غضب في الجزائر بعد عجز الحكومة عن ردع سماسرة رمضان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لأنّها اجترت مرة أخرى إخفاقاتها في إدارة منظومة الأسعار المواد الواسعة الاستهلاك في رمضان، يستبد الغضب لدى الجزائريين إزاء أداء حكومة بلادهم وما يسميه كثيرون "فشلاً مبرمجًا"، طالما أنّ عاملي الوفرة والترسانة القانونية كان يُفترض أن يسهّلا مهمّة الدوائر الرسمية في مراقبة الأسواق وإخضاعها بعقلانية إلى ميزان العرض والطلب.
الجزائر: خلافًا لتأكيدات الحكومة الجزائرية بشأن ضبط الأسعار وتسقيفها، انقضت أيام رمضان للعام الحالي متشابهة بالنسبة إلى المستهلكين هناك، حيث حافظت الخضر كما الفواكه واللحوم على نجومية "القمة"، رغم تزامن رمضان مع توافر العديد من المنتجات الموسمية، وتباهي وزارة الزراعة بوجود فائض محترم من الإنتاج المحلي.
مع ذلك عانى عموم الموظفين المحدودي الدخل الأمرّين، وسيكتوون أكثر مع اقتراب عيد الفطر ومتطلباته المنهكة، تمامًا مثل نفقات الدخول المدرسي.
في استقراء لـ"إيلاف" حولأوضاع أسعار رمضان 2011 في الجزائر، انتقد متابعون استنساخ وزارة التجارة أخطائها، رغم الوعود الكثيرة التي أطلقها المسؤولون الحكوميون عشية شهر الصيام، ويستغرب إلياس ماطي كيف لوزارة عجزت عن وضع حد لمضاربات التجار خلال رمضان، أن تلتزم بجعل الأسعار مستقرة مع اقتراب غرة عيد الفطر.
ويفسّر النائب عبد الحميد عبد الله ما يحدث في رمضان 2011، بتحاشي الدولة مواجهة بارونات السو،ق الذين واظبوا على فعل ما يحلوا لهم، ما جعل السوق صعبة المراس، خصوصًا مع سيطرة عمداء السوق غير المشروعة والمضاربين الذين يقفون وراءها، علىغالبية التعاملات التجارية بعيدًا عن أي حسيب أو رقيب.
لا يهضم النائب رشيد يايس" الدور الباهت للحكومة وما يسمّى بـ"مجلس المنافسة"، وتركيز الأوصياء على صغار التجار وتجار التجزئة، بينما الاختلالات يتسبب فيها كبار التجار ومن نعتهم بـ(البارونات) مستدلاً بما يحدث في سوق الأسمنت والحديد، فضلاً عن احتكار البعض لسبعين بالمائة من واردات المواد الأساسية، وهم المسقفون الأساسيون للأسعار، مثلما قال، ورأى أنّه ما لم يعالج أصل المرض، فإنّ المضاربات والانحرافات ستستمر، على حد تعبيره.
إلى ذلك، تسبّبت تصريحات أطلقها "مصطفى بن بادة" المسؤول الأول عن قطاع التجارة في الجزائر، وحمّل فيها على مواطنيه ملقيًا باللائمة عليهم، حيث جزم أنّ سلوكياتهم الاستهلاكية وكثرة طلباتهم هي من غذت أطماع التجار، ما أنتج حالة من الاستياء العارم.
في هذا الشأن، لا يفهم "جمال"، و"رضا"، و"خديجة" وغيرهم ممن التقيناهم في سوق "علي ملاّح" في وسط العاصمة، كيف لوزير دأب منذ شهر أيار/مايو 2010، على التأكيد بأنّ قانوني الممارسات التجارية والمنافسة، سيقلبان واقع التجارة رأسًا على عقب، أن "يتطاول" على مواطنيه" و"يتناسى" أدوار مصالحه "النائمة في العسل"، حيث انقضت خمسة عشر شهرًا، وبقيت دار لقمان على حالها، رغم إشادة المسؤول إياه بـ"فضائل" القانونين المذكورين ونجاعتهما على صعيد تنظيم أكبر للأسواق وفرض الرقابة، مع تفعيل مجلس المنافسة.
بيد أنّ بورصة أسعار الخضر والفواكه واللحوم بنوعيها، كذّبت كل الوعود الفوقية المعسولة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا 50 دينارًا، بعدما كان يتراوح بين 25 و30 دينارًا ساعات قبلدخول شهرالصيام، كما قفز سعر الطماطم من 25 إلى 80 دينارًا، فيما صار سعر الخس بـ80 دينارًا، تمامًا مثل الفلفل الحلو بمائة دينار، والفلفل الحار بـ140 دينارًا.
وبينما تبقى الرقابة حلقة مفقودة في الجزائر، لم يسلم الليمون من لعنة الزيادات، إذ أضحى الزبون مطالبًا بدفع ما لا يقلّ عن 250 دينارًا للظفر بكمية منه، ورغم حلول رمضان 2011 في أوجّ الفاكهة الموسمية، إلاّ أنّ ذلك لم يغيّر من موازين السوق شيئًا، حيث وجدنا التجار في سوق ميسونييه في وسط العاصمة يبيعون العنب بـ130 دينارًا، والبطيخ بنوعيه بـ45 دينارًا للكيلوغرام، فيما استعرض الخوخ "عضلاته" بـ150 دينارًا، ولم يكن حال التمور أفضل، إذ عُرضت لقاء 280 دينارًا للكيلوغرام.
وإذا كانت الحكومة طمأنت مواطنيها إلى وجود مخزون هائل من اللحوم بنوعيها وبسعر معقول، إلاّ أنّ التجار فرضوا معادلة مختلفة، إذ زاد سعر الكيلوغرام الواحد من الدجاج من 170 إلى 260 دينارًا، مثل سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم الطازج، الذي يقدّر بحدود 850 دينارًا، أكثر قليلاً مقارنة بلحم البقر الطازج، الذي لامس الثمانمائة دينار، فيما لم يتزحزح اللحم المجمّد عن عارضة الخمسمائة دينار، رغم كثرة الأحاديث الرسمية عن "ترشيد" و"عقلنة" الأسعار.
وفي رد فعل يراه مراقبون "شكليًا" ويندرج في خانة "الاستعراض" ليس إلاّ، أعلن "عمارة بوسحابة" مدير تنظيم الأسواق والنشاطات التجارية والمهن المقننة على مستوى وزارة التجارة الجزائرية، عن استنفار مديريات الأخيرة بغرض ضمان التموين العادي والمستمر لمواطنيها بالمواد الغذائية الأساسية خلال وبعد عيد الفطر.
ويعلّق أحمد قاسمي أنّ كلام المسؤول المذكور اختصر الحكاية في رغيف خبز وأكياس حليب، متجاهلاً حقائق الميدان وعمق شروخاته، بما يحتّم على الحكومة استدراك تأخراتها جرّاء عدم ممارستها أدوارها، ويستغرب قاسمي المتخصص في الدراسات التجارية، كيف لوزارة التجارة أن تكتفي بتحسيس التجار وحثهم، مع أنّ مهمتها أكبر من ذلك بكثير، وتقتضي تأطير جمهور الباعة الذين حرقواجيوب الجزائريين بتلاعبات أضحت روتينية.