اقتصاد

المخاوف الجيوسياسية تحدد مسار أسعار السلع عالمياً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا زالت أسواق المال على مستوى العالم تتخذ المسار الصاعد، حيث تتفوق شركات الطاقة والمواد خصوصا في أدائها على مظاهر النشاط القوية في سوق السلع. تدفع قوة التعافي الاقتصادي العالمي السلع مثل المعادن الأساسية والطاقة لمستويات أعلى، وقد حقق هذان القطاعان أفضل أداء خلال الأسبوع الماضي، وفقا لمؤشرات DJ-UBS.

في آخر يوم تداول في شهر يناير، تمكن مؤشر Reuters/Jeffries CRB من تعويض مستوى التراجع بمقدار 50 نقطة الناتج عن عمليات البيع بسبب تداعيات الأزمة الائتمانية. وكان ارتفاع المؤشر فوق 337 يقف وراءه نشاط ذو قاعدة عريضة مع إظهار معظم السلع عوائد إيجابية خلال الأسبوع.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية لمعدلات قياسية:

لا تزال العناوين الرئيسية تركز على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والدور الذي لعبته في إثارة القلق في شمال أفريقيا. وقد سجلت أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم ارتفاعا قياسيا آخر في شهر يناير، وفقا للأرقام التي أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)، فقد ارتفع المؤشر العام إلى 230.8، أي بحوالي ثمان نقاط فوق الرقم القياسي السابق المسجل في شهر يونيو 2008، ويبدو أنه عازم على الارتفاع مجددا في الأشهر القادمة على خلفية التخزين للحد من التضخم والمخزون الشحيح عقب الصدمات المناخية التي شهدها عام 2010.

ليس بالسوء الذي كان عليه في سنة 2008

مع ذلك فهناك بعض المؤشرات على أن الموقف في هذا الوقت ليس بنفس السوء الذي كان عليه في عام 2008 عندما أدى نقص حقيقي في المواد الغذائية إلى ارتفاع حاد في الأسعار. ولا يزال عنصر الحبوب في المؤشر يقل بنحو 11% عن الذروة التي وصل إليها في عام 2008 إذ لا يزال مخزون القمح وفيرا، مع تخزين المزارعين للإنتاج توقعا لارتفاع الأسعار أكثر من ذلك. وعلى الرغم من النشاط الذي شهدته مؤخرا، لا تزال أسعار القمح والأرز أقل بنحو 33 % عن المستويات التي شهدتها في عام 2008.

استمرار سعر النفط فوق حاجز 100 دولار:

ظلت أسعار خام برنت بحر الشمال فوق 100 دولار هذا الأسبوع على خلفية المخاطر الجيوسياسية وزيادة النشاط الاقتصادي. وفي هذه الأثناء لا زال خام غرب تكساس في نيويورك يبتعد عن الأسعار القياسية العالمية الأخرى بعد أن تم تداوله بفارق عشرة دولارات تحت مستوى خام برنت. وارتفع خام غرب تكساس المخزن في كشنج إلى مستوى قياسي جديد فوق 38 مليون برميل. كما تضيف الإمدادات المتزايدة من كندا إلى وفرة المخزون وكأنه لا نهاية لها لأن مصافي الولايات المتحدة ستدخل في فترة الصيانة الربيعية، مع انخفاض الطلب نتيجة لذلك.

وتاريخيا كان خام برنت يتم تداوله بخصم لخام غرب تكساس، وما إن ارتفع هذا الخصم كثيرا حتى انطلقت عمليات شحن خام برنت إلى الولايات المتحدة وبيعه بسعر أعلى. ويتم حاليا إعادة تهيئة خطوط الأنابيب من خليج المكسيك للتعامل مع الواردات وإدارة النفط الخام على البر باتجاه كشنج. كما تحظر التشريعات الحالية الخاصة بالصادرات تصدير النفط الخام المنتج محليّا.

ارتفاع أسعار السلع الصناعية على خلفية البيانات الكلية القوية:

لا زالت المعادن الصناعية - التي حققت أقوى المكاسب على مدار الأسبوع الماضي- تتفاعل مع التدفق المستمر للبيانات الاقتصادية الايجابية، فقد وصل النحاس - الذي يشيع استخدامه على نطاق واسع في صناعتي البناء والسيارات- إلى الارتفاع القياسي غير المسبوق المتمثل في 10000 دولار للطن المتري قبل أن يخضع لعمليات جني الرباح. وقد اجتمعت المخاوف من تناقص المخزون العالمي مع انخفاض الإنتاج بسبب الإعصار الذي ضرب منطقة أستراليا وساعدت على رفع الأسعار.

الذهب يستعيد المكانة التي فقدها:

بعد أن قضى الأسبوع الماضي متماسكا، قفز الذهب فوق حاجز 1350 دولارا مع استمرار المخاوف الجيوسياسية في جذب الانتباه. وفي تصريح له علّق رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي بيرنانكي قائلا أن الاقتصاد الأميركي لا يزال هشا إلى درجة تحول دون التفكير في تقليص التيسير الكمي. ونتيجة لذلك خلص السوق إلى أن البيئة الحالية التي تتمثل في معدلات الفائدة المنخفضة سوف تستمر لفترة أطول وبالتالي ستساعد الذهب على استعادة المواقع التي فقدها.

وقد استقرت التدفقات الاستثمارية الصادرة من صناديق مؤشرات الذهب ومن الممكن أن تبين أن ضغط البيع الذي حدث مؤخرا قد خف. ويبدو مدى تداول الصفقات في الأجل القريب يتراوح بين 1325 و 1360، بينما على المدى الطويل يحمل مستوى الدعم الفني المهم (عند المتوسط المتحرك لمائتي يوم، الذي يبلغ حاليا 1290 دولارا) المفتاح لذلك كله، كما فعل بالضبط خلال التصحيح الكبير الماضي في يوليو 2010.

القطاع الزراعي يواصل حالة عدم الاستقرار:

إذا تحولنا إلى القطاع الزراعي، سنجد أن مستويات عدم الاستقرار المرتفعة لا زالت مستمرة، فقد وصل السكر إلى 36 دولارا، وهو أعلى سعر يحققه خلال ثلاثين عاماً، بسبب الخوف من التأثير المحتمل لإعصار ياسي على الإنتاج الأسترالي. وما إن أدرك السوق أن الخسارة أقل مما كان متوقعا إلا واضطربت الأسعار. وقد أدت أوامر وقف الخسائر المبرمجة بواسطة الحاسوب إلى زيادة عمليات البيع ما أدى بدوره إلى انخفاض الأسعار بنسبة 12 %.

عمليات شراء جنونية للقطن بسبب تناقص الإمدادات:

لا يزال الارتفاع الأفقي للقطن يثير فزع المصانع، فقد انخفضت معدلات الإنتاج بسبب الفيضانات التي شهدتها كبريات المناطق التي تنتج القطن في أستراليا وباكستان والصين في وقت كان الطلب فيه يتزايد. وفي يوم الخميس، وصل سعر العقود الفورية للقطن إلى رقم قياسي جديد يتمثل في 181.22 دولارا فيما يعد أفضل وصف له بالشراء الجنوني قبل أن يتدخل البائعون في النهاية ليدفعوه للانخفاض إلى 170 دولارا.

وقد خفف مجلس القطن الأميركي هذا الفزع قليلا عندما أصدر تقريرا يبين أن المزارعين الآن يتجاوبون مع ارتفاع الأسعار بالتخطيط لزيادة المساحة المزروعة بالقطن في موسم الزراعة القادم. وبمجرد الوفاء بطلب المصانع من الممكن أن تتعرض السوق لخطر السقوط الكبير، وذلك أيضا في ضوء الارتفاع في مستوى المضاربات على أكثر من 3 مليون بالة من القطن.

خطط المساحة المزروعة تؤثر على الأرز على المدى القصير:

قد يكون الأرز من المحاصيل التي قد تخسر معركة المساحة المزروعة، فقد يقلل مزارعو الولايات المتحدة - ثالث أكبر دولة مصدرة للأرز- المساحة المزروعة بالأرز بنسبة تصل إلى 25 % بمجرد بدء موسم الزراعة في أبريل. والسبب الرئيس في هذا التحول هو ارتفاع سعر الذرة وفول الصويا والقطن. ومن الممكن أن يتبين فعليّا أن الزيادة القوية في سعر الأرز - مثل ارتفاع أسعاره بنسبة 8 % خلال الأسبوع الماضي- ستفيد على المدى المتوسط إذ قد تنجح في إقناع المزارعين للتمسك بزراعة الأرز بدلا من التحول لزراعة محاصيل أخرى.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف