خبراء: "ديزارتيك" مناورة أوروبية لهضم ثروة الجزائر الطاقوية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يشدّد خبراء على أنّ "ديزارتيك"، وهو أكبر مشروع دولي لتوليد الكهرباء، يجري التخطيط لإنجازه من مصادر بديلة في صحراء الجزائر الكبرى، هو محض مناورة أوروبية لابتلاع الثروة الهائلة التي تمتلكها الجزائر من الطاقات المتجددة. في هذه المتابعة الحصرية، تكشف "إيلاف" على لسان متخصصين عن بدائل ستمكّن الجزائر من تحقيق اكتفائها الذاتي من الكهرباء بحلول العام 2018، والتحوّل إلى مفتاح اقتصادي لأوروبا في مقبل السنوات.
الجزائر: يشير مصطفى كمال قارة الخبير الجزائري إلى أنّ إنجاز مشروع "ديزارتيك" وفق النظرة الأوروبية لن يعود علىالجزائر بأي فوائد، وبناء على معطيات في حوزته، يوقن محدثنا أنّ الأوروبيين الذين اقترحوا إبرام شراكة "تمويهية" مع بلاده، لا يريدون جعل تكنولوجيا توليد الكهرباء في متناول الجزائر، التي كانت السبّاقة إلى إطلاق فكرة ديزارتيك قبل 18 عامًا.
وبحسب منتدى "ألجيريا إنفست" الاقتصادي، سجّل قارة (75 عامًا) أنّ مشروع إنشاء أكبر قاعدة طاقوية عالمية لإنتاج الكهرباء الهجينة في جنوب الجزائر، بالاعتماد على مراكز شمسية تسير بالمرايا الحرارية، لن يكون مجديًا البتة، تبعًا لامتصاصه قدرًا ضخمًا من المياه كل عام.
في هذا الصدد، يحذر الخبير الأممي السابق من كون إنتاج مائتي ميغاواط من الكهرباء يتطلب تسخير 1.2 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما يعني استهلاك مليارات الأمتار المكعبة من المياه خلال سنوات قليلة بكل ما يمثله ذلك من خطر شح مائي في البلاد.
كما يسجل قارة الفيزيائي المتمرّس في تجربة ميدانية تمتد إلى نصف قرن أنّ الجانب الأوروبي ممثلاً في الألمان بالدرجة الأولى، يريد الاستحواذ على كنز الجزائر من المياه الجوفية التي يربو وعاؤها الإجمالي عن الثلاثين مليار متر مكعب، وهو مخزون استيراتيجي للأجيال المقبلة، خصوصًا مع كون المياه الجوفية موردًا قابلاً للنفاد.
يُبرز قارة إنّ دولاً أوروبية عديدة رفضت احتضان مشروع ديزارتيك، مثل إسبانيا، رغم تمتعها بنسبة تشميس عالية، لذا سال لعاب الأوروبيين على الجزائر، التي تستوعب يدًا عاملة ومساحات شاسعة، وهو ما يبرر الضغوطات المتزايدة التي يمارسها عرّابو ديزارتيك على الطرف الجزائري لحمله على قبول تنفيذ "صفقة" تصبّ في مصلحتهم، اعتبارًا لامتلاك الجزائر أكبر نسبة تشميس سنوية في العالم بأكثر من ثلاثة آلاف ساعة، وقابليتها لتحقيق تراكمات طاقوية تصل إلى ألفي كيلو واط ساعة للمتر المربع الواحد.
بدوره، يجزم الخبير سيد علي مخفي بعدم صحة مزاعم الأوروبيين حول عدم وجود كوادر كفؤة في الجزائر، وينتقد السعي الغربي إلى تنويم الجزائريين وتفويت الفرصة عليهم لاستغلال الطاقات البديلة بالطريقة التي تخدمهم دون تبعية لأي كان.
وينبّه مخفي إلى أطماع الأوروبيين في "احتلال" الفضاء العقاري الضخم للصحراء الجزائرية والاستفادة من روافدها المائية تحت غطاء مشروع يمتد إلى أربعين عامًا، وهي وجهة نظر يؤيدها كوكبة من الأساتذة في جامعة العلوم والتكنولوجيا في وهران (450 كلم غرب الجزائر)، حيث ذهبوا في ملتقى دراسي أخيرًا إلى أنّ الأوروبيين وحدهم سيكونون المستفيدين، وفي هذه الحالة سيكون الجانب الجزائري في حالة تسلل حقيقية.
من جانبه، اعتبر شكيب خليل الوزير السابق للطاقة والمناجم إلى حد اعتبار ديزارتيك بمثابة "مساس صريح بالسيادة الوطنية"، وهو ما جعله يقول "لا" قاطعة للمتعاملين الأوروبيين أيام وجوده على رأس القطاع الطاقوي في الجزائر.
وزار بول فان سون متزعم مبادرة ديزارتيك الجزائر أخيرًا، في محاولة لتسريع الأشياء، لكنّ وزير الطاقة والمناجم الجزائري يوسف يوسفي أقرّ غداة لقائه بالمسؤول الأوروبي، أنّ ديزارتيك ليست بالأمر الإيجابي لبلاده، قائلاً إنّ الجزائر "ستمضي في شراكة كهذه، لما تتوافر شروط هذه الشراكة".
وأوعز يوسفي "مرحّبًا بالمؤسسات الأوروبية، إذا قبلت أن تنتج في الجزائر التجهيزات اللازمة"، مستطردًا أنّ تجسيد هذه الورشة الكبيرة "لن يكون له معنى" إلا اذا تم تصنيع غالبية التجهيزات والمكونات محليًا، وجرى التحكم في تكنولوجياتها على مستوى المخابر الجزائرية، في إحالة منه على رفض الجزائر الاستمرار في مسلسل الاستيراد المكلف لقطع الغيار وسائر الوسائط المعرفية.
التوربينات الهوائية بوابة الجزائر للاكتفاء الكهربائي
كوضع بديل، يقترح قارة تعميم استخراج الطاقة الخضراء في الجزائر عن طريق الأبراج الشمسية وما يُعرف بـ" التوربينات الهوائية ".
وهي طريقة ستكسب الجزائر منها الكثير في مقبل الأعوام، حيث سيكون بوسع البلاد تغطية كل حاجياتها الكهربائية خلال ست سنوات وبسواعد جزائرية، خلافًا للمرايا الشمسية والأعمدة الفولطية الخطرة والمكلفة.
ويؤكد قارة أنّ عشرة آلاف ميغا ستحقق الاكتفاء الذاتي للجزائر من الكهرباء، وهو سيناريو ممكن التتويج سنة 2018، إذا ما جرى الشروع في العمل بدءًا من العام 2012، مضيفًا: "هذه التوربينات تصل مدة صلاحيتها إلى قرن كامل، ويمكنها خلق ربع مليون فرصة عمل على الأقل".
وفيما لا تنزل كلفة إنجاز ديزارتيك بالمنظور الأوروبي تحت سقف 450 مليار يورو، يتطلب إنجاز التوربينات الهوائية - بحسب قارة - مخصصات بحدود خمسمائة مليون دينار (ما يعادل 450 مليون يورو)، ويمكنها بقيمة محدودة (0.06 سنتيم للكيلوواط) وبيد عاملة محلية بسيطة، إنتاج 200 ميغا من الكهرباء دوريًا، وهو ما يستجيب لمتطلبات مليون شخص بكل أنشطتهم واستعمالاتهم المنزلية والصناعية.
عليه، ستغدو الجزائر مؤهلة لاقتحام مرحلة ما بعد النفط بقوة، والتحول إلى "مارد" اقتصادي ورقم مهم في السوق العالمية للطاقات المتجددة، بحكم ما تختزنه من رياح وشمس ومياه، ما يمكّنها لعب دور المصدّر والمفتاح الاقتصادي للقارة العجوز والشرق الأوسط، وكذا القارة السمراء، علمًا أنّ ستمائة مليون إفريقي لا يزالون محرومين من الكهرباء.
يُشار إلى أنّ الجزائر أسست أول معهد للمرايا الحرارية في ضاحية ببوزريعة سنة 1956، وأعقبته بآخر مختص بالطاقات الشمسية في جامعة الجزائر العام 1958.
التعليقات
الشمس
slwan.de -الشمس اعطاها الله للبشرية تريدون منعها عن الناس تحت حجج واهية
رد على رقم 1
عبد الكريم -يا أخي المعلق رقم 1 ليس المشكل في الشمس ولكن في قضية استنزاف الموارد المائية للبلاد وكدلك عدم تحويل التكنولوجيا مما يجعل المشروع غير مجدي للجزائر على المستوى المتوسط والطويل.
ممتاز
علوش -كلام جميل جدا. اذا الجزائر تمتلك مخزون مياه كبير لا تفرط فيه لانه حق للاجيال القادمه. رائع جدا ادراك الجزائريين لمصالحهم. ارجو ان تستمر هذه السياسه وان تسخر خيرات وموارد الجزائر لابناء البلد وللاجيال القادمه. اخيرا احذروا اوروبا وامريكا فهم لن يتركوكم تهنئوا بخيراتكم لان لهم اطماع دائما. انشري يا ايلاف
هل من سبيل ؟
sawsen -الإشكال الحقيقي، هل الجزائريون يجيدون استخدام تكنولوجيا الطاقات المتجددة، وهل من انتباه لطاقة حيوية بوزن الهيدروجين