القطاع الخاص في الجزائر: قوة ضاربة على الهامش
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ينتقد متابعو الشأن الاقتصادي في الجزائر وضع القطاع الخاص، حيث لا يزال بحسبهم "مهمّشا" وغير مستغلا بالشكل المطلوب، رغم الإمكانات الهائلة للمستثمرين الخواص، التي يمكن في حال توظيفها قلبالبلد رأساً على عقب.
الجزائر: يعزو محللون تأخرات الاستثمار العمومي خلال العشريتين المنقضيتين، إلى عدم استغلال إمكانات القطاع الخاص بالشكل الكافي في الجزائر، ويربط مسؤولون وخبراء تحدثوا لـ"إيلاف" تدارك هذه التأخرات، بتفعيل أكبر للمستثمرين الخواص وإشراكهم في صلب العملية التنموية لتطوير خطط الاقتصاد الجزائري الذي لا يزال مراوحا لمكانه.
ودفع التميّز الكبير للمستثمرين الخواص خلال العام الأخير والربع الأول من العام الجاري، بفعاليات جزائرية إلى المطالبة بفتح أكبر للأبواب أمام هؤلاء، خصوصا وأنّ القطاع الخاص تمكّن من تجسيد قرابة عشرة آلاف مشروع خلال فترة وجيزة بينها 9465 مشروعا أنجزتها مؤسسات عائلية الطابع، وأخرى نسوية في قطاعات الزراعة، الصناعة التقليدية، الخدمات، البناء والانشاءات العامة.
ويكشف "عبد الكريم منصوري" المدير العام للوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار، عن اكتفاء القطاع العام بـ29 مشروعا وتوفيره 3300 منصب شغل فقط، بالمقابل، نجح نظيره الخاص في تجاوز المؤسسات المملوكة للحكومة بفارق عريض وتقديم قيمة مضافة، مع استحداثه 82 ألف وظيفة منتجة، وسط توقعات بخلقه آلاف مناصب العمل الإضافية بنهاية العام الجاري، في دلالة على العطاء التصاعدي للناشطين الخواص التي تأتت رغم ما يعانيه هؤلاء في الميدان جرّاء شبحي البيروقراطية والجباية اللذين يثقلان كواهلهم.
وتتموقع أزيد من ألف وخمسمائة مؤسسة مصغرّة ومتوسطة كقلب نابض للاستثمار الخاص، بحكم نجاحها في خلق تسعمائة ألف وظيفة خلال الأحد عشر سنة المنقضية، وإمكانية استحداثها 268 ألف منصب شغل في مُقبل السنوات القادمة.
وحتى تخرج الصناعة الجزائرية من قوقعتها، يقترح "رشيد موساوي" اعتماد معايير صارمة يتم فيها إعطاء الأولوية للمؤسسات التي تنجز مشروعات استثمارية نوعية وواعدة اقتصاديا واجتماعيا، ويشير موساوي إلى أنّ العبرة بنجاعة المشاريع ونوعية خطط الأعمال والكفاءات التقنية والتسييرية للمقاولين الشباب.
وللحفاظ على ديناميكية القطاع الخاص ودفعه للمزيد، ينادي "فاروق شيعلي" وهو مسؤول صندوق محلي للتجهيز، بتوخي رؤية واضحة وعلى المدى الطويل تكفل تنمية القطاع الخاص المولّد الوحيد للثروة بمنظوره.
ويتفق شيعلي مع الخبير الاقتصادي "الطيب حفصي" في كون الجزائر مهيّأة لتحقيق نقلة اقتصادية هامة، إذا ما جرى فسح مجال أكبر لفاعلي المجموعات الاستثمارية الخاصة لا سيما في قطاعات حيوية كالزراعة والصناعة وكذا الانشاءات العامة والطاقات المتجددة.
بهذا الشأن، يرى "معيوف بلهامل" الخبير في الطاقات الايجابية، أنّ هذه الأخيرة مؤهلة لوحدها لتفجير طفرة اقتصادية تبعا لامتلاك الجزائر عناصر طبيعية هائلة من شمس ومياه ورياح وكتل حيوية، إضافة إلى الأمواج والحرارة الجوفية، وتوافرها على أكبر نسبة تشميس سنوية في العالم، واستثمار المجموعات الخاصة فيها سيدر على الجزائر مكسبا مزدوجا على صعيدي تنمية الاقتصاد ورفع معدلات التوظيف.
وحتى يتم مضاعفة أداء الآلة المنتجة المحلية ودفع قاطرة التنمية، يركّز حفصي الأستاذ بجامعة مونريال الكندية للدراسات التجارية العليا، على حساسية تغليب حرية المبادرة بالنسبة للخواص، وإذكاء ثقافة التنافسية في السوق.
إلى ذلك، يقرّ "محمد بن مرادي" وزير الصناعة وترقية الاستثمار، بكون محدودية إسهام القطاع الصناعي في النمو الاقتصادي للبلاد، وهامشيته (5 % من الناتج الداخلي الخام)، يدفع إلى حفز القطاع الخاص على مشاركة أكبر في مسعى تعزيز الشبكة المحلية للمناولة حتى تحل تدريجيا محل استيراد التجهيزات وقطع الغيار الصناعية وتحسين الاندماج، ورفع نسبة النمو السنوية إلى حدود 18% في آفاق 2016.
وبجانب اعتراف الوزير الأول الجزائري "أحمد أويحيى" أنّ الاستثمار المنتج في بلاده لا يزال ضعيفا، تشير معطيات حديثة إلى إقدام كبريات شركات البلاد على الاستيراد لسد حاجياتها من التجهيزات الصناعية، ويتم سنويا إنفاق ما لا يقل عن 3.5 مليارات دولار وهو رقم ضخم يستنزف الخزانة العامة، رغم إمكانية استغلاله في توليد آلة إنتاجية محلية قوية.
ضرورة قيام شراكات
ترتفع أصوات خبراء ورؤساء مؤسسات في الجزائر داعية إلى قيام شراكات بين القطاعين العام والخاص، معتبرين أنّ تنسيقا ثنائيا سينعش القطاع الصناعي المحلي بعيدا عن مخططات إعادة الهكيلة والتأهيل التي ابتلعت المليارات دونما جدوى، علما أنّ مجلس مساهمات الدولة (هيئة حكومية) وافق مؤخرا على منح مخصصات تفوق 1100 مليار دينار (16 مليار دولار) لبعث الروح في النسيج الصناعي المملوك للحكومة.
ويرى "فاروق شيعلي" أنّ الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستخفف الأعباء عن الدولة، وتسمح برفع مستوى الانتاجية والفعالية، فضلا عما تتيحه من فرص تعجيل تنفيذ المشروعات وترشيد الإنفاق، بجانب حث متعاملي القطاعين على تسيير أفضل لأنشطتهم وتحمّل تبعات أي مخاطر متوقعة، وذاك مرهون بتشريعات تحدد بدقة طرائق تنفيذ هذه الشراكة.
ويتصور "فريد يعلاوي" الخبير المالي بأنّ نجاح مشروعات نفذتها مجموعات جزائرية خاصة مع أخرى فرنسية على سبيل المثال لا الحصر، يقود إلى ترسيخ هذه الروح التشاركية داخليا.
في حين، يرافع "مصطفى زيكارة" المسؤول المركزي على مستوى المديرية العامة للضرائب، لصالح شراكة القطاعين الخاص والعام من زاوية قطع الطريق على ممارسات غير مشروعة كتضخيم الفواتير والتلاعب بالمال العام وما يتصل بهما من تهرب جبائي.