية وينتظر إصدار المراسيم التطبيقية الخاصة به ليدخل موضع التنفيذ.

ويقول الوزير باسيل "لم نستعجل بإصدار قانون النفط فقط لأن اسرائيل بدأت تلوح بأعمال التنقيب، بل لأننا نملك ثروات نريد أن نستغلها". وأضاف "هناك برنامج يستغرق سنة، وخلال هذه الفترة سنحضر البنية التحتية البشرية والمالية والبيئة الخاصة بذلك". وكانت "نوبل اينرجي" أعلنت قبيل إقرار قانون النفط اللبناني أن انتاج الغاز من اسرائيل في مواقع محاذية للبنان قد يبدأ في 2012.

ويحذر الخبير حيدر من أن لبنان الذي يعاني من عجز مالي كبير يبلغ حوالي خمسين مليار دولار "لا يستطيع التريث أكثر، لأن إسرائيل قد تعمد الى سحب الغاز". وشدد على أهمية البحث منذ الآن مع دول مجاورة مثل تركيا في تسويق الغاز المحتمل العثور عليه.

والعمل جار حاليا على تشكيل حكومة جديدة في لبنان بعد سقوط الحكومة السابقة في 12 كانون الثاني- يناير على خلفية ازمة سياسية لا تزال قائمة. وقد يؤثر استمرار الفراغ الحكومي لوقت طويل على مسألة النفط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سبب اخر للمقاومة
مدحت باشا -

وهكذا سيجد حزب الله سببا معقولا اخر للقول باستمرار المقاومة وحمل السلاح الى ماشاء الله

من سكان العالم
اللبوةالعربيةالشرسة -

سبحان الله تعليقاتك من أسخف التعليقات من تسمى نفسك من سكان العالم,يا إيلاف لماذا تنشرين تعليقات على الغبي ؟وهوnero السابق.