اقتصاد

الاستثمارات الخارجية في تونس تتراجع بـ 28 % بعد الثورة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سجّلت الاستثمارات الخارجية المباشرة في تونس خلال الثلث الأول من هذه السنةتراجعًا بنسبة 28.8% وتعرضت قرابة 190 مؤسسة صناعية صغرى ومتوسطة إلى صعوبات مادية واجتماعية كبيرة منذ بدء الاضطرابات. وحسب ما تؤكده المصادر الرسمية فإن معدل نمو اقتصاد البلاد حاليًا يتراوح بين صفر وواحد في المئة، وهو ما أفرز عن بروز إشكاليات ظرفية كبيرة تهدّد مصير المؤسسات الصناعية الأجنبية والمحلية التي يعاني معظمها هشاشة على المستوى المالي والتنظيمي والتجاري.

تونس: لمزيد من التوضيح حول تأثير الأزمة السياسية على المؤسسات الاقتصادية المتعددة الجنسيات ومدى إقبال المستثمرين الأجانب على السوق التونسية لاحقًا، اتصلت إيلاف بمحمد بلحسن جراية خبير في شؤون المؤسسات، الذي أكد أنه من المتوقع أن تتعمق أزمة البطالة، التي من المرجح أن تقفز من 14 % إلى 19 % نهاية العام الحالي، وسيرتفع عدد العاطلين عن العمل هذا العام إلى 700 ألف عاطل حسب المؤشرات الاقتصادية الأولى، خصزصًا مع استمرار الاضطرابات والإعتصامات العشوائية في المؤسسات.

ويفيد جراية بأن الدولة قد اتخذت العديد من الإجراءات، التي من شأنها النهوض بهذه المؤسسات، ومساعدتها على تخطي هذه الأزمة، التي وإن تواصلت ستنذر بانهيار الاقتصاد التونسي، وبالتالي ستعيش البلاد لاحقًا أزمات مالية واجتماعية متلاحقة.

ويقول الخبير إن من أهم هذه الإجراءات التي تم اتخاذها هي الإجراءات الاجتماعية والمالية، وتتمثل الإجراءات الاجتماعية في تكفل الدولة بنسبة 50 % من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للعمال الذين يشملهم إجراء التخفيض في ساعات العمل بثماني ساعات على الأقل في الأسبوع، وتكفل الدولة بنسبة 50 % من مساهمة الأعراف في النظام القانوني الوطني للضمان الاجتماعي بعنوان الأجور المدفوعة للعمال الذين تتم إحالتهم على البطالة الفنية لأسباب ناتجة من تقلص النشاط.

أما عن الإجراءات المالية فيقول الخبير إنها تتمثل في تكفل الدولة بالفارق بين نسبة فائض القرض ونسبة السوق النقدية في حدود نقطتين بالنسبة إلى القروض المسندة من قبل مؤسسات القرض لفائدة المؤسسات الاقتصادية المتضررة، ويشمل هذا الإجراء على قروض إعادة جدولة الأقساط التي يحل أجلها من ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى أوائل سنة 2011 على ألا تتجاوز مدة إعادة الجدولة خمس سنوات، والقروض المتعلقة بتمويل استثمارات إصلاح الأضرار الحاصلة والمسندة من ديسمبر 2010 إلى أوائل 2011 إضافة إلى تأجيل دفع الضريبة المستوجبة بعنوان الأرباح التي تم تسجيلها في سنة 2010.

يضيف جراية أن النوافذ الموحّدة لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد سجلت خلال الثثث الأول من هذا السنة هي تكوين 1392 مقابل 1393 شركة في الفترة نفسها من سنة 2010 منها 1014 شركة ذات مسؤولية محدودة (SARL ) مقابل 953 في المدة نفسها من السنة الماضية و327 شركة محدودة المسؤولية ذات الشخص الواحد (SUARL) مقابل 328 شركة في الفترة نفسها من السنة الماضية و33 شركة خفية الاسم مقابل 76 في العام المنصرم، و18 شركة أخرى مقابل 36 في 2010.

ويؤكد أنّ غالبية هذه المؤسسات ارتكزت في تونس الكبرى والشريط الساحلي في حين لم تسجل المناطق الداخلية احداث تذكر.
ويعزو الخبير ذلك إلى تخوف المستثمرين والباعثين الشبان من الوضع المضطرب داخل البلاد الذي اتسم بالاعتصامات وإتلاف وحرق بعض المؤسسات العمومية والخاصة ويقول إن الفترة المقبلة ستكون بالغة الدقة وإن نجاح المسار السياسي يبقى أيضا رهين تطور الوضع الاقتصادي.

وتقول المؤشرات الأولية انه من المتوقع أن يرتفع عدد المستثمرين الأجانب في تونس خلال الفترة المقبلة باعتبار ما سيشهده الوضع الأمني في البلاد من استقرار ومن المتوقع أن تعمل الدولة على مزيد جلب الاستثمارات الخارجية التي تراجعت بشكل ملحوظ خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية وذلك عبر توفير آليات استقطاب جديدة وتسهيل المعاملات بين تونس وبقية الدول عبر تقديم السوق التونسية إلى المستثمرين الأجانب والتعريف بالفرص الاستثمارية، إضافة إلى فتح السوق وتنمية السياحة وجلب رؤوس الأموال.

في هذا الإطار يقول ستيفان فورجو مسؤول بإحدى الشركات الأجنبية المتخصصة في الصناعات الالكترونية لـ(إيلاف) إنّ العديد من المؤشرات الايجابية تلوح في الأفق خاصة التي تتعلق بدراسة البنك الدولي لإمكانية تقديم قرض لتونس بقيمة 500 مليون دولار لدعم الميزانية، وهو ما سيساعد على النهوض بالوضع الاقتصادي وتنمية الاستثمارات والتشجيع على الانتصاب للحساب الخاص، إضافة إلى ما ستضعه الحكومة من آليات وحوافز جديدة لمزيد دفع الاستثمار الخاص بالمناطق الداخلية، فضلاً عن المساهمة في تمويل المشاريع عن طريق الشركات المحلية للتنمية والاستثمار. وأكد فورجو أن بعض المؤسسات الأجنبية شهدت خلال المرحلة الانتقالية في تونس أزمة حادة أجبرت بعضها على غلق أبوابها وتصفية حساباتها بتونس.

في المقابل تمسكت بعض المؤسسات الأخرى بوجودها على الساحة الاقتصادية في البلاد واستمات عمّالها في سبيل الدفاع عن موارد رزقهم حتى إن معظم العمال كانوا يتركون منازلهم لقضاء الليل بالمؤسسات لحراستها والدفاع عنها من مداهمة المخربين والمجرمين الذين انتشروا بكثرة خلال الثورة التي شهدتها البلاد وانتهت بالإطاحة بالرئيس بن علي يوم 14 يناير الماضي، وهذه المواقف النبيلة شجعت أصحاب هذه المؤسسات على التمسك بالعمل ومضاعفة الإنتاج وتشجيع العمال على مواصلة نشاطهم.

وشدد فورجو على ضرورة أن تتحرك مختلف الأطراف لوقف الاحتجاجات والإضرابات التي تتواصل بشكل لافت، والتي تدفع بالعديد من المؤسسات الوطنية والأجنبية إلى غلق أبوابها وصدّ الانفلات الأمني وانتشار المنحرفين، وهو ما من شانه أن يزيد في تعميق أزمة البطالة وتراجع الاقتصاد في البلاد، خاصة وان المعطيات المتوافرة تفيد بأن الوضعية غير مطمئنة بالنظر إلى التراجع الكبير للاستثمارات خاصة في قطاع النسيج والذي يمثل أهم قطاع استثماري حيث بلغ نسبة 79.1% بانتقاله من 18.2 مليون دينار تونسي إلى 3.81 مليون دينار، الأمر الذي أثّر مباشرة على فرص العمل التي تقلصت من 1250 إلى 726 فرصة عمل مقارنة بالثلث الأول لسنة 2010.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف