فرنسا في حرج بعد إنفضاح مزاعم التجسس على "رينو"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وصفت شركة رينو الإتهامات ضد مدراء باعوا أسرار متعلقة بالشركة بأنها واحدة من أكثر إدعاءات التجسس الصناعي إثارة.
القاهرة: بعد أن وُصِفَت الاتهامات التي وجهتها شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات في كانون الثاني/ يناير الماضي إلى ثلاثة من مدرائها التنفيذيين ببيعهم أسرار متعلقة بطريقة تصنيع السيارات الكهربائية، بأنها واحدة من أكثر ادعاءات التجسس الصناعي إثارةً في مجال صناعة السيارات، أثيرت تلميحات إلى أن المشترين هم الصينيون.
وقال وزير الصناعة الفرنسي، اريك بيسون، إن واقعة السرقة هذه بمثابة "حرب اقتصادية". واشتبهت شركة رينو في أن المدراء المتهمين قاموا بإخفاء الأموال التي تحصلوا عليها في تلك العملية غير المشروعة في حسابات مصرفية في سويسرا وليختنشتاين.
وتوجد الآن دلائل متزايدة على أن الشركة الفرنسية قد تسرعت في حكمها، وأنها لم تصل حتى الآن سوى لقدر ضئيل من الأدلة، بحسب ما ورد في مقابلات أجرتها صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية مع مسؤولين عن إنفاذ القانون ومديرين تنفيذيين ومحامين وخبراء استشاريين من الخارج. وأشار بعض هؤلاء كذلك إلى أن محققي الشرطة لم يجدوا على سبيل المثال حسابات مصرفية سرية ذات صلة بالمدراء الثلاثة.
وجاءت تلك الواقعة لتزيد الطين بله بالنسبة لكارلوس غصن، الرئيس التنفيذي لشركة رينو، الذي سبق له أن تمكن بعبقرية من إعادة البريق لشركة نيسان موتور اليابانية التي تتبع الشركة الفرنسية وكانت تعاني من متاعب، ويقضي وقته الآن بين طوكيو وباريس من أجل إدارة المجموعة العملاقة المتخصصة في صناعة السيارات.
وقد أثيرت تلك القضية عندما بُعِث برسالة مجهولة في شهر آب / أغسطس الماضي إلى العديد من كبار مدراء الشركة بشأن ﻣﻴﺸـﻴﻞ ﺑﺎﻟﺜـﺎزارد، رئيس قسم مشاريع التطوير في الشركة وواحد من أكثر مدرائها التنفيذيين احتراماً. ونقلت الصحيفة في هذا الجانب عن محامي بالثازارد، قوله :" لقد قال المُبَلِّغ في تلك الرسالة إنه شاهد بالثازارد وهو يتفاوض على رشوة .. وقد عززت سلوكياته على مدار أسابيع الانطباع الأول الذي أخذته عنه. بالطبع ليس لدي دليل، لكني سأكون مصاباً بجنون العظمة إن كان هذا كله عار من الصحة". وقد تم فصل بالثازارد واثنين آخرين من المسؤولين، حيث تحركت الشركة لتفعل ما رأتها خطوات ضرورية للسيطرة على الضرر الذي قد يلحق بأهم أعمالها المستقبلية، وهي السيارات الكهربائية. كما تقدمت رينو بشكوى جنائية إلى إحدى محاكم العاصمة الفرنسية باريس.
وفي المقابل، أكد المدراء الثلاثة مراراً وتكراراً على براءتهم من هذا الاتهام. وأوردت وول ستريت جورنال هنا عن بالثازارد، قوله :" بعد 30 عاماً، لم يبد أي من كبار المسؤولين التنفيذيين بالشركة أي ثقة في شخصي. ولازلت في حيرة من أمري جراء تلك الاتهامات الموجهة لي". وتابعت الصحيفة حديثها في تلك الجزئية بلفتها إلى وجود عدة تساؤلات متعلقة بتلك القضية دون أن يُجَاب عليها حتى الآن، ومنها: من بعث بتلك الرسالة المجهولة ؟ ومن الذي يُفتَرض أنه قام بشراء أسرار الشركة؟
هذا وبدأ ينظر مسؤولو الشركة الآن في احتمالية أنهم قد ضُلِّلوا وتعاملوا مع الموقف بصورة سريعة للغاية. وهو المعنى الذي أكد عليه باتريك بيلاتا، المدير التنفيذي للعمليات في الشركة، خلال مقابلة أجراها مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية الأسبوع الماضي.
وبحسب ما ذكره شخص مقرب من مجلس إدارة الشركة الفرنسية، فإن عدم التوصل حتى الآن لأدلة حاسمة في تلك القضية أدى لحدوث انقسام بين مسؤولي الشركة، وبات هناك معسكران، أحدهما مؤيد لغصن، والآخر مناهض له. ونقلت الصحيفة عن هذا الشخص، قوله :" تشهد الشركة أجواءً محتقنةً .. فالكل يشتبه في أن الشخص الذي يجلس إلى جواره على المكتب ربما هو المخبر السري الذي بعث بالرسالة". ونفت في غضون ذلك متحدثة باسم الشركة أن يكون هناك انقساماً بين الموظفين.
ورأت الصحيفة في ختام حديثها أن سوء إدارة التحقيق في تلك الواقعة قد يُشكِّل أمراً محرجاً للحكومة الفرنسية، التي تمتلك 15 % من شركة رينو. هذا وقد قام قسم الأمن الداخلي بالشركة بفتح تحقيق وتمت الاستعانة بالمظلي الفرنسي السابق، ميشال لوك، الذي سبق له العمل بإحدى شركات التحقيقات الخاصة وكان متواجداً في الجزائر. كما أخبر مسؤولو الشركة الشرطة الفرنسية بأن لوك لم يكن الشخص الذي قام بتجميع المعلومات التي يُقال إنها تُجرِّم بالثازارد وزميليه، ورفضا الكشف عن مصدرهم، على حسب ما ذكره في هذا الصدد أشخاص مطلعون على المسألة.