اقتصاد

الحكومة المؤقتة في تونس تواجه تحديًا اقتصاديًا كبيرًا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تتزايد الهواجس في تونس فيما يخص الوضع الاقتصادي للبلاد بعد ثورة 14 جانفي/كانون الثاني الفارط ويحتل شاغل إعادة دواليب الاقتصاد إلى سالف عهده على الأقل صدارة أجندة الحكومة المؤقتة وجوهر الإجراءات المتخذة في الفترة الأخيرة من محاولات لإعادة الأمن والاستقرار الاجتماعي

تونس: أكد مختصون تخوفهم من صعوبة المرحلة المقبلة وتميزها بالغموض واستحالة استشراف المستقبل الاقتصادي التونسي رغم تأكيد بعض الدول والبنوك على استعدادها منح مساعدات وقروض لتونس نظرا لتوقف الإنتاج في عديد المؤسسات الاقتصادية وإتلاف بعضها مع توقف شبه تام للسياحة التي تعتبر من ركائز الاقتصاد التونسي ومغادرة بعض المستثمرين الأجانب. و قال مصطفى النابلي محافظ البنك المركزي التونسي (لإيلاف) "بالاعتماد على المعطيات الحالية يصعب التكهن بالمستقبل الاقتصادي في تونس رغم أن الوضع ليس كارثيا، فالوضع مرتبط إلى حد كبير بالأمن والاستقرار وتحمل التونسيين لمسؤولياتهم تجاه بلدهم ولا يمكن التنبؤ بمدة زمنية محددة سواء لانتعاش الاقتصاد التونسي أو مزيد تدهوره"

وخلال لقاء مع إيلاف قال الخبير والمحلل الاقتصادي عبد الجليل البدوي (لإيلاف) " الثورات تاريخيا تخلف خسائر مادية ضخمة والفترة الحرجة التي يمر بها الاقتصاد التونسي متوقعة ولكن الوضع ليس كارثيا وفي المقابل لا يمكن الجزم بيسر المرحلة المقبلة فالدولة ستواجه تحديات كبرى في ظل انكماش الإنتاج و تراجع في إيرادات الضرائب والتعامل مع مطالب عامة لزيادة الأجور وحساب تكلفة الممتلكات التي دمرت في الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة برئيس البلاد إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات التي نستوردها

وتابع المحلل الاقتصادي قائلا "الحكومة سيكون لها هامش كبير لتعبئة الموارد فالدين العمومي في حدود 42 بالمائة وهو منخفض مقارنة مثلا مع اليابان التي تصل النسبة فيها إلى 200 بالمائة وهذا يمكن من الاقتراض سواء من السوق المالية الداخلية أو الخارجية وحسب رأيي من الأفضل أن تتجه الحكومة إلى الداخل للاقتراض لأن تكاليف الدّين في السوق الخارجية ستكون مرتفع لأن ثقة الممولين الدوليين في استرداد أموالهم لن تكون كبيرة وكذلك لتجنب طبع النقود لتفادي التضخم المالي التي ستكون نتائجه وجوبا وخيمة على الاقتصاد التونسي".

واستنادا إلىوكالة الأنباء الرسمية التونسية, فقد أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد التونسي بإمكانه معاودة الانطلاق بنسق أسرع من الاقتصاد المصري رغم أن اقتصادي البلدين سيواجهان تأثيرات هبوط السياحة وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة نتيجة حالة عدم الاستقرار السياسي بعد تغير نظام الحكم

ويعتبر قطاع السياحة الشبه متوقف حاليا اكبر مصدر للعملة الأجنبية في تونس وتغطي عائداته 60 بالمائة من عجز الميزان التجاري التونسي، وتمثل 6،5 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي ويعمل في قطاع السياحة التونسي 350 ألف شخص من جملة الفئة النشيطة التونسية. وحسب الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي فقد بلغ حجم الاستثمار الخارجي في تونس خلال العام الماضي 2.425 مليار دينار تونسي (1.757 مليار دولار) و2.357 مليار دينار(1.695 مليار دولار)في 2009

وتوقعت السلطات التونسية أن النمو الاقتصادي هذا العام سيكون بنسبة تتراوح بين 2 و3 بالمائة. وأعلن البنك المركزي خلال ندوة حضرتها (إيلاف) أن الاحتياطي من العملة الصعبة تراجع من 13 مليار دينار في موفى شهر ديسمبر/كانون الأول 2010 ـ 147 يوم توريدـ إلى 12،2مليار دينار حاليا ـ ما يعادل 139 يوم توريد. وقدر وزير التنمية الجهوية والمحلية التونسي أحمد نجيب الشابى قيمة الخسائر التي تكبدها الاقتصاد خلال ثورة الياسمين بخمسة مليارات دينار (3،52 مليار دولار) أي ما يوازي 4 بالمائة من جملة الناتج المحلي

قروض ومنح

وعبر البنك الأفريقي للتنمية عن استعداده لإقراض تونس ما يصل إلى مليار دولار هذا العام لمساعدة اقتصاد البلاد على التعافي من الأضرار. كما أعلن الإتحاد الأوروبي في وقت سابق عن رصد فوري ل17 مليون يورو (23 مليون دولار) لمساعدة الحكومة وأكد أن المبلغ الإجمالي للمساعدات سيصل إلى 258 مليون يورو بحلول 2013 فيما بلغت المساعدات الإيطالية حسب ما أعلنه وزير خارجية هذا البلد خلال زيارته لتونس 5مليون يورو.

وفي هذا السياق أكد البدوي ان " هذه المساعدات والقروض الدولية رغم أنها غير ضخمة لكنها ستساهم في تعبئة ميزانية الدولة وإنعاش الاقتصاد نسبيا وأموال بن على وعائلته المجمدة بالخارج ستكون ضمان على المدى المتوسط والطويل للممولين الدوليين في حالة أرادت الدولة الاقتراض من السوق المالية العالمية و حقيقة أتأسف لتنكر وعدم مد يد المساعدة بعض الدول المجاورة كليبيا والجزائر خلال هذه الفترة الدقيقة التي نمر بها" .

وأضاف أن المطلبية الاجتماعية المشطة التي تقف وراءها قوى الردة ستكون عائق كبير أمام إدارة عجلة الاقتصاد من جديد وتعجيز الحكومة المؤقتة مؤكدا أنه في حال استكمال الثورة وتحقيق الانتقال الديمقراطي سيفتح آفاق اقتصادية عريضة في المستقبل ويشجع المبادرة الداخلية إضافة إلى تدعيم مكانة البلاد على الساحة الدولية ويعطيها أكثر مصداقية وقدرة على نسج علاقات اقتصادية أكثر مرد وديةويعزز ثقة المستثمرين الأجانب في تونس. وتشهد تونس في الفترة الأخيرة موجة عارمة من الإعتصامات والإضرابات في عديد المؤسسات العمومية والخاصة للمطالبة بالزيادة في الأجورومن المقرر أن تعقد الحكومة المؤقتة في تونس تنظيم مؤتمر دولي حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية في مارس/آذار المقبل

صندوق المواطنة

أعلن البنك المركزي التونسي خلال ندوة حضرتها (إيلاف) عن إحداث صندوق مستقل يحمل اسم "صندوق المواطنة" لجمع تبرعات عدة أطراف تونسية وأجنبية عبرت عن رغبتها في تقديم الدعم المادي لتونس بعد الثورة. وقال البنك المركزي في بيان تحصلت إيلاف على نسخة منه أن الهدف من "صندوق المواطنة" هو جمع موارد مالية لاستعمالها في تدخلات ومشاريع اجتماعية واقتصادية ذات مصلحة عامة بصفة مباشرة أو من خلال توزيعها على الجمعيات أو الذوات المعنوية التي لا تهدف للربح. وأكد البيان ذاته على التعهد بالتصرف في موارده إلى لجنة تصرف تضم خاصة أعضاء من مكونات المجتمع المدني ولا يتقاضى أعضاؤها مقابلا ماليا وأنه لمزيد ضمان شفافية التصرف سيتم إخضاع حسابات الصندوق إلى تدقيق خارجي من قبل مراقبي حسابات وإلزام الصندوق بتأمين إعلام مستمر للعموم على موقع (واب) حول حساباته وتقارير نشاطه

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف