تمويل غائب وإستكشافات محدودة لقطاع المناجم في الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أعلنت السلطات الجزائرية مؤخرا عن حزمة إجراءات للنهوض بقطاعها للمناجم والتعدين، وجرى إطلاق مولود جديد، ويتعلق الأمر بمجموعة "مناجم الجزائر" المملوكة للحكومة التي حُولت إليها أصول المؤسسات العمومية الخمس التي تنشط حاليا في مجال المناجم.
الجزائر: يرى خبراء تحدثوا لـ"إيلاف" أن التدابير الحكومية للنهوض بقطاع المناجم في الجزائر غير كافية، ويقترحون إعادة تأهيل شامل وإقرار تمويلات بجانب توسيع رقعة الاستكشافات المنجمية للنهوض بثروة هائلة من المعادن لا تزال تنتظر التثمين.
ويسجل الخبير "سعيد حاوشين" أنّ استحداث "مناجم الجزائر" أمر إيجابي على صعيد تكثيف التنقيب عن الثروات المنجمية المحلية كاليورانيوم والفوسفور والرصاص والزنك والذهب والفلورين وغيرها، وما يترتب عن ذلك من الاسهام بقوة في توفير مناصب عمل ورفع نسبة الصادرات خارج المحروقات.
لكن حاوشين يذهب إلى أنّ الخطوة مبتورة، ويجزم أنّ دفع عجلة الاستثمار المنجمي مرهونة بإعادة تأهيل المناجم والمقالع وتطوير البنى التحتية وافتتاح مناجم جديدة، لاستغلال احتياطات ضخمة من المعادن على غرار الحديد والفوسفات (بليوني طن) إضافة إلى النحاس، لكنها غير مستغلة بسبب محدودية الاستثمارات (لم تتجاوز 2.2 مليون طن) رغم أنّ النتائج مضمونة ومجدية اقتصاديا.
بهذا الشأن، يقترح حاوشين تحفيز المستثمرين بشكل أكبر من خلال تحرير تمويل الاستكشافات المنجمية، خصوصا في ظلّ الصعوبات التي يواجهها متعاملون محليون في التنقيب عن الذهب والألماس والألومنيوم، ما أفرز تراجعا لإيرادات القطاع بثلاث مرات خلال العام الأخير، بما سيمكن من استغلال 250 موقعا منجميا بينها 33 موقعا للحديد، في ظلّ مشكلة حقيقية بسبب ندرة الحديد ما أدى إلى تجميد ربع ورش الإنشاءات العامة في الجزائر، رغم امتلاك موقع "غار جبيلات" بأقصى الجنوب لوحده، طاقة إنتاجية بأربعين مليون طن سنويا.
ورغم كل التطمينات الرسمية بكون الإنتاج المحلي يشهد نقلة نوعية، لا سيما بعد الإعلان عن رصد مخصصات بقيمة 780 مليون دولار لإنعاش المصانع المملوكة للحكومة ودفع استثماراتها، إلاّ أنّ "جمال عزوق" ينفي ذلك ٍرأسا، ويذهب إلى أنّ اعتماد قانون المناجم العام 2000، وإرفاقه بمنح 490 امتيازا للتنقيب عن المعادن وتطبيق إعفاءات ضريبية لصالح المتعاملين، لم يفضي إلى نتائج إيجابية.
ولا يمكن - بمنظور عزوق - اختزال التراجعات في تأثيرات الأزمة المالية الكونية قبل ثلاث سنوات، بل في عدم اعتماد خطة بعيدة المدى، وذهنية الإهمال، على حد تعبيره، مبرزا عدم فاعلية استكشاف الرصيد الهائل من المعادن الجيولوجية، الجيو- فيزيائية والجيو- كميائية.
بدوره، يقرّ "عبد القادر بن يوب" رئيس مجلس إدارة الوكالة الجزائرية للممتلكات المنجمية، بالقصور الحاصل، موضحا أنّ التنقيب عن الأحجار الكريمة (الماس) مكلّف جدا ماليا - يفوق المليار دولار - كما أنّه يستغرق وقتا طويلا، بما يفرض فتح مجال الاستثمارات الكبيرة على مصراعيها خصوصا مع نجاح مجموعات خاصة في خلق 17 ألف فرصة عمل عبر عموم المناجم والمقالع، ويتابع بن يوب:"خطوة كهذه من شأنها تعبيد الطريق أمام استغلال احتياطات منجمية هائلة بالجنوب الجزائري لا سيما بولايتي بشار وتمنراست، وتصنيع حمض الكبريت على درب توسيع صناعة الأسمدة الفوسفاتية والصناعة المنجمية ككل، بشكل يجعل منها فاعلا أساسيا في الاقتصاد المحلي وتخليصه من شبح الاعتماد المفرط على النفط".
وبقي مخطط الجزائر لاستغلال احتياطات ثروتها الهائلة من اليورانيوم، يتخبط منذ ثلاث سنوات، رغم رصد الحكومة نحو 150 مليون دولار للوفاء بموجبات العملية في أفق 2012، في وقت لا يزال الوعاء الاحتياطي الإجمالي من اليورانيوم مجهولا، علما أنّ الجزائر تنوي استخدام اليورانيوم المخصّب في مضاعفة توليد وإنتاج الطاقة الكهربائية.
وطرحت الجزائر قبل فترة، مناقصات دولية لاستغلال 17 موقعا منجميا في أنحاء متفرقة من البلاد، وأهم المعادن التي ستتضمنها عمليات التنقيب الرصاص والزنك والذهب والفلورين.
وأطلقت الجزائر قبل سنتين مشروع مصنع الألمنيوم لشركتي "مبادلة ديفلبمنت كومباني" و"دبي ألومنيوم" (دوبال) المحدودة، وتزيد طاقة إنتاج المصنع المذكور إلى حدود سبعة ملايين طن سنويا من الألومنيوم الابتدائي سنويا، وهو استثمار رٌصدت له مخصصات بقيمة 5.4 مليارات دولار، على أن يكون جاهزا العام القادم في مجال إنتاج وتسويق الألومنيوم.
المشروع الذي تحتضنه المنطقة الصناعية الجديدة بني صاف التابعة لمحافظة عين تيموشنت أقاصي الغرب الجزائري، يمتاز بالاعتماد على إنتاج الألومنيوم بتوظيف تكنولوجيا "دي إكس" ذات الجودة العالية التي بوسعها إنتاج ستمائة ألف طن من الألومنيوم الفاخر سنويا، وهو صنف يُستخدم لتصنيع خلائط السبائك المستخدمة في تصنيع عجلات السيارات، الألواح المعدنية المستخدمة في أعمال الإنشاءات والتطبيقات الصناعية، فضلا عن منتجات الألومنيوم المستخدمة في صناعة الإلكترونيات، سيما مع ارتفاع الطلب على هذه المادة.