مصر تحتاج لنحو 300 ألف طن من القمح سنويا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دعا مستشار وزير التضامن والعدالة الإجتماعيةالمصرية د.أحمد خورشيد في حواره مع "إيلاف" إلى ضرورة إنشاء مجلس عربي للقمح بهدف سد إحتياجات الدول العربية من القمح والحبوب الأخرى وعمل منظومة متكاملة بين الدول العربية فيما بينها من حيث توافر الخبراء والأموال والتربة الجيدة والمياه للإستعاضة عن الإستيراد من الخارج.
القاهرة: أعلن أحمد خورشيد أن بلاده تحتاج نحو 300 ألف طن من القمح سنويا من حجم إستهلاكها الحالي لمواكبة زيادة سكانية التي تقدر بمليوني مولود سنويا مؤكداً أن هناك إمكانية لتحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح فيما يخص رغيف الخبز المدعم من الدولة في حال منحت التقاوي والأسمدة مجانا للفلاح.
** ماهي قراءتك للوضع الحالي في قضية "الإكتفاء الذاتي من القمح" في مصر؟
- هناك عدة أبعاد للقضية، وما أود التركيز عليه هو أن الإكتفاء الذاتي يتحقق عن طريق عاملين وهما: "رفع إنتاجية الأرض والمساحة المزروعة من القمح بجودة عالية، وثانياً إلغاء الفاقد من القمح لأنه يمثل نسبة كبيرة لا يتصورها أحد، بدءاً من المستهلك نفسه الذي يرمي رغيف الخبز في سلات القمامة، إلى جانب دور الدعم في إعطاء الفرصة لبعض الناس نظراً لفارق السعر الكبير.
وهنا نطرح علامة إستفهام كبيرة، لماذا نستخدم بعض الخبز المصنوع كعلف للمواشي بدلاً من تقديمه كحبوب قمح، ونوفر بذلك كل المصاريف والطاقات المستهلكة في صناعة الخبز، وسيؤدي ذلك إلى تخفيف من التكلفة التي تصل إلى ملايين الليرات، إضافة لنقطة ثانية وهي لو أن كل فرد ألقى بكسرة خبز لا يزيد وزنها عن نسبة 10%من وزن الرغيف في القمامة سيكلف الدولة سنويا أكثر من 500 مليون جنيه.
المصري يكسب
** ما يميز "القمح المصري" عن نظيره المستورد من الخارج ؟
- تتفوق أنواع القمح المصري عن غيرها من المستورد بخمس مزايا وهي: " كبر حجم حبة القمح المصري، ثقل وزنها، وصلابتها، إضافة لقيمتها الغذائية من ناحية البروتيين الموجود فيها، وأيضاً إرتفاع نسبة الغلوتين بشكل كبير. أما القمح المستورد فهو تماماً بعكس مزايا الحبة المصرية، فضلاً على الإنتاجية العالية للفدان في التربة المصرية، والتي بلغت 28 أردب الفدان الواحد، من هنا نرى أهمية تكامل منظومة زراعة القمح وصناعة الخبز من خلال برامج التقاوي والأسمدة والحصاد والتخزين والطحن وصناعة الخبز، ويجب على كل فرد مصري محاسبة نفسه، لأن المسألة تتفاقم، ففي الخارج وقعت حادثتين كبيرتين منعتا دولتين من تصديرهما القمح لمصر، ونتج عن ذلك إرتفاع سعر طن القمح المستورد، ليصل في بعض الأحيان إلى ما يقارب ثلاثة أضعاف، فضلاً عن إمتناع هذه الدول عن بيع القمح نظرا لحاجة شعوبها إليه، بعدما كانت سابقاً تبيع الفائض منه.
إذن "عوامل الفاقد" تبدأ من المستهلك الذي يلقي في القمامة، إلى أسلوب الطحن، وإذا جمعنا هذه العوامل، سنجد أن نسبة الفاقد من القمح ستصل إلى 20% من حجم إنتاج القمح في مصر. والسؤال هنا " لماذا تدفع الدولة الدعم لغير مستحقيه؟"، وبعملية حسابية نجد أن التكلفة الفعلية للرغيف الواحد لا تقل عن خمس وعشرون قرشاً، بينما يباع للمستهلك بخمسة قروش، ما معناه بأن الفرد يدفع فقط خمس التكلفة، والدولة تسدد الباقي، ومع إرتفاع أسعار القمح قد يزيد سعر الرغيف عن ذلك، كما أن الزيادة السكانية سنوياً والتي بلغت هذا العام 2 مليون فرد، تحتم على الحكومة لآخذ التدابير بزيادة حجم المستورد من القمح. وبالتالي نحن نحتاج سنوياً إلى 300 ألف طن زيادة من القمح ، كي نواكب الزيادة السكانية.
صوامع ومخازن مجهزة
** ماذا عن جهود الدولة بالنسبة للتخزين وإنشاء صوامع جديدة؟
- تتخذ حالياً إجراءات لوضع خطة عمل بالتنسيق والتعاون بين وزارتي "التضامن الإجتماعي" و "الزراعة" لإلغاء "الشؤون الترابية" وإستبدالها بصوامع أو مخازن مجهزة وفقاً لمقاييس وشروط عالمية، وما يهمنا هو الحفاظ على إنتاجنا من القمح ، ولا ننسى دور "صناعة الخبز" التي تلعب دورا في زيادة الفاقد من دقيق القمح، وهناك بعضاً من أصحاب المخابز يقومون بالتحايل لإفساد الخبز عمداً كي يبيعوه إلى مزارع المواشي ، وهناك محاولات محلية لتطوير تكنولوجيا صناعة الخبز للقضاء على نسبة الفاقد.
القرية المصرية تحولت إلى مستهلكة
**ما دور الريف المصري في مساهمته لتحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح؟
لم يعد الريف المصري حالياً كما كنا نعرفه من عشرات السنين حيث تحول إلى مستهلكاً وليس منتجاً، حيث كان قديماً يقوم بتخزين إنتاجه من القمح والذرة وكافة الحبوب في صوامع طينية داخل منزله، لإستخدامها في طعامه وعمل الخبز البيتي، حيث كان المكون الرئيسي للخبز الممتاز من الذرة الشامية أو الرفيعة، وبعدما قامت الحكومة بالدعم، أصبح القروي يفضل شراء الخبز بدلاً من صناعته، وأيضا توقف عن إستهلاك الذرة ولجأ إلى إستهلاك القمح من خلال المخابز، فإرتفع معدل إستهلاك القمح، وهذه إحدى الأسباب لزيادة كميات القمح المستوردة .وكان الذرة سابقاً يشكل جزءا كبيرا من الإكتفاء الذاتي بالريف المصري وتوقف كل هذا وحل محله خبز الحكومة، مما دفع وزير التموين السابق د.أحمد جويلي منذ عشر سنوات إلى إضافة نسبة10- 20%من الذرة إلى القمح في صناعة الخبز وفقا لجودة القمح وحاليا يتم إضافة نسبة 10%فقط من الذرة إلى دقيق القمح في صناعة الخبز نظرا لضعف أنواع القمح المستوردة من الخارج ،فضلا عن أن الذرة لها إحتياطات في الإضافة لذلك لابد من أن تكون رطوبتها منخفضة في حدود نسبة 13%أو أقل ،كما نريد تشجيع الفلاح على التجفيف .
إنتاجية عالية بأرخص الأسعار
**ما هي أهم ميزات الذرة مقارنة بالقمح ؟
تقوم الدولة حالياً بإنشاء "مجففات للذرة" بهدف التوسع في زراعته وإدخاله في المرحلة المقبلة بصناعة الرغيف من الذرة الخالصة، و سيكون مدعّم ، وتستورد مصر أيضا الذرة من الخارج نظراً لإستخداماته المتعددة، وللذرة مزايا كثيرة منها: "الإنتاجية العالية من الذرة أعلى من القمح مساحة، وتقريباً بنسبة مرة ونصف المرة، أسعاره تكون عادة أرخص من القمح، سهولة طحنه، فوائده الطبية بحيث تم إكتشاف انها تحل مشاكل الكوليسترول والضغط." أما النقطة الأساسية هي كيفية الحفاظ عليها في التخزين بحيث تكون نسبة رطوبتها منخفضة، وأن تتم عملية الطحن والخلط في المطحن وليس بالمخبز، وتخزن في أماكن جيدة التهوية إما صوامع أو مخازن ، إضافة إلى أن نسبة الدقيق في الذرة 92% بينما نسبته في القمح تبلغ 82% .
الزراعة التعاقدية هي الحل وعودة القرية منتجة
**لماذا لم تبدأ الدولة حتى الآن في إستخدام الذرة بديلا عن القمح في صناعة الخبز المدعم ؟
المسألة تتعلق بالسعر والفلاح يفضل زراعة القمح لأنها اكثر ربحاً له، وهذا العام رغم سعر القمح الذي تتسلمه الدولة من الفلاحين جيد مقارنة بالسنوات الماضية، ووفق المعلن والمؤكد أن إنتاج مصر من القمح هو ل8 مليون طن لكن الغريب أن مايسلم للمطاحن وغيرها هو 3 مليون طن فأين باقي الإنتاج ؟ ومن هذا المنطلق أقترح على المسؤولين بمايسمى بـ"الزراعة التعاقدية مع الفلاح" لعدة أعوام مع إتباع سياسة زراعية طويلة المدى، وهي تعني منح الفلاح "التقاوي والأسمدة والأسعار المجزية" للمحصول مع الخدمة الجيدة للتربة الزراعية منذ زرع البذور وحتى مرحلة الحصاد مع إلزام الفلاح بتوريد ثلاثة أرباع إنتاجه من القمح إلى المطاحن في ظل سعر مجزي سترتفع هذه الأرقام.
محدودية مساحة الأرض والمياه والتقاوي والأسمدة
**ما هي أسباب عدم تحقق الإكتفاء الذاتي في القمح لمصر ؟
- هناك عدة أسباب من أبرزها محدودية مساحة الأرض والمياه،عدم الإهتمام الكامل بالتقاوي والأسمدة ،وعدم تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بحيث تقدم الدولة دعما للفلاح في التقاوي والأسمدة مع سعر مجزي مقابل إلزامه بتوريد ثلاثة أرباع محصوله من القمح ،وإهتمام الفلاح بخدمة الحقل حتى الحصاد وإستخدام المكينة الزراعية،وأهم هذه الأسباب هو عنصر التخزين والتشوين في صوامع أو مخازن جيدة التهوية.
دعم الدولة لا يصل إلى مستحقيه
**ماهي وجهة نظرك حول قضية دعم الدولة لخبز المدعم ؟ وماالبديل ؟
بعد ثورة 25 يناير علينا ان نطرح سؤالا هاما، ماهو الأسلوب الأمثل لتوصيل الدعم لمستحقيه من محدودي الدخل ؟ وأقولها بكل قوة وبساطة وبكل حزم في نفس الوقت أن الأسلوب المتبع حاليا لدعم رغيف الخبز غير سليم، ويؤدي إلى تسرب نسبة كبيرة من هذا الدعم إلى غير مستحقيه ولا يصل إلى معظمهم، حيث يباع جوال الدقيق بـ16جنيه، بينما يباع في السوق السوداء بـ160جنيه، ومعنى ذلك أنك تقول له إسرق، لذلك يجب أن تباع السلعة بثمنها للغني والفقير وإذا كانت الدولة تريد الدعم فمثلا إذا كان رغيف الخبز يبلغ ثمنه خمس وعشرون قرشا فيباع للجميع بنفس قيمته، وإذا الدولة ستوفر الدعم بأي صورة كانت وتعطيني عشرين قرش عن كل رغيف بأي شكل كان في صورة كوبونات، قيمة الكوبون الواحد عشرين قرشا وأضيف خمس قروش وأشتري رغيف الخبز الواحد.
فرصة لتطبيق البحث العلمي
**ماذا عن دور البحث العلمي في مصر في تحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح في مصر؟
-تطورالعالم كله جاء عن طريق البحث العلمي ونحن نفخر بذلك في مركز البحوث الزراعية حيث كان قديما محصول الفدان من القمح يبلغ 8أردب فقط لكن حاليا نسمع عن أن الفدان يبلغ محصوله 18أردب كمتوسط بل وصل في بعض المناطق بمصر إلى 27أردب ،إذن الفكرة هي إعطاء البحث العلمي الفرصة للتطبيق لأنه في الدول التي تريد نقلة لإقتصادها تطبق الأبحاث العلمية الجديدة ولا تتركها ،وإذا كان من الممكن زيادة محصول القمح فإنه سيوفر نحو 50%من إحتياجاتنا بالفعل ويوفر مال الدولة بدلا من الإستيراد ولكن ذلك لا يحدث في كل المساحة المنزرعة لأن المنظومة الزراعية غير متكاملة سواء من الأسمدة الجيدة والتقاوي المناسبة لأن إختيار الصنف الغير المناسب من التقاوي يعتبرفاقد ،والمسألة كلها تحتاج إلى نوع من تحمل المسؤولية والإنتماء لكي يتحقق ذلك وهذا هو توقيته ،والإمكانية موجودة والعلماء لا يبخلون بجهدهم بل عليهم دور هام وهو إنتقال الجهات العلمية من مراكز الأبحاث إلى الحقول بالريف ،لأن الغذاء والإستثمار الزراعي هو الأولوية الأولى في الإستثمار في المرحلة المقبلة من أجل مستقبل الأجيال القادمة .
