اقتصاد

الذهب في أعلى مستوياته ... وعائدات السندات الأميركية تتدنى

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دبي: في خضم الأيام الصعبة التي نمر بها، ستمثل توجهات أسعار الذهب وعائدات السندات الحكومية الأميركية الاختبار الحاسم عما إذا كانت الأمور ستؤول نحو الأفضل أم لا.

وللأسف يواصل سعر الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة فيما تشهد عائدات السندات الحكومية الأميركية لأجل 10 سنوات مستويات منخفضة جديدة، مما يعني أن العالم لا يزال يتخبط في مشاكله الاقتصادية؛ حيث سجلت هذه السندات أدنى مستوياتها على الإطلاق ملامسة القاع 1.93%، وهو مؤشر واضح على ترسخ النظرة السلبية حيال الاقتصاد العالمي؛ ولكن ثمة فسحة دوماً لبارقة الأمل والأنباء الإيجابية مع قيام البرازيل بخفض أسعار الفائدة.

ومن جهة ثانية، تتجه منطقة اليورو نحو أزمة جديدة من شأنها عرقلة مسيرة الأسواق المالية العالمية. فقد تراجعت اليونان وايطاليا الأسبوع الماضي عن التزاماتهما السابقة بتقليص مستويات عجز ميزانيتيهما. وقام مسؤولون من "صندوق النقد الدولي" و"الاتحاد الأوروبي" و"البنك المركزي الأوروبي" بتعليق محادثاتهم مع الحكومة اليونانية حول إطلاق حزمة جديدة من الدعم المالي بعد تلكؤ اليونان الواضح في تنفيذ خطتها الموضوعة لتقليص عجز ميزانيتها بواقع 1.2 مليار يورو، فضلاً عن تباطؤها في تطبيق الإصلاحات الهيكلية اللازمة لإحداث تغيير ملموس في العجز على المدى المتوسط.

كما نفذ صبر المستثمرين مجدداً حيال اليونان، مما أدى لزيادة كبيرة للغاية في عائدات السندات اليونانية في وقت ارتفعت فيه تكلفة التأمين على الديون اليونانية لأجل 5 سنوات مقابل العجز لتبلغ 23.5%، وهي نسبة قريبة من الذروة السابقة البالغة 25% في شهر يوليو الماضي. وبطبيعة الحال، استبعد المستثمرون اليونان من أسواق المال؛ لذا لن يكون للمشاكل العالقة الحالية تأثير كبير على هذه الأسواق.

ومن ناحية أخرى، تبرز المشاكل الإيطالية بمثابة تطور سلبي يبعث على القلق؛ حيث بدأ "البنك المركزي الأوروبي" بشراء السندات الحكومية الإيطالية في أوائل أغسطس الماضي على أساس أن الحكومة الإيطالية التزمت بتنفيذ حزمة صارمة من خطط التقشف بهدف تقليص حجم العجز في ميزانية البلاد بنسبة كبيرة؛ غير أن الحكومة الايطالية فشلت في إجراء التدابير الموعودة لتخفيض العجز، كما أخفقت الأحزاب السياسية بالتوصل إلى اتفاق تسوية مخفف من أجل الحصول على الدعم السياسي اللازم. وستؤول منطقة اليورو إلى مزيد من التراجع ما لم يتفاوض رئيس الوزراء الإيطالي برلسكوني على تطبيق حزمة جديدة وموثوقة من خطط تقليص مستويات الدين.

وقد تواجه منطقة اليورو تهديداً حقيقياً يتمثل باحتمال تعرضها لخطر التفكك ولاسيما مع هبوط أسعار السندات الحكومية الإيطالية إلى مستويات منخفضة جديدة (والذي يتضمن بطبيعة الحال تحقيقها لعائدات مرتفعة أكثر من أي وقت مضى).

ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للبلدان خارج منطقة اليورو؟ أولاً، قد يسهم ذلك بفرض ضغوط كبيرة على النظام المالي العالمي؛ وفي حال تخلت بلدان العالم عن منطقة اليورو، فمن المرجح أن تشهد انخفاضاً في قيمة عملاتها، كما ستتعرض البنوك في مختلف أنحاء العالم إلى خسائر في ميزانياتها العمومية، مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار أسهمها بشكل حاد. وسيفضي حدوث ركود قصير الأمد في الاقتصاد العالمي إلى تسجيل أداء قوي من قبل أسواق السندات الحكومية الألمانية والأميركية.

وتتواصل المشاكل التي تعترض البنوك الأوروبية والأميركية ولاسيما مع استمرار تصيّد الأخطاء والسلبيات من قبل الجهات التنظيمية؛ ففي الأسبوع الماضي وحده، اتخذت السلطات الأميركية قراراً بمقاضاة عدد من البنوك بسبب سوء التمثيل المزعوم للسندات المالية المدعومة بقروض الرهن العقاري التي تربو قيمتها على 200 مليار دولار أمريكي في وقت هبطت فيه أسهم البنوك الأميركية بواقع 30% منذ فبراير الماضي. وإذا افترضنا أن السلطات الأميركية ربحت قضيتها ضد البنوك، فإن هذه البنوك ستضطر حينها إلى دفع غرامات مالية ضخمة قد تعرضها لخطر تراجع ميزانياتها؛ كما قد تضطر الحكومة الأميركية إلى استخدام هذه المكاسب لدعم البنوك مجدداً. وبطبيعة الحال، يحتاج القطاع المالي العالمي إلى ترسيخ استقراره، الأمر الذي سيساعد في نمو الكثير من فرص العمل اللازمة في الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي الأسبوع الماضي، تراجعت احتمالات النمو العالمي على نحو أكبر بعد الإعلان عن البيانات الضعيفة للعمالة وثقة المستهلك؛ ولم يكشف تقرير الوظائف الأميركية الأخير عن زيادة صافية في حجم الوظائف، حيث توازنت زيادات الوظائف في القطاع الخاص مع خسائر الوظائف في القطاع العام. وفي سياق متصل، يشهد الاقتصاد الأمريكي موجة تباطؤ واضحة مع ظهور بوادر تنبئ بضعف مسيرته تجاه عودة الاستقرار والتعافي السريع. ولم تسهم البيانات الضعيفة لثقة المستهلك في دعم المناخ العام السائد في الأسواق المالية؛ حيث تضرر المستهلكون على نحو واضح نتيجة تراجع الأسواق، وحلول موسم الأعاصير، وضعف سوق العمل.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: أين تكمن بارقة الأمل في خضم هذا المناخ السلبي والأوضاع الحرجة للأسواق؟ لقد تجلت فسحة الأمل خلال الأسبوع الماضي في قيام البرازيل بخفض أسعار الفائدة. كما نؤكد تفاؤلنا حيال الأسواق الناشئة التي نعتقد أنها مقبلة على انخفاض في مستويات التضخم، مما سيفسح المجال أمام بنوكها المركزية لخفض أسعار الفائدة.

وقد تنتظر الصين بضعة أشهر قبل السير على خطى البرازيل في خفض أسعار الفائدة. غير أنه ثمة أدلة قوية تشير إلى أن ارتفاع حجم التضخم الصيني في الآونة الأخيرة يمثل ذروة الدورة الاقتصادية في البلاد. وفي المقابل، سيستغرق التضخم الهندي بعض الوقت للانحسار والتراجع ولاسيما مع لجوء السلطات الهندية إلى رفع أسعار الكهرباء بنسبة 22%. وقد تلجأ بلدان أمريكا اللاتينية الأخرى إلى خفض أسعار الفائدة، حيث اتفقت تشيلي والمكسيك على خفض الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ومن المرجح تسجيل مستويات أداء إيجابية من جانب سندات الأسواق الناشئة شريطة امتلاك عدد من بلدان هذه الأسواق القدرة على خفض أسعار الفائدة. وبطبيعة الحال، سيغدو الارتفاع القوي الأخير للسندات الحكومية الأميركية داعماً لسندات الأسواق الناشئة.

وفي سياق آخر، يبدو من الصعب تحديد مصدر المفاجآت الإيجابية المذهلة ضمن دول العالم المتقدم؛ إذ يكافح صناع السياسة لاسترجاع مصداقيتهم بين أوساط المستثمرين. وفي الولايات المتحدة، تترقب الأسواق إعلان المقترحات الجديدة للبنك الاحتياطي الفدرالي والرئيس الأمريكي؛ كما سيعقد "الاحتياطي الفدرالي" اجتماعاً خاصاً لمدة يومين يناقش فيه اتخاذ بعض التدابير الاستثنائية لدعم اقتصاد البلاد.

ويسري في أوساط السوق حديث عن إطلاق جولة جديدة من برنامج التيسير الكمي؛ ولكن هذه البرامج تبدو ذات تأثير منحسر على الاقتصاد والأسواق، حيث أفضت عام 2008 إلى ارتفاع حاد للأسهم بواقع 75%، وزيادة عائدات السندات لأجل 10 سنوات بنسبة 2%. أما خطة التيسير الكمي الأخيرة، فقد أسهمت في زيادة العائدات بواقع 50 نقطة أساس وارتفاع الأسهم في الأسواق بنسبة 13%.

وبعد إجازة عيد الفطر المبارك، يكتنف منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعض المخاوف رغم أن أسهم وسندات هذه المنطقة شهدت حتى اليوم موجة تقلبات أقل مقارنة بنظيراتها في الأسواق المتقدمة. ونظراً لضعف الاقتصاد العالمي، تجاوزت أسعار النفط المتمثلة بخام برنت عتبة 110 دولارات للبرميل. وسيوفر الانقطاع المستمر لإمدادات النفط الليبي- الذي قد يمتد لعام آخر- بعض الدعم، بينما ستوفر الأسعار المرتفعة نسبياً للنفط دعماً متواصلاً لحجم الإيرادات المسجلة في المنطقة.

ومن المرجح أن يتبين الاختبار الحاسم على مدى الشهرين المقبلين، ولاسيما مع توضح تأثير موجة التباطؤ العالمي على نطاق واسع. وفي دبي، سيكون من المثير للاهتمام ترقب ما إذا كان قطاع الضيافة مقبلاً على تسجيل مستويات قوية خلال موسم العطلات أواخر شهر أكتوبر المقبل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف