حاكم دبي يحدث تغييراً جذرياً في إدارة بنك الإمارات دبي الوطني

أصدر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي قراراً بإقالة مجلس إدارة بنك الامارات دبي الوطني، الذي تمتلك حكومة دبي حصة تقدر بـ55.6 % من أسهمه، وتعيين مجلساً جديداً خلفاً له، في مسعى إلى ضخ دماء جديدة في مختلف مؤسسات إمارة دبي.

لندن: قام الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتعيين مجلس إدارة جديد بنك الإمارات دبي الوطني برئاسة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم "عم حاكم دبي" ورئيس مجلس ادارة شركة طيران الامارات. وذلك في اطار قيام الشيخ محمد بن راشد بتنفيذ استراتيجيته الدائمة في السعي إلى التغيير نحو الأفضل والدفع بدماء جديدة في مختلف مؤسسات امارة دبي، فابن راشد اعتاد دائمًا على احداث التغيير في قيادات المواقع الحكومية في الإمارة، وذلك سعيًا إلى تطوير القدرات وتنويع الأفكار وتحديثها للارتقاء بمستوى الإمارة في المجالات كافة.

وبهذا سيحل الشيخ أحمد بن سعيد محل أحمد حميد الطاير "الرئيس السابق لثلاثة بنوك اماراتية" والذي مازال يشغل منصب محافظ مركز دبي المالي العالمي. والرجلان من أعضاء اللجنة المالية العليا في دبي، وكانا من أبرز الشخصيات التي ساهمت في تعافي امارة دبي من أزمة الديون التي هبت عليها منذ عامين. وقد تنحى الشيخ أحمد بن سعيد عن منصبه كرئيس لمجلس ادارة بنك نور الاسلامي، وسيخلفه في هذا المنصب الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم.

يضم المجلس الجديد الى جانب الشيخ أحمد بن سعيد تولي هشام عبد الله القاسم منصب نائب رئيس البنك بدلاً من عبدالله محمد صالح الذي استقال من منصبه في شهر مايو/أيار الماضي جراء خلافات مع أعضاء مجلس الادارة ورفضه الدخول في "شلتهم" على حد قول أحد المصادر في البنك الذي أضاف أن عمر الفطيم الذي كان يشغل منصب عضو مجلس ادارة في البنك سابقا كان قد استقال من منصبه أيضًا لرفضه الانضمام الى "الشللية" التي كان يتسم بها المجلس السابق.

كما جرى تغيير أعضاء مجلس الادارة وهم عيسى صالح القرق وفردان علي الفردان وخالد جاسم بن كلبان وعبد الله احمد لوتاه وحمد مبارك بو عميم، وحل محلهم محمد عبيد الشحي ومحمد هادي احمد عبد الله الحسيني وشعيب مير هاشم خوري.

وذكر مصدر مسؤول لـ "ايلاف" أن تغيير مجلس الإدارة جاء بسببتناقص عوائد البنك وضعف مستوى أدائه.وأضاف المصدر أن أحمد حميد الطاير رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات دبي الوطني السابق، بالرغم من أنه رجل له دور كبير في تحقيق التنمية في امارة دبي، وهو أيضا رجل تثق فيه الحكومة جيدا، الا أن معدلات أدائه في قيادة البنك في الفترة الأخيرة قد ضعفت نتيجة تقلده العديد من المناصب المهمة في دوائر الإمارة، فضلاً عن توليه منصب الرئيس في ثلاثة بنوك اماراتية في الوقت نفسه.

الأمر الذي أدى الى تضارب التوجهات والأفكار، حيث انه لا يمكنه أن يركز في قيادة بنك عملاق في ظل قيادته عددًا آخر من المؤسسات المهمة أيضا، فمجهوداته موزعة بين الادارات المختلفة، وبالتالي ستكون النتيجة عدم التمكن من قيادة كل الهيئات بالكفاء نفسهاة. ولفت المصدر الى أن هذا التغيير ربما يحدث تغييرات مقبلة في القطاع المصرفي، وقد يمتد أيضا الى قطاعات اخرى في الامارة.

وتشير الدلائل إلى أن قيام الشيخ محمد بن راشد باتخاذ خطوات تغيير جذرية في الامارة لا يأتي من فراغ انما يكون وفق ضوابط ومعايير ومواقف محددة ومدروسة جيدا، ويمكننا أن نذكر خمسة مواقف تاريخية تدل على حب ابن راشد للتغيير من أجل الارتقاء بمستوى الامارة وتحقيق أعلى معدلات التنمية فيه،ا فضلاً عن التجاوب مع هموم ومشاكل المواطنين وهي كالآتي:

الموقف الأول: في بداية السبعينيات قبل قيام اتحاد دولة الامارات كان هناك قائد لشرطة دبي يدعى "لوريمير"، وكان ذلك الشخص سيء السمعة، حيث كان يقيم علاقات غرامية غير شرعية مع زوجات أصدقائه، وما كان من سكان دبي في ذلك الوقت، سواء كانوا مواطنين أو بريطانيين مقيمين، إلا تقديم شكاوى ضده الى حاكم دبي، وعندما سمع الشيخ محمد بن راشد الذي كان يبلغ التاسعة عشر من عمره تقريبا في ذلك الوقت بتلك الشكاوى مارس ضغوط كبيرة على قائد الشرطة "لوريمير" وحجم قدراته، ثم أمر بإقالته من منصبه نهائيا، وتعيين قائد شرطة جديد يسمى "بريكس".

الموقف الثاني: في منتصف الثمانينات أصدر الشيخ محمد بن راشدأوامره بإنشاء شركة طيران الامارات بعد حدوث مشكلات عديدة مع شركة طيران الخليج التي كانت تحتكر مطار دبي وكل مطارات منطقة الخليج آنذاك. ومن هنا يعد ابن راشد رائد الطفرة الكبيرة التي حققها طيران الامارات حول العالم في زمن قصير وصاحب النشاط التجاري والسياحي الكبير الذي حققته الإمارة في غضون ثلاثة عقود فقط من الزمن.

الموقف الثالث: في فترة التسعينيات سعى محمد بن راشد الى بناء بنية تحتية عملاقة لإمارة دبي وعمل على توسيع الإمارة حتى وصلت الى مدينة كبرى تضاهي أفضل المدن العالمية وتنافسها.

الموقف الرابع: في عام 2000 حارب محمد بن راشد الفساد الاداري والمالي في الامارة بشتى السبل حيث شنّ أولى حملاته لمكافحة الفساد في دوائر الامارة المختلفة، وقد سبقت تلك الحملة موجة الثورات العربية والربيع العربي قبل وقوعه بأحد عشر عاما كاملة.

الموقف الخامس: هو حرصه الدائم خاصة في السنوات الاخيرة على تجديد دماء قيادات الدوائر المحلية في الامارة والدفع برؤى جديدة سعيا إلى تحسين الأداء الحكومي في المدينة. ويمكننا القول إن محمد بن راشد رجل محب للتغيير من أجل خدمة الوطن والمواطن وتحقيق طموحات المواطنين وآمالهم في مجتمع أفضل وخلق روح النزاهة والشفافية وسيادتها بين جميع سكان الإمارة سواء كانوا مواطنين أو مقيمين.

تجدر الاشارة الى أن بنك الامارات دبي الوطني تأسس في عام2007 نتيجة اندماج بنكين محليين بناء على تعليمات حاكم دبي، وهما بنك دبي الوطني وبنك الامارات.

ويحظى الشيخ أحمد بن سعيد الرئيس الجديد لبنك الامارات دبي الوطني باحترام الجميع في دبي، حيث ساهم في تجاوز الامارة لأزمة الديون التي واجهتها، كما انه يعد شخص محنك يضفي استقرارا وفاعلية ونجاحا كبيرا لأي مؤسسة يقودها. وكان ابن سعيد قد تولى رئاسة مجموعة دبي العالمية المثقلة بالدين في ديسمبر/كانونالأولالماضي مع سعي دبي إلى استعادة مكانتها بعد أزمة الديون وحقق نجاحا باهرا في مهمته الصعبة تلك.

في المقابل يعد أحمد حميد الطاير الرئيس السابق لبنك الامارات دبي الوطني المحافظ الحالي لمركز دبي المالي العالمي رائد العمل المصرفي والمالي في الامارات، ويدير حاليًا العديد من المؤسسات المصرفية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.

وتولى الطاير وزارات عدة، وهو من مؤسسي العمل المصرفي في الامارات، وله بصمات واضحة في تأسيس مصرف الإمارات المركزي وبنك الإمارات الدولي وبنك دبي التجاري، كما قام بجهد كبير في ترقية البنوك في الدولة، وقاد بنجاح إدارة مجموعة من البنوك الصغيرة لتكوين بنك الإمارات الدولي، ليصبح أحد أكبر البنوك الوطنية، قبل أن يقود بنجاح اندماجه مع بنك دبي الوطني لتكوين اكبر مصرف في الشرق الاوسط، وهو حاصل على جائزة الشخصية المصرفية العربية للعام 2006، ويصفه زملاؤه المصرفيون في العالم العربي بأنه سوبر مان مصرفي.

جدير بالذكر أن ثمة مشاكل في القطاع المصرفي في دبي تحتاج حلاً، بما في ذلك بنك دبي، وهو مصرف اسلامي متعث،ر استحوذت عليه حكومة دبي في شهر مايو/أيار الماضي.ويتردد الحديث الآن عن تدخل بنك الامارات الاسلامي ذراع المعاملات الاسلامية في بنك الامارات دبي الوطني لشراء بنك دبي. فيما تدرس الحكومة ما اذا كانت ستواصل تشغيل البنك منفردا أو تعمل على دمجه مع بنك آخر مملوك للدولة.