الإقتصاد الأميركي يظهر ضعفاً .. ومشاكل اليورو لم تجد بعد الحل!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تتواصل جهود المستثمرين لمواجهة موجة الأنباء السلبية الواردة من العالم؛ ولكن الخبر السار هنا يتمثل بإحتمال إنحسار هذه الأنباء قريباً في ظل التوقعات بتراجع معدلات التضخم وانتعاش النمو الاقتصادي الياباني.
إيلاف: تتواصل جهود المستثمرين لمواجهة موجة الأنباء السلبية الواردة من العالم؛ ولكن الخبر السار هنا يتمثل باحتمال انحسار هذه الأنباء قريباً في ظل التوقعات بتراجع معدلات التضخم وانتعاش النمو الاقتصادي الياباني. غير أنه يوجد بعض التحديات الهيكلية التي ستشكل عقبة حقيقية أمام الإقبال الاستثماري في السوق؛ إذ لم تجد أزمة الديون اليونانية طريقها بعد نحو الحل، ولاسيما بعد قيام مؤسسة "فيتش" الأسبوع الماضي بتخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية اليونانية إلى المستوى "المعدم". وبالتالي ما نزال نتشبث بنظرتنا الحذرة حيال أسواق المخاطر.
وتؤكد معظم البيانات الاقتصادية العالمية تعرض النمو عموماً إلى موجة تباطؤ ملحوظة؛ حيث يشهد الإنتاج الصناعي العالمي تراجعاً عن نموه المسجل في فبراير الماضي، والبالغة نسبته 9% على أساس ربع سنوي، ليستقر عند معدل 2% فقط خلال الأشهر الأخيرة. وقد شهدنا خلال الأسبوع الماضي تسجيل بيانات اقتصادية ضعيفة في الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث شهد قطاع الإسكان تراجعاً بواقع 10.6% على أساس شهري، ولم يظهر سوق الإسكان سوى إشارات قليلة تدل على حدوث انتعاش مستدام. كما هبط مؤشر "إمباير" للثقة الصناعية في نيويورك بمستوى يعادل ضعف توقعات السوق. وما يزال ينتابنا القلق لأن الوتيرة المتباطئة للنمو الاقتصادي لم تنعكس في توقعات المحللين المتعلقة بأرباح الشركات. ومن المحتمل أن تواجه أسواق الأسهم ظروفاً صعبة تتمثل بتراجع متواضع في توقعات المحللين بخصوص أرباح الشركات حتى نهاية شهر يونيو.
وشهدت أسعار السلع استقراراً بعد موجة الضعف الأخيرة التي أصابتها حيث استطاعت استعادة عافيتها إلى حد ما. ومن جهة أخرى، يستمر الاختلال الجوهري القائم بين آلية العرض والطلب وتقلبات الطقس والمناخ في صعود الأسعار على نحو مفاجئ في السوق؛ فقد أفضى انخفاض مستويات المخزون والجفاف وشح الأمطار في منطقة الغرب الأوسط في الولايات المتحدة وأوروبا إلى ارتفاع أسعار القمح والذرة بشكل حاد. ومن المتوقع أن تشهد هذه الأسعار مزيداً من الصعود رغم ارتفاعها مؤخراً بوتيرة شديدة.
وفي سوق النفط، أعلنت "وكالة الطاقة الدولية" أنها بصدد التحرك لإطلاق بعض المخزونات الاستراتيجية بغية احتواء الارتفاع الشديد للأسعار. وأظهر بحث صادر عن "بنك جى بى مورغان" أن إطلاق "وكالة الطاقة الدولية" لبعض المخزونات الاستراتيجية في فترات سابقة ساعد على تخفيض أسعار النفط بنسبة 20%. ونظراً لاستمرار الطلب القوي على النفط، والقيود المفروضة من جانب "أوبك" لزيادة الإمدادات، نعتقد أن يشكل ضعف إمداد النفط ضغوطاً على الشركات للشراء بهدف إعادة بناء المخزونات. وبناءً على ذلك، نؤكد للمستثمرين أن تعرض أسعار النفط لانتكاسة سيشكل فرصة مواتية للشراء.
وسيسهم استقرار أسعار السلع نتيجة تراجع التضخم في تعزيز موجة الأنباء الإيجابية بالنسبة للأسواق المالية، لاسيما وأن الارتفاع السريع لمستوى التضخم أجبر البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة بوتيرة أسرع بكثير من توقعات الأسواق. ولعل أهم الأسباب الكامنة وراء صعود حجم التضخم العالمي هي ارتفاع أسعار السلع. وثمة إمكانية لتراجع التضخم في حال حافظت أسعار السلع على استقرارها عند مستوياتها الضعيفة المسجلة مؤخراً، وهو ما سيتسبب في نهاية المطاف بتخفيف وطأة الضغوط تجاه مزيد من التشديد للسياسة النقدية. وقد نشهد خلال الأسابيع القليلة المقبلة قيام بعض المحللين بخفض مستوى توقعاتهم حيال التضخم خلال شهري مايو ويونيو.
وتبقى نقطة الخلاف هنا أن مارد التضخم خرج من قمقمه وأصبح من الصعب كبح جماحه؛ فقد باتت المشكلة الأساسية للتضخم مثار قلق دائم للبنوك المركزية خاصةً وأن ارتفاعه تجاوز المستويات المتوقعة. وفي الأسبوع الماضي، كشف التقرير المتعلق بالضغوط التضخمية في منطقة اليورو- والذي يستثني السلع الأكثر تقلباً- وصول التضخم إلى أعلى مستوياته وبشكل فاق التوقعات عند 1.6% على أساس سنوي قياساً مع 1.3% على أساس سنوي خلال الشهر الماضي. كما بات التضخم مشكلة متأصلة في هيكلية النظام المالي، حيث أصبح أحد المعالم الراسخة لكل دورة اقتصادية.
وقد لفت انتباهي أثناء جولتي القصيرة في آسيا الأسبوع الماضي تركيز معظم عناوين الصحف على ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات؛ ففي هونج كونج على سبيل المثال، قامت السلطات برفع الحد الأدنى للأجور، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع والخدمات. ويعزى ارتفاع الحد الأدنى للأجور إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية التي يحتاجها المواطنون من ذوي الدخل المنخفض. وسيفضي ارتفاع تكاليف الأجور إلى إطلاق جولة جديدة من ارتفاع الأسعار حتى يتحول الأمر برمته إلى آلية دورية ستلحق الضرر بالاقتصاد.
وتتمثل استراتيجينا الحالية على صعيد الأسهم في التركيز على الشركات التي توفر أرباحاً متزايدة. فعند وقوع الأزمة المالية العالمية الأخيرة، قامت العديد من الشركات في خطوة غير مسبوقة بتقليص أرباح الأسهم للمحافظة على السيولة النقدية. وعقب مرور الأزمة واستقرار الميزانيات العمومية للعديد من الشركات والمؤسسات، تطمح عدة شركات اليوم لزيادة حصص أرباح الأسهم فيها مجدداً. وبينما تتوخى الشركات الحذر حيال توسيع أعمالها، يبقى نمو العمالة ضعيفاً في شتى أرجاء العالم المتقدم، حيث نتوقع أن يتم إعادة مزيدٍ من الأموال النقدية للمساهمين عبر زيادة أرباح الأسهم وإعادة شرائها. وبطبيعة الحال، ستسجل الشركات التي تقوم بإعادة السيولة النقدية للمساهمين مستويات أداء قوية.
وما تزال المشاكل الاقتصادية تعكر صفو أجواء منطقة اليورو؛ فقد شهدت عوائد السندات الحكومية اليونانية قفزة حادة، في حين انخفضت أسعار السندات عقب قيام مؤسسة "فيتش" الأسبوع الماضي بتخفيض التصنيف الائتماني للديون السيادية اليونانية إلى المستوى "المعدم" في وقت استقرت فيه عوائد السندات الحكومية اليونانية لأجل 10 أعوام عند 16.2%. وازدادت المشاكل تعقيداً في منطقة اليورو عقب إعلان نتائج الانتخابات المحلية الاسبانية الأسبوع الماضي، واندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية الرافضة للنتائج بعد أن مني الحزب الاشتراكي الحاكم بأسوأ هزيمة له منذ 30 عاماً.
وجاءت موجة الاحتجاجات الشعبية في المقام الأول نتيجة الوضع الاقتصادي السائد في البلاد. ولكي نكون واضحين، لا يوجد أمام الحكومة الحالية الكثير من الحلول والسياسات البديلة للتطبيق. وفي هذا السياق، تبذل الأسواق المالية جهوداً حثيثة للحد من الإنفاق العام وخفض الدين الحكومي. ويطمح الناخبون الإسبان إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام مع خفض ملحوظ لمعدلات البطالة الحالية بمستوى يفوق 20%. وتبدو القيود المفروضة على الحكومة غير منسجمة مع الانخفاض الملحوظ لمعدلات البطالة. ومن هنا يبقى الوضع في اسبانيا مبعث قلق كبير للأسواق المالية العالمية.