الميزة النسبية
**هل تعتقد أنه بالإمكان زراعة المناطق الجديدة مثل سيناء والصحراء الغربية وشرق العوينات بمحصول القمح؟
-هناك شئ إسمه "الميزة النسبية "فعندما تكون مياه الري قليلة لا يمكن زرع القمح فيها ، ومن الفضل حينها زرع محصول يكون سعره مرتفع، وحينها نقوم بتسويقه قبل بيعه، وأقوم بتسويقها قبل بيعها أو لو وجد صنف يتحمل المياه القليلة أزرعه فلا مانع ، والميزة النسبية سواء للموقع أو للمقومات هي المياه و درجة الحرارة.
مستقبل الذرة الرفيعة في صناعة الخبز
**هل يمكن إستحداث أنواع جديدة من الخبز للحد من إستيراد القمح بدلا من الخبز التقليدي ؟
-هناك عشرات الأنواع من الخبز على مستوى العالم يمكن أن تشكل بديلاً للخبز العادي منها خبز اللفائف على شكل شرائح ، وأيضا خبز الذرة الكامل ، أو خلط أي مجموعة من الحبوب على سبيل المثال كسر الأرز أضافوه مع دقيق القمح في صناعة الخبز، وكذلك الشعير الخالص يصنع منه الخبز، وأيضا الذرة الرفيعة لها مستقبل كبير جدا في صناعة الخبز، ومن الممكن أن يظل الخبز البلدي إلى جانب أصناف جديدة من الخبز،وعلينا الإنفتاح على الأصناف الجديدة في أنواع الخبز من الحبوب الأخرى مع تطوير تكنولوجيا صناعة الخبز للقضاء على الفاقد،وللمستهلك له حرية الإختيار بين أصناف الخبز.
محصول درنات وله عيوب
**طرح البعض إمكانية زراعة "الكاسافا"والتي تزرع في أفريقيا للإستعاضة عن القمح .كيف ترى إمكانية ذلك؟
-"الكاسافا" درسناها بالتفصيل وهي محصول درنات من الممكن إستخدامها لكن بها عدة عيوب وهي أنها عبارة عن نشا لا يوجد بها قيمة غذائية كبيرة ، و محصولها يشغل مساحة كبيرة في الأرض فضلا عن أنها تستمر بالأرض فترة طويلة ، كما انها تستخدم مساحات كبيرة من الأرض لأنها درنات عبارة عن ماء ، ولو أردنا إستخدامها في التصنيع فلابد من عملية تنظيفها ثم تقشيرها وتقطيعها إلى شرائح ثم تجفيفها وطحنها ، وهذا المحصول يوجد في كثير من الدول الأفريقية لكن يتم إستخدامها على نطاق ضيق في المنازل ولكن ليست على نطاق واسع.
إنشاء مجلس عربي للقمح
** تدرس الحكومة المصرية حاليا إمكانية زراعة القمح في شمال السودان، هل يمكن أن يساهم ذلك في الحد من الإستيراد من الخارج ؟
- يوجد في الدول العربية إحتياج إلى القمح ومعظمه يستورد من الخارج والإمكانيات متوفرة ، فمثلاً سوريا تنتج وتصدر للخارج القمح وكذلك السعودية تنتج بتكلفة عالية ، أما العراق يعتبر كنز نظراً لخصوبة الأرض وتوافر المياه من دجلة والفرات ، لذلك أقترح إنشاء "مجلس عربي للقمح" على غرار "المجلس العالمي للقمح" وذلك بهدف توفير القمح والحبوب الأخرى، و السودان يوجد بها مناطق تصلح لزراعة القمح وأخرى لا تصلح أي يوجد بها ميزة نسبية، فمثلاً البذور الزيتية توجد في السودان، وفيها زراعات جيدة ، ويقوم بها رجال الأعمال المصريين بمشاريع حيث يزرعون السمسم من أجل صناعة الطحينة والحلاوة الطحينية ،وهذا الإقتراح أقدمه لذوي الشأن لدراسته محليا وعربيا لإمكانية تطبيقه.
منح الفلاح "التقاوي والأسمدة " مجانا
**أخيراً ما هو تصورك المستقبلي لتحقيق الإكتفاء الذاتي من القمح المستخدم في رغيف الخبز المدعم؟
- من الممكن أن نحقق إكتفائنا الذاتي من القمح المستخدم في صناعة رغيف الخبز المدعم فقط بشرط تكامل المنظومة، مع دعم الفلاح وتزويده بالأسمدة والتقاوي المحسنة وتقديمها له مجانا مع الخدمة الجيدة للأرض وإلزامه بتوريد ثلأثة أرباع محصوله من خلال الزراعة التعاقدية سنحقق الإكتفاء الذاتي بل سنصدر القمح للخارج ولن نستورد حبة قمح واحدة .