اقتصاد

اتفاق داخل مجموعة العشرين يرتسم في الأفق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يرتسم اتفاق في الأفق داخل مجموعة العشرين التي تسعى إلى تجاوز خلافاتها بشأن التوصل إلى اتفاق على مجموعة مؤشرات لقياس الحالة الاقتصادية للدول.

باريس: قالت مصادر متطابقة إن اتفاقًا يرتسم في الأفق السبت في باريس داخل مجموعة العشرين التي تسعى إلى تجاوز خلافاتها بشأن التوصل إلى اتفاق على مجموعة مؤشرات لقياس الحالة الاقتصادية للدول، وهي المبادرة الرئيسة في جهود المجموعة لتجنب حدوث أزمة اقتصادية اخرى.

يتناول الاتفاق طريقة قياس الخلل في الموازين الاقتصادية العالمية بفضل تسوية مع الصين، لكنه لا يزال بحاجة إلى المصادقة عليه رسميًا من قبل وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في مجموعة العشرين. وقال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس "هناك اتفاق على المؤشرات". وأكد وفد آخر "أن الأمور تتطور إيجابيًا".

إلا أن مصدرًا ثالثًا في مجموعة العشرين أوضح أن الاتفاق لم يصدر بعد عن وزراء أبرز الدول الغنية والناشئة المجتمعين منذ مساء الجمعة في باريس برئاسة فرنسا. وبحسب أحد المفاوضين، فإن الاتفاق في حال تمت المصادقة عليه ينجم من تسوية انتزعتها فرنسا من الصين، ثاني قوة اقنصادية في العالم.

وتجري مناقشة أربع مجموعات من المؤشرات: اثنتان لقياس الخلل الداخلي لبلد ما (العجز والديون العامة من جهة والإدخار الخاص من الجهة الأخرى)، واثنتان للخلل الخارجي (حصيلة ميزان التعاملات الجارية واحتياط القطع ومعدل الصرف بالأرقام الفعلية).

وأجرى الوزراء محادثات بعدما عمل مفاوضوهم طوال الليل لحلّ الخلافات حول أفضل الطرق لمعالجة اختلال التوازن في التجارة العالمية والعملات. وفي كلمته الترحيبية الجمعة، حذّر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الوزراء من أن الفشل في وضع المصالح الوطنية جانبًا والتوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى قتل مجموعة العشرين.

وقال ساركوزي إن "إغراء إعطاء الأولية للمصالح الوطنية كبير. ولكن دعوني أقول لكم بوضوح إن ذلك سيكون فيه موت مجموعة العشرين". وعقب الأزمة الاقتصادية، التي شهدها العالم العام 2008، قرر قادة العالم تشكيل مجموعة العشرين بدلاً من مجموعة الثمانية لأكبر الدول الصناعية، إضافة إلى روسيا.

ومن بين أهم مبادرات المجموعة محاولة تجنب حدوث أزمة أخرى من خلال تحسين التنسيق الاقتصادي، ولكن يجب أن تتفق تلك الدول مجتمعة على مجموعة من المؤشرات الاقتصادية من أجل التوصل إلى توصيات لتحديد السياسة. وترغب فرنسا في التوصل إلى اتفاق بالسرعة الممكنة، حتى يتمكن صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من هذا العام من رفع توصيات للسياسة الاقتصادية للدول.

وقال أحد المفاوضين "نحتاج أداة قياس عاملة حتى نستطيع قياس غياب التوازن في جوانبه كافة، ولوضع تشخيص مفيد بالقدر الممكن. ولا تزال الصين تتردد في الموافقة على مؤشرات معينة تجري دراستها، حسب ما أفاد مصدر دبلوماسي شارك في عشاء عمل للوزراء مساء الجمعة.

وقال المصدر "توجد ثلاثة خيارات: إما تبني مجموعة إجراءات، أو عدم تبني أي شيء، أو محاولة التوصل إلى تسوية بشأن المؤشرات الرئيسة والثانوية أو حتى تلك التي تنفذ فورًا وغيرها تنفذ لاحقًا".

وتتمحور الخلافات على المؤشرات الخارجية، التي تضم جوانب مختلفة لمكانة الدولة مقارنة مع باقي دول العالم، ولذلك فإنها مهمة للغاية لقياس التوازن بين هذه الدول، ومثال على ذلك فائض التجارة الصيني الهائل مع الولايات المتحدة، الذي تلقي واشنطن بمسؤوليته على ضعف سعر صرف اليوان.

وأضاف المصدر إن "الصين مترددة، وتفضل أن يكون المؤشر بشأن ميزان التجارة، وليس ميزان الحساب الجاري" الذي تفضله باقي الدول. ويتسم موقف الصين بشأن مؤشرات العملة بالعدائية تقليديًا، لأنها تحتفظ باحتياطات هائلة من العملة الأجنبية، ولا يمكن تحويل اليوان إلى عملات أخرى بحرية.

ورفضت الصين العام الماضي اقتراحًا أميركيًا بالعمل على استقرار ميزان الحساب الجاري عن طريق وضع سقف بنسبة 4 % للعجز والفائض في الدول. وتتهم الولايات المتحدة وغيرها من القوى الأجنبية الصين بالإبقاء على انخفاض سعر صرف عملتها لدعم صادراتها. إلا أن الصين تنفي ذلك.

بيد أن ساركوزي قال الجمعة إن الصين قبلت استضافة ندوة حول سياسة صرف العملات ستجري في مدينة شينزهن الجنوبية في نهاية الشهر التالي. وتعهد ساركوزي بإصلاح النظام النقدي العالمي وأسواق السلع خلال رئاسته لمجموعة العشرين، وقال إنه يهدف إلى الدفاع عن الاقتصاديات الفقيرة في وجه اضطرابات العملات والتجارة.

كما تحدثت فرنسا وغيرها من الدول عن خفض اعتماد العالم على الدولار كعملة احتياطيها الرئيس. ويقول الوفد الأميركي إنه يرغب في التركيز بشكل أكبر على تأثير اضطراب تدفق رؤوس الأموال بين الدول.

وصادقت قمة العشرين في باريس يوم 19 فبراير/شباط على لائحة المؤشرات لقياس الاختلالات الاقتصادية العالمية. وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن فرنسا بذلك تجاوزت "بصعوبة العقبة الأولى في رئاستها لمجموعة العشرين"، إذ إنها "انتزعت هذا الاتفاق من الصين".

وتشير الوكالة إلى أن "لائحة المؤشرات التي تمت المصادقة عليها لا تأخذ في الاعتبار احتياط القطع، أحد الاجراءات الأكثر إثارة للجدل"، لأن الصين مع احتياط عملات أكثر من 2700 مليار دولار، تعارضه تمامًا مثل البرازيل وروسيا، خصوصًا لأنها متهمة بتكديس احتياط عملات أجنبية ضخم.

وأوضحت رئاسة مجموعة العشرين أن المؤشرات المتفق عليها تتعلق باختلال الموازين الداخلية لدولة ما (العجز والديون العامة من جهة والإدخار الخاص من الجهة الأخرى)، واختلال الموازين الخارجية (حصيلة ميزان التعاملات الجارية)، إضافة إلى معدل الصرف.

واعترفت وزيرة المالية الفرنسية كريستين لاغارد أمام الصحافيين بأن هذه المؤشرات "كانت موضع تفاوض طويل جدًا"، إذ دامت المفاوضات طيلة الليل، وكانت "صريحة، وأحيانًا متوترة، ولكن مثمرة". ووصفت لاغارد قرار القمة بأنه "تسوية نهائية تمثل ضرورة في طبيعة التعهدات التي قطعت".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف