القمة الفرنسية الألمانية تظهر عدم إستعداد ألمانيا لتقديم تنازلات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أفرزت قمة الثنائي الفرنسي الألماني مقترحات لم تلق إجماعاً حولها من طرف الطبقة السياسية الفرنسية، كما أن مراقبين إقتصاديين يرون فيها أنها كانت مخيبة للآمال، لأن برلين لم تعد مستعدة لتقديم المزيد من التنازلات على حساب إقتصادها وشعبية حكومتها لدى الألمانيين.
باريس: خلصت القمة الثنائية بين ساركوزي و أنجيلا ميركل،الإثنين، إلى مقترحات لم تلق ترحيبا كبيرا من طرف المعارضة الفرنسية، كما لم تعد الثقة في مستقبل اليورو للأسواق المالية بل أنها كانت مخيبة لآمالها، بحسب وصف العديد من المراقبين، وإنتقدت الأمينة العامة للاشتراكين عجز هذه القمة في الذهاب بعيدا في طرح مقترحات كفيلة بإعادة ترتيب البيت الاقتصادي الأوروبي،قائلة بنوع من الاستغراب إنها "لم تسمع أي شيء حول ضبط الأسواق المالية،عن الشغل،عن النمو...".
ورأت المعارضة الفرنسية في القمة على كونها "قمة اللاقوة" في تغيير الأشياء،لتقديرها لمحدودية فعالية المقترحات التي جاء بها الثنائي الفرنسي الألماني اللذان يشكلان قاطرة الاتحاد الأوروبي.
اليمين المتطرف كان،كعادته،أشد انتقادا للقمة سيما وأنه ليس من المهتمين بإصلاح شأن اقتصاد منطقة اليورو،باعتبار أنه ينادي منذ مدة بالتخلي عن اليورو و العودة إلى العملة الأصلية لفرنسا الفرنك.
أما الحزب الحاكم،الاتحاد من أجل حركة شعبية،فأمينه العام فرانسوا كوبي أشاد بنتائج هذه القمة،معتبرا أن "ساركوزي أبان عن شجاعة و مسئولية بتقديمه،إلى جانب شريكتنا ألمانيا،حلولا ملموسة".
مقترحات القمة
أسفر هذا اللقاء على مجموعة مقترحات ستحال على مجموع دول اليورو للنظر فيها بغرض إعمالها في المستقبل القريب،و تتمثل في خلق ما أطلق عليه "حكومة اقتصادية أوروبية" يرأسها هيرمان فان رومبوي لتنسيق تدبير الميزانيات و اقتصاديات دول منطقة اليورو.
المقترح الثاني هو ما سمي "بالقاعدة الذهبية"،وهو قانون يرغم الحكومات على مراعاة التوازن المالي،و ذلك بتبنيه دستوريا في أفق 2012، المقترح الثالث،خلق ضريبة على العمليات المالية،و ضربية أخرى تفرض على الشركات في كل من فرنسا و ألمانيا.
إلا أن سندات الخزينة الأوروبية لم يتحمس لها الطرفان خصوصا برلين التي عبرت قبل هذه القمة على لسان المتحدث باسم المستشارة الألمانية،أن هذا الموضوع لا يوجد على أجندة القمة،وهو ما خيب آمال الأسواق المالية التي تراهن كثيرا على "حماية الاقتصاد الأوروبي من تكرار إفلاس الدول..."،بحسب الخبير الاقتصادي منذر مخوس.
صعوبة التكهن بمستقبل الاقتصاد الأوروبي
قال مخوس في تصريح لإيلاف "إن حصيلة هذه القمة جاءت مخيبة للآمال،لكون ألمانيا خصوصا غير مستعدة أن تتحمل عبء المشاكل الاقتصادية لوحدها لمجموع البلدان الأوروبية..."
و يفضل الفاعلون الماليون الوصول إلى حل سندات الخزينة الأروبية عوض سندات الخزينة الخاصة أو في حالة ثانية مرافقة لها،ما يعتبره مراقبون اقتصاديون مزيدا من الإندماج المالي و الاقتصادي الأوروبي.
و يرى منذر مخوس أنه "من الصعب التكهن بمستقبل الاقتصاد الأوروبي..."،معبترا أن "المشاكال الآنية تم إحالتها إلى مرة لاحقة ..."،لأن الحل المتبقي بالنسبة لهذا الأكاديمي في جامعة السوربون،هو أن "يتحمل جزء من المسئولية البلد الذي يعاني من أزمة ديون،لأن عكس ذلك يعني انهيار منطقة اليورو".
و ذكر محدثنا بالشعبية البئيسة التي أصبح يحظى بها اليورو في الدول المزدهرة اقتصاديا بالخصوص في ألمانيا،التي تنازلت فيها شعبيته كثيرا،لأن "الألماني اليوم مستعد لأن تتخلى حكومته عن اليور،و العودة إلى المارك مادام اقتصاد بلده يعرف نوعا من الازدهار"، يقول مخوس.
الاقتصاد الفرنسي يراهن على المستقبل
يمكن القول إن الاقتصاد الألماني يتمتع بصحة جيدة،و إن كان معدل النمو لم يتعدى 1،0 بالمئة،إلا أن برلين تبقى في الوقت الحالي القاطرة الحقيقية للاتحاد اقتصاديا،إلا أنها غير مستعدة للدخول في التزامات اقتصادية أوروبية ترى فيها خطرا على مستقبل اقتصادها.
لكن فرنسا توجد في وضعية صعبة نوعا ما بالنظر لارتفاع معدل العطالة في المدة الأخيرة،و ركود معدل النمو الاقتصادي الذي لم يسجل أي تقدم،و بقي محصورا في الصفر،ما لا يخدم الاقتصاد الأوروبي،الذي تعتبر فيه باريس القوة الثانية بعد برلين.
و يتوقع أن تنتهج باريس بالنظر إلى ثقل الأزمة الاقتصادية سياسة تقشفية يمكن أن تسن من خلالها ضرائب جديدة في غياب عائدات ضريبية بفعل الركود الاقتصادي،و ترشيد نفقات الدولة،مع وقف الإعفاءات الضريبية التي سبق لها أن أطلقتها الحكومة الفرنسية.
و في هذا السياق،كان ساركوزي قال إن الحكومة ستقدم في 24 اب/اغسطس إجراءات تقشفية لميزانية 2012،مشيرا إلى هدف خفض العجز المالي العام من 5.7 بالمئة من إجمالي الناتج الداخلي هذه السنة الى 4.6 بالمئة العام المقبل و3 بالمئة عام 2013.