خبير: تغيير السياسة الاقتصادية مدخل الجزائر إلي منظمة التجارة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يعتقد الخبير الاقتصادي الدولي عبد الرحمان مبتول أن إنضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية لن يتحقق دون مراجعة عميقة وجذرية للسياسية الاقتصادية المتبعة، و أكد البروفيسور في حديثه لـ"إيلاف"، أن دون حدوث هذا التحول أو المراجعة، فإنه لا يجب بيع أوهام على شاكلة تصريحات سابقة للمسؤولين الحكوميين.
الجزائر: يرى مبتول أن الجزائر حققت رقم قياسي عالمي في عملية المفاوضات من أجل انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية و هي العملية التي انطلقت منذ عام 1986 أي منذ 25 سنة. و يضيف قائلا : " وزير التجارة أكد بن بادة في التاسع جوان الجاري أن " الجزائر ستصبح عضوا في منظمة التجارة العالمية بحلول عام 2012، في حين ألح نائب المدير العام للمنظمة ، أليخاندرو جارا بمناسبة زيارة قام بها مطلع هذا الشهر في جلسة عمل بالمجلس الشعبي الوطني ، و بحضور رئيس المجلس عبد العزيز زياري والوزراء إضافة إلى مسؤولين في بنك الجزائر، أن " من واجب الجزائر أن تضاعف جهودها إذا ما أرادت الانضمام إلى هذه المنظمة " ، و هو" ما يعني في اللغة الدبلوماسية" حسب الخبير الاقتصادي أنه " على الجزائر أن تقوم تغيير السياسة الاقتصادية المتبعة حاليا " .
و يضيف قائلا: " الجزائر شاركت في عشر جولات من المفاوضات وأجابت على 1640 سؤالا ، غير أنه من أصل ستة وتسعون سؤال متبقي ، يوجد ثلاثة عشر سؤال إستراتيجي و ذو أهمية بالغة في نظر أعمدة المنظمة وهم الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية، لكن الجزائر لم تقدم أية إجابة على هذه الأسئلة ". و يعتبر مبتول أن " الاتفاقات المبرمة مع منظمة التجارة العالمية لا تتعلق بالجانب الاقتصادي فحسب ولكنها تتضمن جوانب سياسية وثقافية ، و هي تمثل في مجملها الخطوط العريضة لاتفاقية برشلونة 2005 ، هذه الاتفاقيات لها آثار إستراتيجية على مستقبل الاقتصاد الوطني ، لأن انضمام الجزائر إلى هذه المنظمة يفرض عليها فتح الحدود والتخصص المتزايد الناجم عن العولمة ، باعتبار أن الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الأوروبي ومع منظمة التجارة العالمية تنص على تطوير التبادلات من خلال تهيئة الظروف الملائمة من أجل التحرير التدريجي للمبادلات في السلع والخدمات ورؤوس الأموال ".
ويقول: " تتخذ إجراءات تتعلق بتفكيك الرسوم الجمركية والضرائب على المنتجات الصناعية والسلع المصنعة على مدى فترة انتقالية ، مع الاعتماد على علاقات الشراكة بين الطرفين على المبادرة الخاصة ، كما أن جميع احتكارات الدولة ذات الطابع التجاري يتم تعديلا تدريجيا لضمان عدم وجود أي تمييز فيما يتعلق بشروط عرض وتسويق البضائع بين مواطني الدول الأعضاء وذلك مع نهاية السنة الخامسة بعد بدء تنفيذ هذا الاتفاق ، و بالتالي ينبغي أن يتم رفع مكانة الصناعات الجزائرية من صناعات محمية و منغلقة إلى صناعات مفتوحة بالكامل أمام المنافسة الدولية مع إزالة العوائق الجمركية وغير الجمركية ، وهو الأمر الذي يفرض تحديات هائلة للمؤسسات الصناعية الجزائرية " . و يكشف الخبير الدولي أن " الجزائر طلبت رسميا إعادة النظر في اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في الجانب المتعلق بالرسوم الجمركية ، و تأجيل عملية الانضمام إلى عام 2020 بدلا من 2017 " ، موضحا أن " الإعفاء الجمركي أدى بالجزائر إلى خسارة 2 مليار دولار، و إذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن فستبلغ الخسائر 7 مليارات دولار " .
و يشدد أن عدم وجود إصلاحات هيكلية بالجزائر يحول دون ظهور قطاعات غير نفطية ، و منذ 2009 شهدت الجزائر تحولا في سياستها الاجتماعية والاقتصادية المنتهجة ، هذه التحولات تتعارض مع المبادئ التي تحكم منظمة التجارة العالمية الحالية خصوصا ما يتعلق بفضائح الفساد المتكررة ، و تعميم رسالة القرض المستندي على نطاق واسع ، وقانون الأسواق الجديد الذي يعطي أولوية وطنية بنسبة 25 ٪ للشركات المحلية، والإشراف على الاستثمارات الأجنبية من خلال إشراك متعامل جزائري بنسبة 51 بالمائة مقابل 49 بالمائة للمستثمر الأجنبي ، وتكثيف الإنفاق العام من أجل ترقية السلم الاجتماعي ، كما أنتج عدم الاستقرار القانوني وعدم وضوح الرؤية في السياسة الاجتماعية والاقتصادية، هيمنة السوق الموازية ونظام مصرفي غير متصل تماما مع النظام المالي الدولي.
و ينوه أنه على الجزائر أن " تأخذ بعين الاعتبار فيما يتعلق باستثماراتها في الطاقات المتجددة ، جميع المعايير والمتغيرات التي من شأنها رسم الخريطة المستقبلية للطاقة في العالم ، بما في ذلك الغاز النظيف ، والطاقات المتجددة ومصير الطاقة النووية خاصة بعد حادثة مفاعل فوكوشيما باليابان " ، مؤكد في الوقت نفسه أن " أسعار المحروقات سيتم تحديدها بشكل أساسي بناء على سياسة الطاقة في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وبدرجة أقل الصين" ، وبالتالي فان " أسعار المنتجات البترولية ستكون خاضعة للمنافسة الدولية ، هذه الازدواجية في الأسعار قد لا تكون مناسبة في سياق تحرير التبادلات التجارية " ، كما أن " الاتفاق يشدد على الانفتاح على المنافسة في سوق خدمات الطاقة التي تغطي جميع الأنشطة من الاستكشاف إلى وضع المنتج تحت تصرف المستهلك مرورا بالإنتاج والنقل". و في جانب آخر, باعتبار البيئة ملكية عامة، فهي تشكل أحد المجالات ذات الأولوية للتعاون ، والهدف من ذلك الحفاظ على التوازنات الإيكولوجية (البيئية) بوضع معايير الجودة الأكثر صرامة، لذلك " الجزائر ملزمة تدريجيا بتنفيذ التوصيات المختلفة لمواثيق الطاقة والبيئة".
و يعتقد مبتول أن " انضمام الجزائر من عدمه إلى منظمة التجارة العالمية يعتمد بشكل كبير على موازين القوى الداخلية (أي السياسية)، ويعتمد قبل كل شيء على رغبة حقيقية في توضيح المسار المستقبلي للتحرير المراقب للاقتصاد الجزائري من أجل كفاءة اقتصادية إلى جانب عدالة اجتماعية عميقة مبتعدة عن التركيز المفرط في الدخل القومي لصالح الأقليات الريعية، وبالتالي محاربة فعالة لمكافحة الفساد المتفشي بنسبة خطيرة ، وهي ليست مسألة من مسائل القوانين ، على كثرتها، ولكن الأمر يتعلق بممارسات اجتماعية تشير إلى الحاجة الملحة لتجديد الحكم".
و يشدد بالمقابل على أن السياسة الاقتصادية الجديدة يجب أن توضح بشكل أفضل عمل السوق ووظيفة الدولة الأساسية كمنظم في دورها في تأطير الاقتصاد الكلي والمجتمعي، ضمن حيز متوازن وشامل، ويتمثل التحدي في تمكين ملايين الشباب من الوصول إلى سوق العمل في العقدين القادمين. والسؤال الذي يطرح نفسه حسب الخبير الدولي هو " عن إمكانية تغيير نمط النمو لتحقيق هدف مزدوج، وهما غايتين متناقضتين ظاهريا فمن جهة، خلق فرص العمل المطلوبة، ومن جهة أخرى، تحسين القدرة التنافسية الدولية مع توزيع المزيد من الدخل " ، غير أنه يرى أن " الهيكل الحـــالي للإنتاج يجعل النمو متقلب ومعرض للصدمـــات الخارجية، والموارد المالية، لأن حجــم احتياطات الصرف لا يعني التطــور".
ويرى مبتول أن الضعف لا يـــزال يهيمن على مكانـــة الجزائر الخارجية بسبب اعتمادها بشكل حصري على المحروقات لأن الصــادرات خارج نطاق المحروقات يمثل أقل من 2 ٪ من مجموع الصادرات. و يعتقد أن الجزائر بامتلاكها ثروة طبيعية في طريقها نحو الزوال لا محالة، يجب عليها أن تحافظ على هذه الموارد للأجيال المقبلة و تبحث تدريجيا عن مصادر أخرى مختلفة للدخل، و يعتبر أن تحقيق مستويات النمو اللازمة و التي تقدر بنحو 8 إلى 9 بالمائة أمر صعب تحقيقه في المدى القصير. و دون هذا التحول يؤكد أنه " لا يجب بيع أوهام على شاكلة التصريحات السابقة للمسؤولين الحكوميين التي بثها التلفزيون الوطني الجزائري والتي أحدثت ضجة، والقائلة بأن الجزائر ستصبح عضوا في منظمة التجارة العالمية في 2009، لأن انضمامها لن يكون لا في 2012 ولا في ".