اقتصاد

البنوك المصرية تعيد النظر في سياسات الإقراض بعد ثورة يناير

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البنك المركزي المصري

تأثرت البنوك في مصر بشكل كبير بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، فقد شهدت إضطرابات وتغيرات عدة تعكس مدى تغير الأداء الإقتصاد للبلاد، فبداية بالخسائر التي تعرضت لها بعد محاولات السرقة وإحداث التلفيات، ثم إغلاق المصارف والبورصة ووقف التداول أكثر من شهرين مروراً بملفات رجال الأعمال المقربين من النظام وفتح ملفات التسوية بينهم وبين الجهاز المصرفي وغيرها من المتغيرات.

القاهرة: يقول محسن خضيري الخبير المصرفي لـ"إيلاف": لابد أن نشير إلى أن الثورة قد أحدثت تغييرًا واسعًا في سياسات الإيداع والإقراض، وكذلك الاستثمار، حيث كانت تسير هذه السياسات وفق آليةمختلفة، ذات مبدأ ربحي فقط، ولكن كانت هناك أدوار خفية تقوم بها الأجهزة المصرفية في خدمة بعض رجال الأعمال المقربين من النظام القديم، والأمثلة لا تعد ولا تحصى، وخصوصاً في آخر عشر سنواتمن عمر مصر.

وأضاف خضيري أن المرحلة الراهنة تحتاج إعادة النظر في تشكيلة الخدمات المصرفية، لما لها من دور مهم في قيادة حركات التنمية. وأشار إلى أن الإدراك الكامل بحقيقة الجهاز المصرفي يؤدي دوره في هذه التنمية المنتظرة من خلال توجيه الاستثمارات والقروض.

يرى الخبير المصرفي أن طبيعة التنمية الثورية تحتم مراعاة التأثيرات التي أحدثتها، سواء كانت هذه التغيرات في القطاع العام الذي من المفترض دعمه بشكل كبير في الفترة المقبلة من قبل الجهاز المصرفي أو الخاص الوطني الذي سوف يتولى عملية التنمية بشكل أو بآخر، وسوف يتم دعمه بشكل كبير أيضًا، والقطاع التعاوني، خاصة أن هناك مشروعات تنمية سيتم استيعابها تقدر بـ6532 نشاط اقتصادي مستقل، يحتاج كل منها مشاريع عدة،وهذه المشاريع من شأنها استغلال القوى العاطلة في مصر، سواء كانت أفراد أم أموالاً بنكية أو إدارة أو تكنولوجيا.

وتتميز هذه الأنشطة أنها ذات أسواق داخليًا وخارجيًا وفيها سوف تحقق البنوك نقلة نوعية لها وللاقتصاد المصري ككل من خلال تحقيق تنافسية حقيقية، وفي الأخير قال خضيري إنه من المبكر الآن حساب تأثير الثورة على الجهاز المصرفي، لأن ذلك يحتاج فرصة ووقت كبير حتى نرى مدى الفرق بين قبل الثورة وبعدها.

في حين توقع عمرو طنطاوي- مدير عام الفروع في بنك مصر إيران- تراجع أرباح البنوك العاملة في السوق المصرية، خلال عام 2011 الحالي، وقال طنطاوي إن أولى التأثيرات التي عرقلت تحقيق الأرباح هي وقف العمل في البنوك بعد ثورة 25 يناير الماضي لفترة، مما أثر على أرباح القطاع المصرفي، وليس ذلك هو كل شيء، ولكن عندما عادت البنوكلمزاولة نشاطها مجددًا صدمتها حالة ركود شديد في السوق، وتباطؤ أداءكل الأنشطة الاقتصادية.

وعن مقارنة نتائج أعمال البنوك خلال عام 2011، قال طنطاوي إنه لا يمكن مقارنتها بنتائج عام 2010، موضحًا أن البنوك تعتبر شريان النشاط الاقتصاد وتتأثر بتأثره، كما إن توقف النشاط في معظم البنوك وتراجع حركة الإنتاج منعها من السعيإلى اللحصول على قروض جديدة أيضًا، كما أوضح أن البنوك تعاني حاليًا نوعًا من النقص في السيولة، مما اضطر بعضها إلى رفع سعر الفائدة لجذب موارد جديدة.

أما أستاذ التمويل والاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة الدكتور سمير مرقص فقال لـ"إيلاف" إن دور المصارف تتمثل في حفظ الودائع وتسهيل التعاملات البنكية ومنح القروض والاستثمارات ويحقق البنك ربحيته من خلال هذه التعاملات، وقد صاحب الثورة المصرية اضرابات في كل العمليات الاقتصادية، وقد انعكس ذلك بوضوح على الجهاز المصرفي المصري، حيث تأثرت سلبًا بالأحداث.

فإذا كان مصدر تمويل البنوك هي الودائع فمن الطبيعي والبديهي أن ندرك تأثر هذا المصدر الأساسي للتمويل بالأحداث، الأمر الذي قلل مواردها، كما إن الثورة أدت إلى هبوط النشاط الاقتصادي، مما جعل المقترضين يحجمون عن الاقتراض تخوفًا من المستقبل المجهول، فنقص في الودائع مصاحب لنقص في القروض يؤثر على ربحية البنوك، في ظل القواعد والمعايير العالمية التي تتحكم في الأداء المصرفي مثل بازل 1 و2 و3، الذي يعتبر تطبيقها هو مقياس نجاح البنوك، ونجد أن بعض البنوك تجبر على تخفيض الفائدة إلى ما يقارب سعر الودائع، وهذا في حد ذاته قد يؤدي إلى خسائر كبيرة.

ويضيف مرقص أن هناك قاعدة بينية تقول إن البنوك تنمو وتذدهر في حالة الاستقرار، وتتعرض للأزمات في حالة الاضرابات والثورات، فماذا تفعل البنوك المصرية لتتفادى هذه الفترة؟، البنوك يجب أن تعيد النظر في اختيار عملائها، فلابد من التعامل في الفترة الحالية مع الملاذ الآمن، ولنا مثل في مشكلات عقود التسوية التي أبرمها الجهاز المصرفي المصري مع مستثمرين متعثرين في سنوات العقد الأول من القرن الماضي،فالمظلة السياسية التي كانت تحمي بعض المستثمرين المرتبطين بالنظام السابق من التحرك القضائي ضدهم اختفت، وهو ما شجّع البنوك للتحرك نحو إعادة صياغة عقود التسوية مع المستثمرين لضمان حقوقها.

ويرى مرقص أنه يجب توجيه الاقراض إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة أكثر من غيرها لأن أصحاب هذا النوع من الاستثمار أكثر إيفاء بالاتزامات من النماذج السابقة، ولما لها من دفع لقاطرة النمو الاقتصادي الذي ينعكس بدوره على جهاز المصرفي.

وأضاف الخبير الاقتصادي إن أكبر الخسائر التي تعرضت لها البنوك هو سقوط عدد كبير من رجال الأعمال المقربين من النظام السابق، وبداية حالة من الشد والجذب في تسوية مديونيات عدد كبير من المتعثرين.

وهناك أطروحات لإدخال تعديل على أسلوب تنفيذ تسوية مديونيات لبعض المتعثرين، منها سداد جزء من الأقساط المتبقية من التسوية بشكل عيني، بدلاً من السداد النقدي، لكن ذلك الطرح يصطدم بصعوبة تسويق تلك الأصول العينية في ظل حالة الركود الحالي للاقتصاد المصري، مما يجعل البنوك تتحمل عبء تسويق تلك الأصول ووضع مخصص لها، وفقًا لقواعد البنك المركزي.

ويفرض البنك المركزي على البنوك التخلص من الأصول العينية التي حصلت عليها نتيجة تسويات مع عملائها المتعثرين خلال 5 سنوات من تاريخ حصولها على الأصل، وفي حال فشل البنك في ذلك يطلب تحديد المهلة من البنك المركزي بشكل سنوي لكل أصل على حدة، ولدى البنوك العامة مخزون كبير من الأصول العينية التي حصلت عليها عبر تسويات نتيجة توسعها في تسعينات القرن الماضي في منح قروض دون المستوى، وهو ما تسبب في تعثر العملاء في سدادها.

وأبرز البنوك التي تمتلك محافظ أصول عينية من تسويات حاليًا هي: البنك الأهلي وبنك مصر والمصرف المتحد والبنك العقاري المصري العربي وبنك قناة السويس وبنك التنمية الصناعية وبنك العمال المصري.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف