وزيرة المال اللبنانية: دولنا العربية بحاجة ملحّة الى اصلاحات بنيوية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: برعاية رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، ممثلاً بوزيرة المال ريّا الحسن، افتتح صباح اليوم الإثنين في فندق البريستول في بيروت، المؤتمر الدولي العاشر للمعهد العربي للتخطيط، والذي يستمر الى الأربعاء ويتناول "التوجهات الحديثة في تمويل التنمية". وشددت الحسن خلال الجلسة الافتتاحية على ان التطورات التي يشهدها العالم العربي يجب أن تكون حافزاً لتسريع "الجهد الاصلاحي والتنموي" في الدول العربية، مؤكدة حاجة هذه الدول "الملحّة" الى "اصلاحات بنيوية، تتيح لها مواجهة التحديات"، فيما كشف مسؤول في الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية في الجامعة العربية أن مساهمات الدول العربية في حساب دعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، بلغت حتى مطلع هذه السنة 393 مليون دولار من إجمالي رأس المال الذي يبلغ ملياري دولار أميركي.
وينظم المعهد العربي للتخطيط المؤتمر بالتعاون مع كل من البنك الإسلامي للتنمية في جدة، وإدارة التنمية والسياسات الاجتماعية التابعة للأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في جامعة الدول العربية، ومعهد باسل فليحان المالي والاقتصادي في لبنان، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، وجمعية العزم والسعادة في لبنان. ونقلت الحسن الى المشاركين تحيات الحريري، وقالت إن "لبنان يتشرف بأن يستضيف كل سنتين المؤتمر الدولي للمعهد العربي للتخطيط، وأن يحتضن أنشطة أخرى للمعهد، ومنها اجتماعات مجلس الأمناء، والدورات التدريبية المتعددة". وأضافت: "إن لبنان يرى، في تمسككم به مركزاً وملتقىً، تأكيداً لايمان أشقائه العرب بدوره العلمي والثقافي والاقتصادي المميز، وتجديداً لثقتهم بهم رائداً في العمل العربي المشترك، وعنواناً للحوار في شأن القضايا التي تهم دولنا ومجتمعاتنا، ومرادفاً للانفتاح وتبادل الأفكار والخبرات".
ولاحظت الحسن أن "العالم العربي يشهد اليوم أحداثاً وتغييرات وتحولات تاريخية لم يلحظها أي تخطيط، ولم يكن ممكناً لأحد أن يتوقعها". وتابعت "اذا كانت هذه التطورات تحدث تبدلاً عميقاً في المشهد السياسي والاجتماعي، فهي يجب ألا تنسينا الحاجة الملحّة الى اصلاحات بنيوية، تتيح لدولنا مواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية. بل إن هذه الأحداث يجب أن تشكل حافزاً اضافياً لتسريع الجهد الاصلاحي والتنموي".وقالت "إن لكل من دولنا همومها وتطلعاتها، ونقاط قوتها وأوجه ضعفها، لكن التحديات التي نواجهها تتشابه: تفعيل النمو لتحقيق معدلات مرتفعة، وتوفير فرص العمل، وتحسين مستوى الخدمات والتقديمات الاجتماعية بحيث تكون شاملة، وموجهة في الاتجاه الصحيح، وتتصف بالجودة والنوعية".
وتابعت "إن نظرتنا الاقتصادية تقوم على أن الاصلاحات البنيوية هي السبيل الى ايجاد مناخ مشجع ومسهل للأعمال والاستثمارات، وبالتالي الى تعزيز النمو. كما ان تعميم فوائد النمو على كل الفئات والمناطق هو السبيل الى التصدي للهموم الاجتماعية، وتحقيق الازدهار، واطلاق التنمية".وأشارت الى أن "التوجه الذي يترسخ يوماً بعد يوم، بفعل التجارب المتراكمة، والأزمات الأخيرة التي شهدها العالم، هو، من جهة، تشجيع نشاط القطاع الخاص لتحفيز النمو، ومن جهة أخرى، افساح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في التنمية، والافادة من قدراته في تنفيذ المشاريع التنموية وادارتها بكفاءة".
وشددت على أن "تطوير الأسواق المالية، وتوفير البيئة الملائمة للاستثمار الخاص، بات هاجساً أساسياً لدى كل دول العالم، ومنها دولنا العربية، وبنداً اصلاحياً رئيسيا ومحورياً". ولاحظت أن "كل الدول تنفتح، وتسعى الى استقطاب المستثمرين وجذبهم، لأنها أدركت أن القطاع الخاص محرّك للنمو، وعنصر أساسي في عملية التنمية".وابرزت أن "هذا التوجه لا يقتصر على تيسير الاستثمار الخاص في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات، بل ينسحب أيضاً على المشاريع العامة، التي كانت الدولة تتولاها تقليدياً".
واضافت "ان دولنا العربية مدعوة اليوم الى توفير الأطر المناسبة لتمكين القطاع الخاص من توظيف امكاناته في المشاريع العامة، وفي الجهد التنموي. فالأزمة المالية العالمية حتّمت على دول العالم، وعلى بلداننا العربية تحديداً، الانفتاح على أشكال الشراكة مع القطاع الخاص، سواء منها الـBOT أو الـPPP أو الخصخصة".واعتبرت أن "المروحة الواسعة من الخيارات في هذا المجال، لا تشكل فقط علاجاً لمشكلة تردي الخدمات أو ارتفاع أكلافها، بل توفر ايضاً- وخصوصاً- حلولاً لمشكل شحّ الموارد المالية لدى الحكومات، وتجعل اطلاق المشاريع التنموية ممكناً في أي وقت، من دون أن تحتاج هذه المشاريع الى الوقوف سنوات طويلة في "طابور" انتظار توافر التمويل".
واذ أشارت الى ان "الشراكة مع القطاع الخاص اصبحت مرتكزاً لاية أجندة تنموية، وممراً اجبارياً لا يمكن لأي خطة تنموية الالتفاف حوله"، أكدت أن "في كل ذلك، يبقى للدولة أن تخطط وتحدد الأولويات، وأن تصون المصلحة العامة من خلال المراقبة ووضع الأطر المنظمة، بحيث يشعر المواطن-المستهلك أنه محمي من أي احتكار أو استغلال أو جشع. كما ان على الدولة أن تضمن تأمين فرص العمل لمواطنيها، وخصوصاً الشباب منهم. وعليها كذلك أن توسع شبكات الأمان الاجتماعي وتفعّلها".
وشددت على ان "استدعاء القطاع الخاص لا يعفي الدولة من واجب تحسين ادارتها المالية، وتطوير أنظمتها الضريبية، واصلاح عمليات اعداد الموازنة وتنفيذها، ومحاربة الفساد، والحد من عبء ديونها، ومعالجة أية اختلالات في سوق العمل. لا بل ان مشاركة القطاع الخاص لا يمكن أن تحقق كامل مداها وفاعليتها، ما لم تلتق مع اصلاح شامل على مستوى الدولة والادارة العامة".
وابدت الحسن اعتزازها "بالشراكة القائمة بين وزارة المال والمعهد العربي للتخطيط من خلال معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي"، ورأت أن "هذه الشراكة أضافت الكثير الى الطرفين، اذ وفرت لمعهد باسل فليحان بعداً اقليمياً، ودوراً عربياً نشطاً، وفي الوقت نفسه مكّنت المعهد العربي للتخطيط من الافادة من قدرات المعهد اللبناني البشرية، وخبرته التدريبية، ومهاراته التنظيمية، وشراكاته الخارجية". واذ أملت في "أن تستمر هذه الشراكة لما فيه خير الدول العربية جمعاء"، تمنت للمؤتمر "التوفيق والنجاح والتوصل الى خلاصات مفيدة لدولنا ومنطقتنا العربية".
بعد ذلك، كانت كلمة لوزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ ألقتها نيابة عنه مستشارته لشؤون البرامج الدولية والتنمية سوسن مهدي.وقال الصايغ في كلمته "ليس من المستغرب أن نرى اهتماماً متزايداً من قبل منظماتنا العربية في رفع شأن التنمية الاجتماعية الاقتصادية، وهي - أي المنظمات- الشريك الاساسي، وفي بعض الأحيان الأفعل، في مؤازرتها لحكوماتها من أجل الحد من تفاقم الفقر والبطالة والهجرة. وليس من المستغرب أيضاً أن يقام مؤتمر عربي يبحث في قضايا التغيّرات الحاصلة في شروط ومنهجيات وسياسات التنمية الوطنية والاقليمية والعالمية، إذ تبدّلت قواعد الشراكة، بحيث لم يعد مسموحاً أن يكون هناك من تنمية مشروطة تسقط بفعل الأولويات التي تضعها الجهات المموّلة على حساب الأولويات الوطنية. وأخيراً، ليس من المستغرب أن يعقد المؤتمر في بيروت حيث للبنانيين باع طويل في اختبار التنمية وممارستها وقولبتها بحيث تكاد أن تصبح منتجاً وطنياً يعطي للمعنيين حافزاً للتعلم والتقدّم".
وأضاف "خلال توليّ لمنصب وزير للشؤون الاجتماعية كانت لي فرصة ممارسة بعض الجوانب الإصلاحية التي تعنى بالتنمية الاجتماعية وشروط تمويلها من قبل بعض الجهات المانحة. ولكن الإصلاح لم يبدأ من هنا، إذ كان المختبر داخلياً في ذي بدء وذلك عبر اجراء تقويم ذاتي لأداء مؤسستنا على المستويين المركزي والمحلي، كما ومع شركائنا من منظمات المجتمع المدني، وبعدها انتقلنا إلى تصحيح منهجية العمل التنموي مع الجهات المانحة. وكانت باكورة اكتشافاتنا هي غياب أي سياسات وطنية اقتصادية اجتماعية واضحة تسمح بوضع الحجر الأساس لسياسة تنموية شاملة تستقي من حاجات الناس الحقيقية وتعمل على الاستجابة لمطالبهم المحقة في العيش بكرامة من دون التذلل للزعامات والسياسات المتنازعة على أصواتهم". وتابع "أما الاكتشاف الثاني فكان شبه غياب المقوّمات البشرية والتقنية التي تسمح لنا بمواكبة تنفيذ السياسات في حال وجدت. والأكتشاف الثالث هو ضعف التنسيق بين الوزارات التي تعاني من تشابك في مهامها المعنية بالشؤون والقطاعات الاقتصادية الاجتماعية وتأثير هذا الواقع على مصداقية الدولة بين المجتمعات المحلية. وأخيرا" تبيّن لنا أن الجهات التمويلية كانت تضع أولوياتها وتحدد شركاءها وتنتقي تدخلاتها على المستوى الجغرافي بنفسها في ظل عدم وجود السياسات الوطنية المطلوبة".
وقال "على هذا الاساس، باشرنا أولاًبإعداد الميثاق الاجتماعي انطلاقاً من المقاربة الجامعة لمبادئ اجتماعية واحدة يلتقي اللبنانيّون واللبنانيّات حولها مما يكرّس الأمان الاجتماعي على أساس العدالة وتكافؤ الفرص. فجاء الميثاق ليؤكد على حقوق المجتمع والعائلة والفرد في التنمية الاجتماعية والصحة والمشاركة في الحياة العامة والحماية الاجتماعية والسكن والتربية والعمل والبيئة الآمنة والتنظيم المدني والريفي. وكان للعمل الاهتمام الابرز في هذا الميثاق لما له من أثر وارتباط بمبدأ العدالة الاجتماعية والسلم الأهلي، ما يساعد على تنمية الطاقات وحمايتها وتعزيز وبناء القدرات في قطاع الخدمات وتمكينه من القيام بدوره الداعم للمكوِّنات الثقافية، والتعليمية، والسياحية، ولشبكات الأمان الاجتماعية وذلك بالتكامل والشراكة مع القطاع الخاص والقطاع الأهلي. ومن ثم، تبلورت الاستراتيجية الوطنية الخمسية للتنمية الاجتماعية، ونعمل حالياً على خطة عمل سنوية تعزز من تلازم القول بالفعل".
وأضاف "في الصدد نفسه، لم يكن عملنا مع منظمات المجتمع أقل شأناً إذ عمدنا إلى مبدأ اعتماد الجمعيات accreditation على اساس تحسين أداء شركائنا في تقديم خدمة ذات جودة فضلى للفئات الأكثر عوزاً. وأعطيت الصلاحيات والتدريبات لفريق عمل الوزارة، ومن ثم باشرنا مع الجهات المانحة الذي تطوّر العمل معها فأصبح شراكة فاعلة".
وتابغع "على المستوى التنفيذي، قامت الوزارة بإعداد آلية لتمويل مشاريع تنموية اجتماعية هي مبادرة أولى في إطار العمل الحكومي حيث عمدنا إلى وضع منهجية متكاملة لتمويل مشاريع مبنية على مجموعة من الأولويات الوطنية، تنفذ بالشراكة، إدارة وتمويلاً، مع الجمعيات الأهلية والسلطات المحلية. وكان اختيارنا للمشاريع الفائزة على اساس تشجيع المبادرات الرائدة ذات طابع التجدد الاجتماعي والبعيدة من المشاريع النمطية التي غالباً ما تؤخذ في الاعتبار، فابتعدنا عن البنى التحتية واقتربنا من الفئات المهمّشة وحاجاتها، وآثرنا في هذه الآلية الشفافية كمعيار اساسي في الشراكة والتشارك في المسؤوليات".
وشدد على أن "التمويل في التنمية لا يمكن أن يأتي - ولا يجب أن نتوقعه- تلقائيا" قبل أن نكون جاهزين بعديدنا وسياساتنا وتوجهاتنا. عندها يمكن لعقبات التمويل أن تزول". وأشار الى أن "التنمية الاجتماعية الاقتصادية لا تكون بالمساعدة المادية من جانب واحد بل نحن من مجموعة الدعاة الى تفعيل الشراكة بين مختلف القطاعات العامة والخاصة والأهلية، بحيث تكون المشاركة مادية ومعنوية كل بحسب قدرته. اما الهدف الوحيد والأوحد فهو تنمية الإنسان بكليته وكل انسان بخصوصيته".
رأى أن "التغيّرات الحاصلة في شروط التمويل التنموي هي فعلاً ليست بالمتغيّرات، وإنما هو خلل في إدارة الحوكمة يحول دون إدراك ومواكبة هذه التغيّرات الحاصلة في وقتها سواء كانت عواملها ديمغرافية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية، وإن كنا نعزو هذه التغيّرات إلى العولمة ونرى نتائجها على مجتمعاتنا في حاضرها ومستقبلها". وأضاف "إن غرقنا في المديونية والفساد والهدر والتناكف السياسي هي جميعها مدعاة للتخوّف لدى الجهات المانحة في اقرار مساعدتها. وإن التلكؤ في الإفصاح عن مدى تفشي البطالة ومستويات الهجرة وانتشار العنف بسبب الفقر والعوز هي عوامل مهمة إضافية تضعف من قدرتنا على اجتذاب التمويل نحو تنمية عادلة".
وختم بالقول إن "تمويل التنمية وشروطه يجب أن يكون حافزاً لنا جميعاً، كل من موقعه، من أجل الارتقاء بعملنا نحو المستوى المطلوب، وتعزيز عامل الثقة فينا من الجهات المانحة والجهات المستفيدة على السواء. وإن معرفتنا بالعوائق التي قد تعترضنا على طريق التنمية والمباشرة بتصحيحها لهي اعتراف بأننا على الطريق الصواب. إن خيرات الوطن - كل وطن من أوطاننا العربية- هي لكل أبنائه، وثروته أمانة تتوارثها الأجيال، وهي وسيلة لتنمية الوطن والمواطن".
وتحدث مسؤول متابعة إدارة التنمية والسياسات الاجتماعية في الأمانة الفنية لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في الجامعة العربية طـارق النابلسـي، فأعرب عن سعادته فلاحظ أن المؤتمر "يكتسب أهمية خاصة كونه ينعقد في مرحلة مهمة لها تأثيرها على عملية التنمية ونجاح أهدافها واستدامة نتائجها مما يتطلب السعي الجاد الى بلورة خيارات التدخل وأساليبه بما يمكّن من تحقيق التنمية". وأضاف "انطلاقاً من هذا أتى إهتمام مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، بالمشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر، وبدعمه، بما يؤكد على الشراكة الوطيده التي تربط الأمانة الفنية للمجلس بالمعهد العربي للتخطيط".
وذكّر بأن "القادة العرب أقرّوا في القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الأولى في الكويت العام 2009، تعديل المسارات الاقتصادية وتنويع هياكل الانتاج". وقال "مثلت هذه القمة بوصفها قمة نوعية، حدثاً مهماً على صعيد العمل العربي التنموي المشترك، حيث أكدت الدول العربية مجدداً إلتزامها العمل على تسارع عملية التنمية والمضي قدماً في أهدافها، وجعلت ذلك هدفاً أساسياً لتحقيق حياة أفضل للمواطنين العرب". ولفت الى أن "القمة التنموية الثانية التي عقدت في شرم الشيخ في مطلع العام الجاري أتت لمواصلة تلك المسارات وأكدت عليها، وأصدرت القمة عدداً من القرارات والتوجيهات المهمة التي في تنفيذها على أرض الواقع قد تكون حققت الدول العربية خطوات إضافية مهمة وجادة نحو تحقيق التنمية الشاملة". واشار في هذا الصدد إلى قرار القمة الخاص "بتعزيز جهود تنفيذ الأهداف التنموية للألفية" والذي "تضمن مجموعة من الإجراءات والتدابير الرامية إلى تحقيق الأهداف بحلول سنة 2015، ودعم الدول العربية الأقل نمواً لمساعدتها لبلوغ تلك الأهداف، كما أكدت القمة دور المجتمع المدني العربي والقطاع الخاص في دعم وتمويل وتنفيذ البرامج والمشروعات التنموية التي من شأنها أن تساهم في تحقيق الأهداف التنموية للألفية، ودعت القمة إلى عقد مؤتمر عربي حول تنفيذ الأهداف التنموية للألفية في نهاية عام 2012 ترفع نتائجه إلى القمة العالمية التنموية في 2013". ورأى أن نتائج مؤتمر المعهد العربي للتخطيط وما سيليه من مؤتمرات في هذا الشأن "ستشكل أوراقاً خلفية مهمة لمؤتمر 2012".
واعتبر أن "مبادرة سمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في شأن توفير الموارد المالية اللازمة لدعم وتمويل مشاريع القطاع الخاص الصغيرة والمتوسطة في الوطن العربي، تأتي كاحدى المبادرات المهمة في مجالات تمويل التنمية، وقد بلغت مساهمات الدول العربية حتى تاريخ انعقاد القمة العربية التنموية الثانية في مطلع هذا العام 393 مليون دولار من إجمالي رأس مال الحساب الذي يبلغ ملياري دولار أميركي".
وأشار الى أن "القادة العرب أكدوا على مواصلة مسيرتهم في مختلف المجالات التنموية من خلال تصور متكامل، يرمي إلى تفعيل السياسات والبرامج الرامية الى الاندماج الاجتماعي والحد من الفقر والبطالة، وتحسين مستوى الرعاية الصحية، وتطوير التعليم وتمكين الشباب، وتحقيق المساواة في المجتمع، وتمكين المرأة، وضمان مشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن تفعيل دور منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص كشركاء في عملية التنمية وتمويلها". وأبرز أن "برامج القمة ركزت على دعم الدول العربية الأقل نمواً، كونها الدول الأكثر احتياجاً للدعم، لتتمكن من تنفيذ الأهداف التنموية للألفية بحلول عام 2015، وتنفذ هذه البرامج حاليا على المستويين الوطني والعربي".
واستنتج النابلسي ان "نتائج القمتين العربيتين التنمويتين الأولى والثانية، أكدت وجود الإرادة السياسية على مستوى القادة لتحقيق التنمية وتمويلها، وهو الأمر الذي يمثل دعماً مهماً لما سيتم بحثه وما سيتوصل إليه مؤتمر المعهد العربي للتخطيط من توصيات من خلال مناقشة موضوعات تمثل أساساً في عملية تمويل التنمية أذكر منها تمويل استراتيجيات الإقلال من الفقر، والتمويل من أجل المساواة بين الجنسين في بلدان عربية مختارة، وتحديات تمويل التنمية".وأوضح أن نتائج المؤتمر "ستكون محل بحث ودراسة من قبل الدورة المقبلة لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، لإصدار القرار اللازم في هذا الشأن بما يسهم في إحراز التقدم المنشود في التنمية".
وختم النابلسي بتأكيده "حتمية الإستمرار في تحقيق الأهداف التنموية للألفية في المنطقة العربية ودمجها في الإستراتيجيات والخطط الوطنية للتنمية وإيجاد آليات التمويل اللازمة لها وذلك بالشراكة بين الحكومات العربية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والشراكات بين الدول بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتحقيق السلام والأمن والإستقرار والتقدم والإزدهار لشعوب الدول العربية".
ثم ألقى ممثل جمعية العزم والسعادة الاجتماعية الدكتور عبد الإلـه ميقاتي كلمة لاحظ فيها أن "انعقاد المؤتمر يأتي في ظروف بالغة الدقة والاهمية، تمر بها منطقتنا العربية، ستترك بصماتها على مستقبل المنطقة ودولها لقرن من الزمان أو يزيد". وأَضاف "لا شك أن الخلل الذي رافق عمل الانظمة العربية وتركيبتها السياسية والطائفية والاقتصادية وغيرها، قد ساهم الى حد كبير في الوصول الى ما نحن عليه الآن من ثورات واضطرابات وتدخلات خارجية وانقسامات وتفتيت وما الى ذلك".
وتابع "من هنا يرتدي مؤتمركم هذه الاهمية الكبرى لكونه في بيروت وللاطلالة منها على العالم العربي داعين لمزيد من التكاتف والتضامن والتعاون بين المستثمرين العرب لما فيه مصلحة شعوبنا ومنطقتنا وداعين قبل ذلك وبعده الى تأمين الاستقرار المنشود والتنمية المستدامة. ذلك أن الاستقرارين الامني والسياسي هما قاعدة الانطلاق في عملية التنمية، ويلي ذلك التحقق من جدوى المشاريع الانمائية على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها.وفي سبيل تمويل البنية التحتية:".
وابرز ان "النظام المصرفي اللبناني وما يتمتع به من ثقة محلية وعربية ودولية اثبت مدى العقود المنصرمة قدرته على تمويل القطاعين الخاص والعام، فقد بات محط اجتذاب للايداعات العربية على اختلافها. وقد تمكن القطاع المصرفي اللبناني من تمويل القطاعات في مجالات الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات والنقل والمعلوماتية والمشاريع السكنية لفترات متوسطة وطويلة الاجل، ومن خلال قروض ميسرة قليلة الفوائد وبدعم من مؤسسات التمويل الدولية، كذلك ساهم أخيراً في تسليف التعليم الجامعي للطلاب غير القادرين على تسديد اقساطهم، وساهم ايضاً وبنسبة عالية في سندات الخزينة التي دأبت الدولة على اصدارها منذ نحو 20 عاماً لتغطية العجز المالي للدولة، وفي سبيل تمويل البنية التحتية التي تعرضت للتدمير خلال حرب الخمس عشرة سنة وبعد الاعتداءات الاسرائلية المتكررة على لبنان".
وأشار الى أن "جمعية العزم والسعادة الاجتماعية وبتوجيهات مباشرة من المؤسسين الرئيس نجيب ميقاتي وشقيقه طه، رفعت شعار رفاه الانسان عبر الرعاية والتنمية البشرية، ليكون النشاط الاجتماعي والصحي والخيري هو طريق الرعاية، ولتكون المؤسسات التربوية والحرفية والانتاجية هي طريق التنمية المنشودة".
وختاماً، تحدث المدير العام للمعهد بالانابة الدكتور علي عبد القادر علي، فقال إن موضوع المؤتمر "يستمدّ أهميته المعرفية من المفهوم العريض للتنمية على أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر". وأشار الى أن "هذا المفهوم العريض للتنمية وجد قبولاَ دولياً واسعاً تترجم في صياغته للأهداف الإنمائية للألفية بواسطة الأمم المتحدة، وهي أهداف تبنّتها القمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في دولة الكويت خلال الفترة 19-20 كانون الثاني (يناير) 2009".
وأضاف "في إطار صياغتها للأهداف الإنمائية، للألفية لعلّه لم يكن مستغرباً أن تعقد الأمم المتحدة مؤتمراً دولياً متخصّصاً حول تمويل التنمية في مدينة مونتيري بالمكسيك في العام 2002، ومؤتمراً دولياً آخر لمتابعة قضايا تمويل التنمية، انعقد في مدينة الدوحة عام 2008. ولا شك أن تنظيم مثل هذه المؤتمرات الدولية يؤكد على الأهمية التي يوليها المجتمع الدولي لموضوع مؤتمرنا لهذا العام".
وذكّر علي بأن "إعلان الدوحة الخاص بتمويل التنمية شدد على الأهمية المحورية لتعبئة الموارد المالية من أجل التنمية والاستخدام الفاعل لتلك الموارد في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وعلى أن يتحمّل كل بلد المسؤولية الرئيسية عن تنميته الاقتصادية والاجتماعية، وعلى أهمية دور السياسات الوطنية والموارد المحلية والاستراتيجيات الإنمائية في تمويل التنمية. وبالإضافة إلى تأكيد كل ذلك ، أقرّ إعلان الدوحة بالدور الذي تؤديه التدفقات الخارجية الخاصة منها والعامة في تمويل التنمية".وتابع علي "على أساس مرتكزات الأمم المتحدة في مجال تمويل التنمية، تمّ تحديد محاور هذا المؤتمر، بحيث تشتمل على ما ياتي: القضايا المتعلقة بتعبئة الموارد المحلية، وبالاستثمار الأجنبي المباشر والتدفقات المالية الخاصة، وبالمساعدات الإنمائية الرسمية، وبأسواق رأس المال، وبالديون".
وقال "في إطار النقاش والبحث الدائرين حول مختلف التحديات التنموية التي تواجهها الدول العربية في مجال استنفار الموارد اللازمة لتمويل التنمية بمعناها الواسع، ينعقد هذا المؤتمر بهدف توفير منبر لتبادل الآراء، واستعراض الخبرات، وتعظيم التفاعل بين صنّاع القرار والمهتمين والباحثين. وكما درجت العادة، فقد حرص المعهد خلال إعداده لتنظيم المؤتمر على دعوة الباحثين في قضايا التنمية، والمهتمين بمثل هذه القضايا إلى تقديم أوراق علمية للمشاركة في المؤتمر".
وتابع "بالإضافة إلى الأوراق التنافسية ، وكما درجت العادة واهتماماً من المعهد بإثراء مداولات المؤتمر، قُمنا بدعوة خبراء متخصّصين مشهود لهم بالخبرة والتميز العلمي؛ لتقديم أوراق رئيسية حول قضايا محورية تتعلق بلبّ محاور المؤتمر، اشتملت على أوراق عن تحديات تمويل التنمية في عصر العولمة، والفضاء المالي في البلدان العربية: منظور التنمية البشرية، والسعي نحو العولمة المالية: ملاحظات تحوطية للدول العربية، وأهمية إصلاح الأسواق المالية وتمويل التنمية، والدين الداخلي وتمويل التنمية".