رئيس الوزراء اليوناني يغير وزير ماليته ويستعد لتعديل حكومي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تضاعفت الأزمة المالية في اليونان بفعل الجمود السياسي الذي دخلته إثر فشل الجهود الجارية من أجل تشكيل ائتلاف بين اليسار واليمين يؤمّن محاوراً يونانياً تطلبه المؤسسات المالية وحكومات الاتحاد. وتجري المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مشاورات مكثفة من أجل الإفراج عن قروض ضرورية لتمكين اليونان من الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه المقرضين.
أثينا: في مواجهة الضغوط من الدول الدائنة للبلاد ومن الرأي العام اليوناني، عين رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو وزير الدفاع الحالي إيفانجلس فينزلس وزيراً للمالية بدلاً من جورج باباكونستانتينوس، وذلك في إطار تعديل حكومي يجريه لحشد الدعم لإجراءات تقشف أثارت احتجاجات شعبية واسعة النطاق.
وأكد محللون أن باباندريو "ضحى" بباباكونستانتينوس، باعتباره مهندس خطة التقشف الاقتصادية، التي تسببت في احتجاجات شعبية وإضراب عام في البلاد. لاوكان باباندريو أكد عزمه العمل على نيل حكومته ثقة البرلمان، تمهيدا لإقرار برنامج لرفع الضرائب وتقليص الإنفاق الحكومي. ويسعى باباندريو لحمل صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي على تقديم دفعة جديدة من المساعدات المالية لليونان.
ويتوقع أن يجري التصويت على الثقة بالحكومة الأحد. وفي الإطار ذاته يلتقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، في برلين اليوم الجمعة، لبحث الأزمة في اليونان.
يذكر أن كلا من فرنسا والمانيا تساهمان بـ 55 بالمائة من حزمة المساعدات التي قدمها الاتحاد الأوروبي لليونان التي تواجه أزمة اقتصادية وترغب الحكومة في الحصول على موافقة البرلمان على رزمة إجراءات تقشف بقيمة 28 مليار يورو، يجري تنفيذها بين 2012 و 2015، استجابة لمطالب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي اللذين اشترطا تدابير اقتصادية على اليونان لإطلاق ما تبقى من رزمة المساعدات المقدمة لها.وقال المسؤول المالي في الاتحاد الأوروبي أولي رين إنه من المحتمل أن تحصل اليونان على بقية المساعدات في يوليو/ تموز القادم.
وكان باباندريو قد واجه خلافات داخل حزبه، الحزب الاشتراكي، حول اجراءات التقشف، وقد استقال اثنان من نواب الحزب احتجاجا على الاجراءات. ولا يتوقع أن تؤثر الاستقالاتفي أغلبية الحزب الحاكم في البرلمان. وكان باباندريو قد عرض الاستقالة للتمهيد لتشكيل حكومة ائتلاف، ثم صرف النظر عن ذلك.
وقد دعا رئيس اليونان كارولوس بابوليوس السياسيين في بلاده للتحلي بالمسؤولية وعدم تحويل الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد إلى أزمة سياسية. وجاء ذلك بعد ساعات فقط من استقالة نائبين عن الحزب الحاكم من البرلمان. كما دعت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى تجاوز خلافاتها حول معالجة أزمة الديون السيادية في اليونان، وأعربت عن ثقتها في التوصل إلى حل وسط لإنقاذ البلاد في لقاء لوزراء المال في الدول الأعضاء بعد غد في لوكسمبورغ، وذلك على رغم إخفاق الوزراء في اجتماعهم الاستثنائي في بروكسيل.
وحذرت المفوضية من ناحية أخرى البرلمان اليوناني من عدم المصادقة على خطة للإصلاح الاقتصادي، معتبرة الخطة ضرورية لتفادي العواقب الكارثية التي قد تنجم عن إخلال اليونان بالتزاماتها تجاه الدائنين. وقال المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية أولي ريهن إن "وزراء المال لدول منطقة يورو سيتخذون قرار صرف القسط الخامس من القروض لفائدة اليونان في بداية تموز (يوليو)". وقال ريهن إن وزراء المال سيبحثون في لوكسمبورغ في "مضمون البرنامج اليوناني وشروط نجاحه وطبيعة مساهمة القطاع الخاص" في خطة تقديم القروض الإضافية. وبلغت اليونان عجزاً شديداً على رغم الصفقة المالية التي كانت حصلت عليها في العام الماضي والتي تُسدّد على أقساط، وتحتاج حسب بعض التقديرات إلى أكثر من 70 بليون يورو.
وتطالب دول أوروبية في مقدمها ألمانيا بتخصيص بعض المؤسسات العامة في اليونان ومشاركة المصارف الخاصة في تمديد آجال تسديد مديونية اليونان وتحمل جزء من تبعات الصعوبات التي تواجهها البلاد. وتعترض فرنسا على تحميل المصارف التجارية جزءاً من تبعات المديونية اليونانية إذ تُعد المصارف الفرنسية الأكثر عرضة لتحمل الخسائر بحكم امتلاكها الجزء الأكبر من الأصول اليونانية، مقارنة بنظيراتها من الدول الأوروبية الأخرى.
ويأمل باباندريو الذي يواجه ضغوطاً من الدول الدائنة لليونان والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، بالتصويت بحلول أواخر حزيران (يونيو) على مشروع قانون موازنة للمدى المتوسط (2012 - 2015) لتعزيز إجراءات التقشف بهدف صرف مساعدة مالية جديدة. ويخضع أيضاً لضغوط اجتماعية قوية من الشارع المعارض لهذه الاجراءات، ومن داخل كتلته النيابية "باسوك" (اشتراكي). وأعربت بعض الصحف اليونانية عن أسفها أمس لفشل تشكيل حكومة توافق وطني ولم تستبعد إقامة انتخابات مبكرة.
وأعلن جورج فلوريدس، النائب من الحزب الاشتراكي الحاكم، استقالته في رسالة موجهة الى رئاسة البرلمان. وانتقد فلوريدس، وهو وزير دولة سابق للشؤون المالية في رسالة، السياسة الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة وإجراءات التقشف الجديدة. وبحسب التشريع النيابي، سيتولى نائب اشتراكي آخر مقعد فلوريدس في مجلس النواب.
ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في باريس الدول الأوروبية الى "التحلي بالمسؤولية والقيام بالتسويات اللازمة" من أجل حماية اليورو الذي يواجه تهديد الأزمة المالية ودين اليونان. وقال ساركوزي في كلمة عند افتتاح أعمال مجموعة الـ 120، وهو منتدى عالمي للمزارعين: "أدعو الجميع الى التحلي بالمسؤولية وبالحس الضروري للقيام بالتسويات اللازمة التي بنيت أوروبا على أساسها. علينا أن نحمي عملتنا الواحدة والدفاع عن المؤسسات الأوروبية".
من ناحيته، نبه تـــشو مين، المستشار الخاص لمدير صندوق النقد، إلى أن المؤسسة الدولية "قلقة للغاية" بسبب الاضطراب السياسي في اليونان، لكنها مستعدة للمساعدة إذا حصلت الحكومة على الموافقة على خطتها للتقشف. وأعلنت الصين استعدادها لشراء ديون سيادية أوروبية رغم أخطار تخلف اليونان عن تسديد المبالغ المتوجبة عليها، مؤكدة ثقتها في منطقة اليورو.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي إن "الصين مستثمر على المدى البعيد" في سوق الدين الأوروبي. وأضاف: "نأمل أن تتوصل اليونان الى تحقيق الاستقرار والتنمية بفضل التعاون مع الاتحاد الأوروبي والأسرة الدولية"، في وقت تتفاقم الأزمة المالية اليونانية. ومن المقرر أن يجري التصويت على خطة التقشف في وقت لاحق من هذا الشهر، وهي الخطة التي يعارضها معظم اليونانيين، وتهدف لتوفير 28 مليار يورو (41 مليار دولار) من خفض الإنفاق وزيادة الضرائب فضلا عن بيع أصول حكومية بقيمة 50 مليار يورو.
وقد خفضت مؤسسة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز تصنيفها لليونان ثلاث نقاط من B الى CCC، وتقدير مستقبلي سلبي.وحذرت المؤسسة من ان اثينا قد تتخلف مجددا عن سداد ديونها وسط مشاكل تطبيق الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي.وقالت ستاندرد اند بورز في بيان لها الاثنين ان اليونان ستضطر إلى إعادة جدولة اقساط الديون "مع احتمال كبير للتخلف مرة او مرتين" عن السداد.
واضاف البيان ان "مخاطر تطبيق برنامج اقتراض اليونان من الاتحاد الاوروبي وصندوق النقد الدولي تتزايد مع الاخذ في الاعتبار زيادة الحاجات التمويلية لليونان والخلافات السياسية الداخلية حول الشروط المرتبطة باقراض البلاد".وتواجه الحكومة اليونانية معارضة شعبية لخطط التقشف الاقتصادي التي تلتزم بتطبيقها ضمن اتفاقها مع دائنيها لإنقاذها ماليا. وجاء تخفيض التصنيف الائتماني لليونان في الوقت الذي يتجادل فيه البنك المركزي الاوروبي مع المانيا حول كيفية انقاذ اليونان ماليا وما اذا كان عليهم دفع الدائنين لتحمل جزء من تكلفة الانقاذ. قال ايف ميرش عضو مجلس محافظي البنك المركزي الاوروبي يوم الخميس ان "اشهار افلاس غير منظم" لاحدى دول منطقة اليورو سيكون له عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها بما في ذلك اندلاع أزمة مالية جديدة .
وقال ميرش ان من غير المقبول افتراض أن البنك المركزي الاوروبي سيقبل سندات حكومية يونانية تم تمديد أجل استحقاقها كضمانة في عملياته للتمويل. وأضاف قائلا "سيكون لإشهار إفلاس غير منظم لدولة عضو في منطقة اليورو تداعيات مدمرة ليس فقط على الدولة المعنية بل أيضا على منطقة اليورو بأكملها."وقال ميرش ان مثل هذا الاحتمال سيضع السندات السيادية للدولة المعنية وقطاعها المصرفي تحت ضغوط شديدة. ومن ناحية اخرى فان القطاع المصرفي في منطقة اليورو بأكملها سيكون مهددا وبالتالي القطاع المصرفي في الدول المقرضة أيضا... وستحدث في الاغلب أزمة مالية جديدة.
ومن ناحية اخرى، قال مايكل نونان وزير المالية الايرلندي إن اليونان ربما تحصل على مساعدة قصيرة الاجل لتلبية حاجاتها حتى الخريف قبل إجراء مزيد من المحادثات بشأن أي خطة للدعم في الاجل الاطول.واضاف نونان قائلا في مقابلة مع تلفزيون بلومبرج "يبدو لي انه سيكون هناك ترتيب لمساعدة اليونان حتى الخريف ثم ستكون هناك جولة اخرى من المحادثات."
وقال اولي ريهن اكبر مسؤول اقتصادي في الاتحاد الاوروبي انه يتوقع ان يفرج الاتحاد وصندوق النقد الدولي عن شريحة حاسمة من قروضهما بقيمة 12 مليار يورو في اوائل يوليو تموز حتى تتمكن أثينا من تلبية حاجاتها التمويلية. واعترف ريهن بان الامر سيستغرق وقتا اطول لتجميع حزمة إنقاذ ثانية لليونان وذلك بسبب الخلافات حول كيفية مشاركة مستثمري القطاع الخاص في تحمل العبء لكنه دعا الى اتخاذ قرارات بحلول منتصف يوليو بدلا من ترك المسألة حتى سبتمبر ايلول وهو ما تقترحه المانيا.