اقتصاد

القرض المستندي... "القشة" التي قصمت ظهر الاستثمار في الجزائر !

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يرى متخصصو ومتعاملو الاقتصاد في الجزائر، توليفة "القرض المستندي" المعمول بها كآلية إجبارية تحكم عمليات التجارة الخارجية، سلبية على طول الخط، ويستدل هؤلاء في تصريحات خاصة بـ"إيلاف" بأنّ هذا القرض المستندي تسبّب خلال أقل من سنتين في العصف في زوال أربعمائة مؤسسة خاصة وتكبيد الاقتصاد المحلي خسائر زادت عن الستمائة مليون دولار.

الجزائر: بداعي كبح الواردات وحتمية الاندراج ضمن سياق اقتصاد كلي، وتعزيز التوازنات المالية الداخلية والخارجية، اعتمدت الجزائر برسم قانون الموازنة التكميلي أواسط العام 2009، القرض المستندي وهو قرض ائتماني مصحوب بعقد دولي، يفرض على عموم المستوردين وكذا المجموعات الاقتصادية تسديد القيمة الكاملة لوارداتهم بشكل فوري وضمن حساب بنكي رسمي وفق شروط حدّدها بنك الجزائر المركزي.

وإذا كانت الحكومة بررت خيارها بضرورة حماية الاقتصاد المحلي ودعم المستوردين الذين يقدمون قيمة مضافة، فضلا عن منح الأولوية لمتعاملي المؤسسات المصغّرة والمتوسطة، إلاّ أنّ غالبية المستثمرين انتقدوا الإجراء وبشدة، مرجعين أزمات الغذاء والدواء وأعطال الإنتاج إلى التعقيدات البيروقراطية لهذا القرض المثير للجدل.

وعن صحة تأثير القرض المستندي على الاستثمارات في الجزائر، يشدّد الدكتور "بشير مصيطفى" على أنّ القرض المستندي أفرز عديد الانعكاسات السلبية على حركية الاستثمار الداخلي، مسجلا تصفية 400 مؤسسة خاصة خلال ثمانية عشر شهرا، وضياع أزيد من نصف مليار دولار، دون أن يساعد ذلك على ترقية منظومة الإنتاج في الجزائر.

بدوره، يعزو "نبيل ملاّح" رئيس اتحاد متعاملي الصيدلة، ظاهرة الندرة التي تطال مائة صنفا دوائيا في الجزائر إلى القرض المستندي وما يترتب عنه في كل مرة من احتباسات، ويشير ملاّح إلى أنّ القرض ذاته حجّم مخطط إنتاج الأدوية محليا، بفعل التعقيدات الكثيرة التي يعانيها متعاملو الصناعة الصيدلانية.

ويشير ملاّح إلى أنّ حجم ما خسره منتجو الدواء بفعل القرض المستندي يصل إلى سبعمائة ملايين دولار، ولا يفهم متعاملو هذا الفرع الحيوي سبب عدم استجابة الجهاز التنفيذي إلى طلباتهم المتكررة بإلغاء القرض المستندي نهائيا، حيث رضخت جزئيا فحسب في 28 آيار/مايو الماضي تحت ضغط النقابات وأرباب العمل.

وفيما يرى عبد الرحمان بن خالفة المفوض العام لجمعية البنوك والمؤسسات المالية، أنّ القرض المستندي ايجابي من حيث إسهامه في مراقبة التعاملات النقدية في الشق المرتبط بالتجارة الخارجية، يذهب "حبيب يوسفي" رئيس الكنفيدرالية العامة للمقاولين الجزائريين، إلى أنّ القروض المستندية ليست بالسهولة التي كانت عليها قروض أخرى، والتأقلم معها صعب ومرهق، مثلما تضيّع الكثير من الوقت.

ويلقي يوسفي بمسؤولية التراجعات والإخفاقات التي مُني بها قطاع غير قليل من المستثمرين خلال العامين الأخيرين، إلى قرار ربط الدوائر الرسمية باستبدال التحويل الحرّ بالائتمان المستندي في تسوية عمليات التجارة الخارجية، ويعتبر يوسفي أنّ النتيجة في النهاية هي محصلة للقرار الحكومي الانفرادي على حد وصفه، حيث لم يتم استشارة جمهور المتعاملين الاقتصاديين ورؤساء المؤسسات، هؤلاء باتوا لا يقوون على منافسة نظرائهم الأجانب بسبب القيمة الباهظة التي باتت تثقل كواهلهم.

وكتصور بديل، يتصور د.مصيطفى بحتمية توخي مرونة أكبر وتقديم تسهيلات للمنتجين والمصدرين، لافتا إلى أهمية إيلاء الأولوية لإصلاح منظومة الجباية لخفض تكاليف الانتاج، حفز القطاعات المنتجة، تطوير منظومة التصدير، فضلا عن تشجيع المؤسسات المدرّة للثروة. ويبرز مصيطفى أنّ دفع الاستثمار المحلي لا يكون بالقرض المستندي وتوابعه، بل بوقف التساهل مع المنتوج الأجنبي في دخول السوق الوطنية دون حواجز ادارية أو أعباء جمركية، على نقيض منظومة الانتاج الوطني المقيّدة بمستوى التكاليف العالية والنوعية المنخفضة، مع أنّه يتعين رفع تنافسية المنتجات المصنّعة في الجزائر، وإلغاء جميع الحواجز المادية والمالية والفنية أمام المبادرة الخاصة والقطاع العمومي المنتج في وقت واحد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف