اقتصاد

الوضع الليبي الراهن مضرّ بالجزائر إقتصادياً

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

على نقيض ما قدمته إضطرابات تونس ومصر من خدمات إقتصادية للجزائر، يشكّل الوضع الليبي الراهن هاجساً كبيراً يؤرق الجزائريين، حيث يرى الخبير الإقتصادي عبد الحق لعميري أنّ البلاد مرشحة لمشكلات جدية بسبب تفاعلات الوضع في ليبيا والمنطقة العربية ككل.

الجزائر: يؤكد الخبير الاقتصادي الجزائري البارز عبد الحق لعميري في تصريحات خاصة لـ"إيلاف" أنّ التأثيرات الاقتصادية لما يحدث حاليًا في ليبيا وكذلك فيالبحرين واليمن وسوريا سلبية على طول الخط بالنسبة إلى الجزائر.

ويشرح لعميري أنّ آلاف الجزائريين الذين اضطرتهم الظروف إلى ترك ليبيا ودولاً عربية أخرى، سيشكلون أرقامًا إضافية في طابور العاطلين، ما يفاقم من متاعب الحكومة الجزائرية العاجزةحتى الآن عن معالجة معضلة البطالة (السلطات تحصرها في 10.2 %، فيما ترفعها هيئات غير رسمية إلى 25 %).

ويحيل محدثنا على انعكاسات أخرى ينبغي أن توضع بعين الحسبان كاحتباس حركة السلع والأشخاص بين الجزائر وجيرانها، وعدم قدرة البلد على استيعاب الوافدين الجدد، ما ينذر باتساع رقعة الفقر في الجزائر (22 % من مجتمع قوامه 36 مليون نسمة)، إلى جانب احتمال بقاء معدّل التضخم مرتفعًا، وما سينجر عن ذلك من تداعيات، تبعًا لكون التهاب الأسعار ينهك كاهل قطاعكبير من المجتمع المحلي، لا سيما فئة الموظفين محدودي الدخل، في حين لا تقوى الجزائر على تحقيق نمو يفوق 4 %، بينما هي مُطالبة بالقفز بنموها إلى حدود تلامس العشرة في المائة.

في مقام ثان، يبرز لعميري أنّ الوضع في الوطن العربي ككل، وتحديدًا في منطقة شمال أفريقيا، يدفع باتجاه هروب الرساميل الأجنبية، حيث تؤكد كبرى هيئات الاستثمار في القارة العجوز أنّ المنطقة مهددة بشكل كبير، وهو اعتبار لا يغري المستثمرين الأجانب بالبقاء هناك أو إطلاق فرص استثمارية جديدة بحكم احترازهم إزاء خطر القلاقل الأمنية، وما تثيره التهديدات الإرهابية في الصحراء الكبرى،حيث توجد حقول النفط من مخاوف، فضلاً عن ارتياب المستثمرين نفسهم من انتقال العدوى التونسية المصرية الليبية إلى الجزائر، رغم استبسال مسؤولي الأخيرة في نفي ذلك.

ويقحم مراقبون ثمة انعكاسات سلبية للزلزال الليبي الجاري، حيث يشير أنيس نواري إلى أربعة آلاف جزائري تمّ تجريدهم من كل أموالهم واستثمارتهم في ليبيا منذ الذي حدث منذ السابع عشر شباط/فبراير، ويمثلون وجع رأس إضافيًا في بلد لم تتمكن حكومته من حل مشكلات متراكمة في الداخل.

وإذا كان البعض يرى في ارتفاعات بورصة النفط مؤشرًا إيجابيًا للجزائر، التي تهيمن الصادرات النفطية على عجلتها الاقتصادية، إلاّ أنّ لعميري يسجّل أنّ بلاده بدأت تتجرع فعليًا سلبيات ما يحدث عربيًا، إذ تشير معطيات الميدان إلى تراجع محسوس في الاستثمارات الأجنبية هناك، وهو معطى مرتبط رأسًا بخشية هؤلاء المستثمرين مما يخبئه الأفق الجزائري المعتم في ظلّ الافتقاد إلى مسار سياسي واضح والتغيرات الفجائية التي تطبع السياسات المؤطرة للمشهد الاقتصادي المحلي.

في سياق توقعاته لمستقبل الاقتصاد في بلاده، يركّز لعميري على أنّه ما لم تتوضح الرؤية السياسية العامة في الجزائر، فإنّ الاستثمارات الخاصة ستنهار تمامًا مثل "الفرملة" التي تطبع حراك أرباب العمل بسبب الغموض السائد.

في سياق متصل، يبدي لعميري قناعته أنّ مضاعفة الجزائر إنفاقها العمومي وضخّها مخصصات ضخمة لشراء السلم الاجتماعي، لن تكون لها نتائج كبيرة،طالما أنّها ليست صيغة اقتصادية محكمة، ويشير في هذا الصدد إلى إمكانية تنامي التضخم على منوال ما شهده العام الماضي (6.1 %)، وما سيترتب عن ذلك من ارتفاع كبير في أسعار المواد الواسعة الاستهلاك، حيث سيخلق ذلك متاعب جمّة للسكان المحليين، لا سيما فئة الموظفين المحدودي الدخل، علمًا أنّ بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت الجزائر في أواسط السنة الماضية، حذرت سلطاتها من كون "توسيعها الموازنة"، سيفرز تضخمًا متسارعًا يزيدمن احتقان الجبهة الاجتماعية.

وينتهي لعميري إلى أنّ حوارًا يجمع السلطة والمعارضة في الجزائر، ويفضي إلى تسطير خطة اقتصادية مؤطّرة، سيجعل حل الإشكالات الاقتصادية ممكنة، إذا توافرت دعائم الاستقرار للوضع السياسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف