التهريب والإعتصامات التونسية وراء النقص الحاد في البنزين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد بن رجب من تونس: تعيش ولايات الجنوب التونسي هذه الأيام نقصا فادحا في البنزين الذي غاب عن محطات بيع المحروقات في قابس و مدنين و تطاوين و جرجيس و بنقردان وهو ما جعل المواطنين يعبرون عن استيائهم بعد أن بقيت سياراتهم بدون بنزين أو هم يضطرون إلى الإنتظار في طوابير طويلة من أجل التزود بالبنزين.
خالد قدور المدير العام المكلف بالطاقة بوزارة الصناعة و التكنولوجيا التونسية قال أنّ الاستهلاك الوطني من مادة البنزين بلغ ذروته خلال شهر جويلية المنقضي مسجلا ارتفاعا بنسبة 35% مقارنة بالسنة الماضية. و أضاف خلال لقاء إعلامي :" إن اضطراب عملية التزويد الذي عرفته بعض مناطق الجنوب جعلت الطلب يتضاعف أكثر من 15 مرة وهذا مرتبط أساسا بالاعتصامات التيسجلتها العديد منالمؤسسات النفطية".
المدير العام المكلف بالطاقة بين أن تزويد هذه المناطق يتم انطلاقا من منشآت نفطية موجودة بالشمال وهو ما يكلف هذه الشركات مصاريف إضافية لتأمين النقل والسلامة في وقت تسعى فيه إلى دفع التنمية المحلية باستثمارات تناهز 9 مليون دينار." وذكر المسؤول التونسي من جهة أخرى أن تراجع استهلاك مادة الغازوال بنسبة 19 % عن العام الماضي يعود بالأساس الى تقلص استعمال المعدات الثقيلة و توقف بعض المنشآت والمصانع التي تستعمل هذه المادة عن العمل بعد الثورة".
وأكّد من جديد أنّ الاعتصامات حالت دون التوصل إلى انجاز المشاريع المرسومة حيث تم حفر 6 آبار استكشافية من مجموع 14 بئرا مبرمجة خلال سنة 2011 والتدخل لانجاز 4 آبار تطويرية من مجموع 14 بئرا مبرمجة خلال نفس السنة وهو ما اثر على الإنتاج. مشيرا إلى أنّ توقف مشروع ربط قفصة والحوض المنجي بالغاز الطبيعي بسبب الاعتصامات داعيا في هذا الإطار إلى العمل على تحسين الوضع الأمني وتوخي الحوار لحل الاعتصامات .
تهريب و مضاربات و اعتصامات
في الواقع فإنّ نقص بعض المواد منذ أيام من الأسواق التونسية يعود مثلما أكد خالد قدور المدير العام المكلف بالطاقة إلى الإعتصامات والإضرابات التي تسببت في غلق عديد المؤسسات المنتجة و التي أثرت تأثيرا سلبيا على عملية تزويد السوق فإنّ المضاربات و الإحتكار والتهريب إلى القطر الليبي كان سببا مباشرا لهذه الوضعيات الصعبة التي يمرّ بها الإقتصاد التونسي ، وهذا ما يؤكده يوسف ( صاحب محطة بيع المحروقات) الذي بيّن أنّ عملية تزويد المحطات بالبنزين أصبحت بطيئة وهو ما جلنا تحت طائلة الضغوطات من أصحاب السيارات و غيرهم، أما رضا (صاحب سيارة) فرأى أنّ الإعتصامات و قطع الطرقات ساهم في بروز هذه المشكلة كما أنّ المضاربات التي أصبحت واضحة للعيان والتي ساهمت فيها الإنفلاتات العديدة جعلتنا نضطر إلى فقدان البنزين من محطات بيع المحروقات بينما يوجد عند بعض المضاربين على بعد أمتار من هذه المحطات وبأسعار غير معقولة، بينما يبيّن الطيب (صاحب سيارة) ما حصل له قائلا: "توجهت للتزود بالبنزين لكن صاحب محطة المحروقات قال بأنّ البنزين مفقود ولكنه وجهني إلى "بائع بنزين" غير بعيد ، ذهيب إليه فوجدت فعلا البنزين ولكن بأي ثمن ، لقد طلب مني 40 دينارا (30 دولارا ) ثمنا لعشرين لترا فقط بينما تباع قانونيا في المحطة بـ 27.4 دينارا ( 21 دولارا) ، إذا فنتيجة المضاربة والإحتكار يربح 9 دولارات بدون تعب و مستغلا وضعا صعبا و حساسا نعيشه".
و أضاف المولدي ( صاحب سيارة ) : " الواقع أنّ هذه الوضعية الصعبة جاءت بسبب " أباطرة الحرب " الذين لا همّ لهم غير استغلال هذا الوضع و تحقيق ربح وفير ، كما أنّ وجود الإخوة الليبيين بيننا ساهم إلى حدّ كبير في تنامي هذه الظاهرة وخاصة في مدن الجنوب حيث يتواجد اللاجئون الليبيون بسياراتهم وهو ما خلق وضعا جديدا و صعبا".
ويعطي سمير (صاحب سيارة) هذه الظاهرة تفسيرا جديدا بقوله :" التهريب إلى ليبيا ساهم في هذا الوضع الصعب في الجنوب التونسي الذي تحمل أهله كثيرا ، فالمضاربون التونسيون و المهربون يهرّبون البنزين التونسي الذي كان مخصصا لمدن الجنوب وهو ما يجعل هذه المادة تتناقص بسرعة من محطات بيع المحروقات ، وقد علمت أنّ وعاء العشرين لترا بيعت على الحدود بـ 60 دينارا (46 دولارا) أي بربح بلغ 100% . أما حمادي الزغل المدير الجهوي للتجارة بولاية مدنين (الجنوب التونسي) فقد أوضح بأنّ نقص البنزين يعود إلى عدم القدرة على التزود بهذه المادة من مصفاة الصخيرة بولاية صفاقس ( 250 كلم ) مثلما جرت العادة نتيجة الإعتصامات العديدة التي كانت سببا وراء حجز الشاحنات التي تنقل المحروقات وهو ما جعل ضرورة التزود بالمحروقات من تونس (500 كلم) و بالتالي تتطلب عملية الذهاب و الإياب وقتا طويلا وهو ما عقّد الوضعية .
الحكومة تتدخل و المشكل في طريق الحلّ
إنزعاج المواطنين وخاصة أصحاب السيارات في مدن الجنوب التونسي جعل الحكومة تتدخل لإيقاف نزيف المضاربات و التهريب وذلك بالمراقبة المتواصلة حيث يمنع على أي صاحب محطة بنزين تزويد هذه المادة لغير أصحاب السيارات مباشرة حتى لا يجد المهربون و المضاربون الفرصة للإحتكار و الترفيع في الأسعار . من جهة ثانية أفاد مصدر من شركة عجيل وكالة تونس افريقيا للأنباء أنه تمّ فكّ الإعتصام في الميناء البترولي بالصخيرة الذي تواصل لأيام و تسبب في هذا الإضطراب في ولايات الجنوب التونسي و بالتالي من المنتظر أن يعود الوضع قريبا إلى حالته العادية.