اقتصاديون: رأس الإصلاحات الاقتصادية هو القضاء على الفساد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تباينت آراء عدد من المهتمين بالشأن الاقتصادي العراقي حول قدرة الحكومة العراقية من تنفيذ اصلاحات اقتصادية خلال المهلة التي حددها رئيس الوزراء العراقي والتي هي (100) يوم ، وهي الاصلاحات التي طالب بها المواطنون الذين خرجوا في تظاهرات في بغداد والمحافظات وارتأت الحكومة ان تسعى الى تنفيذها وفق خطط تبدو في شكلها العام متوزعة على امد قريب وامد بعيد ، وهو ما ينظر الاقتصاديون الذي تحدثوا لـ (ايلاف) بعينين احداهما تقطر يأسا والاخرى املا ، مؤكدين ان القضاء على الفساد المالي والاداري سيحل الكثير من المشاكل ويؤدي بالاصلاحات الى السير على الطريق الصحيح .
بغداد: اشار هؤلاء المهتمون بالشأن الاقتصادي إلى ان المطالب الشعبية المتمثلة في توفير مواد البطاقة التموينية والكهرباء وتشغيل العاطلين عن العمل والحريات العامة من الممكن ان يتم تنفيذها حسب سهولتها ، والاهم من هذا هو اعطاء الامل للناس من ان الحكومة ستعمل جاهدة من اجل ألا تكون هذه المطالبة مجرد وعود وتسويف ، وقد اعطى هؤلاء الاساتذة عددا من المعالجات والحلول التي رأوا ان تأخذها الحكومة في الاعتبار .
يقول الدكتور ميثم لعيبي اسماعيل / الاستاذ الجامعي في كلية الاقتصاد / الجامعة المستنصرية : الاصلاحات تتضمن اكثر من محور ، الاول محور الخدمات والطاقة ، والثاني محور الفساد المالي والاداري ، والمحور الثالث محور الامن الغذائي والذي يتعلق بالبطاقة التموينية ، مثلا في البطاقة التموينية هناك اكثر من سيناريو ، اولا السيناريو التقليدي الذي هو تحسين مفرداتها ، وانا شخصيا لا اقتنع بهذا المحور ، بل انني اقتنع بزيادة اللا مركزية خصوصا بوجود مبادرات الان مثل التي عرضها مجلس الوزراء التي تنادي باللا مركزية ، وهو ما يمكن ان نعالج به البطاقة التموينية ، مثلا ان تتحول الى المحافظات ، كل محافظة تدير الملف ومن الممكن ان تتخذ خطوات ، واذا ما قال قائل سيكون هناك فساد فأنا اقول العكس ، فالفساد سيكون اقل لان الروتين يصبح اقل والنقل اقل ، ومن الممكن اذا صار فساد ان يحاسب مجلس المحافظة فضلا عن ان هناك خيارات اخرى منها ان تستثنى طبقة الناس الذين لديهم دخل مرتفع ، كما ان هناك خيارا مطروحا الان وهو الغاء البطاقة التموينية ، وبدل منها يعطى بدل نقدي محترم ، وان يواكب هذا البدل الزيادات في الاسعار .
واضاف : اعتقد ان هناك نوعين من الاصلاحات ، الاول على الامد القصير العاجلة الانية التي بدأوا بها ، لكن نحن نطمح الى اصلاحات طويلة الامد خاصة في مجال الفساد الاداري والمالي والذي استند الى تركيبة المحاصصة والطائفية التي جعلت اشخاصا يصعدون الى سدة اتخاذ القرار ، وهم رجال غير اكفاء ، وليس هناك في النظام الديمقراطي سوى الانتخابات ، فالمواطن يريد خدمات وماء وكهرباء ومستوى معاشيا جيدا واذا ما رأى هذه النخب التي صعدت اليوم لم تحقق له شيئا فسوف يثور عليها ، الثورة بمعنى صناديق الاقتراع .
وتابع : كما ان ملف البطالة مهم جدا ، واعترفت الحكومة اخيرا ان هذا الملف لن يحل بزيادة التوظف في القطاع العام الذي هو غير قادر على استيعاب اعداد العاطلين ، فالعراق اليوم من اكبر النسب في المنطقة فيه توظف في القطاع العام ويصل العدد الى اربعة ملايين موظف ، اما ما يقال عن التعيينات الـ (173) الفا الذين ستوظفهم الحكومة هي نقطة في بحر، لكن يعول على القطاع الخاص في امتصاص النسبة الاكبر، والذي يحتاج إلى التشجيع من خلال الامتيازات ، اي ان اي امتياز في القطاع العام يعطى الى القطاع الخاص، مثلا : في القطاع العام هناك تقاعد ، اذن في القطاع الخاص يجب ان يكون هناك تقاعد ، وكذلك الضمان الاجتماعي ، واعطاء قطع الاراضي ، وهذه التشريعات ضمن مهمة الحكومة ، حتى لو انتقل الموظف من عمل الى اخر يبقى هذا الملف كخدمة له .
واضاف : "طريقة الإصلاحات الاقتصادية هي الاستجابة للاستحقاقات الديمقراطية ، مثلا في ما يتعلق بالقطاع الزراعي ولدي ربما في هذا المجال ، انا اعتقد قبل كل شيء ان تكون هناك علاقة بين المركزية والديمقراطية وهذه علاقة جدلية تاريخية والان لابد من تنظيم هذه العلاقة بين المركزية والديمقراطية بالطريقة التي تضمن ان تكون هناك دولة قوية بقوة القانون وليس بقوة الافراد ، فهذه الاصلاحات ، انا متأكد من ان الناس الخيرين قادرين على أن يقدموا اهداف الناس ويصيغوها ويصيغوا احلامهم ، لكن كيف يمكن ان تنفذ . لابد ان يكون هناك جهاز اداري وتنظيمي متمكن وواعٍ ومنسجم مع مصالح الناس وليس مناهضا لمصالح الناس ، وانا اتمنى امنية وارجو ألا تكون كثيرة، وهي أننا عشنا مدة طويلة ونرى ان الناس تتصارع في قمة الهرم التنظيمي حول المحاصصة وما الى ذلك وتوزيع الوزارات ومرت سنة دون أن تتشكل الوزارة بشكل كامل ولكن عندما خرجت هذه الشبيبة مدافعة عن مصالحها وإصلاح الاوضاع رأينا بكل وضوح كيف ان هؤلاء الناس اتحدوا في البرلمان وفي الدولة وفي الحكومة في مواجهة هذه الشبيبة التي خرجت، وهذا يؤكد حقيقة واحدة وهي ان الصراع القائم صراع اجتماعي عنيف وان هناك قوى لا تريد للعملية السياسية ان تتواصل وان تتطور وينبغي على الناس ايضا ألا تجزع ولا تمل وان تواصل النضال من اجل التمسك بالديمقراطية اولا" .
وتابع: "على الرغم من اننا رأينا المدة الزمنية التي مضت والتي لم يتحقق فيها شيء ، هذه اعطت قناعة لكل الناس بأن هؤلاء الناس غير قادرين على ان يحققوا بهذه الفترة الزمنية التي ألزموا أنفسهم بها ، انا اعتقد انه تحدٍ كبير وخطأ ، انا اعتقد انه خطأ كبير وضعوا انفسهم في هذه المئة يوم ، خاصة اذا تابعنا ميزانيات الدولة التي هي لا تعبر عن هذه الرغبة ، عن رغبة الاصلاح ، بقيت ميزانيات لا تعطي للقطاع الزراعي ما يمكنه التطوير ولا اعطت للجانب الصناعي وبقيت ميزانية لا تنشط الجوانب الانتاجية في البلد ، لذلك انا لدي شكوك في امكانية هذه التشكيلة السياسية البرلمانية في تحقيق مطالب الشعب على الرغم من ان قسما منهم اناس طيبون وضحايا للاستبداد ولكنهم غير قادرين على ان ينجزوا هذه المهمة" .
اما المستشار المصرفي فاروق صالح الرمضاني فقال :"مسألة الاصلاحات بسيطة جدا اذا التزمنا بالتوقيتات ، اي بالمئة التي هي الفرصة التي اعطاها السيد رئيس الوزراء ، من الممكن القيام ببعض الاصلاحات مثل البطاقة التموينية فالمئة يوم كافية (البطاقة التموينية) نهائيا ، لأن طريقة تنفيذه بسيطة من خلال الاستيراد ، فعندنا الاليات والامكانات والكوادر ، فتتوزع المواد حسب الاصول وفق الضوابط السابقة ، ويفضل ان توزع للطبقات الفقيرة وان تعطى حصة اضافية من اجل ان نهيئ لهم الاسباب للعيش البسيط ، واذا ما قيل سيكون هناك فساد انا اقول لك : اضبط الرقابة والنوعية والكمية والبطاقات بشكل صحيح ستسد الثغرة ، لا تترك ثغرة في القانون تجعل المفسد يدخل منها ،وهناك أمر آخر هو لا داع لمن راتبه أكثر من مليون ان اعطيه بطاقة تموينية ، هذه الفئات مرفهة وبإمكانها ان نأخذ منها لنعطي للفقراء ، ان نعطي الفقراء حصة اضافية تساعدهم وهي نوع من المساعدة في إنعاشهم الاقتصادي ".
واضاف : "هناك بعض الاصلاحات تحتاج الى ستة اشهر ،مثل التعيينات حيث لا بد ان تكون هناك معيارية صحيحة وحسب الاسبقيات والاختصاصات والدرجات العالية ، بمعنى ان لا يتم تعيين خريجي الاعدادية واترك الذين لديهم شهادة الماجستير ، ابدأ من الاختصصات العالية نزولا كي تكون هناك عدالة ومساواة ، اما قضايا الاسكان التي تأخذ وقتا اطول من المدة المحددة ولكن لابأس ان نبدأ من الان ، ان ننشئ على سبيل المثال مئة عمارة سكنية ، فعندما انشئت الاسس الخاصة بها ستكون هنالك نظرة المجتمع المطمئنة ولا سيما الشباب الذين سيحدث لديهم اطمئنان نفسي،فنحن خلال ثماني سنوات لم نر بناية بنيت ، ولا اخفيك انني ما زلت سعيدا لانني شاهدت حالة بسيطة وهي (دولاب الهواء) الجديد الذي اقيم في متنزه الزوراء قبل ايام ، صحيح هو شيء ترفيهي ولكنه افرحني ، شعبنا الان متعطش الى البناء، بلدنا عاش عشرين سنة تدمير ويحتاج الى بناء ، فليس من المعقول خلال ثماني سنوات لا فندق جيدًا لدينا .
وتابع : هناك بعض المسائل التي يمكن ان نسميها (الاصلاحات في الشوارع) مثلا الشوارع الرئيسة يفترض ان ننتهي منها ، فما زالت هناك بيوت خربة في شارع عام ، خذ مثلا قرب ساحة كهرمانة في الكرادة تجد بيتا مهدما ، هذا لا يعطي فكرة جيدة للسائح، اما الكهرباء فرئيس الوزراء قبل ثلاث سنوات حدد وقال نهاية 2011 ستحل ازمة كبيرة منها ، ونحن صبرنا كثيرا على الكهرباء منذ عشرين سنة ألا نستطيع ان نصبر عشرة اشهر ؟ ، لنعط فرصة للدولة ولا نضغط عليها اكثر من طاقتها ، اعطونا مئة يوم وسوف نعمل بها جزءا من الاصلاحات ، يعطون ستة اشهر للجزء الثاني ونهاية السنة الجزء الثالث وبعدها نبدأ بمحاسبتها حسابا عسيرا" .
وقالت منى زلزلة ، مديرة البرامج في العراق / مركز المشروعات الدولية الخاصة : المطالبات الشعبية في تزايد لان الحاجة متزايدة ولكن كيف يمكن الاصلاح الاقتصادي ، الجواب من خلال تفعيل القوانين ومحاربة الفساد واعادة تأهيل البنى التحتية ، الكهرباء يجب ان ينظر اليها بعين العناية كي نستطيع تشجيع الصناعة الوطنية ، ونشجع صاحب المصنع ان يعود الى تشغيله بالطاقة نفسها التي كان يشغله بها سابقا ، اذا ما يزيد عليها، وهذه تحتاج الكثير من الحكومة ومن القطاع الخاص .
واضافت : "المطلوب من الحكومة الان ان تعمل اصلاحا لمؤسساتها وتكافح الفساد ، لان الفساد يؤدي الى عدم وجود فرص عمل للمؤهلين ، وما كان يحدث للاسف ان يتوقف ، وقد كانت فرص العمل تذهب لاشخاص معينيين فقط قد يكونون غير مؤهلين ، ونتمنى ان تتوفر فرص العمل للمواطنين المؤهلين ، وهذا سيكون من خلال محاربة الفساد ، وبدأت الدولة تخطو خطوات في هذا الجانب ".
وتابعت : "على الحكومة ان تبدأ خطوات جادة فعلا في توفير مواد البطاقة التموينية والتي هي الان مشكلة ، وهناك الكثيرون نادوا ان لا داعي لها ولكن هناك الكثيرين بحاجة اليها فتحتاج الحكومة الى تفعيل البطاقة التموينية مرة ثانية على الاقل لفئة معينة من الشعب ، واعتقد ان البطاقة التموينية سواء كانت مركزية او غير مركزية لابد ان نحارب الفساد في الحالتين اولا ، ولكن هل ان اللامركزية تزيد نسبة الفساد ؟ الجواب انها من الممكن ان تزيده في بعض المحافظات وتقلله في محافظات اخرى" .
وأوضحت ان ابرز المعالجات هي .. يجب ان نضع حدا لظاهرة الفساد ، نضع حدا للمحسوبيات ، وحتى العقود التي تخص البطاقة التموينية ووزارة التجارة يجب ان توضع عليها رقابة مشددة ، يجب ان يكون هناك تسهيل ولكن لا اقصد بالتسهيل ان استورد أي شيء ، بل هناك مواصفات عالمية جيدة بالاضافة الى التسريع بهذه العملية ، فالبطاقة التموينية مطلب شعبي ، مطلب الطبقات الكادحة او المعدمة.
وقال الدكتور جاسم محمد الحافظ ، اكاديمي عراقي : "في تقديري ان جوهر هذا الصراع الاجتماعي هو في الحقيقة جوهره الديمقراطية ، الان الصراع يجري بين قوتين : قوة مناهضة للديمقراطية واخرى مناضلة من اجل ترسيخ الديمقراطية والتمسك بها وترسيخ مؤسساتها كي يفضي الى اقامة دولة العدالة الاجتماعية ، وبالتالي اعتقد ان هذا الذي يجري الان وهو تحديد الطرق او تحليل هذه العلاقة بين الاصلاحات الاقتصادية وبين مطالب الجماهير هو في الحقيقة تمهيد للدفاع عن الديمقراطية في العراق اولا وحشد الجماهير للدفاع عن مصالحها ، خاصة ان الاحتكاك يجري الان بين الحكومة بالتحديد وبين الجماهير التي فقدت الثقة رغم اننا نؤكد حقيقة ان هذه الحكومة منتخبة وليس هنالك من يسعى الى اسقاطها بقدر ما الناس تسعى جاهدة الى اصلاح مسار العمل السياسي" .